خطبة حول الأضحية.
الخطبة الأولى :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه …. أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن تقوى الله هي التجارة الرابحة في الدنيا والآخرة.
عباد الله! هذه الأيام التي تمر بنا أيام شريفة فاضلة هي أفضل أيام السنة، ذلك أن أمهات العبادات تجتمع فيها ولا تجتمع في غيرها ففيها الصلاة والصيام والصدقة والذكر لكنها تتميز عل غيرها بالحج والتكبير والأضحية يوم اليعد وأيام التشريق فليحرص المسلم على استغلالها وإكثار العمل الصالح فهي ميدان من ميادين المنافسة على الخيرات.
ومما ينبغي أن يؤكد عليه أن هناك أمورا يكثر السؤال عنها ويستشكل فيها الناس، ومنها:
(1) إذا دخل العشر وجب لمن سيضحي عن نفسه وأهل بيته أن يمسك عن أخذ الشعر والظفر وشيء من البشرة بغروب شمس آخر يوم من ذي القعدة، فإن رؤي الهلال ليلة الثلاثين وإلا فبتمام ذي القعدة ثلاثين يوما. والحكمة من منع المضحي من أخذ شعره وظفره قيل مشاركته للمحرم بالحج حيت أن كلا منهما يذبح تقربا إلى الله. وقيل ليبقى المضحي كامل الأجزاء للعتق من النار. وقيل لتوفير الشعر والظفر ليأخذخ بعد ذبح الأضحية فيكون ذلك كله تقربا إلى الله ولعل ذلك كله مرادا.
أ ومن لم ينو الأضحية إلا بعد دخول الشهر ومضي يوم أو يومين فيمسك ولو كان أخذ من شعره وظفره قبل ذلك فهذا لا يضر لأن الإمساك من نية الأضحية.
ب بعض العوام يظن أن من أخذ من شعره بعد دخول العشر فلا يضحي وهذا غير صحيح فله أن يضحي لكن إن كان أخذه بعد النية وهو متعمد فهو آثم ويستمر في أضحيته ولا أثر لأخذه في قبول الأضحية وعدم قبولها ولا بكثرة الأجر وقلته.
جـ – لو احتاج المسلم لأخذ شعر أو ظفر لألم أو جرح أو عملية أو غير ذلك فلا حرج إن شاء الله ولا إثم عليه.
د الذي يمتنع من الأخذ من شعره وظفره من يضحي عن نفسه وأهل بيته، أما الوكيل فلا يمتنع لأنه مجرد وكيل على الذبح فقط، وما يظنه بعض الناس من أنه إذا وكل فله أن يأخذ والذي يمتنع الوكيل فهذا غير صحيح، ولهذا إذا وكلت المرأة أو غيرها الابن أو الأخ أو أي شخص آخر سواء حج الموكل أو لم يحج فلا يأخذ من شعره إلا للنسك.
(2) الأولى عدم الإكثار من الأضحية للأموات فلو ضحى بواحدة عن أمواته كلهم لكان ذلك حسنا، أما الوصايا فتنفذ ولو كانت كثيرة.
(3) بعض الناس يتبرع لأمواته ولهم وصايا فيوفر أموالهم ويتبرع من نفسه وهذا خطأ فتنفيذ الوصية واجب من أموالهم، فإذا لم يكن لهم أموال انتهت الوصية فغن تبرع لهم الحي من وصي أو غيره فلا بأس.
(4) الأصل في مشروعية الأضاحي أها للأحياء وما تفعله بعض البيوت من الأضحية عن الأموات وترك الأضحية عن أهل البيت فهذا خطأ.
(5) إذا لم يوص الميت بأضحية وكان وراءه مال كثير وقال في وصيته يصرف ثلثي بأعمال البر فهل يضحي الوصي له من ثلثه؟ أقول: ألأولى ألا يضحي له لأن هناك من أعمال البر الكثيرة ما هو أفضل من الأضحية بكثير.
(6) الصحيح من كلام أهل العلم أن الأضحية سنة فمن ضحى هذا العام عجز عنها العام الذي يليه فلا شيء عليه وما يظنه بعض الناس من أنه يأثم إذا لم يضح كل سنة فهذا غير صحيح.
