خطبة بعنوان:(صفات اليهود في القرآن) بتاريخ 19-1-1430هـ.

الأحد 5 جمادى الآخرة 1440هـ 10-2-2019م

الخطبة الأولى :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً،
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ](آل عمران).
عباد الله: تمر أمة الإسلام في وقتنا الحاضر بمحن عظيمة وفواجع كثيرة، فما من شبر في أرض الله إلا وتجد فيه مظلومين،وما من موقع إلا وتجد فيه القتل والتشريد والصريخ والأنين، وكل ذلك تجده غالباً في حق المسلمين.
ففي سائر أنحاء العالم معاناة لسائر المسلمين من تسلط الكفرة والملحدين عليهم، وصدق الله تعالى [إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ](الممتحنة)، وها هي فلسطين الجريحة تعاني من تسلط اليهود، واعتداءاتهم، وتكبرهم، ومكرهم، والله تعالى له الحكمة البالغة في ذلك ليرى العالم أجمع صفاتهم الخبيثة، وأخلاقهم الكريهة، وليتبين للقريب والبعيد تلك الفئةُ القليلةُ التي أثَّرت على العالم كله في جميع النواحي سواءً كانت سياسية أو اقتصادية، أو اجتماعية، أو فكرية، وصدق الله تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ](آل عمران).
فها هم يظهرون للعالم كله بصفاتهم القبيحة من غطرسة، وكبرياء، وتجبر، وظلم وإفساد، ومكر، فهم يستعملون كل شيء من أجل السيطرة على العالم.
عباد الله: لقد تكلم القرآن الكريم عن هؤلاء النفر القليل، وصفاتهم، وأحوالهم، وكيفية تعاملهم مع غيرهم من الملل الأخرى، وسوف نبين إن شاء الله تعالى بعضاً من تلك الصفات من خلال النصوص من الكتاب والسنة، ومن ذلك:
كفرهم بآيات الله تعالى: قال تعالى [أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ](البقرة)، وقال تعالى[وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ] (البقرة).
فقد استكبروا عن قبول الحق واتباعه،وكفروا بآيات الله، وأهانوا حملة الشرع وقتلوا الأنبياء بغير حق، فكان جزاؤهم الذلة والصغار في الدنيا، والعذاب المهين في الآخرة.
ومن صفاتهم: أنهم آمنوا بالجبت والطاغوت وكفروا بالإسلام: قال تعالى عنهم [أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً](النساء)، فقد كفروا بالله تعالى واستبدلوا بالإيمان به الإيمان بما يعبد من دونه، ويوالون من عادى دين الله تعالى، قال تعالى [تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ](المائدة).
ومن صفاتهم: أنهم نبذوا كتاب الله وصدوا عن سبيله واتبعوا الشياطين: قال تعالى [وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ * وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ](البقرة)، لقد جاءهم الحق على يد محمد صلى الله عليه وسلم ولكنهم عارضوه، ونبذوه، وجحدوا ما جاء به من الحق.
ومن صفاتهم: قسوة القلوب: فقد وصفهم الله بقسوة قلوبهم، وبعدها عن قبول الحق، وقسوة القلب غلظته وذهاب اللين والرحمة والخشوع منه، وهذه القسوة واضحة للعيان لما يقومون به من قتل وتشريد وتخريب وفساد وغير ذلك، وهذا الوصف جاء في كتاب الله ومن ذلك {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً}(المائدة)، وقوله تعالى:{خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(سورة البقرة).
ومن صفاتهم: اتباعهم الهوى: وهي من أبرز صفاتهم التي جرى عليهم بسببها غضب الله ومقته، وقد ذمَّهم الله تعالى لاتباعهم لأهوائهم، حيث قادهم ذلك إلى تبديل شرع الله والكفر بالرسول صلى الله عليه وسلم، وما جاء به من الوحي؛ قال تعالى:{أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ}(البقرة)، وقال تعالى:{لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ}(المائدة). لقد مردوا على العصيان والنكول عن ميثاق الله عز وجل، وعلى اتخاذ أهوائهم إلهاً، فنهاهم الله تعالى عن ذلك كله ولكنهم أصروا واستكبروا وأعرضوا، بل كان ديدنهم التكذيب وقتل الأنبياء والمرسلين.
