السؤال رقم (5921) أنا أحفظ القرآن وأنساه، وأنسى محفوظي، فما الحكم؟

الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فإن الخطأ والنسيان من صفات بني آدم، ولذلك رفع الله عن هذه الأمة المؤاخذة بها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ “. رواه ابن ماجه (2043) وصححه ابن حبان (7219)، وصححه الحاكم (2/ 198) على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

وقال الله جل وعلا: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} .[البقرة:286]

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قال: قد فعلت. رواه مسلم عن سعيد بن جبير .

ولا شك أن نسيان المحفوظات ينشأ -غالباً- عن عدم المراجعة أو قلتها، وقد روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ” رواه البخاري (5031).

ومن أسباب النسيان أيضاً المعاصي، قال الإمام الشافعي يرحمه الله:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي        فأرشدني إلى ترك المعاصي

وأخبرني بأن العلم نـــــــــــور        ونور الله لا يؤتـاه عاصــــــي

وقد لُبَّس على النبي صلى الله عليه وسلم في القراءة بسبب معصية أحد المأمومين، فعن زائدة قال: أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ فَقَرَأَ بِالرُّومِ، فَتَرَدَّدَ فِي آيَةٍ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: “إِنَّهُ يَلْبِسُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ، أَنَّ أَقْوَامًا مِنْكُمْ يُصَلُّونَ مَعَنَا لَا يُحْسِنُونَ الْوُضُوءَ، فَمَنْ شَهِدَ الصَّلَاةَ مَعَنَا فَلْيُحْسِنِ الْوُضُوءَ ” رواه أحمد (15874)

فإذا كان النسيان يحصل بمعصية الغير، فلأن يحصل بمعصية القارئ من باب أولى.

وأوصيك بدوام المراجعة، وتقوى الله، مع التوجه إلى الله بالدعاء بمثل ما روي عن ابن عباس أنه كان يدعو به وهو: “اللهم ذكرني ما نسيت، واحفظ علي ما علمت، وزدني علماً”.