السؤال رقم (3235) : تشعر أنها لا تحسن الظن بالله…فماذا تفعل
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته إخواني القائمين على هذا الموقع الرائع أود منكم التفضل بإجابتي على السؤال مشكورين و مأجورين إن شاء الله أنا فتاة غير متزوجة ابلغ من العمر 21 عاما, عانيت كثيراً من مسألة الزواج نظراً لمروري بثلاثة مواقف صعبة جداً, لا أود الخوض في تفاصيلها الآن, و هي باختصار, مجموعة احباطات متتالية, أخرج منها بخفي حنين و لا يخفى على مثلكم ماذا يعني الزواج لأي فتاة ما يتعبني حقيقة, هو أني أخشى أن أكون من الساخطين على القضاء و القدر و هذا ما لا أطيقه ,, كيف يمكنني ضبط هذا الأمر بحيث لا أتجاوز حدودي أمر آخر ,, الله سبحانه و تعالى يقول \” أنا عند ظن عبدي بي \” و رسوله صلى الله عليه و سلم يقول \” يستجاب لأحدكم مالم يعجل \” حقيقة عندما أرفع يداي بالدعاء .. لا أشعر أني محسنة الظن بالله تجلى في علاه .. حقيقة لا أعلم كيف هي مشاعري .. أحتاج إلى نصيحة ناصح منكم رجاء .. ثم كيف لا أعجل ؟؟ أشعر أني في دوامة .. كذلك بعد الثلاثة احباطات آنفة الذكر .. أصبح لدي حالة من التبلد تجاه الدعاء و التضرع لله .. كيف يكون الإيمان بالقضاء والقدر؟ و كيف أكون حسنة الظن بالله ..؟ كيف أصبح راضية و مطمئنة عند الدعاء و كيف يكون لدي اليقين بأن ربي يستجيب دعائي؟ أرجو منكم الاستفاضة في البيان و ذكر كل ما يمكن ان أفعله انصحوني جزاكم الله خيراً.
الرد على الفتوى
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فاعلمي أيتها الأخت الكريمة أن الإنسان في هذه الدنيا معرضٌ للبلاء بالخير والشر، كما قال تعالى: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) [الأنبياء: 35]، والمؤمن الذي آمن بالله _تعالى_ واستسلم لأوامره ونواهيه هو الذي عنده يقين في كل ما يقدره الله عليه من الخير والشر، كما قال تعالى في صفة المؤمنين: (الذي إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) [البقرة: 156]، وقوله تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون) [التوبة: 51]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: \”عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له\” [أخرجه الألباني في صحيح الجامع، برقم 3980]، وقوله صلى الله عليه وسلم: \”ما يصيب المسلم من نصبٍ، ولا وصبٍ، ولا همٍّ، ولا حزنٍ، ولا أذى، ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه\” [متفق عليه]، وقوله صلى الله عليه وسلم: \”ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه، وولده، وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئه\” [أخرجه الألباني في صحيح الجامع 5815].
فكل هذه الآيات والأحاديث تشير إلى أن المؤمن إذا ابتلي بالخير شكر الله تعالى، وأرجع الفضل إليه، وإذا ابتلي بالشر صبر، وعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطئه لم يكن ليصيبه، فالاستسلام لما قدره الله على العبد من أسباب قوة الإيمان وقوة اليقين، وهي من علامات صدق العبد في إيمانه بالقضاء والقدر، فعليكِ بالرضا والصبر فما أوتي أحد خيراً منهما، وأما كونكِ كيف تكونين حسنة الظن بالله فهذا مرتبط بما سبق؛ لأن الله تعالى لا يقدر لكِ إلا الخير، فكونكِ ابتليتي في أمر الزواج، ولم يقدر الله ذلك فهو شرٌ عندك، وخير لك عند الله؛ لقوله تعالى: (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 216] فُعِلْمُ الله تعالى بما يقدره على عبده فيه الخير له، ولكن المؤمن هو الذي يستسلم، ويرضى، ويصبر، وكم من بلاء للعبد عاد عليه بالخير في الدنيا قبل الآخرة، وكم من خير أحبه العبد فكان سبباً لهلاكه، وخسرانه في الدنيا والآخرة.
فعليكِ بإحسان الظن بالله، ولن تصلي إلى درجة إحسان الظن إلا إذا استسلمتي لأوامره، ونواهيه، وعليكِ بقراءة كتابه العزيز؛ لأن فيه الشفاء والهدى والرحمة والهداية، وعيشي مع آياته وتدبري كلماته، فهو خطابٌ منه لكِ، وعليكِ بكثرة ذكره وشكره على كل حال، وأقبلي على تعلم أمور دينكِ، فالعلم مفتاح السعادة للعبد؛ للوصول إلى مرضات ربه جل وعلا، وكما قال تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) [فاطر: 28].
وعليكِ بالصدق في دعائك، واعلمي أن الله قريب منك، ويعلم بحالك، ويسمع دعائك، كما قال تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان..) [البقرة: 186]، وتذكري قوله تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) [غافر: 60]، فهل بعد هذه الآية شك في إجابة الله _تعالى_ لكِ، ولكن أصلحي أموركِ مع ربك، واحرصي على طاعته، وابتعدي عما يسخطه عنك تنالي السعادة في الدنيا والآخرة.
وفقك الله تعالى لكل خير، ورزقك الزوج الصالح الذي يعينك على أمر دنياك وآخرتك. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.