السؤال رقم (713) : هل نحن من الضالين؟ وحكم من يعملون ويظنون أن عملهم حسن؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بارك الله في علمكم ونفع بكم .. سؤال يتردد دوماً في مخيلتي وكلما حاولت أنساه يعود لي مرة أخرى، يقول الله عز وجل [صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين]، درسنا أن المغضوب عليهم هم اليهود لأنهم علموا وتعلموا العلم ولم يعملوا بما علموا فاستحقوا (الغضب)، ودرسنا أن الضالين هم النصارى لأنهم عملوا بلا علم عكس اليهود فضلوا وأضلوا، السؤال: هل نحن من الضالين؟ لأننا نقرأ القران ولا نفهم معناه في كثير من الأحيان؟ نقرأ حتى من قصار السور وتمر علينا كلمات نجهل معناها ولكن نحفظها حفظ متقن وربما تمر آيات لا نعمل بها مثل اليهود مثلاً الآيات عن إقامة الصلاة وتفسيرها الصلاة في وقتها ونؤخرها؟ سؤال آخر: [قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا]، هؤلاء يعملون وخسروا ومع ذلك وهم يعملون يظنون أن عملهم حسن كيف، طيب لا نكون منهم أو هل لهم صفات أخرى ذكرها الشرع؟

الرد على الفتوى

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد ذكر المفسرون في تفسير سورة الفاتحة عند قول الله تعالى [اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ](الفاتحة)، أن المغضوب عليهم هم اليهود لأنهم علموا الحق فلم يعملوا به، والضالين هم النصارى لأنهم يعبدون الله على جهل وضلال، وقد حذرنا الله من اتباع طريقهم، وقد ذكر أكثر المفسرين أن من علم الحق فلم يعمل به كان فيه شبه من اليهود، ومن عبد الله على جهل وضلال كان فيه شبه من النصارى. وعلى ذلك فالمسلم الذي يتقرب إلى الله بغير ما شرع كان به شبه من النصارى، كالذين يأتون بعبادات وأذكار وأدعية وغير ذلك مما لم يأمر بها الشارع الحكيم.
أما قراءة القرآن وعدم فهم كثير من معانيه فليس فيه شيء ولا حرج على المسلم في ذلك، ولكن ينبغي على المسلم أن يتعلم وأن يسأل عما يجهله لقول الله تعالى [فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ](النحل)، والله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، فلم يأمرنا الشارع الحكيم بمعرفة جميع معاني القرآن ولكن الأفضل في حق المسلم أن يسأل وأن يتعلم وأن يتفقه في دينه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (من يرد الله به خيرا يفقه في الدين)(متفق عليه). وأما قوله تعالى [قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً](الكهف: الآيتان 103، 104)، الآية، فالذي يظهر أن معناها: إن الله تعالى عنى بقوله [هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً..] أي كل عامل عمل عملاً يحسبه فيه مصيباً وأنه لله بفعله ذلك مطيع مرض
وهو بفعله ذلك لله مسخط وعن طريق أهل الإيمان به جائر داخل في هذه الآية.
وقوله تعالى [الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا..]، هم الذين لم يكن عملهم الذي عملوه في حياتهم الدنيا على هدى واستقامة، بل كان على جور وضلالة، وذلك أنهم عملوا بغير ما أمرهم الله به، بل على كفر منهم به وهم يحسبون أنهم بفعلهم هذا مطيعون وفيما ندب عباده إليه مجتهدون.
فهذه الآية عامة وليست خاصة، ولذا فالمسلم يحذر من أن يكون منهم فيتمسك بكتاب ربه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ويكون من السالكين لصراط الله المستقيم لئلا يزيغ ويهلك، وليعتبر المسلم بقوله تعالى [مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ](الروم: الآية32). وأوصيك أخي الكريم أن تقبل على العلم الشرعي على يد العلماء الربانيين المتمسكين بالكتاب والسنة، واحذر من أهل البدع والأهواء ممن يعتمدون على غير كلام الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. أسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياكم على صراطه المستقيم وأن يجنبنا طريق الأخسرين، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.