السؤال رقم (3241) : زوجته لا تحب أهله وتسبهم دائما وتبعده عنهم وغير ملتزمة ولكنها تحبه فهل يطلقها؟؟

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، أنا شاب متدين و الحمد لله. تزوجت منذ ستة أشهر. أتألم و أعاني معاناة شديدة بسبب زوجتي التي تشتم أهلي في غيابهم و خاصة أمي ليلاً نهاراً بدون سبب أو لأشياء تافهة جداً و تبذل كل جهدها كي تمنعني من برهم و زيارتهم و تريدني أن أكون لها وحدها. هي معقدة و عندها مرض حب التملك و تعتقد أنها تمتلكني لوحدها فهي تغار بصفة جنونية بعلاقتي مع عائلتي. حاولت إقناعها مرات عديدة و استعملت معها شتى الطرق اللينة و الخشنة اللتي أمر بها الدين و هددتها بالطلاق و لكنها لا تغير من طبعها. اشتكيتها لأهلها و لكن هذه الطريقة لم تجدي نفعا بالرغم من زجرهم لها ووقوفهم في صفي فهي لا تسمع نصيحة أحد. مع العلم أن زوجتي ضعيفة الدين على عكس الصورة التي أخذتها عنها قبل الزواج، فهي غير منتََظمة في صلاتها و تأبى لباس الحجاب بالرغم من أمري لها بهذا طول الوقت و هي شديدة الطبع و عصبية و عنيدة جداً و هي ترفض الحوار لغاية أني سئمت العيش معها و أفكر في تطليقها و لكن أخاف من الشعور بالذنب و أن أظلمها لأنها تحبني جداً و لا تريدني أن أتركها و أنا أعطف عليها لما تبكي و لكني أصبحت خائفا جداً على ديني و أن تجرني إلى عقوق أبي و أمي مع العلم أنه لم يحصل أبدا شجار بينها و بين عائلتي وأنا تعبت من سماع أبشع النعوت على أمي. مع العلم أيضا أني لم أفتح الموضوع أبدا مع أفراد عائلتي اللذين يلاحظون أني تعيس جدا و لكنهم يكتفون بالصمت حفاظا على استقراري مع زوجتي. لا أنفك في صلاتي من الدعاء و التضرع إلى الله كي يصلح لي زوجتي و كي يجعل لي من هذا الضيق مخرجا. أعلم أنه ابتلاء من الله و أنا صابر و لكن أجد نفسي اليوم مكتئب جدا و أشعر باختناق شديد لأني لم أعد أحتمل العيش مع امرأة غير متدينة و تكره عائلتي و تمنعني من برهم و تتهكم عليهم طول الوقت دون مراعاة مشاعري لغاية أن موضوع أهلي صار عقدة في حياتي. أفكر في تطليقها الآن لأني أخاف لو رزقنا الله بمولود ستتعقد الأمور أكثر و سأجد نفسي مظطراً للعيش معها لكي لا تتفكك الأسرة و هذا اللأمر يأرقني كثيرا. فانصحوني أثابكم الله، هل أكون مذنبا لو طلقتها؟ 

الرد على الفتوى

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فيقول الله تعالى: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) [الأنبياء: 35]، وقال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 155_157]، ويقول صلى الله عليه وسلم: \”عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له\” [رواه مسلم]، ويقول أيضاً: \”إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط\” [أخرجه الألباني في السلسلة الصحيحة 1/276 برقم 146]، ومعلومٌ لديك أن الدنيا دار بلاءٍ وشدة وربما يكون ما أنت فيه خيرٌ لك في العاجل والآجل، كما قال تعالى: (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 216].
لذلك فإن ما أنت فيه ربما يكون ابتلاءًا وامتحاناً من الله ليرى صبرك وقوة تحملك، وأنت عندما أقدمت على الزواج من هذه الفتاة استخرت الله تعالى فيسَّر لك أمر زواجك، ولو كان الزواج منها فيه شرٌّ لك لصرفها الله عنك، ولكن ربما تكون هناك أسبابٌ أخرى لما يحصل، فربما يكون بسبب ذنوبك وتقصيرك في جنب الله، فهذا يحتاج منك مراجعة مع النفس فتقوم بإصلاحها وتقويمها، وعليك أن تكثر من الاستغفار لقوله صلى الله عليه وسلم: \”من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كل همٍّ فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب\” [رواه أبو داود وابن ماجه وضعفه الألباني].
وربما يكون السبب نقص إيمان زوجتك وقلة علمها الشرعي فعليك بتعليمها، وذكرها بالدار الآخرة، وبالجنة والنار، وخوفها من الموت، وأنه ينقطع الإنسان عن الدنيا، فعسى الله أن يهدي قلبها، وأن يشرح صدرها.
وعليك بالدعاء لها في كل وقتٍ وخاصةً في أوقات الدعاء المستجابة عند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات، وفي آخر الليل، وكم من دعوةٍ استجيب لها فتغير الحال من الأسوأ إلى الأفضل.
وعليك بالإصلاح بين أهلك وزوجتك ولو حتى عن طريق شراء هدية، وتجعل زوجتك تقدمها لوالدتك والعكس بالعكس، وكما قال صلى الله عليه وسلم: \”تهادوا تحابوا\” [رواه البيهقي في السنن الكبرى والصغرى عن أبي هريرة مرفوعاً، ورواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني وقال حديث حسن].
وعليك بالصبر والحلم والرفق في معاملتك لزوجتك، والرجل العاقل الحصيف هو الذي يستطيع بإذن الله أن يعالج أموره بحكمة.
أصلح الله أمرك، وفرج كربك، وأذهب همك وغمك، وأصلح لك زوجتك. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.