خطبة بعنوان : (من أحكام زكاة التمور).
الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ رب العالمين؛ وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ إلهُ الأولينَ والآخرينَ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، إمام المتقين، صلَّى اللهُ وسلَّم وباركَ عليهِ وعلى آلِه وصحبِه إلى يومِ الدينِ. أما بعدُ: فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ،{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون}[الحشر:18].
أيُّها المؤمنونَ: مما أنعمَ اللهُ بهِ علينا في بلادِنا ـ وللهِ الحمدُ والمنَّةُ ـ كثرةُ أنواعِ التُّمورِ وجودتُها وحلاوتُها، فعلينا أن نشكرَ المنعمَ جلَّ وعلا عليهَا، وأن نؤديَ الحقَّ الذي شَرعَه فيهَا، وهو إخراجُ زكاتِها الواجبةِ.
ومنْ أهمِّ المسائلِ المتعلقةِ بأحكامِ زكاةِ التُّمورِ والتي يحتاجُها النَّاسُ ما يلي:
أولاً: وجوبُ زكاةِ التُّمورِ: لقولِ اللهِ تعالى:{كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141]، قال ابنُ عباسٍ رضي اللهُ عنهما: (حقُّه الزّكاةُ المفروضةُ).
ثانيًا: وقتُ زكاةِ التّمورِ: هو وقتُ الجذاذِ (وهو قطعُ الثمرةِ) لقولهِ تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}، فمتى ما صُرِمَ المحصولُ أُخْرِجَتْ زَكاتُه.
ثالثًا: نصابُ زكاةِ التُّمورِ: خمسةُ أوسقٍ لقولِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم:(لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ)(رواه البخاري ومسلم)، والوسقُ ستونَ صاعًا بالإجماعِ، والنِّصابُ بالوزنِ يساوي سِتَمائةٍ وخمسةً وسبعينَ كيلو جرامًا، على القولِ الراجحِ.
رابعًا: المقدارُ الواجبُ في زكاةِ التّمورِ: يختلفُ باختلافِ وسيلةِ السَّقيِ : فإذَا سُقِيَ بلا
مؤونةٍ كالذي يُسقَى بالأمطارِ والعيونِ والأنهارِ فيجبُ فيهِ العشرُ، ونصفُ العشرِ فيما يُسقَى بمؤونةٍ، كالذي يُسقَى من الآبارِ والآلاتِ كالمحركاتِ والنَّواضحِ والنَّواعيرِ والغطاساتِ، وإنْ سُقيَ بمؤنةٍ وبغيرِ مؤنةٍ نصفينِ ففيهِ ثلاثةُ أرباعِ العُشرِ، فإنْ تفاوتَا أي السقيُ بمؤنةٍ وبغيرِ مؤنةٍ فيُعتبرُ الأكثرُ نفعًا ، ومعَ الجهلِ العُشرُ.
خامسًا: شروطُ وجوبِ زكاةِ التَّمرِ: الأولُ: بُلوغُ النصابِ، الثاني: أَنْ يكونَ مملوكًا لهُ.
سادسًا: طُرقُ إخراجِ الزكاةِ: أَنْ يقومَ صاحبُه بخرصِ التَّمرِ بعدَ بدوِّ صلاحِه على رؤوسِ النَّخلِ، ثُمَّ يحددُ عددًا من النخلاتِ للزكاةِ تُساوي القدرَ الواجبَ، أو يقومَ بجذِّ التمرِ ــ أي “الصرامِ”ــ، ثم يَكيلُ التمرَ ويخرجُ القدْرَ الواجبَ، أو يقومَ ببيعِ التمرِ على رؤوسِ النخلِ بعدَ بدوِّ صلاحِه وقبلَ إخراجِ زكاتِه، فعندهَا يُخرجُ القدرَ الواجبَ من الثمنِ وهو نصفُ العشرِ، أو يقومَ المالكُ أو المستأجرُ ببيعِ التَّمرِ بعدَ جذِّهِ، ثمَّ يقومُ بوزنِ التَّمرِ وإخراجِ القدرِ الواجبِ منهُ.
سابعًا: صفةُ التَّمرِ المُخْرَجِ: أَنْ يكونَ من أوسطِه، وأمَّا إخراجُ القيمةِ للحاجةِ أو المصلحةِ، فلا بأسَ بِه.
ثامنًا: على صاحبَ النخلِ إنْ أكلَ أو أَهدى منهُ أنْ يجتهدَ في تقديرِ ثمرتِه بنفسِه، فيتركُ لنفسِه الثلثَ أو الرُّبعَ، ثمَّ يُخرجُ الزكاةَ على ثلثيْ المحصولِ ، أو ثلاثةِ أرباعِه.
أعوذُ باللهِ منْ الشَّيطانِ الرجيمِ: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون}[النور:56]. باركَ اللهُ لي ولكمْ في القرآنِ العظيمِ ونفعني وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والعظاتِ والذِّكرِ الحكيمِ، أقولُ ما سمعتمْ فاسْتَغفروا اللهَ يغفرْ لي ولكُم إنَّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على الرسولِ الكريمِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ النبيِّ الأمينِ، صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين. أما بعدُ:
فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ، واعْلَمُوا أنَّ من المسائل المتعلقة بأحكام زكاة التمور أيضًا:
تاسعًا: إذا اختلفتْ أراضيْ النَّخيلِ وتعدَّدتْ للشخصِ الواحدِ، فإنَ صاحبهَا يجمعُ ما أنتجتْه ويضمُّها إلى بعضٍ في حسابِ زكاتِها، معَ ما خَرجَ منَ النخيلِ في البُيوتِ والمساكِنِ والاستراحاتِ وغيرهَا.
عاشرًا: زكاةُ الرُّطبِ: الأصلُ أنهَا تخرجُ من التَّمرِ، ويجوزُ إخراجُها رُطبًا.
الحادي عشر: إذا باعَ المالكُ الثمرةَ بعدَ بدوِّ صلاحِها فإنَّ الزكاةَ تكونُ واجبةٌ عليهِ إلا إذا شَرَطَ البائعُ على المشتريْ أنْ يُخرِجَ الزكاةَ.
هذا وصلُّوا وسلِّموا على الحبيبِ المصطفَى والقدوةِ المجتبى فَقَد أمَرَكُم اللهُ بذلكَ فقالَ جلَّ وعلا:[إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا].
الجمعة: 17 /12/1441هـ