لقاء لفضيلة الشيخ أ.د. عبد الله بن محمد الطيار مع جريدة المدينة في: 23/9/1431هـ

السبت 4 جمادى الآخرة 1440هـ 9-2-2019م

نص اللقاء

فضيلة الشيخ أ.د عبد الله بن محمد الطيار.. المشرف العام على موقع (منار الإسلام الإلكتروني).

* ولد في محافظة الزلفي عام 1373هـ وأقام فيها، وتخلل ذلك إقامة يسيرة في الرياض، حين عُين وكيلا لوزارة الشؤون الإسلامية، ثم عاد للسكن في الزلفي مرة أخرى.
* يعمل حالياً أستاذاً بجامعة القصيم، وخطيباً في جامع عبد الله بن مسعود بالزلفي.
* طلب العلم على يد ثلة من علماء عصره كالشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن عثيمين، والشيخ عبد الله بن حميد، والشيخ عبد الرزاق عفيفي، والشيخ عبد الله الغديان رحمهم الله، والشيخ صالح الفوزان حفظه الله، وغيرهم.

* له دروس ومشاركات علمية ودعوية مختلفة، وله عدد كبير من المؤلفات.
وقد كان لنا معه الحوار التالي للاطلاع على شيء مما قدمه فضيلته من نتاج علمي، وما قام به من أعمال جليلة.

س: فضيلة الشيخ هل تعرفنا بحياتكم، وشهاداتكم العلمية ؟

ج: نشأت يتيماً؛ إذ توفي والدي وعمري شهران، وقد تولت والدتي رحمها الله تربيتي والعناية بي، وتنشئتي على الخير وحب أهله؛ وكان لوالدتي رحمها الله- ولإخواني ـ سعود حفظه الله، وعلي، وعبد العزيز رحمهما الله ـ الفضل بعد الله في تشجيعي على الدراسة وحب العلم ومجالسة أهل الخير.

حصلت على الشهادة الابتدائية بالمدرسة (المنصورية) التي تحولت إلى ـ مدرسة ابن خلدون الابتدائية عام1385هـ، ثم التحقت بالمعهد العلمي بالزلفي عام 1386هـ، وقد يسَّر الله لي الأمر وتخرَّجت منه عام 1391هـ وأخذت الأول على دفعتي.

ثم التحقت بكلية الشريعة بالرياض وتخرجت فيها عام 1395هـ بتقدير عام ممتاز، ثم عينت معيداً في قسم الفقه في الجامعة في: 22/7/1395هـ، ثم تحولت إلى مدرس بمعهد الزلفي العلمي في 19/2/1396هـ، وتفرغت بعدها خلال عامي 1397ـ 1398هـ لتحضير رسالة الماجستير ، وحصلت عليها عام 1399هـ بتقدير ممتاز، مع التوجيه بطبع الرسالة على نفقة الجامعة وتبادلها بين الجامعات، وكانت بعنوان:(خيارا المجلس والعيب في الفقه الإسلامي)، ثم سجلت رسالة الدكتوراه والتي كانت بعنوان:(البنوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق) وحصلت عليها بتقدير ممتاز مطلع عام 1402هـ.

س: فضيلة الشيخ تذكر لنا بداية اتجاهكم إلى طلب العلم؟

ج: بدأت القراءة في حلقات المساجد، حيث قرأت القرآن الكريم على الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغيث، وقرأت عليه الجزأين الأخيرين من القرآن (التاسع والعشرين والثلاثين)، ثم قرأت القرآن وختمته نظراً على الشيخ ناصر بن عبيد الحربي يرحمه الله.

أما حلقات العلم: فقد بدأت مع بداية الدراسة بالمعهد العلمي عام 1486هـ حيث كانت مناهج المعاهد العلمية قوية ومتميزة، وأذكر أنهم كانوا يُلزمون الطلاب بحفظ كتاب التوحيد، وعمدة الأحكام في الحديث، وزاد المستقنع في الفقه، والرحبية في الفرائض، والألفية في النحو، وسبعة أجزاء من القرآن مع تفسيرها.

