السؤال رقم (5749) ما حكم إشراك الآخرين في الصدقة؟ وهل إشراك الآخرين في الصدقة ينقص الأجر؟

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيجوز للشخص أن يشرك غيره من المسلمين معه في الأجر فيما يقوم به من أعمال صالحة، على الراجح من أقوال أهل العلم، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد ـ رحمه الله. واختاره جماعة من العلماء، قال ابن قدامة في المغني (2/423): “أي قربة فعلها، وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك إن شاء الله تعالى، أما الدعاء والاستغفار والصدقة، وأداء الواجبات فلا أعلم فيه خلافاً إذا كانت الواجبات مما يدخله النيابة.” وقال ابن مفلح الحنبلي في الفروع (3/423): “فَصْلٌ: كُلُّ قُرْبَةٍ فَعَلَهَا الْمُسْلِمُ وَجَعَلَ ثَوَابَهَا لِلْمُسْلِمِ نَفَعَهُ ذلك وَحَصَلَ له الثَّوَابُ”. انتهى.

والثواب يتجزأ بين المتصدق والمتصدق عنه ويكون الثواب بحسب النسبة التي تصدق بها. فلو أهداه مثلًا النصف، تحصل له الباقي، فإذا أهدى الربع وأبقى لنفسه الباقي حصل له الباقي.

قال ابن القيم – رحمه الله – في كتاب الروح ص (132) : (ووجهُ هذا، أن الثواب مِلك له، فله أن يهديه جميعه، وله أن يهدي بعضه، يوضحه أنه لو أهداه إلى أربعة مثلًا، تحصل لكل منهم ربعه، فإذا أهدى الربع وأبقى لنفسه الباقي، جاز، كما لو أهداه إلى غيره.) انتهى.

فإذا لم يعين نسبة من الصدقة فقال بعض العلماء: يثاب كل من المهدي والمهدى إليه، وفضل اللَّه واسع. قال ابن عابدين في رد المحتار على الدر المختار (2/ 243): “والأفضل لمن يتصدق نفلاً أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات، لأنها تصل إليهم، ولا ينقص من أجره شيء”. انتهى.

وأما بعد إخراج الصدقة، فإنها تقع للمنوي عنه، ولو كان العامل قد نواها لغيره، فإنه يقع له مثل أجره

قلت: ومع القول بجواز إهداء الثواب للميت أو الحي: فينبغي أن يعلم أن الأفضل للإنسان أن يجعل الأعمال الصالحة لنفسه، وأن يخص من شاء من المسلمين بالدعاء له، لأن هذا هو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ : إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم

والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.