مقال : بعض التوجيهات الخاصة بمن أراد أن يضحي
وبهذا يتبين لنا أن عشر ذي الحجة من أفضل أيام العام على الإطلاق، ذلك أن أمهات العبادات تجتمع فيها، ولا تجتمع في غيرها، ففي عشر ذي الحجة الحج والعمرة وهما من أفضل الأعمال، وصيام يوم عرفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده)(رواه مسلم)، وفيها التكبير والذكر، وفيها الأضحية في يوم العيد وأيام التشريق، والحرص على النوافل من صلاة وقراءة وصدقة
وتجديد التوبة والإقلاع عن الذنوب والمعاصي صغيرها وكبيرها، يقول ابن قدامة رحمه الله: (وأيام عشر ذي الحجة كلها شريفة مفضلة، يضاعف العمل فيها ويستحب الاجتهاد في العبادة فيها).
فينبغي علينا استغلال هذه الأيام فيما ينفعنا في العاجل والآجل، وهناك بعض التوجيهات الخاصة بمن أراد أن يضحي إذا دخل شهر ذي الحجة، ومن ذلك:
(1) من أراد أن يضحي عن نفسه وأهل بيته أو أن يتبرع لحي أو ميت فيحرم عليه أن يأخذ شيئاً من شعره أو أظفاره، حتى يذبح أضحيته.
(2) إذا دخل عشر ذي الحجة ولم ينو المسلم أن يضحي فأخذ من شعره وظفره ثم بدا له بعد يومين أو ثلاثة أو أكثر أن يضحي فعليه أن يمسك من حين نوى ولا حرج عليه فيما مضى.
(3) النهي عن أخذ الشعر والظفر خاص بمن أراد أن يضحي عن نفسه وأهل بيته، أو يضحي تبرعاً لحي أو ميت.
(4) لا حرج أن تذبح المرأة الأضحية، وما يظنه بعض الناس من عدم جواز ذلك فلا أصل له في الشرع.
(5) من أراد أن يضحي وعقد العزم على الحج أو العمرة فلا يأخذ من شعره وظفره عند الإحرام، أما الحلق أو التقصير للحج والعمرة فيجب ولو كان الحاج أو المعتمر سيضحي لأن هذا التقصير أو الحلق نسك فلا يشمله النهي عن أخذ الشعر والظفر.
وأما بالنسبة للتكبير في هذه الأيام فينقسم إلى قسمين: مطلق ومقيد:
فالمطلق: يبدأ من أول العشر إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجة في أصح قولي العلماء.
والمقيد: يبدأ من فجر عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، هذا بالنسبة لغير الحاج.
وأما الحاج فيبدأ التكبير من صلاة الظهر يوم العيد إلى عصر آخر أيام التشريق لأن الحجاج مشغولون قبل ذلك بالتلبية.
والمطلق: يشرع في كل وقت من ليل أو نهار، والمقيد: خاص بأدبار الصلوات المفروضة بعد أن يقول المصلي: استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، يكبر التكبير المقيد ثم يعود ويكمل الذكر.
ويستحب رفع الصوت بالتكبير في الأسواق والدور، والطرق، والمساجد، وأماكن تجمع الناس إظهاراً لهذه الشعيرة وإحياء لها، واقتداءً بسلف هذه الأمة.
وصفة التكبير المشروع أن يقول المسلم: ( الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)، وإن قال الله أكبر ثلاثاً جاز، وإن زاد (الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد) فهذا حسن لثبوته عن بعض الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ.