السؤال رقم (679) : التعامل مع الجن

نص الفتوى: فضيلة الشيخ هل يجوز لنا أن نتعامل مع الجن في كسب الرزق، وما حد المعاملة مع الجن ؟

الرد على الفتوى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فاعلم أخي الكريم أن الله تعالى خلق الثقلين الإنس والجن لعبادته وحده لاشريك له، قال تعالى:[وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ] (الذاريات:56) وجعل سبحانه لكل منهما هيئة وشكلاً معيناً، فخلق الإنسان من سلالة من طين، وخلق الجان من نار السموم، وجعل لكل واحد منهما خصائص مختلفة عن الآخر، فالطين يختلف عن النار في كل شيء.
وقد ذكر الله تعالى في كتابه آيات كثيرة تدل على وجود الجن وأنهم مكلفون مثل الإنس بعبادة الله، وقد أرسل إليهم نبيه محمد ، فقال تعالى:[يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا..](الأنعام:130)، وهؤلاء الجن منهم المؤمنون ومنهم القاسطون، وهؤلاء الجن لهم عالمهم الخاص بهم وهم يختلفون اختلافاً مطلقاً مع بني الإنس في ذلك، وقد ورد عن النبي  أنه قال: (ما منكم من أحد إلا وقد وكِّل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة، قالوا: وإياك يارسول الله؟ قال: وإياي؛ إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير)(رواه مسلم).
فلا يجوز التعامل مع الجن بأي شكل من الأشكال أو الاستعانة بهم أو الاستغاثة بهم، وقد خرج علينا أقوام سلكوا طريقاً غير طريق النبي  فاتخذوا الجن أعواناً لهم على الباطل كقوله تعالى:[وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً](الجن:6) أمثال السحرة والعرافين والكهنة والدجالين والمشعوذين، حتى أن بعض المسلمين الجهلة الذين يعالجون المرضى بالقراءة أدخل عليهم الشيطان الاستعانة بهم فأوقعهم فيما لا تحمد عقباه، وهذا لا ينبغي أبداً لأن هذا لم يرد عن النبي  أنه تعامل مع الجن أو استعان بهم في شيء، بل علمنا  أن نتعوذ منهم عند دخولنا الخلاء والأماكن الخربة، أو عند نزول منزلٍ في سفر أو غيره، وأن نستعيذ بالله من شرهم، كما لم يرد عن السلف الصالح فعل مثل هذا الأمر، بل هذا من تلبيس الشيطان وأعوانه.
لذا يجب على المسلم ألا يتعامل مع الجن أبداً، وعليه أن يحافظ على الأذكار الشرعية الواردة عن النبي  وخاصة قراءة آية الكرسي لتكون له حصناً حصيناً بعد الله من شياطين الجن والإنس، وأوصي السائل بالإقبال على تعلم أمور دينه التي تكون عوناً له بعد فضل الله على بلوغ مرضاته ونيل جنته.
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.