لم أتمكن من أداء العمرة للنبي صلى الله عليه وسلم وأمي وجدي.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة فقال ( إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم). قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال (وهم بالمدينة حبسهم العذر) فاصبري واحتسبي واعلمي أن الله سبحانه وتعالى لن يضيع أجر عملك ونيتك فعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بيَّن ذلك فمن همَّ بالحسنة فلم يعملها كتبها الله له حسنة، ومن عملها كتب الله له بها عشراً إلى سبع مائة ضعف وأضعاف كثيرة، ومن همَّ بسيئة ولم يعملها كتب الله له بها حسنة كاملة، ومن همَّ بها فعملها كتب الله عليه سيئة واحدة »(رواه مسلم في الصحيح). ولا حرج عليكِ أن تعتمري عن أمك وجدك إذا كانا لم يعتمرا عمرة الإسلام. وبما أنك عجزت عن الاعتمار لهما فاعلمي أن الله تعالى شرع أيسر الطرق للإحسان إليهما فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث:صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)(رواه مسلم)
فأكثري من الدعاء والاستغفار لهما، وأما العمرة للنبي صلي الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه فإنه لم يرد عن السلف وهذا أقرب إلى البدعة، فالواجب الوقوف عندما وقفوا عنده، فكل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف، فالنبي صلى الله عليه وسلم غني عن أن توهب له الطاعات، وصحابته قد رضي الله عنهم، والمسلم الآن أحوج منهم لهذا الثواب، والذي ينبغي عمله هو ما أرشدنا إليه القرآن من الصلاة والسلام على خير الأنام، ومن الترحم على أصحابه، قال تعالى في حق النبي صلى الله عليه وسلم:[إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً](الأحزاب:56).
وقال في حق أصحابه: [وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ](الحشر:10).
وأكثر ما يفرح النبي صلى الله عليه وسلم إتباع سنته والسير على نهجه، وأكثر ما يحزنه ويغضبه الابتداع والانحراف عن شرعته، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:(إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، مَنْ مَرَّ عَلَىَّ شَرِبَ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا، لَيَرِدَنَّ عَلَىَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَأَقُولُ إِنَّهُمْ مِنِّى، فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِى ).نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لإتباع سنته والسير على منهجه. والله تعالى أعلم.