العيد الذي نتمناه

الجمعة 24 جمادى الآخرة 1440هـ 1-3-2019م
يوم العيد يوم فرح وسرور لمن طابت سريرته وخلصت لله نيته، وصفى فكره من كل شاغل، وحسن تعامله مع الخلق، فعاملهم كما يحب أن يعاملوه به.
يوم العيد يوم عفو وإحسان وتجاوز عمن أساء، ومقابلة للإساءة بالإحسان.
يوم العيد يوم توزيع للجوائز والهدايا على الفائزين، ولكن هذا الفوز له طعم خاص ومذاق خاص لأنه فوز بالطاعة، وسبق في مجال الأعمال الصالحة.

إن العيد السعيد لمن صلى وصام وبر بوالديه وقام بما عليه من الحقوق أتم قيام.
يوم العيد سعيد للمطيعين الصادقين المسبحين المهللين الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.
ليس العيد سعيداً لمن عق والديه، أو قصر في صيام رمضان أو كان ممن يحسد الناس أو يؤذيهم، فيتعرض لهم في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم.

نتمنى أن يمر العيد على أمة الإسلام وهي تتبوأ القمة رائدة قائدة كما كانت في سالف الأزمان.

نتمنى أن يمر العيد والقلوب عامرة بالإيمان والنفوس مطمئنة بطاعة الرحمن.
نتمنى أن يمر العيد ويد الغني تمتد إلى يد الفقير تعطيه فتواسي جراحه وآلامه ليشعر بلذة العيد وسروره.

نتمنى أن يمر العيد والقلوب مؤتلفة والجهود متضافرة والتعاون شعار المجتمع المسلم يتمثل بالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
نتمنى أن يمر العيد على الأمة المسلمة وجراحها الغائرة بارئة وآمالها متحققة وآلامها زائلة وعدوها مخذول ورأسها مرفوع وصوتها مسموع ورأيها متبوع.
نتمنى أن يعود العيد والعالم الإسلامي كله يحكم شرع الله ويعمل بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

نتمنى أن يعود العيد وقد اندحر أهل الأهواء ممن لا يريدون لأمة الإسلام خيراً بل سعوا في تفريق صفها وتوهين قوتها وآذوا عباد الله من المؤمنين ولم يسلم من شرهم حتى العلماء الصادقين الناصحين، بل راحوا يغمزونهم ويلمزونهم بأنهم علماء الحيض والنفاس، وأنهم لا يفهمون خطط الأعداء فاجترؤوا على أعراض العلماء وهي مسمومة.

نتمنى أن يعود العيد ومكانة العلماء في القلوب محفوظة، يصدر الناس عن توجيهاتهم، ويترسمون خطواتهم ليسلموا من الوقوع في مصائد الشيطان ومكائد الأعداء.
نتمنى أن يعود العيد وشعار المجتمع الذي يطبقه سلوكاً واقعياً:[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ](الحجرات:11).

[يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ](الحجرات:13).

وقوله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)(رواه البخاري ومسلم).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه)(رواه البخاري ومسلم)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)(رواه البخاري).

أسأل الله أن يتقبل منا الصيام والقيام، وأن يجعلنا من الفائزين يوم العيد، وأن يحفظ علينا أمننا وبلادنا، وأن يديم علينا نعمة الرخاء والاستقرار، وأن يحفظ ولاة أمرنا وعلماؤنا من كل سوء ومكروه.