وفي المرحلة الجامعية استفدت كثيراً من فطاحلة العلماء وأساطين اللغة وعلى رأسهم الشيخ صالح العلي الناصر رحمه الله، والشيخ صالح بن فوزان الفوزان، والشيخ صالح بن عبد الرحمن الأطرم، والشيخ فالح بن مهدي رحمه الله، والشيخ عبد الرحمن البراك، والشيخ عبد الرحمن الدرويش، والشيخ الدكتور عبد الله الزايد، والشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله ، والشيخ حمود العقلاء، والشيخ فهد الحميد، والدكتور محمد أبو الفتح البيانوني، والدكتور عبد الله المصلح وغيرهم.

وفي مرحلة الدراسات العليا استفدت كثيراً من العالم المربي الشيخ مناع خليل القطان رحمه الله والشيخ الدكتور بدران أبو العينين، والشيخ الدكتور عبد العظيم شرف الدين، والشيخ الدكتور عبد الوهاب بحيري.

وفي تلك المرحلة حرصت على التتلمذ على سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، والشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله، والشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله، والشيخ عبد الله الغديان، وقد توثقت علاقتي بالشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله حتى وفاته عام 1420هـ. ثم بعد حصولي على الدكتوراه وتحولي إلى جامعة القصيم، توثقت صلتي بشيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين، واستفدت منه استفادة عظيمة، وكان يخصص لنا جلسات خاصة معه.

س: نريد أن نتعرف على شخصية كان لها بالغ الأثر فيكم؟

ج: أكثر من كان له أثر في حياتي هي: والدتي رحمها الله تعالى- ثم شيخاي ابن باز وابن عثيمين عليهما رحمة الله-.

س: وبالنسبة للكتب التي أثرت فيكم؟

ج: أقرأ كثيراً لشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم فلهما في نفسي منزلة كبيرة رحمهما الله تعالى.

س: فضيلة الشيخ ما المسميات الوظيفية التي عملتها، وما الأعمال الإدارية التي توليتها؟

ج: بدأت معيداً في كلية الشريعة بالرياض، ثم محاضراً، ثم أستاذاً مساعداً في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالأحساء والتي عينت فيها عميداً لها خلال الأعوام 1401هـ إلى نهاية عام 1403هـ

ثم عينت عميداً لكلية العلوم العربية والاجتماعية بالقصيم من ذي الحجة عام 1403هـ إلى 1410هـ وبعدها أخذت إجازة تفرغ علمي، ثم عينت عميداً لكلية الشريعة بالقصيم عام 1413هـ، ثم عينت وكيلاً لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد عام 1414هـ، ثم عينت أستاذاً في كلية الشريعة بالقصيم، ولا أزال فيها إلى الآن.

س: هل تشاركون في اللقاءات والمؤتمرات في الداخل والخارج؟

ج: نعم شاركت في العديد من المؤتمرات والندوات واللقاءات، ومنها:

(1) الأسبوع الثقافي والفني الأول لجامعات الخليج بالكويت عام 1404هـ.
(2) ندوة التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية، بجامعة الإمام 1409هـ.
(3) مؤتمر الدعوة الإسلامية بواشنطن 1411هـ.
(4) مؤتمر الدعوة الإسلامية بسيريلانكا 1412هـ.
(5) مؤتمر القرآن والسنة، بأمريكا عام 1413هـ
(6) الملتقى الأول للأئمة والخطباء، بوزارة الشؤون الإسلامية بالرياض عام1414هـ
(7) مؤتمر العلاج بالقرآن بين الدين والطب، بالإمارات عام1428هـ.
(8) مؤتمر الإفتاء في عالم مفتوح، بالكويت عام1428هـ.
(9) مؤتمر عن وضع المرأة المسلمة في المجتمعات الإسلامية المعاصرة، بماليزيا عام 1428هـ.
(10) مؤتمر نحو إسهام عربي إسلامي في الحضارة الإنسانية المعاصرة، بالأردن، عام1428هـ.
(11) اللقاء الأول لمعبري الرؤى والأحلام بوزارة الشؤون بالرياض عام1429هـ.
(12) مؤتمر الفتوى وضوابطها، بمكة المكرمة، عام1430هـ
(13) ندوة حقوق الإنسان (مفاهيم في الحريات الدينية رؤية شرعية)، بالرياض 1431هـ.
(14) لقاء (التعامل مع التقنية * سلوك وقيم)، إدارة تعليم البنات بالغاط، 1431هـ