ومن صفاتهم الحسد: قال تعالى:{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(البقرة)، وقال تعالى{مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}(سورة البقرة).
ومن صفاتهم: الجبن والخوف: فقد وصفهم القرآن الكريم بذلك في قوله تعالى [لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمْ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ](آل عمران)، وقال تعالى [لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ](الحشر).
ومن صفاتهم: قول الكذب, وسماع الكذب ونقله: كما حكى الله عنهم في كتابه, فقد كذبوا على الله وعلى أنبيائه, وكذب بعضهم من علمائهم على بعض؛ فقد كذبوا على الله: باختلاقهم أن له ولداً بغير علم, وكتموا الحق والعلم، وحرفوا كلامه وشرعه وكذبوا على الله بما يتفق مع أهوائهم وأغراضهم الفاسدة، قال تعالى:{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونََ}(آل عمران)، وقال تعالى [قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ * قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمْ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ](يونس).
ومن صفاتهم:الفساد في الأرض: وهذا هو الظاهر للعيان، والواضح للقاصي والداني، وما قاموا به من خلال بروتوكولات حكماء صهيون بالتخطيط لإفساد العالم ونشر الرذيلة والفاحشة والربا والقمار وغير ذلك من صور الفساد، فعملوا على تقويض الأخلاق، ونشر الفساد والانحلال، قال تعالى عنهم [وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ](المائدة)، وقال [وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ](المائدة). ولم يكتفي اليهود بمبارزة الله بالمعصية والكفر، بل ذهب صلفهم وغرورهم إلى تزكيتهم لأنفسهم، وذلك بعدة أمور منها:
(1) قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه. (2) وقالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى.
(3) وقالوا: لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة. (4) وقالوا: إن الهُدى مقصور عليهم وحدهم، وليس لغيرهم إلا أتباعهم، حتى ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد أُثرت هذه العقيدة عن اليهود أعني تزكيتهم أنفسهم، وأنهم فوق البشر، حتى ترسخت في أجيالهم خاصة إذا جمع معها تفضيل الله لأسلافهم على عالمي زمانهم، فنتج عن هذا مقولة (شعب الله المختار)وهي التي شجعتهم عبر العصور،خاصة المتأخر منها على العدوان، واستغلال الغير، والاستهانة في المعاصي، اتكالاً على هذا التفضيل، ولمز كل من يتعرض لهم من قريب أو بعيد.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ](المائدة).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والعظات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خير رسله وأنبيائه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً،
أما بعد:
أيها المؤمنون والمؤمنات: ما ذكرناه آنفاً غيض من فيض وقليل من كثير عن أوصاف اليهود القبيحة والتي ذمها الله تعالى في كثير من سور القرآن ليكون المسلمون على بصيرة بما يخططونه ويهدفون إليه، ولكي يحذروا من مكرهم وخداعهم، وليعلموا أن عداوة اليهود وحربهم على الإسلام وأهله أمر لا يحتاج إلى دليل إلا إذا كانت الشمس تحتاج في إثباتها إلى دليل، وقد يفرق بعض الناس بين اليهود والصهاينة بأن اليهود مسالمون طيبون وأن الصهاينة هم الأعداء المحاربون ونحن نقول إن ذلك من مكر اليهود وتضليلهم، فاليهود صهاينة والصهاينة يهود، والله عز وجل قد أعطانا تأكيدًا في عداوة اليهود للمسلمين في قوله تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)(المائدة). والتعبير القرآني يفيد الاستقبال والاستمرار، وهو وإن كان موجهًا للرسول صلى الله عليه وسلم فإن الأمة داخلة في ذلك كما هو منهج القرآن الكريم في هذه الآية ونحوها من آيات القرآن الكريم، فاليهود كلهم اليوم يعلنون الحرب على الإسلام والمسلمين سواء اليهود الذين انتزعوا المسجد الأقصى، أو اليهود المتسلطون في كثير من الدول الكبرى من أصحاب القرار، كل هؤلاء أعداء للمسلمين.
