4- التكافل الاجتماعي في الفقه الإسلامي
4- التكافل الاجتماعي في الفقه الإسلامي – pdf
التكافل الاجتماعي في الفقه الإسلامي
مقارن
بنظام المملكة العربية السعودية
تأليف
أ. د / عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله القائل في محكم التنزيل {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، والصلاة والسلام على هادي البشرية ومعلمها القائل في سنته الغراء (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً). وبعد..
فليعلم المسلم وغير المسلم أن الإسلام بمبادئه السامية وتشريعاته العادلة وأنظمته المحكمة وتوجيهاته الصادقة حقق للمجتمع أرقى صور التكافل بمفهومه الشامل.. ومن العجيب أن بعض المجتمعات الغربية تفتخر أنها حققت نوعاً من أنواع التكافل وهو التكافل المعيشي وقد نسوا أو تناسوا أن الإسلام حقق التكافل بكل صوره وأشكاله ونصوص الكتاب والسنة تؤكد هذا المفهوم وتعمقه.
إن التكافل الاجتماعي في الإسلام نظام كامل. نظام بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى هذا النظام قد تدخل في عناصره مدلولات الإحسان والصدقة والبر والزكاة وما إليها، ولكنها بذاتها لا تدل على حقيقته لأن مفهومه أو سع وأشمل.
أخي القارئ:
أقدم لك هذا البحث راجياً من المولى جل وعلا أن ينفع به وأن يجعله في موازين الأعمال يوم نلقاه. وأرجو صادقاً من كل من يطلع عليه ويجد فيه هفوة أو زلة قلم أن يوافيني بما يراه وأكون شاكراً ومقدراً سلفاً له تجاوبه الكريم.
ولقد حرصت أن أعرض البحث بصورة مبسطة وأسلوب سهل ليستفيد منه عامة القراء. ولقد وضعته في تمهيد وستة فصول، التمهيد يشتمل على أسس المجتمع الإسلامي وعناية الإسلام بالجانب الاجتماعي.
الفصل الأول التكافل الاجتماعي وتحته ثلاثة مباحث.
المبحث الأول: تعريف التكافل.
المبحث الثاني: نشأة التكافل وتطوره.
المبحث الثالث: الأدلة الشرعية والعقلية على مبدأ التكافل الاجتماعي في الإسلام.
الفصل الثاني: أنواع التكافل وتحته عشرة مباحث.
المبحث الأول: التكافل العبادي.
المبحث الثاني: التكافل الأخلاقي.
المبحث الرابع: التكافل الدفاعي.
المبحث الخامس: التكافل الجنائي.
المبحث السادس: التكافل الاقتصادي.
المبحث السابع: التكافل العلمي.
المبحث الثامن: التكافل الأدبي.
المبحث التاسع: التكافل المعيشي.
المبحث العاشر: التكافل العائلي.
الفصل الثالث: الذين يشملهم نظام التكافل الاجتماعي وتحته أحد عشر مبحثاً.
المبحث الأول: رعاية الصغار وحضانتهم.
المبحث الثاني: الفقراء والمساكين.
المبحث الثالث: رعاية اليتيم.
المبحث الرابع: رعاية اللقطاء.
المبحث الخامس: رعاية الشيوخ، والعجزة، والعميان، والمرضى.
المبحث السادس: رعاية الأرملة، والمطلقة، والحامل، والمرضع.
المبحث السابع: رعاية أصحاب العاهات.
المبحث الثامن: رعاية المنكوبين والمكروبين.
المبحث التاسع: رعاية الشواذ والمنحرفين.
المبحث العاشر: رعاية المشردين.
المبحث الحادي عشر: رعاية أبناء السبيل والمؤلفة قلوبهم والعبيد المكاتبين والغزاة المتطوعين.
الفصل الرابع: الوسائل العملية لتحقيق التكافل وتحته ثمانية مباحث:
المبحث الأول: الزكاة.
المبحث الثاني: الكفارات.
المبحث الثالث: النذور.
المبحث الرابع: الوصايا.
المبحث الخامس: الهبات.
المبحث السادس: الأضاحي.
المبحث السابع: الهدية.
المبحث الثامن: الوقف.