س: فضيلة الشيخ ما اللجان والجمعيات التي عملت فيها؟

ج: لقد وفقني الله للعمل في عدة جمعيات ولجان على مستوى المحافظة وخارجها، ومن ذلك:

1 ـ عضو اللجنة العلمية بالتوعية الإسلامية بالحج بمكة المكرمة.
2 ـ عضو مجلس إدارة اللجنة العلمية في مؤسسة ابن باز الخيرية بالرياض.
3 ـ عضو الجمعية الفقهية السعودية بالرياض.
4 ـ عضو موقع الفقه الإسلامي ببريدة.
5 ـ عضو جمعية القرآن وعلومه بالرياض.
6 ـ عضو الجمعية الفقهية السعودية بالرياض.
7 ـ عضو الجمعية العلمية للقرآن الكريم وعلومه بالرياض.
8 ـ عضو مجلس إدارة اللجنة الاستشارية بإدارة تعليم البنين بالزلفي.
9 ـ عضو لجنة المناصحة بالزلفي
10 ـ عضو لجنة الإصلاح بالزلفي
11 ـ عضو لجنة التوعية الإسلامية بالزلفي
12 ـ عضو لجنة الأئمة والخطباء بالزلفي
13 ـ عضو لجنة مكافحة التدخين بالزلفي
14 ـ عضو لجنة أصدقاء المرضى بالزلفي
15 ـ المشاركة في حملة الملحم للحج والعمرة (دروس وفتاوى).

س: فضيلة الشيخ حدثنا عن الدروس والمحاضرات التي ألقيتها، وأماكن إلقائها؟

ج: ألقيت ولله الحمد- العديد من الدروس، والمحاضرات على مستوى محافظات المملكة منذ عام 1416هـ وحتى الآن في كل من: (الرياض ـ المدينة ـ مكة ـ تيماء ـ حقل ـ الذيبية ـ المجمعة ـ الرس ـ الدمام ـ عنيزة ـ الزلفي ـ حائل ـ حفر الباطن ـ المخواة ـ تبوك ـ البدع ـ سميرا ـ بريدة ـ الخبراء ـ الفوارة ـ ضبا ـ القصب ـ الطائف ـ عفيف ـ الأفلاج ـ الجبيل ـ شقراء ـ البكيرية ـ الدلم ـ الحوطة ـ مليح) وشاركت أيضاً في العديد من الدورات العلمية الصيفية في (مكة المكرمة ـ المدينة المنورة ـ الخرج ـ الطائف ـ الدمام ـ المذنب ـ الأفلاج ـ حوطة بني تميم ـ الزلفي ـ بريدة ـ الرياض- جدة- الباحة- الأحساء- تبوك- حائل- تيما).

س: فضيلة الشيخ، مما عرف عنكم أن لديكم مكتبة خاصة كبيرة، فمتى أنشأتم هذه المكتبة، وما الهدف من إنشائها؟

ج: بدأت تكوين المكتبة منذ عام 1386هـ حيث حصلت على جوائز عبارة عن صحيحي البخاري ومسلم من معهد الزلفي العلمي، وهي تمثل جائزة التفوق بالدراسة، ومنذ ذلك الوقت بدأت أكون مكتبة في حدود إمكانياتي ، وكنت أستغل فرصة وجود معارض الكتب التي تقام داخل المملكة فأشتري ما أتمكن من شرائه، ولعل من آخر المعارض التي اشتريت منها معرض المركز الصيفي بفرع الجامعة بالقصيم، ثم معرض الكتاب الذي أقيم في الثانوية التجارية ببريدة، ثم أن هناك بعض طلاب العلم الذين أتعاون معهم في البحث عن كل جديد من الكتب على اختلاف فنونها.

