السؤال رقم (3238) : مكانة المرأة في الإسلام ومكانتها عند النصارى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤالي يتعلق بدور المرأة في الإسلام. ماهي نظرة الإسلام للمرأة. أود أن أعرف في أي آيات القرآن ذكر الله المرأة؟ هناك شخص ليس بمسلم سألني عدة أسئلة ولم أستطع الإجابة عليها فأرجو أن تفيدوني وتفيدون غيري. كما سأل هذا الشخص: إن كانت مقامة المرأة كبيرة في الإسلام فلماذا عندما ترث المرأة ترث أقل من الرجل لماذا؟ أليست بشر ولا يجوز التفرقة؟ ولماذا لا يكفي شهادة امرأة واحدة ولابد اثنتين؟ وهل فعلاً المرأة لا تستطيع الشهادة في المحاكم؟ أما ما أود أنا أن أسأله: كيف كانوا النصارى يعاملون المرأة؟ وأرجو أن تأتوني بمقاطع من كتابهم الكتاب المقدس. أرجو منكم أن تجيبوني وليس باختصار ارجوكم وشكراً. 

الرد على الفتوى

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد كرم الله _تعالى_ المرأة في الإسلام، وأعلا شأنها، وجعل لها مكانةً عظيمةً بين الناس، فهي الأم، والزوجة، والابنة، والأخت، والقريبة، وجعلها نصف المجتمع المسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: \”إنما النساء شقائق الرجال\” [رواه البخاري]، وجعل لها حقوقاً كثيرةً لم تكن تحصلها في الديانات الأخرى الذين كانوا يهضمون حقها ويظلمونها، ويعاملونها كأنها متاع، فجاء الإسلام بشريعته العظيمة، وأرسى لها المكانة العالية، وشرفها بين البشر، وجعل لها مقاماً كريماً، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات: 13]، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) [النساء: 1]، وجعلها مكلفةً بالعمل الصالح مثل الرجل، ومحاسبةً عليه، فإن أحسنَتْ أُجِرَت، وإن أساءت وقصرت أثمت، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 97]، وقال تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) [الأحزاب: 35]، وقال تعالى مثنياً على النساء الصالحات ممن سبقن في طاعة الله: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [التحريم: 11].
لقد حرص الإسلام على المرأة حرصاً عظيماً لم يكن معهوداً من قبل، فجعل لها حقوقاً، ورتب لها أحكاماً، وبيَّن ذلك في القرآن والسنة، فمن القرآن الكريم:
ذكر الله _تعالى_ بعض الحقوق لها في سورة البقرة من ناحية الزواج، والطلاق، والرضاع، وغيرها.
وذكر لها بعض السور الخاصة بها مثل: سورة الطلاق، وذكرت أيضاً في سورة النساء، وسورة المجادلة، وسورة التحريم، وغيرها من السور.
ومن السنة: قوله صلى الله عليه وسلم: \”استوصوا بالنساء خيراً..\” رواه مسلم. فيكفي فخراً للمرأة أن تتبوأ هذه المكانة، والمرأة هي مربية الأجيال فتخرج للمجتمع جميع فئاته من عالمٍ، وقاضٍ، وطبيبٍ، ومربٍّ، ومدرسٍّ، وغيرهم من المهن التي ينتفع بها المجتمع المسلم.
وأما بالنسبة لموضوع الميراث فهو تشريعٌ حكيمٌ له مصالح عديدة؛ حيث أن الرجل إذا أراد الزواج هو الذي يتحمل التبعات، والتكاليف، والالتزامات، فعليه المهر، وشراء، وتأسيس بيت الزوجية، ويقوم بالانفاق عليها وعلى أولادها، وعليه نفقات الضيافة، والجهاد، والمغارم، وغيرها من المسؤوليات، وأما المرأة فهي لا تتحمل شيئاً من ذلك إلا على نفسها في حدودٍ معينة، وهي التي تأخذ مهراً، وهي التي تنفق مالها على أي وجهٍ شاءت.
