السؤال رقم (685) : التوجبه حول تفسير الإمام البخاري لقوله تعالى:[كل شيء هالك إلا وجهه]

نص الفتوى: يشنع بعض المبتدعة على أهل السنة بكلام للإمام البخاري في صحيحه في باب تفسير سورة القصص، قوله تعالى:[كل شيء هالك إلا وجهه]، إلا ملكه، ويقال: إلا ما أريد به وجه الله. فيقولون: إن هذا تأويل وأنتم تنكرون التأويل!!؟

الرد على الفتوى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فقد عُلم أن كل عالم إذا اجتهد فأصاب فله أجران، وأن من اجتهد فأخطأ فله أجر واحد، وكل إنسان يؤخذ من قوله ويرد إلا نبينا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم، لذلك فإن مسألة الكلام في صفة الوجه لله تعالى مسألة عظيمة، وإذا أخطأ الإمام البخاري في الكلام عن هذه الآية فلا ريب أن ما قدمه للسنة من حفظ وتثبيت أجدر ألا ننظر إلى ما أخطأ فيه من تأويل صفة الله تعالى بهذه الكيفية، ولكن هكذا دائماً أهل الباطل وأهل الكلام وأهل التأويل يتمسكون ببعض المآخذ لأهل السنة والجماعة من أجل تخطئتهم والتشهير بهم، ولكن الحمد لله الحق ظاهر وواضح وجلي، وأهله يقومون به خير القيام، ويجتهدون في إيصاله لعامة الناس كي تقام الحجة على الخلق، وللأخذ بأيديهم إلى صراط الله المستقيم.

والتأويل لا ينكره أهل السنة والجماعة إلا ما خالف النص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومعنى التأويل عند أهل السنة والجماعة المراد به التفسير، أي تفسير نصوص الصفات بغير ما أراد الله به ورسوله وبخلاف ما فسرها به الصحابة والتابعون لهم بإحسان.

وحكم التأويل عند أهل السنة والجماعة على ثلاثة أقسام:

الأول: أن يكون صادراً عن اجتهاد وحسن نية بحيث إذا تبين له الحق رجع عن تأويله، فهذا معفو عنه لأن هذا منتهى وسعه، وقد قال الله تعالى:[لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا](البقرة:286).

الثاني: أن يكون صادراً عن هوى وتعصب، وله وجه في اللغة العربية فهو فسق وليس بكفر إلا أن يتضمن نقصاً أو عيباً في حق الله فيكون كفراً.

الثالث: أن يكون صادراً عن هوى وتعصب وليس له وجه في اللغة العربية، فهذا كفر لأن حقيقته التكذيب حيث لا وجه له.

والذين خالفوا أهل السنة والجماعة ويقولون تنكرون علينا التأويل وأنتم تتأولون صفات الله تعالى، فيقال لهم: أن معنى التأويل الذي سلكتموه إنما هو من باب التحريف للنصوص، وأنتم سميتم أنفسكم أهل تأويل من أجل تلطيف المسلك الذي سلكتموه، لأن النفوس تنفر من كلمة تحريف، لكن هذا من باب زخرفة القول وتزيينه للناس حتى لا ينفروا منه.

وحقيقة التأويل عندهم هو التحريف، والتحريف معناه صرف اللفظ عن ظاهره، فنقول: هذا الصرف إن دل عليه دليل صحيح فليس تأويلاً بالمعنى الذي تريدون، لكنه تفسير، وإن لم يدل عليه دليل فهو تحريف، وتغيير للكلم عن مواضعه، فهؤلاء الذين أخذوا بهذه الطريقة فصاروا يثبتون الصفات لكن بتحريف قد ضلوا، وصاروا في طريق معاكس لطريق أهل السنة والجماعة.