ما بعد الحج (2)
الخطبة الأولى :
إن الحمد لله نحمده …
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وتابعوا الأعمال الصالحة فمن علامات قبول الطاعة اتباعها بطاعة أخرى،واحمدوا الله واشكروه على نجاح موسم هذا الحج فقد أدى المسلمون حجهم بكل يسر وسهولة وتوفرت لهم حاجياتهم ونعموا بالأمن والطمأنينة ولعل موسم هذا الحج أفضل موسم مر على الحجاج منذ سنوات عديدة وهذا فضل من الله منه، وحيال هذا الحديث العظيم ينقف وقفات سريعة بعد انقضاء هذا الموسم فنقول: الوقفة الأولى: كثرت أسئلة من رموا قبل الزوال في اليوم الثاني عشر فبعد أن وصلوا إلى بلادهم وتحدثوا مع غيرهم بدأت الشكوك تساورهم في حجهم ونقول لهؤلاء لا شك أن الراجح وما عليه الفتوى هو الرمي بعد الزوال أما قبل الزوال في يوم النفر الأول وهو الثاني عشر فهذا محل خلاف بين أهل العلم عند الحنابلة ويفتي به بعض علماؤنا فمن رمى قبل الزوال بناء على هذا الفتوى فلا عليه ويتحمل من أفتاه بذلك، فحذار أيها المسلمون من التشكيك في صحة حج هؤلاء أو إيجاب دم عليهم فهم رموا بناء على فتوى ممن تعتد فتواه ولكن علينا أن نأخذ بالأحوط لاسيما مع تيسر ذلك ولله الحمد والمنة. الوقفة الثانية: ذكر الله منافع الحج العظيمة في ثلاث كلمات فقال سبحانه {ليشهدوا منافع لهم} وهذه المنافع منها ما تلمسه كل عام من اجتماع المسلمين وتعارفهم وتبادلهم التجاري وتقوية العلاقات بينهم وعقد اللقاءات الجانبية بين قياداتهم وعلمائهم لتحصيل ما يمكن من المنافع. الوقفة الثالثة: يتساهل كثير من الناس في باب الفتوى في الحج، فكم من شخص أفتاه من معه بأن يعمل كذا أو كذا وهذا الشخص جاهل فأخطأ الحاج في حجه وترتب على ذلك نقصان حجه ولزوم الدم عليه. ومما وقفت عليه في هذا الباب أن شخصا أفتى مجموعة كبيرة بالذبح لهديهم خارج الحرم. وكذا مجموعة أفتاهم شخص منهم أن يبيتوا في سكنهم في العزيزية بحجة أنه لا مكان لهم في منى وهم يبحثوا ولم يأتوا إلى متى إطلاقا. ومجموعة أفتاهم شخس بأن يلقط الحصى من مزدلفة ويذهبون مباشرة إلى الجمرة وقد وصلوها الساعة 9 ليلا. ومجموعة أفتاهم شخص ب إخوتي في الله! وبعض الناس يتساهل في سؤال الآخرين فإذا أشكل عليه شيء في حجه أو عمرته بحث عن شخص عليه بشت أو له لحية وظن أن عنده علما فساله فيقدم المسؤول على الجواب فيزل ويوقع غيره في الخطأ، ولو كان عند الشخص عمارة يريد بناءها لذهب لأحسن مقاولين، أو كان عند شخص سيارة تحتاج إلى إصلاح لذهب لأحسن الورش، أو كان عنده مريض لذهب لأحسن الأطباء فما بالنا في أمور ديننا نتساهل مع أن هذا الحج قد يكون حجة الإسلام فاحرص يا أخي المسلم على أداء نسكك حسب السنة وإذا استشكلت في شيء فاسأل من تثق به من أهل العلم ونحمد الله إذا تيسرت سيل الاتصال عن طريق الهواتف وكذا أماكن التوعية منتشرة في مشاعر الحج. الوقفة الرابعة: تتجلى مكارم الأخلاق في الحج وذلك في مواقع الزحام وفي منى وعرفات، فإذا تهيأ للمسلم مكان هناك وكان عنده سعة فمن الخير له أن يساعد غيره في هذا الباب. فكم من كربات فرجها الله بسبب الأخلاق الكريمة والشهامة والصدق. وكم من أرواح أنقذت بسبب مكارم الأخلاق. الوقفة الخامسة: كثرت الأسئلة حول الطواف في السطح الأعلى والخروج منه أثناء الزحام إلى المسعى وأقول ما دام الأمر ضرةرة فلا شيء عليهم. وكذا من رمى قبل الغروب أو أثناءه وأدركه الزحام فلم يخرج من منى إلا في الليل فلا يجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر. يحدثني شخص من خارج هذه البلاد ويقول: كنا عند الجمرة في اليوم الحادي عشر وكان أمامي شخص كبير ومعه طفل صغير لا يتجاوز السابعة من عمره وكان هناك زحام عظيم فسقط الطفل الصغير ودهشته بعض الأقدام فأهوى والده لرفعه فدفعه من وراءه وسقط على ابنه فقيظ الله أحد الأشخاص الأشداء ووقف بجانبي وثبتنا وتحملنا الشدة والشيق وطلبنا من شخص بجوارنا رفع الغلام ووالده من تحت الأقدام فرفعهم وقدمكناه من ذلك بوقوفنا أمام الناس فرفع الغلام وقام أبوه وقد أعمي على الغلام وتجرح الأب فأخرجناه إلى جانب الجمرة حتى أفاق الصغير ولطف الله بهما فطلبنا منه أن يرجع إلى مكانه في منى وياتي بالليل، وهكذا أنقذ الله هذا الغلام ووالده بسبب هذه الأخلاق العالية وصدق الله العظيم { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي وفق المسلمين لأداء حجهم بكل يسر وسهولة وأشهد أن لا إله إلا الله جعل الحج إلى بيته الحرام خامس أركان الإسلام وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من حج واعتمر وطاف بالبيت العتيق، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الحج ملتقى عظيم، ملتقى خير وبركة، وتشاور وتناصح، وتعاون على البر والتقوى، هدف هذا الملتقى الإصلاح، وغايته العبودية الحقة لله، ووسائله التجرد من الدنيا وشواغلها إنه ملتقى فيه ذكريات غالية تغرس في نفس كل مسلم روح العبودية الكاملة والخضوع الذي لا حدود له للخالق العظيم والمنعم المتفضل سبحانه وتعالى. عباد الله! تأملوا حعي حجاج بيت الله الحرام وهم يضبحون بالتلبية والدعاء ثم يتجلى لهم الجبار عشية هذا المساء فيقول: انصرفوا مغفورا لكم، إنه مطمع كل مسلم راغب صادق، ماذا يريد أكثر من مغفرة الذنوب وحط الأوزار. وإذا كان الحجاج يفوزون بهذا الثواب العظيم فإن المقيمين في بلادهم يفوزون بقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة بعده ). وهذا فضل عظيم فهذا اليوم العظيم يعم فيه الفضل للحجاج وغيرهم، فهنيئا لمن اشتغله في طاعة الله، وهنيئا لمن تخلص من مظالم الخلق، أسأل الله بمنه وكرمه أن يتقبل من حجاج بيت الله وأن يوفقهم للصالحات بعد عودتهم إلى بلادهم كما أسله أن يوفق هذه البلاد لمزيد من البذل والعطاء وأن يدفع عنها غوائل الشر بما تقدمه للمسلمين عامة ولحجاج بيت الله الحرام خاصة من التشهيلات والإمكانات. هذا وصلوا وسلموا … |
|