ويتضح من خلال استعراض تلك الصفات أنهم يسعون في الوقيعة بين المسلمين، وفي زرع شجرة النفاق في قلوب بعض المسلمين، وتغذيتها، وقد اتخذوا هذه الوسائل لتساعدهم في التصدي للإسلام وأهله، لما أيقنوا بعجزهم عن مواجهته علناً، فبذلوا الجهد في محاربته سراً، والعمل على تفكيك وحدة المسلمين، وتقويض أركانه الداخلية، ومع ذلك فقد كشفهم الله تعالى، وفضح خبيئتهم، فلم تعد تلك الأساليب تنطلي على المسلمين مع رؤيتهم ما يقومون به من فساد وإفساد، وخير شاهد على ذلك ما يفعلونه بإخواننا في غزة، وقتلهم المدنين العزل، وضرب المنشآت والمساجد والمنازل وسائر وسائل المعيشة، فيا ليت المسلمين يعون هذا الأمر وينتبهون لما يراد بهم من أعدائهم، ويحرصون على مراجعة أمر دينهم، فبغير الإسلام لن يتمكن المسلمون من هزيمتهم والانتصار عليهم، فعلينا بتوحيد الجهود، وبذل الأسباب التي تمكن لدين الله تعالى في الأرض، والإقبال على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ففي ذلك الخير الكثير، ولا نجاة للمسلمين مما هم فيه من الذلة والصغار والضعف والوهن إلا بالعودة إلى الإسلام والتمسك به وإعزازه ونصره، وصدق الله تعالى [إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ](محمد)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا الْيَهُودَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ وَرَاءَ الْحَجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ يَخْتَبِئُ وَرَائِي تَعَالَ فَاقْتُلْهُ)(رواه أحمد)، وفي رواية لمسلم (تَقْتَتِلُونَ أَنْتُمْ وَيَهُودُ حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي تَعَالَ فَاقْتُلْهُ).
أسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يرد المسلمين إلى دينهم رداً جميلاً، وأن يمكن لدينه، وأن ينصر أوليائه، وأن يهزم اليهود المعتدين ومن شايعهم على المسلمين.
هذا وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة محمد بن عبد الله، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد، وارضى اللهم عن أمهات المؤمنين، وعن الصحابة أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم إنّا نسألك أن تفرج عن إخواننا المستضعفين في فلسطين، اللهم تقبل قتلاهم، واشف جرحاهم، وعافي مبتلاهم، وفك أسراهم، واجعل اللهم لهم من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجاً. اللهم وحد صفوفهم، وسدد رميهم، وأعلي كلمتهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم. اللهم أمدهم بمدد من عندك، وجند من جندك.
اللهم يا حي يا قيوم، يا قوي يا عزيز، انصر عبادك الموحدين في فلسطين وفي كل مكان.
اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، سريع الحساب، اهزم اليهود الغاصبين ومن عاونهم على المسلمين. اللهم شتت شملهم، وفرق جمعهم، واجعل الدائرة عليهم.
اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم أنزل عليهم رجزك وغضبك ومقتك وبأسك وعذابك إله الحق. اللهم خالف بين كلمتهم واقتلهم بسلاحهم، وسلط عليهم عدواً من أنفسهم يسومهم سوء العذاب.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين.
اللهم من أرادنا وأراد ديننا وبلادنا وأمننا بسوء فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين.
اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى، اللهم أمده بعونك وتوفيقك، واجعل عمله في رضاك يا أكرم الأكرمين، اللهم أصلح له البطانة، واصرف عنه بطانة السوء يا رب العالمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، وألف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، واهدهم سبل السلام. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن عبادك الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا غيثا مغيثا، سحا طبقاً، عاجلاً غير آجل، تسقي به البلاد وتنفع به العباد، وتجعله بلاغا للحاضر والباد.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذا القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
الجمعة: 19-1-1430هـ