السؤال رقم (1711) : حكم الجلوس في الغرف المبنية من مال ربوي..والأدوات المشتراة به

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. يا شيخ بدخل بالموضوع لأنه بصراحة هامني كثير ومحيرني وأريد أعرف حكم الشرع في ذلك .. مما لا شك فيه أن الربا من اكبر الكبائر .. أخي من أمي وأبي اقترض مبلغ من المال بفوائد من بنك ربوي.. وإعانة أبي على ذلك بأن كفله بالبنك !! وليست المرة الأولى التي يكفل أبي فيها اخي .. وإذا نصحته وذكرته بحرمة وشدة عقاب آكل الربا .. تحجج لي بأنه متضايق مالياً وعليه ديون وأن متضايق مالياً .. وأخي مقبل على زواج فيقول من يسلفني الآن ولم يجد أحد يعينه على الزواج فقترض بعذر الزواج وأن عليه ديون متأخرة لابد له من السداد .. علماً أن المبلغ الذي أخذه زيادة على حاجته .. وإخواني الباقين في البيت راضين بفعله إلا أنا وأخي الكبير .. فلم نأخذ من هذا المال ولا شيء .. المشكلة يا شيخ إن أخي أعاد تأثيث وصبغ الصالة في بيتنا وبعض الغرف .. بموافقة الوالدين .. فما الحكم في الجلوس في هذه الغرف علماً أنها مشتراه من مال ربوي .. وما الحكم أيضاً في استعمال الأدوات التي شراها من المال المحرم كالسيارة مثلاً ؟؟ وهل إذا استعملتها أكون آثم ؟؟ وراضي في ما حصل منه !!؟ وما الحكم أيضأ في أخذ المال من أخي علماً أنه عرض عليَّ مبلغ من المال فرفضته خشيت أن لا يجوز لي الأخذ من مال القرض ؟؟ أمي أخذت من أخي مال من المال الربوي فما الحكم من أخذ المال من الأم هل يجوز أم لا ؟؟ والأب أيضاً !! وأخيرأ يا شيخ أخي ما زال يملك مبلغ من المال الربوي في البنك.. والمعاش ينزل في كل شهر لذلك إذا نزل معاشه في نهاية الشهر يختلط مع المال الربوي؟؟ فمال الحكم من أخذ المال في هذه الحالة .. علماً أن المال الحرام أكثر من الحلال؟؟ وهل إذا فصل المال الحلال عن الحرام جاز أخذه ؟؟ وهو من بنك ربوي .. أقصد المال محول من الوزارة إلى البنك الربوي ؟؟ وجزاكم الله خيراً ..

الرد على الفتوى

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمعلومٌ بالأدلة الشرعية القاطعة أن الله تعالى قد حرم الربا بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) [البقرة: 278_279]، ولما روي عن جابر _رضي الله عنه_ قال: “لعن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، قال: هم سواء” [رواه مسلم]، وعلى ذلك يجب في حق أخيك رد هذا القرض إلى البنك إن استطاع ذلك، وإن لم يستطع لصرفه كله، أو جزء منه _ وجب عليه الإسراع في سداده إلى البنك؛ كي تبرأ ذمته من الإثم اللاحق به من أخذه لهذا القرض.
وأما تأثيث الصالة وصبغها من هذا المال _ فلا حرج إن شاء الله، والقاعدة عند العلماء: (المحرم لكسبه حرامٌ على كاسبه حلالٌ لغيره)، وأيضاً استعمال الأدوات التي اشتراها، والسيارة وغير ذلك _ لا حرج في استعمالها.
وأما أخذك جزءاً من هذا القرض فلا يجوز لك، وأما ما أخذه والدك ووالدتك فالأولى لهما رده إليه؛ كي يستطيع سداده للبنك حتى تبرأ ذمتهما؛ لأنهما يعلمان أن في هذا المال ربا، وهو ماحقٌ لبركة المال، مذهبٌ لها، والله _تعالى_ يقول: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) [البقرة: 276]، ويجب على أخيك المبادرة إلى السداد ما دام أن عنده مبلغاً في رصيده بالبنك، وليبادر إلى الاقتراض من أي شخصٍ آخر وإن لم يستطع فعليه رد ما عنده، ثم يقوم بعد ذلك بسداد الباقي حسب ما يتيسر له.
وأما دخول المعاش في مبلغ القرض _ فلا حرج في ذلك ولكن عليه أن يعلم إجمالي هذه المبالغ التي تحول له؛ حتى يستطيع استعمالها فيما أحله الله له، وإن عُلم المال فيجوز لك الأخذ منه.
وأوصي أخاك بتقوى الله تعالى، والخوف منه، والحذر من أليم عقابه، والعمل على طلب مرضاته، فلن ينال السعادة إلا بطاعته، والبعد عن معصيته، وأذكره بقول الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق: 3،2]، وعليه بكثرة الدعاء، واللجوء إلى الله لتيسير أموره، وعليه الأخذ بالأسباب التي تفتح له أبواب الرزق الحلال، وليحذر من المال الحرام فإن إثمه واقعٌ عليه في حياته وبعد موته، والنبي _صلى الله عليه وسلم_ يقول: “كل جسدٍ نبت من سحت فالنار أولى به” [ذكره الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصغير برقم 4519، وقال: حديث صحيح].
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.