السؤال رقم (3234) : هل يجوز لي أن أهجر بلادي المعروفة بجميع أنواع المعاصي و الفجور عياذاً بالله فراراً بديني…

أنا شاب عمري 32 سنة محافظ على الواجبات ولله الحمد لكنني أيقن تماماً أن هذا لا يكفي أريد أن أحفظ وأقرأ و أعيش في بلد إسلامي في بيئة إيمانية و إسلامية فهل يجوز لي أن أهجر بلادي المعروفة بجميع أنواع المعاصي و الفجور عياذاً بالله فراراً بديني و مخافة الوقوع فيها يوما ما أو خوفا على مستقبل اولادي إن تزو جت إن شاء الله وترك أعزّ ما أملك من الديار والأموال والأقارب والعشيرة، وبيع ذلك لله عز وجل وفي سبيله وابتغاء كل ما أخافه هو أن يضيع عليَّ العمر النفيس في أمور يمكن تفاديها الأن قبل فوات الأوان ، طموحي أن أقيم و أعيش وسط المؤمنين و مستعد أن أدفع مقابل ذلك راحتي وسعادتي ولذيذ النوم والكسل . ليس هذا مجرد كلام في وقت غلبني فيه الحماس بل هو ما يشغل تفكيري الليل والنهار فأنا جاد وأرجو منكم أن ترعوني اهتمامكم ولو بالإجابة على هذه الرسالة.، أريد أن أعرف هل يجوز ذلك مع عدم موافقة الوالدة لكن أستطيع اقناعها فهي تقول بأنه يجب ان اجمع المال لتكوين نفسي أولاً مع العلم أن عملي قد يلهيني عن ديني فأنا أعمل كمحاسب بإحدى الشركات الأشغال الطرقية و والدتي تريد أن أكون أنا أيضا شركة مثلها و ذلك بمساعدة مدير و صاحب الشركة التي أعمل بها و هو خالي و مستعد لمساعدتي على ذلك أما أنا فلا أريد مالاً أريد وجه الله و أريد أن أعرف هل يمكنني تحقيق ذلك _أي ما ذكرته أعلاه (الهجرة) _أم أن الركب قد فاتني، وكيف السبيل إليه. 

الرد على الفتوى

اعلم أخي الكريم ثبتنا الله وإياك على دينه أن الهجرة ثلاثة أقسام كما ذكر ذلك العلماء:
منها: هجرة المكان، وهجرة العمل، وهجرة العامل، ولكن حديثنا عن هجرة المكان حيث أنك تريد ترك بلدك الذي تعيش فيه إلى بلدٍ يطبق في الشرع الحكيم، فهذا لا حرج فيه، بل هو مستحبٌ أن تفعله إذا تيسرت لك الأمور في ذلك، وبعد استئذان الوالدة، فإن تيسرت لك الأمور، وأذنت الوالدة في السفر إلى بلدٍ آخر فلا حرج عليك، ولكن الأولى لك أن تجلس بجوار والدتك؛ لأن برَّك بها واجب، وهو مقدمٌ على الجهاد في سبيل الله إذا كان فرض كفاية، فما بالك بهجرة المكان، ووجودك بجوار والدتك ففيه خيرٌ كثير، وفضلٌ عظيم كما ورد ذلك في الكتاب والسنة، وما دمت تظهر شعائر دينك، وتؤدي حق الله _تعالى_ وتستطيع أن تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر فالأولى لك لزوم بلدك.
والأفضل للمؤمن أن يخالط الناس، ويصبر على أذاهم إذا استطاع أن يحفظ دينه، وأما إذا لم يستطع ذلك فالأولى له العزلة إذا خاف على نفسه الفتنة، مثل: أن يكون بلد يطالب فيها بأن ينحرف عن دينهِ، أو يخشى على نفسه من الفواحش، فقد ورد عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: \”يوشك أن يكون خير مال الرجل غنمٌ يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن\” [رواه البخاري].
فالأولى لك النظر في المصلحة العائدة عليك من ذلك.
ولكن وصيتي لك لزوم أمك، وكثرة برها، والإحسان إليها، ونيل دعائها، وأن تحرص على تعلم العلم الشرعي، وأن تعلم أن هناك أناساً يحتاجون إلى دعوتهم وتذكيرهم بحق الله تعالى، والأخذ بأيديهم إلى صراط الله المستقيم، وكما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: \”فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم\” [متفق عليه].
وفقنا الله وإياك للعلم النافع والعمل الصالح، وحفظنا وإياك وجميع المسلمين من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.