السؤال رقم (1702) : ماذا يفعل من لا يجد أمامه من يقرضه إلا البنوك الربوية؟؟

الشيخ: أ.د. عبد الله بن محمد الطيار،الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: قلت في إجابة سابقة لك عن سؤالي: \”الواضح من كلامك أخي الكريم أن أخذك لقرض من هذا البنك سوف يترتب عليه زيادة في رده للبنك، وهذه الزيادة من الربا، ولو سماها الناس بأسماء أخرى، كقولهم: أرباح، أوفوائد، أوغير ذلك من المسميات. فالأولى لك ترك ذلك، والبحث عمن يقرضك قرضاً حسناً ليس فيه زيادة عند رده\”\”2623، ((لقد بحثت عمن يقرضني قرضاً حسناً لوجه الله بقيمة 20 ألف دينار وسداده بأقساط ميسرة لكنني لم أجد ولعل الشيخ الأستاذ الدكتور يحل لنا القضية ويستنبط لنا من ديننا الحنيف ما يحل به مشاكلنا الحياتية لقد سئمت تنكر البنوك الإسلامية بثوب الدين والضحك على لحانا. \”الدين جاء ليحل مشاكل البشرية وييسر على الناس. فأين علماءنا ليبصروا في علوم الاقتصاد ليعطونا حلولاً منطقية). ملاحظة:البنوك الإسلامية لاتملك سلعاً ويذهب الزبون ويشتري من التجار وتحسب الفائدة(الربح) كنسبة البنوك الربوية وتضاف على القرض فيقع الزبون بين جشع التجار وسقف الفائدة العالية لقروض البنوك الإسلامية. اللهم ثبتنا.

الرد على الفتوى

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد وصلني تعليقك أخي الكريم على إجابة السؤال رقم (2623) الذي أوضحتُ لك فيه المخرج، وهو البحث عن شخصٍ يقرضك، أو تلجأ إلى التورق الحلال بضوابطه الشرعية، ورأيت من كلامك الحزن والضيق؛ لأن حاجتك لم تجد لها حلاً عن طريق الحلال، وتريد أن تحصل عليها حتى ولو عن طريق الوقوع في الحرام، فهل يليق بالمسلم الذي يخاف الله _تعالى_ ويطيع أوامره، ويجتنب نواهيه أن يحصِّل شيئاً في هذه الدنيا عن طريق معصية الله؟ أم أنه يصبر ويأخذ بالأسباب التي تفتح له أبواب الخير من ربه، ألم تسمع قول الله _تعالى_: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق: 2_3] هل بعد هذا الكلام تعليق؟ أو بعد هذا الكلام حزنٌ وضيق؟ أليس عند المؤمن يقين أن الدنيا دار ابتلاءٍ وامتحان، فمن أطاع الرحمن فاز بالنعيم والرضوان، ومن عصاه باء بالوبال والخسران؟ ألم تعلم أن الله بشّر الصابرين من عباده على امتحان الدنيا بالثواب الجزيل والنعيم المقيم (وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 155_157].
ألا تظن أن الطريق إلى الجنة يحتاج إلى صبرٍ وعناء (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) [العنكبوت: 2_3].
واعلم أخي الكريم أن ديننا ولله الحمد كاملٌ ليس فيه نقص (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [المائدة: 3] ولكن العيب والتقصير في البشر في تطبيق أوامر الشرع الحنيف، والحلول الشرعية موجودة في كتاب الله وسنة رسوله _صلى الله عليه وسلم_ ولكن انظر إلى من يطبقها فهم قلةٌ قليلة، والآن _ولله الحمد_ كم كتاب أُلِّف؟ وكم من رسالة نوقشت؟ وكم من بحث حُكم حول البنوك الإسلامية، وإيجاد الحلول لها؟ ولكن أين الذين يطبقون ذلك؟
ومعلوم _ولله الحمد_ أن كثيراً من البنوك الإسلامية تحاول تطبيق النظام الإسلامي الكامل على تعاملاتها المالية، وإن كان هناك أخطاء فربما تكون بسبب التطبيق لا بسبب النظام المالي المحدد لها طبقاً للشريعة الإسلامية.
وإني أدعوك صادقاً للثقة في دينك، وفي علماء المسلمين؛ لأنهم هم القائمون على تبليغه للناس، وإن حصل اجتهادٌ أدى إلى خطأ فليس ذلك سبيلاً إلى التعميم.
وسؤالي لك: هل كل من أراد قضاء حاجته إذا لم يجد السبيل الحلال لقضائها له أن يوقع نفسه في الحرام كي يقضيها؟ قطعاً سنقول: لا، ولذا فوصيتي لك بمراجعة نفسك مع ربك، والنظر في أحوالك معه، فإن كنت مقصراً في حقه فبادر بالرجوع إليه، ودعائه، والاستعانة به؛ فهو _سبحانه_ بيده الأمر كله، فهو القادر على أن يفتح لك أبواب الرزق الحلال، وإن كنت مطيعاً له فربما يكون هذا الأمر ابتلاءً وامتحاناً لك؛ ليرى صدق إيمانك، وقوة يقينك، وصبرك على بلاء الدنيا.
أسأل الله _تعالى_ أن يفرج همك، وأن ينفس كربك، وأن ييسر أمرك، وأن يرزقك الحلال الطيب الذي يغنيك عن الحرام، وأن يبصرنا وإياك بأمور ديننا، وأن يثبتنا على صراطه المستقيم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.