السؤال رقم (3141) : أتزوج من أجل والديّ أم لا؟

نرجو من سيادتكم التكرم بإنارة بصيرتنا وجلاء همنا في هذه المسألة فرج الله همكم وجعلكم سراجاً منيراً للحائرين.. أنا عمري (34 عاماً) الابن الوحيد لأبوين شيخين كبيرين، متزوج منذ حوالي (12 سنة) وأعيش أنا وزوجتي مع والديّ في ريف مصر، لم يأذن الله حتى هذه اللحظة بالذرية، ورغم سعينا الحثيث في الأخذ بالأسباب في الطب الحديث ………… وسؤالي: أي الرأيين أهدى سبيلاً إلى الله، هل زواجي ثانية هو عدم رضائي بقضاء الله، وهل عدم زواجي عقوق لوالديّ وترك للأسباب، وتحريم لما أحل الله؟ أقسم بالله عليك أن ترد علىّ، أي السبيلين أهدى إلى الله؟ أنار الله بصيرتكم ومعذرة للإطالة؟

الرد على الفتوى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: 
فاعلم أخي الكريم أن ما تعاني منه من نقص الذرية وضعف خصوبة الإنجاب عندك ابتلاء من الله تعالى، وصدق الله تعالى إذ يقول:[وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ](البقرة:155)، وقوله صلى الله عليه وسلم:(عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)(رواه مسلم).
ولقد ابتلى الله تعالى عبده زكريا بنقص من الذرية فصبر صبراً عظيماً حتى بلغ سناً لا يمكن معه طبياً أن يستطيع الإنجاب ومعه امرأته كذلك، ولكن الله بقدرته وحكمته الذي إذا أراد شيئاً أن يقول له (كن فيكون) رزقه الذرية وذلك عندما دعا ربه فقال:[وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ](الأنبياء:89)، فهذه القصة وغيرها في القرآن عظة لنا جميعاً لكي لا نيأس من رحمة الله وفضله، بل علينا أن نعلق قلوبنا به وندعوه ونتوكل عليه، وربنا هو الكريم في عطائه وكرمه، وهو الذي يجود علينا بالذرية، وصدق الله العظيم إذ يقول:[وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ] (الفرقان:74).
فعليك أخي الكريم أن تأخذ بالأسباب الشرعية كما أخذت بالأسباب الطبية وذلك بكثرة الدعاء والتضرع إلى الله أن يمن عليك بالذرية الصالحة، وأوصيك أيضاً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه:(الشفاء في ثلاثة: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية بنار، وأنهى أمتي عن الكي)(صححه الألباني في صحيح الجامع رقم 373)، وقال صلى الله عليه وسلم:(الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا الموت (صححه الألباني في صحيح الجامع رقم 4083). وقد ثبت طبياً أن العسل والحبة السوداء فيهما من الخير الكثير الذي يقوي مناعة الجسم ويزيد من قوته، بل تكون عاملاً كبيراً في زيادة خصوبة الحيوانات المنوية وأيضاً الزنجبيل وغيره مما هو موجود في كتاب الطب النبوي لابن القيم رحمه الله، وأوصيك أيضاً بالذهاب إلى مكة لأداء الحج أو العمر إن لم تكن قد سافرت إليها، والإكثار من شرب ماء زمزم فالنبي صلى الله عليه وسلم قال:( ماء زمزم لما شرب له)(رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني في إرواء الغليل ج4 رقم1123).
وقد ورد أن الإنسان إذا أخلص الدعاء لربه عند شربه لماء زمزم لطلب نفع أو دفع ضر استجاب الله له.
وأوصيك بإمساك زوجتك وعدم الزواج عليها لأن السبب الرئيسي في عدم الإنجاب هو أنت كما ذكرت في سؤالك، ولو تزوجت عليها كانت نفس المعاناة لك، بل ربما تسبب الضرر لزوجتك التي صبرت معك هذه الأعوام بدون أولاد محبة لك وحرصاً على العشرة بينكما، وأما والداك فعليك بالإحسان إليهما وطلب الدعاء منهما، لأن دعاء الوالدين مستجاب كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأوضح لهما أنك سعيد مع زوجتك وسوف تأخذ بالأسباب الشرعية التي عسى الله أن يجعل فيها الخير والبركة عليك وعلى زوجتك.
وفقك الله لك خير، ورزقك الذرية الصالحة التي تقر لها عينك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.