وأما بالنسبة لشهادتها: فمن الذي يعلم ضعفها غير خالقها، ويعلم أنها تنسى، ويعلم أنها عاطفية تتأثر بأي شيء، ألم يسقط عنها ربها الصلاة أثناء الحيض، والنفاس، ولم يشق عليها في قضائها، وأسقط عنها صلاة الجمعة والجماعة مع الرجال، وأسقط عنها الجهاد، وغيرها من الأعمال التي لا تستطيعها، والمرأة إذا طولبت بالشهادة فلا يستطيع أحدٌ منعها من ذلك، وتقف أمام القاضي لتدلي بشهادتها، ألم يقل رب العزة _جل وعلا_: (فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا..) [البقرة: 282] فهي مأمورة بأمر الله، ولا يستطيع أحدٌ منعها من أداء الشهادة.
أما كيفية معاملة النصارى لنسائهم فأترك الحديث لبعض الشخصيات المعروفة عندهم لكي تعلمي مكانتها عندهم، قال توتوليان _أحد أقطاب النصارى الأول، وأئمتها_ مبيناً نظرية النصارى في المرأة: \”إنها مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان، وإنها دافعةٌ بالمرء إلى الشجرة الممنوعة، وناقضةٌ لقانون الله، ومشوهة لصورة الله _أي الرجل_\”.
وقال كرائي سوستا _الذي يعد من كبار أولياء الديانة المسيحية_ في شأن المرأة: \”هي شرٌّ لا بد منه، ووسوسة جبلية، وآفةٌ مرغوب فيها، وخطرٌ على الأسرة والبيت، ومحبوبة فتاكة، ورزء مطلي مموه\”.
وقد عقد الفرنسيون مؤتمراً لبحث ما إذا كانت المرأة إنساناً أم غير إنسان؟
فتوصلوا إلى أنها إنسان، خلقت لخدمة الرجل فحسب، وكانوا يرون أن العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة نجس في نفسها، يجب أن تتجنب، ولو كانت عن طريق النكاح، وعقد مشروع، وأن العزب أكرم من المتزوج، ويرون أن حياة العزوبية مقياس لسمو الأخلاق وعلو شأنها، وهكذا خرجت الشعارات والقرارات التي حطت بمنزلة المرأة في المجتمعات النصرانية في كل نواحي الحياة.
وأنت ترين ما هي فيه من دنو الأخلاق، وضياع للأسرة والمجتمع، بل جعلوها سلعةً تباع وتشترى حتى أن الفتاة إذا بلغت عندهم سن البلوغ _ طالبها أبوها بأجرة غرفتها، أو الخروج من بيته؛ لتلاقي ما تلاقي من الاغتصاب، والتشرد، والضياع والعياذ بالله، وما فيه المجتمعات الغربية من ضياعٍ للأمن، والأمان، وفساد الأخلاق، وانتشار الأمراض الجنسية أكبر دليلٍ على فساد ما هم فيه.
فالمرأة في الإسلام محفوظة مصونة مكرمة، لها حقوقها ومكانتها، ولا يستطيع أحدٌ مساسها بأي شيءٍ يؤذيها، وكثير من نساء الغرب يحسدونها على ما هي فيه من التكريم والصيانة.
وعليكِ أيتها الأخت الكريمة أن تطلعي على حقوق المرأة في الإسلام عن طريق الجمعيات الإسلامية عندكم، والاستفادة منها.
أسأل الله _تعالى_ أن يهدي ضال المسلمين، وأن يحفظ نسائنا من عبث العابثين، وأن ينفع بهنَّ دينهنَّ وأمتهنَّ، وأن يعلي شأنهنَّ في الدنيا والآخرة.
وفقكِ الله للعلم النافع، والعمل الصالح. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.