س: فضيلة الشيخ كم عدد عناوين المكتبة، وما نوعية الكتب التي فيها؟

ج: في مكتبتي ما يزيد عن اثنتين وعشرين ألف عنوان، وتضم مختلف فنون المعرفة وإن كان التركيز على كتب التفسير والحديث والعقيدة والفقه والتاريخ والأدب وكتب الثقافة الإسلامية العامة، وأحمد الله أن معظم الأمهات في هذه الفنون تضمه المكتبة، وإني أؤكد أن أثمن ما تبذل فيه الأموال هو توفير الكتب لأنها نعم الذخيرة والميراث.
وقد تم تصنيف هذه الكتب وتجميعها حسب الموضوعات، فكتب التفسير وعلوم القرآن تأخذ حيزاً معيناً، ثم كتب الحديث وعلومه، فكتب الفقه وأصوله، فالعقائد والمذاهب المعاصرة، فالتراجم والسير والتاريخ، فاللغة وآدابها.. وهكذا.

وقد اتبعت -قديما- أسلوباً في فهرسة الكتب وترقيمها حيث وضعت لها رقماً عاماً تسلسلياً حسب العناوين، ثم يسر الله -قبل سنوات- فهرستها بالطرق الحديثة.

وتحوي المكتبة على عدد من كتب التراث في مختلف الفنون، ففي التفسير لدي أمهات كتب التفسير كالقرطبي والطبري وابن كثير، وأحكام القرآن لابن العربي، وتفسير الزمخشري والرازي، والبحر المحيط، وأضواء البيان، وفي ظلال القرآن، ورح المعاني، ومختصرات ابن كثير، وصفوة التفاسير وغيرها من كتب التفسير، وفي الحديث صحيحا البخاري ومسلم، والسنن الأربعة، وسنن الدار قطني، وموطأ الإمام مالك، ومسند الإمام أحمد، وسنن الدارمي، وشروح هذه الكتب كفتح الباري، وشرح النووي على مسلم، وعون المعبود شرح سنن أبي داود، وبذل المجهود شرح سنن أبي داود، وتحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي، ومعارف السنن شرح جامع الترمذي، وغيرها من كتب الحديث وشروحها، وفي كتب الرجال تضم المكتبة عدداً لا بأس به في الثقات والمجروحين والضعفاء للذهبي وابن حجر وغيرهما من الأعلام الذين برزوا في هذا الفن، وفي الفقه تضم المكتبة أمهات كتب الفقه في المذاهب الربعة، ومن أهمها: بدائع الصنائع وابن عابدين في فقه الحنفية، والشرح الصغير، والمدونة والدسوقي علي خليل في فقه المالكية، والمجموع والأم وروضة الطالبين والمنهاج للشافعية، وكل كتب الفقه الحنبلي المشهورة دون استثناء، وهكذا في أصول الفقه والتراجم والسير والتاريخ والأدب والثقافة الإسلامية.

س: هل المكتبة استقطبت الزوار من داخل وخارج المحافظة؟

ج: المكتبة مفتوحة لمن أراد زيارتها، لكن لا بد من التنسيق المسبق، لأني مرتبط فيها بقراءات ولقاءات وفتاوى عبر الهاتف، وقد زارها حتى الآن عدد كبير من الوفود الطلابية من داخل المحافظة وخارجها.

س: هل في المكتبة قسم مخصص للنساء أو يوم مخصص للزيارات النسوية؟

ج: المكتبة خاصة وليست عامة، ومن رغب زيارتها من النساء، ورتب لذلك مع بني جنسه، فلا حرج.

س: هل لديكم قسم للوثائق أو تحتفظون بالكتب النادرة؟

ج: نعم يوجد في المكتبة عدد من المخطوطات القديمة.

س: فضيلة الشيخ هل تذكر لنا تعريفا بموقعكم، موقع منار الإسلام وشيئا من أهدافه.

