السؤال رقم (216) :هل أصلُ من آذت والديها؟ وهل قطع من ظلمني يوقف قبول عملي الصالح؟ : 17 / 12 / 1429

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد خلق الله محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين. الأخوة الأفاضل، الأساتذة الأعزاء .. تحية طيبة .. أما بعد ..السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .. الرجاء إفادتنا بالإجابة على السؤالين التاليين:
التوفيق والموازنة بين الوفاء للوالدين بعد وفاتهما و بين صلة الرحم بمن آذاهما و خاصة في كبرهما ؟! فهناك امرأة ورد عنها أنها آذت والديها في كبرهما بشهود عيان من إخوانها وغيرهم وحتى وفاتهما، فما هو موقف أخ لها ، يعلم عنها الأذى لوالديها وغيرهما وشاهده، لكنه لم يكن شاهداً لأذاها لوالديها عند الكبر و قبل وفاتهما بسبب هجرته للبلاد، و خاصة أن مجرد تواصله معها بعد سنوات طوال لابد أن يؤدي ذلك حتماً إلى شقاق له مع هؤلاء الإخوة ، الذين تبقوا له؛ أي يضحي بعلاقته بهم بسبب تواصله معها! فما الحل، حسب مصادر الشرع للتوازن بين هذين المطلبين ؟!
التوفيق بين رفع الظلم عن النفس وعدم الرضا به و بين تعليق قبول العمل عند الله تعالى بالمصالحة بين متخاصمين (حتى يصطلحا!!!) ؟! هناك إنسان يذكر أن هناك من دمروا حياته تماماً منذ صغره بوسائل مختلفة، لا يبغي أن يفصح عنها، ليس مجرد نزاعات يوم أو يومين أو شهر أو حتى عام؛ بل إن الأمر كان بصورة تكاد تكون مستديمة؛ و هو ما دمر حياته وشخصيته تماماً؛ والآن غالباً ما يتردد أمامه القول – حسب أحاديث الرسول (ص) بعد أن ترك لهم البلاد و الديار منذ سنوات بشرطية قبول العمل عند الله تعالى من صلاة و صيام و زكاة و حج … إلخ ، حتى يصطلح مع من تخاصم حتى و إن كان هذا ظالمه لدرجة التدمير الشامل؟!! (قارن في ذلك الشورى : 37-43)! أفيدونا أفادكم الله .. و جزاكم الله خيراً .. أخوكم : د. عبد الحق عبد الجبار ـ وسط أوروبا 

الرد على الفتوى

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فعليك أخي الكريم أن تصل رحمك وأن تقوم بزيارة أختك والإحسان إليها والدعاء لها بأن يعفو الله عنهما بما وقعت فيه من الإساءة لوالديها والله تعالى يغفر الذنوب جميعاً لمن شاء من خلقه، وأما إخوتك فأعلمهم أن الله تعالى أمر بصلة الرحم وحث عليها وأخبر أنه لا يدخل الجنة قاطع، أي قاطع رحم فاحرص بارك الله فيك على لم شمل إخوتك والإصلاح بينهم فعسى الله تعالى أن يكون ذلك سبباً في توبة أختكم وعودتها إلى فعل الخير، فالقلوب بيد الله تعالى يقلبها كيف يشاء.
اعلم أخي الكريم أن من صفات المؤمن الصادق مع ربه العفو لأنها تعبر عن مدى إيمانه ويقينه بثواب الله تعالى الذي وعده بقوله [فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ..](الشورى)، والأولى في حقك الحرص على العفو عمن ظلمك والله تعالى يعوضك خيرا في الدنيا والآخرة، ومن المعلوم أن المسلم إذا تخاصم مع أخيه المسلم من أجل أمر دنيوي وجب في حقهما أن يصطلحا لئلا يدخلا في الوعيد الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ رَجُلاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا)(رواه مسلم). 
فوصيتي لك بالحرص على العفو، وإن لم تستطع فهذا راجع لك بحسب مظلمتك، وأما قبول عملك فهو راجع إلى الله تعالى فالجأ إليه وانطرح بين يديه واسأله القبول في كل الأحوال. 
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.