فضل ليلة القدر.

الجمعة 24 جمادى الآخرة 1440هـ 1-3-2019م
فضل ليلة القدر

 

 

قال تعالى: [إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ](القدر: 1 ـ5).

سميت بذلك لأن الله تعالى يقدر فيها الآجال والأرزاق وحوادث العوام [فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ](الدخان: 4).

وقيل لأنها عظيمة شريفة ويدل له قوله تعالى:[لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ].

وقيل لأنها تكسب من أحياها شرفاً وقدراً أو لأن العمل فيها له قدر عظيم والكل حاصل ومتحقق.

إن من نعمة الله على هذه الأمة أن جعل لها مواسم يتضاعف فيها العمل ومن أخص هذه الأزمنة شهر رمضان لان فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر أي ما يزيد على ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر. الله أكبر إنها نعمة عظيمة عمر كامل للإنسان ولكن ما أكثر المحرومين.

وصفها الله بأنها ليلة مباركة وشرفها على سائر الليالي وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن قيامها سبب لمغفرة ذنوب العبد. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) (رواه البخاري. صحيح البخاري ج3 ص59).

وقد اختلف أهل العلم في تحديدها خلافاً واسعاً، ومن أشهر أقوالهم:
1ـ أنها أول ليلة من العشر الأخير من رمضان.
2ـ أنها ليلة اثنين وعشرين من رمضان.
3ـ أنها ليلة ثلاث وعشرين وقال به جمع كبير من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
4ـ أنها ليلة أربع وعشرين.
5ـ أنها ليلة خمس وعشرين.
6ـ أنها ليلة سبع وعشرين وهذا قال به أكثر الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
7ـ أنها ليلة ثمان وعشرين.
8ـ أنها ليلة تسع وعشرين.
9ـ أنها ليلة الثلاثين.
10ـ أنها في أوتار العشر الأخير(بسط الأقوال وأدلتها في سطوع البدر بفضائل ليلة القدر ص69 وما بعدها).

وخلاصة القول أن ليلة القدر في العشر الأواخر في أوتارها وأرجاها والله أعلم ليلة سبع وعشرين ثم ليلة ثلاث وعشرين ثم ليلة إحدى وعشرين ووقتها من غروب الشمس إلى طلوع الفجر يدل لذلك قوله: [سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ](القدر: 5).

وقد أخفى الله هذه الليلة على عباده كي يجتهدوا في العبادة ولئلا يتكلوا على فضلها ويقصروا في غيرها، وهذا فضل منه سبحانه ليزداد المسلمون طاعة وتقرباً إليه.

أخي المسلم: عليك بالدعاء في ليلتها أكثر منه وقدم بين يديه التسبيح والتحميد والتهليل واختمه بالصلاة والسلام على الحبيب صلى الله عليه وسلم.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها قال: (قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني)( رواه أحمد. المسند ج6 ص171 والترمذي صحيح الترمذي ج5 ص534 وابن ماجه سنن ابن ماجه ج2 ص1265 والحاكم في المستدرك ج1 ص530. وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي).

إخواني: ليلة القدر أمرها عظيم والخير فيها جزيل عميم وكفى وصفها في القرآن [فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ].

فيها تقسيم الآجال والأعمار فيها يكتب الحجاج والعمار كم جامع ديناراً وأكفانه عند القصار وهو يعمر الدار عمارة مقيم: [فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ].

هذه الليلة فيها التجارة الرابحة والملائكة تملأ الأرض سائحة. هذه ليلة العبرات والزفرات هذه الليلة تجاب فيها الدعوات. هذه ليلة يتنافس فيها المتنافسون ويتسابق فيها المشمرون فيا سعادة الفائزين ويا شقاوة الخاسرين.

حرام على قلبي وإن شفه الضنا *** يميل إلى مولى سواك وصاحب

فزعت إلى باب المهيمن ضارعاً *** مدلاً أنادي باسمه غير هائب

فلم أخش حجاباً ولم أخش منعه *** ولو كان سؤلي فوق هام الكواكب

كريماً يلبي عبده كلما دعا *** نهاراً وليلاً في الدجى والغياهب

يقول له لبيك عبدي داعياً *** وإن كنت خطاء كثير المعائب

فما ضاق عفوي عن جريمة خاطئ *** وما أحد يرجو نوالي بخائب

اللهم يا جابر كسر المنكسرين ويا راحم مذل المساكين ويا مغيث الملهوفين ويا ناصر المستضعفين ويا مالك يوم الدين نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة. اللهم أقسم لنا في هذه الليلة الشريفة المباركة من خير ما أعددته لعبادك الصالحين.

اللهم اجعلنا لحوض نبيك من الواردين ويوم العرض عليك من الناجين، اللهم يسر أمورنا واشرح صدورنا واختم بالصالحات أعمالنا.

اللهم لا حول لنا ولا قوة إلا بك نسألك من الخير كله عاجله وآجله ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ونسألك من خير ما نعلم وما لا نعلم يا علام الغيوب، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.