ج: موقع منار الإسلام موقع علمي دعوي، ينشر فيه نتاجي العلمي، وقد كان إنشاؤه في: 1/5/1427هـ. وهو يضم عدداً من الصفحات المختلفة ومنها: (المؤلفات، والخطب، والمقالات، والفتاوى المكتوبة والصوتية، والدروس والمحاضرات، والأنشطة والفعاليات، وغيرها من الصفحات). ومن أهدافه الدعوة إلى الله، ونشر العلم النافع من خلال شبكة المعلومات العالمية ـ الإنترنت ـ.

س: فضيلة الشيخ في الآونة الأخيرة كثرت الفتاوى العشوائية فما تعليقكم على ذلك؟

ج: أجرؤ الناس على الفتيا أجرؤهم على النار والفتيا توقيع عن الله وعلى طالب العلم، أن يحسب حساباته لبراءة ذمته بين يدي الله ومن كفاه غيره، فهذا من فضل الله عليه.

س: فضيلة الشيخ ما منزلة العلماء الشرعية كما ذكر في القرآن والسنة؟

ج: ذكر الله تعالى العلماء في القرآن الكريم وأثنى عليهم في آيات كثيرة، ومن ذلك قوله تعالى [شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ..](آل عمران: الآية18)، وقوله { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ..} (فاطر: الآية28)، وقوله { يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ..}(المجادلة: الآية11).
وقال صلى الله عليه وسلم (..وإن العالِم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وأن العلماء ورثة الأنبياء)(رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني في صحيح الجامع).
فهم الشموع المضيئة، والأعلام الهادية، والأدلاء على الخير، وهم بحر الأمة الدافق، وقلبها النابض، وبلسمها الشافي، وهم أهل الصلاح والتقى، أهل الطاعة والعبادة.

وهم الذين يحفظون على المجتمعات الإسلامية عقلها مخافة أن تزل أو تزيغ أو تتيه في أودية الضلال وما أكثرها من أودية. وهم الذين يحفظون على المجتمعات الإسلامية نورها حتى لا يخبو ولا ينطفىء فتعيش في دياجير الظلام الحالك. وهم الذين يحفظون على الأمة صراطها المستقيم حتى لا تتشعب بها السبل التي تبعدها عن صراط الله.

وهم الذين يحفظون على المجتمعات الإسلامية شخصيتها وهويتها حتى لا تميع ولا تذوب.
وهم الذين يحفظون على الأمة ضميرها حتى لا يلوث ولا يدنس بأدناس الحياة، وبالجملة فهم الذين يحفظون على الأمة عزتها، وكرامتها وحريتها، وشرفها، وسائر قيمها المتمثلة في منهجها العظيم.

هذه هي وظيفة العلماء والأمانة الغالية التي ناطها الله ـ عز وجل ـ بأعناقهم، وهذا قدرهم وحظهم في هذه الحياة.

فانظر كيف كرّم الله ـ عز وجل ـ العلماء العاملين بعلمهم تكريماً لا يسامى ولا يدانى حينما يتصور أن كل شيء في الكون يستغفر لهم، كل حصاة وكل حجر، وكل حبة وكل ورقة، كل زهرة وكل ثمرة، كل نبتة وكل شجرة، كل حيوان وكل إنسان، وكل حشرة زاحفة، وكل دابة دراجة في الأرض، وكل سابحة في الماء، وكل سارحة في الهواء، وكل ساكنة في السماء، كل هذه وغيرها تستغفر للعلماء العاملين.

وحينما يتصور أنهم أفضل بمراحل كثيرة من العباد المنقطعين للعبادة، وحينما يتصور أنهم ورثة الأنبياء أفضل خلق الله وأقربهم إلى الله ـ عز وجل ـ فأعظم بها رتبة، وأكرم بها منزلة.

س: فضيلة الشيخ نشكركم على تحاوركم، ونتطلع للقاءات قادمة إن شاء الله؟

وأنا أشكر لكم هذا اللقاء المبارك، وأسأل الله جل وعلا أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.