السؤال رقم (1628) : حكم من من يمارس المنكر خارج العمران

هل من يمارس المنكر خارج العمران بمسافة (2 ـ 10 كم) يعتبر مستتراً لا ينبغي عقابه وتأديبه، علماً أن هذا المكان يرد إليه الناس ويتسفرون فيه.

الرد على الفتوى

الناس على قسمين في الوقوع في المنكر:
القسم الأول: من كان مستوراً لا يعرف بشيء من المعاصي، فإذا وقعت منه هفوة أو زلة فإنه لا يجوز كشفها ولا هتكها والتحدث بها لأن ذلك غيبة محرمة، وهذا الذي وردت فيه النصوص وفي ذلك قال الله تعالى:[ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ..](النور:19)، والمراد: إشاعة الفاحشة على المؤمن المستتر فيما وقع فيه، أو اتهم وهو بريء مما رمي به، ويدل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم:=من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة (البخاري ومسلم)، وفي رواية:=ستره الله في الدنيا والآخرة (رواه أحمد في مسنده رقم 17000)، وابن ماجة رقم 2544)، وقوله صلى الله عليه وسلم:=من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته (رواه ابن ماجة رقم 2546)، فهذا الأولى في حقه السَّتر.
والقسم الثاني: من عرف بالأذى والفساد والمجاهرة بالفسق وعدم المبالاة بما يرتكب، ولا يكترث لما يقال عنه فيندب كشف حاله للناس وإشاعة أمره بينهم حتى يتوقوه ويحذروا شره، بل يرفع أمره إلى ولي الأمر إن لم يخف مفسدة أكبر، لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء والفساد وانتهاك الحرمات، وجسارة غيره على مثل فعله، فإن اشتد فسقه ولم يرتدع من الناس فيجب أن لا يستر عليه، بل يرفع أمره إلى ولي الأمر حتى يؤدبه ويقيم عليه ما يترتب على فساده شرعاً من حد أو تعزير ما لم يخش مفسدة أكبر، وهذا كله في ستر معصية وقعت في الماضي وانقضت.
أما المعصية التي رآها المسؤول عن تتبع المنكرات على فاعلها وهو متلبس بها فتجب المبادرة بإنكارها ومنعه منها على من قدر على ذلك، فلا يحل تأخيره ولا السكوت عنها، فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر إذا لم يترتب على ذلك مفسدة أكبر لقوله صلى الله عليه وسلم:=من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (رواه مسلم).
ولا فرق في الإنكار على فاعل المنكر داخل المدينة أو خارجها بحسب ما يراه المسؤول عن الإنكار، ولا فرق في البعد أو القرب بل النظر إلى حال المنكر وفاعله، فإذا كان الواقع في المنكر من المعروفين بالخير ولم يعرف عنه الشر أو الأذى فالأولى ستره، ولكن يوجه ويذكر ويؤدب تأديباً بسيطاً لقوله صلى الله عليه وسلم:أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود (رواه أبو داود رقم 4375).
وأما إذا كان الواقع في المنكر من المعروفين بالشر والفساد وإظهار المنكر فهذا يؤاخذ بما قام به ويرفع أمره إلى ولي الأمر ليعاقب إما تعزيراً وإما حداً.