السؤال رقم (5455) حكم نذر اللجاج والغضب ليمنع نفسه من المعصية، وقال: إن عصيت أصوم شهرين، فعندما فعل بدأ يصوم الشهرين، ولأنه لم يستطع إكمالها صام شهرًا فقط، هل ينتقل ويكفر كفارة اليمين مكانها؟

الجواب: أولًا: النذر من أجل عدم الوقوع في الذنب كان يفعله بعض السلف؛ وذلك معاقبة لأنفسهم، وتربية لها على عدم فعل المعصية، لكن كان ذلك فيما يستطيعونه ويقدرون عليه.

قال حرملة: سمعت ابن وهب يقول: نذرت أني كلما اغتبت إنساناً أن أصوم يوماً فأجهدني، فكنت أغتاب وأصوم. فنويت أني كلما اغتبت إنساناً أني أتصدق بدرهم، فمن حب الدراهم تركت الغيبة. قال الذهبي: هكذا والله كان العلماء، وهذا هو ثمرة العلم النافع. “سير أعلام النبلاء” (9 / 228).

والأولى بالمسلم أن يمتنع من فعل المعصية من غير يمين ولا نذر حتى لا يعرض نفسه للحنث في اليمين أو عدم الوفاء بالنذر.

ثانياً: إذا قصد الناذر بالنذر ما يقصد باليمين كمنع نفسه من فعلٍ ما فإما أن يحنث وإما ألا يحنث. فإن لم يحنث فلا شيء عليه، وإن حنث خُيِّر بين أمرين: إما الوفاء بالنذر وإما إخراج كفارة يمين . قال ابن قدامة : “إذَا أَخْرَجَ النَّذْرَ مَخْرَجَ الْيَمِينِ ، بِأَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ بِهِ شَيْئًا ، أَوْ يَحُثَّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا ، فَلِلَّهِ عَلَيَّ الْحَجُّ ، أَوْ صَدَقَةُ مَالِي ، أَوْ صَوْمُ سَنَةٍ . فَهَذَا يَمِينٌ، حُكْمُهُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَلا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَبَيْنَ أَنْ يَحْنَثَ، فَيَتَخَيَّرَ بَيْنَ فِعْلِ الْمَنْذُورِ، وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ ، وَيُسَمَّى نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ ، وَلا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ . .. وَهَذَا قَوْلُ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ . وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ” اهـ باختصار. المغني (13/461).

وإذا عجز الشخص عن الوفاء بالنذر متتابعًا؛ فيمكن أن يصوم متفرقًا ويكفّر كفارة يمين.