السؤال رقم: (4868): هل التغيير الذي يحدث في صحف الملائكة مكتوب في اللوح المحفوظ ، وهل الصحف هي التقدير اليومي أو صحف الأعمال؟
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فالقدر لا يمكن تغييره، بمعنى أنه لو كان الله قد قدر أن فلانا يموت مؤمنا أو كافرا، أو يحيى سعيدا أو شقيا، أو يرزق بعشرة من الولد مثلا، فلا يمكن تغيير ذلك؛ لأنه لو أمكن تغييره لكان قدحًا في علم الله وإرادته، وعظمته، بل ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : ( يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ ) رواه الترمذي (2516)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
لكن هنا مرتبة أخرى من مراتب القدر، وهي كتابة مقادير الخلق، في الصحف التي في أيدي الملائكة.
ففي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ) رواه البخاري (3208) ومسلم (2643).
وهنا أمر قد يعبر عنه بأنه تغيير للقدر، وهو تغيير لهذا القدر المكتوب في صحف الملائكة فقط، كأن يكون فيها أن فلانا سيمرض، فيدعو بدعاء، فيعافيه الله ولا يمرض.
أو يكون فيها أن عمره ستون سنة، فيصل رحمه، فيزيد عمره إلى سبعين سنة.
فهذا تغيير لما في صحف الملائكة، وهو ممكن، لا مانع منه.
وليس هذا تغييرًا لما في اللوح المحفوظ، ولا تغييرًا لما في علم الله، فقد علم الله تعالى أن سيفعل ذلك، فيعافى أو يزيد عمره. وهذان يعني: ما في اللوح المحفوظ، وما في علم الله ـ : لا تغيير لما فيهما ، كما سبق بيانه .
وأما تغيير ما كتب في الصحف التي في أيدي الملائكة، فهو ثابت، لا مانع منه، دل عليه حديث سَلْمَانَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلَّا البِرُّ رواه الترمذي (2139) وحسنه الألباني. وهو عند أحمد (22386) وابن ماجه (90) من حديث ثوبان بلفظ: (لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه.
والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.