خطبة بعنوان: (الزواج- آداب وتوجيهات-) 2-8-1430هـ.

الأحد 5 جمادى الآخرة 1440هـ 10-2-2019م

الخطبة الأولى :
الحمد لله الذي رغب في الزواج وحث عليه وأشهد أن لا إله إلا الله جعل الزواج مودة ورحمة وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله خير من تزوج وأفضل من تعامل مع أزواجه وهو القائل: (خير النساء أيسرهن صداقاً) صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واعلموا بارك الله فيكم أن الزواج طبيعة فطرية وارتباط وثيق يحفظ الله به النسل وتنتظم به الحياة شرعه الله تلبية للفطرة وأوجب الحقوق فيه حسب طبيعة كل واحد من الزوجين.
فالزوج عمله خارج البيت من أجل الكسب الذي يقوم بسد الحاجات من الإنفاق وتدبير شؤون الحياة، والمرأة في بيتها تدير شؤونه وتهيىء أسباب الراحة للزوج الذي يتعب أكثر ساعات النهار , وتتولى تربية الصغار وتهييء الجو المناسب في البيت فهي أميرة بيتها ومعلمة أولادها تزرع في نفوس صغارها كل خلق فاضل وتبعدهم عن كل خلق سيىء ولكرامة المرأة ومكانتها شرع الإسلام الصداق ليكون عنوانا على أنها لا تنال إلا بالتكاليف وليشعر الزوج بأهميتها فيراعي حقوقها .

وتكاليف الزواج كلها على الزوج ولا تتحمل منها المرأة شيئاً لكن يكون ذلك باعتدال بعيداً عن الإسراف المذموم فالله جل وعلا لا يحب المسرفين.
عباد الله والمتأمل في واقعنا في هذا البلد يلحظ أن ولائم الأفراح أخذت شكلاً جديداً خلال عامين فقط فقد بدأت تزيد عن المألوف الذي سار عليه الناس خلال السنوات الماضية وترتب على ذلك الزيادة في الملابس للنساء ومظاهر الزينة على اختلاف أشكالها بل بدأت بعض العوائل تستدين من أجل أن تلبس ليلة فرح عند الأقارب أوالجيران وهذا من التكلف المذموم.

أيها المؤمنون ويوجد في بعض المناسبات ألبسة غريبة حيث تبدو الشعور وجزء من الظهر والصدر والسيقان عارية وكأن المرأة عند زوجها , وقد حذر نبينا صلى الله عليه وسلم من فتنة النساء وبين خطورتها قال صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).

عباد الله لقد بالغت النساء في استعمال الزينة حتى وقعن فيما حرم الله من الوصل المحرم والتشبه بالرجال وتغيير الخلقة فاحرصوا بارك الله فيكم على أن تكون أفراحكم في حدود المأذون به شرعاً واحذروا من المباهاة والمفاخرة واعلموا أن هذه الأموال التي تصرف في تلك الليلة من الخير أن تكون للزوجين يستعينان بها على ترتيب حياتهما ولا حرج أبداً في الفرح ودعوة الآخرين بل لا حرج في الدف للنساء بشرط ألا يكون الصوت ظاهراً وأن تكون الكلمات مناسبة وألا يكون فيه إسراف في اللباس والزينة قال صلى الله عليه وسلم: (أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف) وهذا خاص بالنساء دون الرجال.

عباد الله الحذر الحذر من التصوير عند النساء فقد يتساهل بعض الناس في ذلك لكنه يجر إلى عواقب وخيمة وكثير من الطلاق الذي يكون في بداية الزواج سببه التصوير في ليلة الفرح لأن الصور تنتقل إلى من لا يخاف الله فينشرها ويلحق الضرر بالمرأة المسكينة وتكون وسيلة من وسائل الضغط عليها وعلى زوجها من بعض أصحاب القلوب المريضة فإلى الله المشتكى من أقوام يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا ويكونون سبباً لهدم البيوت وتتبع عورات النساء وقد أمر الله بحفظ العورات وغض الأبصار قال تعالى: [قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي أمر بالحشمة والحياء وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فاحذروا أيها المؤمنون من الإسراف في مظاهر الزواج ومن ذلك استئجار الأماكن غالية الثمن من أجل ساعتين أو ثلاث وكذلك المبالغة في وليمة العرس فقد بلغنا أن بعضهم ذبح ما يزيد على ثلاثين شاة في ليلة واحدة.

ومن مظاهر الإسراف المبالغة في لبس النساء وحليهن وقد لا تلبس إلا مرة واحدة فقط وقد أخبرني أحد الأزواج أن إحدى قريباته اشترت فستاناً لحضور زواج إحدى قريبتها وقد كلف هذا الفستان ثلاثة آلاف ريال ولا تلبسه المرأة إلا مرة واحدة.
ومن مظاهر الإسراف المحرم ما يوجد من الغناء المحرم الذي تصاحبه المعازف وكيف يبدأ الزوجان حياتهما بمثل هذا ألا يخافان أن يكون ذلك سبباً في فشل مثل هذا الزواج الذي يبدأ بمنكر ظاهر.

أيها المؤمنون تعاونوا على الخير واسلكوا أبوابه وليكن الواحد منا قدوة في هذا الباب فالتيسير في أمر الزواج وتخفيفه أمر مطلوب حث عليه الشرع المطهر فلتكن البداية سهلة وليشعر الزوج أن هذه المرأة لم تكلفه الكثير لتكون غالية في عينيه أما إذا أثقلته الديون وأصبح الدائنون يلاحقونه فإن ذلك سيؤثر على حياته لأنه كلما رأى هذه المرأة أحس أن هذا بسببها فيتولد عنده الكره لها وتبدأ الحياة من سيء إلى أسوأ.
أسأل الله بمنه وكرمه أن يجعلنا وإياكم مفاتيح للخير مغاليق للشر وأن يحفظ علينا عوراتنا وأن يوفق كل مخلص يجمع بين قلبين على السنة بعيداً عن الإسراف والمنكرات.
اللهم بارك لكل زوجين بنيا حياتهما على العفة والطهر

اللهم ارزقهما الذرية الصالحة
اللهم اجعل بداية حياتهما سعادة وطمأنينة عليهما وعلى أهلهما يا كريم.
هذا وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة محمد بن عبد الله فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال جل في علاه [إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً]

عباد الله [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ].
الجمعة : 2-8-1430هـ