السؤال رقم (3228) : حكم حضورالمحاورات الشعرية التي فيها مدح وهجاء
السؤال:
فضيلة الشيخ: أنا أحضر بعض حفلات الأعراس، ويكون فيها بعد العشاء جلسة محاورة شعرية، وهذه المحاورات في الغالب أنها تجلس إلى آخر الليل هذا أمر. والأمر الآخر: أن بعضها يكون فيه كلام طيب من مدح لصاحب الحفل، والحضور ونحو ذلك، أما البعض الآخر: فيكون فيه هجاء، وتنقص من الشاعر الآخر، ومن قبيلته، وغير ذلك مما لا يخفى عليكم _حفظكم الله_ ويكون فيها أيضاً تصفيق من الصفوف، وبعضها يكون فيه التصوير بالفيديو. ويبقى السؤال: ما حكم حضور مثل هذه المحاورات؟ وما حكم الأموال التي تدفع لمجيء بعض الشعراء؛ لأن من المعروف أن كثيراً منهم لا يحضر إلا مقابل مبلغ يدفع إليه فأحياناً يصل إلى (20.000 ريال)، وبعضهم (10.000 ريال) على حسب شهرة الشاعر؟
الرد على الفتوى
الجواب:
اعلم أخي الكريم أن رأس مال العبد هو عمره الزمني في هذه الحياة، وأن كل دقيقةٍ تمر من عمره سوف يسأل عنها أمام الله _عز وجل_ لما ورد عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: \”لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه…\” [رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح، وخرجه الألباني في صحيح جامع الترمذي 4/612 برقم 2417] فهذا السؤال عن عمره فيما أفناه؛ أي: هل صرف في طاعة الله أم في غير ذلك؟ والمغبون من علم أهمية الوقت، ثم يفرط في إضاعته، وقد ورد عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: \”نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ\” [رواه البخاري].
إذاً فالمسلم العاقل الحصيف هو الذي يحرص على ما ينفعه في وقته؛ لأنه مدخره، وزاده ليوم العرض على ربه، وأما سهرك مع هؤلاء الأشخاص إلى ساعاتٍ متأخرة من الليل وسماعك للأشعار، وحصول التصفيق، وغير ذلك _ فهذا الأولى تركه؛ لأنه من الغبن والخسارة.
فأوصيك أخي الكريم بترك هذه المجالس، وترك السهر في طاعة الله، ويمكنك تلبية دعوة العرس، فإذا انتهيت من حضور الوليمة المعدة لذلك، فيمكنك الاستئذان من صاحب العرس، وعلى ذلك فأنت مأجورٌ لتلبية الدعوة، وأما سهرك معهم فكما قلت لك _ الأولى تركه؛ لأن النبي _صلى الله عليه وسلم_ كان يكره السهر بعد العشاء إلا لمجالسة الأهل، أو قضاء حاجة المسلمين.
وأما ما ينفق في هذه الأعراس على الشعراء وغيرهم _ فهذا من الإسراف الممنوع والذي يجب تركه، والإنسان مسئول أمام الله _تعالى_ عن هذا المال، وسوف يسأل عنه: \”من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟\”.
فحذراً أخي الكريم من التفريط في بذل الأعمار في غير طاعة الله، والحذار من أن يفجأك الموت بغتةً فتتحسر على تفريطك في جنب الله، قال تعالى: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ) [الزمر: 56]، وهذه حسرةٌ لن تعوض ما فات.
وفقك الله للعلم النافع والعمل الصالح. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.