خطبة بعنوان: (توجيهات حول أيام العيد) بتاريخ: 1-10-1439هـ.

الأربعاء 8 جمادى الآخرة 1440هـ 13-2-2019م

 

الخطبة الأولى :
الحمدُ للهِ على نعمهِ وفضلهِ وجودهِ وكرمه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فاتقوا الله أيها المؤمنون:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (الحشر: الآية 18).
عباد الله: مضى شهر رمضان المبارك وانقضت أيامه ولياليه، مضى رمضان وقد أحسن فيه من أحسن وأساء فيه من أساء، وهو شاهدٌ للمتنافسين المشمرين ممن جاهدوا أنفسهم فألزموها بالصيام والقيام، والبرِّ والإحسان، والذكر والقرآن، وعلى المقصرين بالغفلة والإعراض، والشحِّ والبخل والعصيان.
لذا فإني أوصيكم ونفسي بالاستمرار على العهد مع الله وذلك بالثبات على دينه، وأداء الفرائض، والحرص على نوافل الطاعات، والإكثار من ذكره تعالى. ومن كان محباً لربه يرجو رحمته ويخشى عذابه فليحرص على ما يرضيه ويقربه من رحمته ورضوانه وجنته. واعلموا أن من علامات قبول العبد استمراره في العمل الصالح والازدياد منه والسير على نهج الحبيب صلى الله عليه وسلم.
عباد الله: وفي هذا اليوم المبارك يفرح المؤمنون بنعمة الله عليهم بالفطر والفرح بعد صبر على طاعته تعالى، فيشكرون الله تعالى على ما أولاهم من فضله.
ومما يستحب فعله في أيام العيد ما يلي:
أولاً: التهنئة بالعيد: ومن ألفاظها قول المسلم لأخيه:(تقبل الله منا ومنكم)، أو (عيد مبارك علينا وعليكم)، وما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحة.
ثانياً: الحرص على تبادل التهاني والزيارات، وأن تختفي فيما بيننا الخصومات والأحقاد، وأن يغفر كل منا لأخيه أو أخته، أو قريبه أو صديقه حتى يسلم قلبه ويرفع عمله.
ثالثاً: الإنفاق والبذل ولو بالقليل من المال على الفقراء والمساكين والعمال، فإدخال السرور على المسلمين في هذا اليوم من أفضل الأعمال.
رابعاً: التوسعة وبالإنفاق على العيال والأهل من غير إسراف ولا تبذير.
خامساً: إدخال السرور على الأهل والعيال وذلك بممارسة اللهو المباح بضوابطه الشرعية، والابتعاد عن الأماكن التي يحصل فيها الاختلاط، وبعض المنكرات .
عباد الله: ووصيتي للجميع بتجنب بعض المخالفات وعدم الوقوع فيها مما يحصل في الغالب أيام العيد، ومن ذلك:
أولاً: المبالغة والإسراف في تجهيزات زينة العيد.
ثانياً: التبرج والسفور عند بعض النساء وخروجهن متعطرات ومرورهن بمجامع الرجال والأماكن العامة؛ خاصة في تلك الأيام التي يخرج فيها كثير من العوائل للترفيه عن أولادهم في الحدائق العامة وغيرها.
رابعاً: وقوع بعض النساء في النمص وتوابعه كالتشقير ووصلات الشعر والرموش الاصطناعية، وعدم الالتزام بستر العورات في الصالونات والمشاغل النسائية.
خامساً: وقوع الاختلاط بين الرجال والنساء وخاصة في المناسبات الأسرية والأعياد.
سادساً: تساهل بعض أولياء الأمور مع أطفالهم في شراء الألعاب النارية التي يترتب عليها إضاعة المال، وأذية الناس، وهذا كله محرم شرعاً.
بسم الله الرحمن الرحيم: {وَالْعَصْر * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْر * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر}[العصر].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والعظات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله: واعلموا أن الله تعالى من رحمته بعبادِه أن تابع عليهم مواسِمَ الخير والطاعة، ومن ذلك صيامُ الست من شوال سواء كانت متتابعة أو متفرقة، يقول صلَّى الله عليه وسلَّم:(مَن صام رمضان، ثُمَّ أتبعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدَّهر) (رواه مسلم)، وهذا في حق من صام رمضان كاملاً.
أما من كان عليه قضاء أيام من رمضان سواء كان من مرض، أو سفر، أو حيض أو نفاس، فعليه أن يبدأ بقضاء ما عليه، ثم يصوم الست من شوال إن أمكنه ذلك. لأن دَيْنَ الله أحق بالقضاء، والفريضة أولى بالبدء والمسارعة من النافلة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (اقْضُوا اللَّهَ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالوَفَاءِ)(رواه البخاري).
عباد الله: أوصيكم بالحرص على استغلال أيام العيد فيما ينفعكم، من برٍّ وصلةِ رحمٍ، وزيارة أقارب، وإحسان إلى المسلمين، والبسمة الطيبة، وسلامة القلوب، والبعد عن المخاصمات والمشاحنات. تقبَّل الله منا ومنكم ومن المسلمين جميعًا صالِحَ الأعمال، وأعاد الله علينا وعليكم رمضان أزمنة عديدة، وأعوامًا مديدة، ونحن في عزٍّ ورَخاء، وأمنٍ وأمان. وعيدكم مبارك، وأعاد الله علينا وعليكم من بركات العيد.
هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (الأحزاب:٥٦).
الجمعة: 1/10/1439هـ