السؤال رقم (2961) : هل المال هذا حلال؟ هل يجوز أن أحج منه؟ وهل أترك هذه الوظيفة؟ 21 / 8 / 1438

انا اشغل وظيفة امام وأعمل اداري بالإدارة ولا اعمل هنا ولا هناك وانما فقط أتقاضى المرتب الشهري لها وانا شاب عاطل عن العمل ولا يوجد لدى دخل مادي الا هذه واجمع من الراتب لأدى فريضة الحج هذا العام، فهل المال هذا حلال؟ هل يجوز ان احج منه؟ وهل اترك هذه الوظيفة؟ واسال الله لي ولكم التوفيق والإخلاص

الرد على الفتوى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:
فأولاً: الواجب على من وُكِلَ إليه عمل يتقاضى في مقابله راتباً أن يلتزم بعمله ويؤديه من غير تقصير، ليستحق بذلك أجرَه حلالاً طيِّباً. فإن قصَّر في عمله، ولم يقم بأداء ما طلب منه فلا يستحق الأجرة، ولا تحل له، بل لا يجوز له الانتفاع بها، فإن أخذها فقد أكل باطلا، وأصاب سحتاً. لأنه يأخذها في غير مقابل قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) النساء/ 29.
ثانياً: ولا يجوز لك أن تجمع المال بهذه الطريقة المحرمة لكي تحج منه ويُخشى عليك ألا يتقبل الله تعالى حجتك لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا) رواه مسلم.
قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ رحمه الله: وَاعْلَمْ أَنَّ عِمَادَ الدِّينِ وَقِوَامَهُ هُوَ طِيبُ الْمَطْعَمِ، فَمَنْ طَابَ مَكْسَبُهُ زَكَا عَمَلُهُ، وَمَنْ لَمْ يُصَحِّحْ طيبَ مَكْسَبِهِ خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ لا تُقْبَلَ صَلاتُهُ وَصِيَامُهُ وَحَجُّهُ وَجِهَادُهُ وَجَمِيعُ عَمَلِهِ ; لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: (إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ) . وَنَظَرَ عُمَرُ إلَى الْمُصَلِّينَ فَقَالَ: لا يَغُرُّنِي كَثْرَةُ رَفْعِ أَحَدِكُمْ رَأْسَهِ وَخَفْضِهِ، الدِّينُ الْوَرَعُ فِي دِينِ اللَّهِ، وَالْكَفُّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، وَالْعَمَلُ بِحَلالِ اللَّهِ وَحَرَامِهِ. وقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَفْضَلُ الْحُجَّاجِ أَخْلَصُهُمْ نِيَّةً، وَأَزْكَاهُمْ نَفَقَةً، وَأَحْسَنُهُمْ يَقِينًا) اهـ من “المدخل” لابن الحاجب المالكي.
وفي “مواهب الجليل شرح مختصر خليل”: مَنْ حَجَّ بِمَالٍ حَرَامٍ فَحَجُّهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَذَلِكَ لِفِقْدَانِ شَرْطِ الْقَبُولِ، لقوله تعالى: (إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ) . . .
والخلاصة إذا لم يكن عندك من المال الحلال ما تحج به فانتظر حتى تكتسب مالاً حلالاً تحج به لقول الله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا) آل عمران / 98. فإذا رزقك لله رزقا حلالاً طيباً فعليك المبادرة بالحج.
ثالثاً: أما عن سؤالك هل تترك هذه الوظيفة فأقول لك إن كنت لا تستطيع القيام بما أوجبه الله عليك في هذه الوظيفة فابحث عن عمل آخر تستطيع من خلاله القيام بالعمل الذي وكل إليك، والذي أنصحك به أيها السائل هو الاستمرار في هذه الوظيفة وتجاهد نفسك على أن تؤديها بإخلاص وتحافظ على الأوقات التي كلفت بها وأن تؤديها على الوجه الأمثل.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين