السؤال رقم (766) : حكم ذبائح أهل الكتاب

السلام عليكم ورحمة الله
دائما يسأل عن ذبائح أهل الكتاب في زماننا الحالي نحن في سنة 1437ه 2016 م فيكون الجواب بأدلة عامة وبنصوص اعتمدها العلماء الأولين ،في الحقيقة لم أجد تفصيلا دقيقا شافيا لأحوال عصرنا هذا ،فهناك عدة جوانب يجب بيانها بدقة وتفصيل ،يعتمد البعض على فتوى العثيمين رحمه الله كل وتسال. وسؤالي هو كالتالي. هل دول الغرب الآن ينطبق عليها أهل الكتاب مع علم حالهم أن معظهم من اللادنيين ملاحدة أولا يدرون فهل تطبق عليهم قاعدة أن ظاهر الحال يخرجهم عن الأصل ام الأصل باقيا فيهم مع معرفة حالهم وحال ذبحهم أيضا اصبح معروفا من غير سؤال فقوانينهم معلومة في طرق الذبح والآن هم بصدد إخراج قانون يمنع الذبح للأقليات المسلمة بصفة نهائيا فالمرجو الجواب بتدقيق وتفصيل بجميع النواحي في عصرنا هذا أما في العصور الأخرى فمعروف ليس محل الاشكال .. وبارك الله فيكم
السائل : مراد

الرد على الفتوى

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته: أما بعد:
فاعلم أيها الأخ السائل أن هناك فرقاً بين الملحد والمشرك فالإلحاد في المفهوم المعاصر يعني تعطيل الخالق بالإطلاق ، وإنكار وجوده ، وعدم الاعتراف به سبحانه وتعالى ، وإنما العالم وما فيه قد جاء ـ على حسب زعمهم ـ بمحض الصدفة ، وهو مذهب غريب مناف للفطرة والعقل والمنطق السليم ، ومناقض لبدهيات العقل ومسلَّمات الفكر .
أما الشرك فهو يتضمن الإيمان بالله عز وجل والإقرار به ، ولكن يشمل أيضا الإيمان بشريك لله في خلقه ، يخلق ، أو يرزق ، أو ينفع ، أو يضر ، وهذا شرك الربوبية ، أو بشريكٍ يُصرَف له شيء من العبادة محبة وتعظيما ، كما تصرف لله سبحانه وتعالى ، وهذا شرك العبادة .
وبالتأمل في هذين الانحرافين نجد أنَّ في كلٍّ منهما مِن الإثم والسوء ما يدلنا على سوء حالهم ، وكيف أن الله جل جلاله وصفهم بأنهم كالبهائم :
يقول الله تعالى : ( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا . أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ) الفرقان/43-44 .

وقال سبحانه : ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) الأعراف/179 .
ورغم ذلك كله فالملحد الجاحد المكذِّبُ بوجود الله ورسله واليوم الآخر أعظمُ كفرًا ، وأشنعُ مقالةً من الذي آمن بالله ، وأقر بالمعاد ، ولكنه أشرك معه شيئا من خلقه ، فالأولُ معاند مكابر إلى الحد الذي لا يتصوره الفكر ، ولا تقبله الفطرة ، ومثله يستبيح كلَّ محرَّم ، ويقع في كل معصية ، وينتكس عقله إلى حد لا يخطر على البال ، ومع ذلك فقد شكك كثير من المتكلمين في ظاهرة الإلحاد بصدق وجود هذه الظاهرة في قرارة أنفس الملحدين ، وقرروا أن الملحد إنما يظاهر بإلحاده ، وهو في باطنه مُوقِنٌ بإله واحد .
والذين قالوا بجواز أكل ذبائح الغرب قالوا إنهم نصارى وليسوا كلهم ملحدين لا يؤمنون بالله والحكم للأغلب، وقد أباح الله لنا أكل ذبائح أهل الكتاب كما في سورة المائدة: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: من الآية 5].
والذي أنصحك به هو التحري، والبعد عن المتشابه، وفي الحلال غنية عن الحرام والمتشابه؛لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام” (أخرجه البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه)،
والله أعلم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.