السؤال رقم (522) : بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بتجارة الذهب. 14 / 1 / 1429

والدي تاجر ذهب وقرأ في صحيح البخاري أن الذهب بالذهب يداً بيد، مثلاً بمثل، هاء وهاء، وخلص أن الذهب من السلع الربوية ويشترط لصحة بيعه: أولاً: إذا اشترى (100جم قديم) يعطى مكانها (100جم جديد) دون زيادة أو نقصان، وهذا يبخس صاحب الورشة حقه في صنعته، وقيل له لتفادى ذلك اشترى القديم ثم بع الجديد، وهذا صعب للغاية حيث أن المحل في أحيان كثيرة ليس به نقود لإعطاء الزبون ثمن الذهب القديم. ثانيا: يوجد ما يسمى الأبونيه أو تاجر الجملة الذي يقوم بإعطاء المحل مثلا 500 جم ذهب ثم يقوم بتحصيله على دفعات فهل هذا حرام؟ حيث فهمنا أنه يشترط التقابض في مجلس العقد وهذا أيضا صعب للغاية. ثالثاً: يقوم بعض العملاء بتأخير سداد جزء من ثمن الذهب المباع إليهم، وقيل لنا أن هذا أيضا حرام وبه ربا، ونحن نقول إذا كان الحال كذلك فهل يحرم على المسلمين التجارة في الذهب لاسيما أن الذهب على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعتبر نقود، أما الآن فهو سلعة متعددة المواصفات من عيار 18 و 21 و 24 ويدخل فيها قيمة الصناعة؟ وهل حسب ما سمعنا من العلماء من فقه الواقع هل يجوز التجارة في الذهب على الوضع القائم من حيث تأخير جزء من الثمن للمشتري، وكذلك التعامل مع تجار الجملة بالأجل؟ أم نترك تجارة الذهب لغير المسلمين؟ أفيدونا أفادكم الله..

الرد على الفتوى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فاعلمي أختي الكريمة أن الشريعة الإسلامية جاءت كاملة متكاملة ليس فيها عنت ولا حرج، وليس فيها إضرار بأحد، قال تعالى[وما جعل عليكم في الدين من حرج](الحج)، والخالق جل وعلا هو الذي شرع لعباده الأحكام الشرعية التي تناسبهم وتعود عليهم بالنفع والخير، فينبغي على المسلم إذا أُمر بأمرٍ من جهة الشارع الحكيم أن يستجيب له لقول الله تعالى[وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً](الأحزاب).
وما ذكرتيه من خلال سؤالكِ يتضح أن جميع المعاملات المذكورة لا يحل التعامل بها شرعاً، بل هي عين الربا المنهي عنه بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، وهذا التعامل فيه مخالفة لأنه لابد في بيع الذهب والفضة من التساوي والتماثل والتقابض في مجلس العقد للنصوص الشرعية الواردة، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم (الذهب بالذهب والفضة بالفضة ……… مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد)(رواه مسلم)، وقوله أيضاً (من زاد أو استزاد فقد أربى)(رواه مسلم).
فيجب على والدكِ تجنب المعاملات المحرمة التي فيها رباً، وأن يحرص على المعاملات المباحة شرعاً في البيع والشراء وغيرهما حتى يكون ماله حلالاً مباركاً فيه.
ولا يجوز لأحد كائناً من كان أن يجعل ما أحله الله حراماً، أو ما حرمه الله حلالاً من أجل المتعارف به بين الناس حتى ولو ظنوا أن ما تعارفوا عليه فيه الخير لهم.
ومعلوم لدى الجميع أن تجارة الذهب تجارة رابحة مباركة، فعلى من يتعامل فيها أن يتقي الله تعالى، وأن يسلك الطريق المباح فيها، وعلى والدكِ أن يحرص على الاستمرار في تجارته مع تحريه ما يوجبه عليه الشرع من الأوامر والنواهي، وأن يعلم أن البركة في المال الحلال الطيب حتى ولو كان قليلاً، وأذكركِ بقول الله تعالى [ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب]، وقوله [ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا](الطلاق).
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.