السؤال رقم (4703): اختلافات بين الإخوة السلفيين في بلادنا حول فهم بعض المسائل.
نص الفتوى: بسم الله الرحـمن الرحيم السلام عليكم ورحـمة الله وبركاته، فضيلة الشيخ وفقكم الله، نـحن نعيش في البلاد من آسيا الوسطى الذي أكثر أهلها المسلمون. وإدارة الإفتاء والـمساجد تتمسك بالعقيدة الماتريدية وطرق الصوفية. وأئمتها يشتغلون بدعوة (ليست دعوة التوحيد) عامة المسلمين. وهذه الإدارة تعمل بدعم الحكومة الديموقراطية التي تفصل بين الدين وبين الدولة وعندها كل الأديان متساوية. والدعاة غير الرسمية لا يجوز لهم أن يدعوا الناس إلى الإسلام وكتب أئمة التوحيد مثل ابن تيمية، ابن القيم، محمد بن عبد الوهاب ممنوعة في مملكتنا غير مسموح والذي ينشر هذه الكتب أو الدعوة يسجن للسنين الطويلة. ومع ذلك دعوة أئمة التوحيد وأتباعهم منتشرة بين طلاب العلم في ديارنا. بعض طلاب العلم من ديارنا يدرسون في السعودية وبعضهم يُدرِسون كتب الأئمة منذ سنين. ولكن نحن الإخوة السلفيون بيننا وقعت بعض الاختلافات في فهم كتب سلفنا الصالح لأن طلاب العلم يُفهِمونا بحسب فهمهم، وبسبب ذلك تفرقنا إلى الفرقتين. الله يبارك لكم! نحن نسألكم أن توضحوا لنا توضيحا دقيقا المسائل التالية ونرجو من الله أن يزيل اختلافنا:
1-مسألة الشخص المعين فعل الشرك الأكبر قالت الطائفة الأولى: الشخص المعين الذي يعيش في ديار مثل ديارنا وفعل فعل الشرك الأكبر بجهل، مثلا سجد للأموات في القبور أو للأجنة، أو ذبح لهم، أو طاف بهم، أو سأل منهم حوائجهم ونادى بالأذكار المخصوصة، يعتقد أنهم قادرون أن يغيّروا أمور الدنيا والأخرة، فهذا الشخص يُسمى مشركاً. لأنه لا يعذر بالجهل في أصول الدين، أي في المسائل المعلومة من الدين بالضرورة. بل الواجب عليه أن يجد الحق بعقله وفطرته وحسّه. والحجة يقام عليه لاستتابته ولتعيين الحد عليه في الدنيا وجزائه في الأخرة. ولو تعذرت هذه فلا يُعامَل معاملة للمسلم. ولكن لا يباح دمه وماله. وحاله في الأخرة إلى الله كما هو لأهل الفترة. وقالت الطائفة الثانية: الشخص المعين الذي يسمي نفسه مسلماً ولكن أشرك شركا أكبراً في أصول الدين بجهله يعذر ويبقى على إسلامه. فإذا أقام عليه الحجة عالم من كبار العلماء فلم يقبل، فحينئذ هذا العالم يفتي بأنه مشرك فنسميه مشركاً. فلا حق لهذا الحكم لطالب العلم. فإذا مات قبل إقامة الحجة عليه، فقد يمكن أن يغفر الله له لجهله وعدم بلاغة الرسالة له.
2-مسألة البيعة للحاكم الذي يحكم بالديمقراطية. قالت الطائفة الأولى: لا يبايَع للحاكم العلماني الذي يسمي نفسه مسلماً ولكن لا يصلي ويحكم بالديمقراطية، ويفصل بين الدين وبين السياسة، ويرتب القوانين غير الإسلامية في أمور الدولة كلها ويشترط الطاعة لهذه القوانين، ولكن يُطاع له في الأمور التي هي ليست معاصي لله. فلا نقبل دعواه بالإسلام لهذه الأسباب: هو لا يطلب البيعة الشرعية، هو لا يطلب الطاعة الإسلامية بل يطلب طاعة مطلقاً للترتيب الديمقراطية، ولا نراه أميرا للمسلمين لأنه الرئيس الذي جاء إلى الحكم بطريق الانتخابات أي بطريق غير شرعي. ولأنه لا يدّعي نفسه أميرا. ويدّعي تسوية الحقوق بين المسلمين وبين غير مسلمين. ومع ذلك لا نكفّره لأننا ما كُلّفنا أن نعلم ذلك. ونسأل الله له الصلاح. وقالت الطائفة الثانية: الحاكم الذي ينسب نفسه للإسلام هو أمير للمسلمين ولو يحكم بالديمقراطية ويجب (أو يجوز) البيعة له ويكفي لذلك إسلامه. لأنه قد يعذر بالجهل (أو يعذر بالخوف من الدول ما حولها مثل روسيا) إذا لم يستحلّ تحكيم القوانين وهذا كفر دون كفر. ولأن الطاعة تلازم البيعة، ومن أبى أن يبايعه يخرج من طاعته وإذا مات مات ميتة الجاهلية.
3-مسألة جرح الشخص المعين نحن نحتاج إلى حل هذه المسألة لأن السلفيين يجّرحون ثم بيدّعون بعضهم يعضاً. فقالت الطائفة الأولى: نحن نراجع إلى العلماء في هذه المسألة لأن التبديع والتكفير من شوؤنهم وهم غير موجودين في ديارنا. وهو اشتغال عن التعلم وانتشار العلم وتفريق بين صفوفنا. ولا نعتقد أن هذا خلاف السلاف الصالح لأنهم كانوا يفعلون ذلك بحسب أحوال الأشخاص ورعاية المصلحة والمفسدة بالحكمة. فإذا أخطأ اخواننا ندعوهم إلى الحق ونظن بهم خيرا ولا نسرع بجرحهم ومقاطعتهم. وقالت الطائفة الثانية: نحن نحتاج دائما إلى الجرح والتبديع لمحافظة المنهج الصافي. ولو لا الجرح من شاء قال ما شاء ولا نعلم ممن نأخذ العلم. فإذا جاء جرح من شيخ من مشايخ السلفيين على الشخص المعين نأخذ الجرح بلا تفصيل، ولا يؤخذ علم من هذا المجروح فيُهجر أو يُقاطع. (وفي الواقع سائل عن الجرح لا يبين المسألة ومشايخ يجيبون بحسب سؤاله.) الرجل الذي يدافع عن المجروح يُهجر أو يُقاطع. ويُحذَّر رجل الذي يقول مثل قول المهجور ولو لا يعلمه. هذا أصل في آثار السلف ولا نقول إنها لا توافِق واقعتنا ونعتقد ضرورتها في كل حال. فضيلة الشيخ، نسألكم أن تجيبوا جوابا بالتفاصيل. جزاكم الله خيرا!
بتاريخ 18 / 8 / 1440 هـ
الرد على الفتوى
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فنظرا لكثرة اللغط حول هذا الموضوع فأرى أن يعرض هذا السؤال على سماحة شيخنا مفتي عام المملكة العربية السعودية حفظه الله.
والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.