السؤال رقم (5321) ما حكم نداء الغائب؟

نص الفتوى: قرأت أن المانعين لنداء الميت والجماد، وكذا الغائب، إنما يمنعونه بشرطين: (الأول) أن يكون النداء حقيقيًا لا مجازيًا. والثاني: أن يقصد ويطلب به من المنادى ما لا يقدر عليه إلا الله من جلب النفع وكشف الضر. ما حكم نداء الغائب فقط على الشرط الأول؟

 

الرد على الفتوى

الجواب: نعم يجوز النداء على الشرط الأول، لأن مراد المانعين للنداء ليس مطلق النداء، بل النداء الحقيقي الذي يُقصد به من المنادَى ما لا يقدر عليه إلا الله، من جلب النفع وكشف الضر، وهذا بلا شك شرك بالله تعالى.

فليس كل نداء لغائب أو جمادٍ يعد شركاً، بل يختلف الحكم باختلاف القصد من النداء، وذلك أن النداء في لغة العرب ، وإن كان الأصل فيه طلب الإِجابة لأمْرٍ ما ، إلا أنه يستعمل لمعانٍ أخرى مختلفة ، تفهم من السِّياق والقرائن ، فقد يكون النداء على سبيل الزّجْر واللّوم ، أو التحسّر والتأسّف والتّفجع والندم أو النُّدْبة ، أو الإِغراء ، أو الاستغاثة ، أو اليأس وانقطاع الرجاء ، أو التمني ، أو التذكر وبث الأحزان ، أو التضجر ، أو الاختصاص ، أو التعجب ، إلى غير ذلك.

فمناط الحكم في هذا الباب هو تحقق الطلب من غير الله، فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ فحيث وجد هذا النوع من الطلب في النداء أو غيره: كان شركا، وإذا لم يوجد لم يكن شركا ، ولو كان بصيغة النداء والدعاء .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” وقوله : ( يا محمد يا نبي الله ) هذا وأمثاله نداء يُطلب به استحضار المنادَى في القلب ، فيخاطب المشهود بالقلب ، كما يقول المصلي : (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ) ، والإنسان يفعل مثل هذا كثيرا ، يخاطب من يتصوره في نفسه ، وإن لم يكن في الخارج من يسمع الخطاب” انتهى من “اقتضاء الصراط المستقيم” (2/319).