ختام الشهر بأداء زكاة الفطر.
وإن من مظاهر الإحسان في خواتيم هذا الشهر الكريم:
وتوديعه بحسن الختام إخراج زكاة الفطر، حيث تأتلف القلوب، ويتعاطف الغني مع الفقير، وقد فرضت طهرة للصائم، وطعمة للفقراء والمساكين، وما اشتكى فقير إلا بقدر ما قصَّر الغني في إخراجها.
وزكاة الفطر:
واجبة على الكبير والصغير، والذكر والأنثى، والحر والعبد، ويستحب إخراجها عن الحمل في بطن أمه إذا نفخت فيه الروح، وهي من غالب قوت البلد تمراً أو براً أو شعيراً أو زبيباً أو أقطاً أو أرزاً.
ومقدارها:
صاع عن كل شخص، أي ما يعادل: ثلاثة كيلو جرامات تقريباً، ويجزيء عن هذه الخمسة كل حب يقتات في البلد: الأرز والذرة والدُّخن، ولا يجوز فيها إخراج الدراهم، لأن ذلك خلاف سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم، فقد أمر صلى الله عليه وسلم بإخراجها طعاماً وقدره بالصاع، فلابد من التقيد بأمره صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام أحمد رحمه الله: لا يعطي القيمة، قيل له: قومٌ يقولون: عمر بن عبد العزيز كان يأخذ بالقيمة، قال: يدعون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون: قال فلان، فما دام في المسألة قول للرسول فلا قول لأحد يقدم عليه.
ويخرج الإنسان صدقة الفطر:
عن نفسه وعمن يقوم بنفقته، ومحل إخراجها هو البلد الذي وافاه تمام الشهر وهو فيه، ومن كان في بلد وعائلته في بلد آخر فإنه يخرج فطرتهم في بلدهم، ويخرج عن نفسه في البلد الذي هو فيه، وإن عمَّدهم يخرجون عنه وعنهم في بلدهم جاز، وإن أخرج عنهم في بلده جاز.
والذين يعطون صدقة الفطر هم فقراء البلد الذين تحل لهم زكاة المال، سواء كانوا من أهل البلد أو من الفقراء القادمين عليه من بلد آخر.
وأنبه هنا إلى أمر هام:
وهو أن على المسلم أن يتحرى من يعطيه زكاة فطره لأن بعض الناس يتعامل بزكاة الفطر وكأنها هدية، فيعطيها لقريبه الذي لا يستحقها، ويعطيها القريب لآخر من الناس، وهكذا فتصبح زكاة الفطر عادة وليست عبادة، لهذا وجب على من يخرج زكاة فطره أن يتحرى من يستحقها لكي تجزئه.
ولا يجوز نقل صدقة الفطر إلى بلد آخر:
بأن يرسلها إلى فقراء بلد غير بلده إلا إذا لم يوجد في بلده فقراء من المسلمين، فإنه يرسلها إلى فقراء أقرب بلد إليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراجها إلى فقراء البلد الذي يفطر فيه الصائم ليلة العيد.
ومن فاته إخراجها في يوم العيد:
فإنه يخرجها بعده قضاء، ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين ولابد أن تدفع في وقت الإخراج إلى المستحق أو إلى وكيله، ولا يكفي أن يجعلها أمانة عند شخص ليس وكيلاً للمستحق.
ويجوز للفقير:
أن يخرج فطرته مما أعطي من الصدقات، ويجوز دفع صدقة الجماعة إلى فقير واحد، ويجوز دفع صدقة الشخص الواحد إلى جماعة من الفقراء.
والحكمة من صدقة الفطر:
أنها طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين وشكر لله تعالى على إكمال الصيام، فأدوها رحمكم الله على الوجه المشروع طيبة بها نفوسكم من أوسط ما تطعمون أهليكم.