السؤال رقم (5412) ما الحكمة من الكتابة السابقة لأعمال العباد؟ أقصد بذلك القدر؟

الجواب: الواجب على المؤمن أن يؤمن إيماناً يقينياً أن الله تعالى حكيم في أفعاله لا يفعل شيئاً من غير حكمة، خبير ومطلع على أفعال عباده لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وأنه تعالى كما قال: {قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}. فإذا آمن بذلك ولم يتعمق استراح قلبه وسكن واستقر إيمانه ولم يتزعزع.

وجميع ما يحصل في هذا الكون حاصل بقضاء الله وقدره، وله في كل ذلك حكمة بالغة منه سبحانه وتعالى. قال الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر: 49}. وفي حديث مسلم(2655) : كل شيء بقدر حتى العجز والكيس.

فالإيمان بالقدر والرضا بما قدر الله أمر لابد منه للعبد، سواء فهم حكمة ذلك أم لا، وفي الحديث: (لو كان لك مثل أحد ذهباً تنفقه في سبيل الله ما قبله منك حتى تؤمن بالقدر كله فتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك وأنك إن مت على غير هذا دخلت النار. رواه ابن ماجه(62)  وصححه الألباني.

وعامة أهل العلم كرهوا الخوض في القدر لأنه سر من أسرار الله، بل الإيمان بما جرت به المقادير من خير أو شر واجب على العباد، فلا يأمن العبد أن يبحث عن القدر فيكذب بمقادير الله أو يعترض على قضائه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما هلكت أمة قط حتى تشرك بالله، وما أشركت أمة حتى يكون أول شركها التكذيب بالقدر. رواه الطبراني في المعجم (١٣/٦٤١) (١٤٥٦٧) عن عبد الله بن عمر. وروي عن ابن مسعود مرفوعا: إذا ذكر القدر فأمسكوا. حسنه الحافظ.

قال الحافظ في الفتح (11/477): قال أبو المظفر ابن السمعاني: سبيل معرفة هذا الباب التوقيف من الكتاب والسنة دون محض القياس والعقل، فمن عدل عن التوقيف فيه ضل وتاه في بحار الحيرة، ولم يبلغ شفاء العين ولا ما يطمئن به القلب لأن القدر سر من أسرار الله تعالى، اختص العليم الخبير به، وضرب دونه الأستار، وحجبه عن عقول الخلق ومعارفهم لما علمه من الحكمة، فلن يعلمه نبيا مرسلاً ولا ملكاً مقرباً. ا.هـ