السؤال رقم (700) : حكم التوسل برسول الله _صلى الله عليه وسلم

بسم الله الرحمن الرحيم أفتى أحد المشايخ بجواز التوسل برسول الله _صلى الله عليه وسلم_ خاصة، لصحة حديث الأعمى، وذكر أن الإمام أحمد بن حنبل قد أجازه أيضاً خلافاً لأبي حنيفة _رضي الله عنهما_. وكان ممن استشهد بهم العز بن عبدالسلام الشافعي الذي علق جواز التوسل بالنبي على صحة حديث الأعمى والحديث قد صح. فما تعليقك يا شيخ ؟ وأين قال الإمام أحمد بجواز التوسل بالنبي _صلى الله عليه وسلم؟

الرد على الفتوى

اتفق المسلمون على أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ أعظم الخلق جاهاً عند الله لا يدانيه جاه أحد، وشفاعته _صلى الله عليه وسلم_ أعظم شفاعة لا تدانيه شفاعة أحد، ولكن هناك فرق بين دعاء الأنبياء وشفاعتهم، وبين الإيمان بهم وطاعتهم؛ فالإيمان بهم يوجب السعادة في الدنيا والآخرة، والنجاة من عذاب الله؛ فكل من مات مؤمنا بالله ورسوله، مطيعاً لله ورسوله _ كان من أهل السعادة، ومن مات كافراً بما جاء به الرسول _صلى الله عليه وسلم_ كان من أهل النار.
فالتوسل برسول الله _صلى الله عليه وسلم_ في حياته سواء كان بدعائه، أو طلب شفاعته لا شيء فيه، وكل ما جاء من النصوص في ذلك محمول على هذا الأمر.
ومنه حديث الأعمى _عند من صححه من أهل العلم_ فهو توسل بدعاء النبي _صلى الله عليه وسلم_؛ فالأعمى جاء إلى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ وطلب منه أن يدعو له بأن يرد الله بصره، فقال له النبي _صلى الله عليه وسلم_: “إن شئت صبرت، وإن شئت دعوت لك”، فقال: بل ادعه، فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم_ أن يتوضأ ويصلي ركعتين ويقول: “اللهم إني أسألك بنبيك نبي الرحمة يا محمد رسول الله إني أتوجَّه بك إلى ربي في حاجتي هذه ليقضيها اللهم فشفِّعه فيَّ” فهذا توسل بدعاء النبي _صلى الله عليه وسلم_، وشفاعته. ودعا له النبي _صلى الله عليه وسلم_ ولهذا قال: “وشفِّعه فيَّ” فسأل الله أن يقبل شفاعة رسوله _صلى الله عليه وسلم_ فيه وهو دعاؤه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا الحديث ذكره العلماء في معجزات النبي _صلى الله عليه وسلم_، ودعائه المستجاب، وما أظهره الله بركة دعائه من الخوارق والإبراء من العاهات فإنه _صلى الله عليه وسلم_ ببركة دعائه لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره.
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية _في التوسل والوسيلة_: ورأيت في فتاوى الفقيه أبي محمد بن عبدالسلام (العز بن عبدالسلام) قال: لا يجوز أن يتوسَّل إلى بأحد من خلقه إلا برسول الله _صلى الله عليه وسلم_ إن صحَّ حديث الأعمى فلم يعرف صحته وقد تقدَّم أن الحديث لا يدل إلا على التوسل بدعائه ليس من باب الإقسام بالمخلوق على الله _تعالى_، ولا من باب السؤال بذات رسول الله صلى الله عليه وسلم_ كما تقدم.
وقد أشار شيخ الإسلام إلى ما ذكره الإمام أحمد حول حديث الأعرابي. انظر: التوسل والوسيلة صـ100/132ـ.
والخلاصة: أن عليك أن تأخذ بكلام أهل العلم الراسخين، وأما صدور الفتوى في بعض الأمور فنحن في وقت تساهل الناس في الفتوى، وكثر المتعالمون، وخفَّ الورع، وضعف تقدير أهل العلم _ فالزم غرز أهل العلم، واعتمد فتوى الراسخين منهم، واسأل الله الثبات حتى الممات. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

6-9-1425