(7) بعض الناس يترك الجلود للذين يتولون ذبح الأضحي من أصحاب القصور وغيرهم وأقول إن كان ذلك على سبيل المعاوضة بين صاحب الأضحية والجزار فهذا غير جائز، وإن كان ذلك من باب الهدية أو كون صاحب الأضحية لا يرغب في الجلد وتتركه في مكان الذبح وأخذه الجزاء أو كفيله وباعه أو تصرف فيه فلا شيء في ذلك، المهم أن الممنوع جعله أجرة للذبح.
(8) لا بأس أن تتولى المرأة ذبح الأضحية بنفسها سواء كان أضحيتها أو لغيرها.
الاشتراك في الأضحية غير جائز لكن الاشتراك في الثواب يجوز، تقول: هذه عن فلان عن فلان من فلان وفلان، أما أن تشرك أحياءك وأمواتك من أقاربك فهذا لا بأس به، وكذا لو اجتمعت وصايا لشخص واحد تعدد الموصون والموصى له واحد فلا بأس بالاشتراك.
(9) الذين سيحجون وهم سيضحون لا يأخذون من شعرهم وظفرهم عند الميقات إذا أرادوا الإحرام سواء وكلوا على أضاحيهم أو لم يوكلوا لكن إذا أتموا العمرة فيقصرون من شعرهم فقط أو يحلقون لأن هذا التقصير أو الحلق نسك لا علاقة له بالأضحية، وكذا إذا أتموا الحج يوم العيد فيقصرون او يحلقون وهذا أيضا نسك لا علاقة له بالأضحية.
(10) شاع عند العامة أضحية الحفرة وهذا لا أصل له في الشرع فالميت في سنته الأولى وغيرها من حيث الأضحية سواء، فإن أوصى ضحي له وإن لم يوص أشرك مع غيره.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : { وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ . لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرْ الْمُحْسِنِينَ}.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله الذي جعل بيته موئلا لقلوب المسلمين وملتقى لأفئدتهم استجابة لدعاء أبي الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله شرف أرض الحرمين لتكون مستقرا للأماكن المقدسة وأشهد أن محمدا عبده ورسوله القائل عن مكة 🙁 والله إنك لأحب البقاء إلي) صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم،
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله وتذكروا في هذه الأيام المباركة وأنتم تشاهدون ضيوف الرحمن يتوافدون إلى بيته العتيق مقصد العالمين وقبلة المسلمين والمزور لابد أن يكرم زائره والله أكرم الأكرمين، ولعل مما يدل على كرم الله لضيوفه ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا وقف الحجيج بعرفات وضجت الأصوات بالحاجات باهى الله بهم ملائكته سبع سماوات يقول: ملائكتي وسكان سماواتي أما ترون لي عبادي أتوني من كل فج عميق شعثا غبرا قد أنفقوا الأموال وأتعبوا الأبدان فوعزتي وجلالي وكرمي لأهبن مسيئهم لمحسنهم وأخرجنهم من الذنوب كيوم ولدتهم أمهاتهم، فإذا رموا الجمار وحلقوا الرؤوس وزاروا البيت نادى مناد من باطن العرش ارجعوا مغفورا لكم واستأنفوا العمل.
لقد جعل الله بيته مجتبى لكل ثمار الدنيا ومحطا لكي خيراتها وواحة يتفيأ فيها المسلمون ظلال الأمن والسكينة حتى يتفرغوا لعبادة ربهم على أكمل وجه وأتمه ونعمة الأمن لاتعدلها نعمة قط إلا نعمة الإيمان، ولذا امتن الله على أهل بيته بالإطعام من الجوع والأمن من الخوف.
فهنيئا لمن يسر الله له الحج وسلم من الرفت والفسوق ليرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وهنيئا لمن وقف في عرفات فكان ضمن من باهى الله بهم ملائكته وقال لهم عشية هذا اليوم العظيم: انصرفوا مغفورا لكم.
ومن لم يكتب الله له الحج فليكثر من العمل الصالح فرب حاج وهو في بيته ولذا قيل: الركب كثير والحاج ثليل، وقال صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك: (إن هناك بالمدينة أقواما ماسرتم مسيرا إلا وهم معكم حبسهم العذر).
فاحرص يا عبد الله على العمل الصالح أينما كنت لتنال رضوان الله وصلوا وسلموا …