الفصل الخامس: مظاهر تحقيق التكافل الاجتماع في الإسلام وتحته ثمانية مباحث.
المبحث الأول: التكافل العائلي.
المبحث الثاني: التكافل بين أبناء الحي والقرية والبلد.
المبحث الثالث: الجمعيات التعاونية.
المبحث الرابع: إصلاح الطرقات.
المبحث الخامس: بناء المدارس.
المبحث السادس: بناء المستشفيات ودور العلاج.
المبحث السابع: بناء الملاجئ للعجزة وأصحاب العاهات.
المبحث الثامن: توفير أسباب العيش للفقراء.
الفصل السادس: التكافل الاجتماعي في المملكة العربية السعودية وتحته مبحثان.
المبحث الأول: دور الرعاية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية.
المبحث الثاني: الضمان في المملكة العربية السعودية.
هذا وإني لأرجو الله العلي القدير أن أكون قد وفقت في عرض هذا الموضوع الحيوي الهام كما أسأله تعالى أن ينفع به كاتبه والمطلع عليه إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الزلفي في: 1/ 3/ 1405هـ
تمهيد
يشتمل على أسس المجتمع الإسلامي
وعناية الإسلام بالجانب الاجتماعي
أسس المجتمع الإسلامي
بين الإسلام للبشرية أن أساس المجتمع الفاضل عقيدة صالحة، تدعو إلى عبادة الله وحده ونبذ كل معبود سواه، وقد نزل القرآن يقرر هذه الحقيقة في وضوح لا لبس فيه يقول الحق تبارك وتعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}([1]).
وإذا تتبعنا سير الأنبياء والمرسلين وجدناهم ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ من لدن آدم عليه الصلاة والسلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم كلهم يبدؤون بتأسيس المجتمع على العقيدة الصافية يقول تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}([2]).
والمجتمع الإسلامي يقوم على أساسين اثنين:
أولهما: العقيدة الإسلامية الصافية التي تحمي المجتمع المسلم من الزلل في التصور والشطط في السلوك يقول تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً}([3]).
وثانيهما: الإيمان بأن الإسلام هو موجه الحياة فالمشروع هو الله وليس لأحد من البشر مهما كانت منزلته حق التشريع ومن نازع الله في حقه فهو الخاسر في الدنيا والآخرة. يقول تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}([4]).
لقد اهتم الإسلام بالجانب الاجتماعي اهتماماً كبيراً يتضح ذلك من خلال تتبعنا للنصوص الكثيرة ومن الكتاب العزيز والسنة المطهرة.
من ذلك قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ *فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}([5]).
يبين الله تعالى أن الدليل على خرابهم النفسي وظلامهم الباطني أنك لا تجد لصلاتهم أثراً في حياتهم الاجتماعية، بل الآثار تدل على فساد قلوبهم لأنهم يمنعون خيرهم عن المحتاجين إلى معونتهم ومساعدتهم ولا يقومون بما يجب عليهم تجاه إخوانهم في العقيدة من المحتاجين والمعوزين وذلك بمد يد العون كل حسب طاقته وما رزقه الله. فيا ترى أي تشريع سماوي أو قانون وضعي يعطي الجانب الاجتماعي هذا الاهتمام.. إن الإسلام وحده دون سواه هو الذي كرم الإنسان وأنصفه وأسبغ عليه من فيض رحمته.
ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)([6]) يا له من تصوير بديع ممن لا ينطق عن الهوى يصور فيه المجتمع المسلم المتماسك المترابط الذي يعين بعضه بعضاً ويحنو بعضه على بعض فلا يوجد فيه فقير معدم ولا غني مفرط بل يحمل الموسرون فيه عبء الفقر عن إخوانهم المعوزين وبذلك يتحقق لهم الخير في الدنيا والآخرة.
وهنا سؤال يفرض نفسه ألا من عودة لهذا المجتمع الذي تخرج من مدرسة النبوة ونهل من ينبوعها الثر وتحقق على يديه الخير كل الخير للبشرية في وقت كانت في أمس الحاجة إليه.
ألا من عودة لهذا المجتمع في هذه الأزمان والأمة الإسلامية بأمس الحاجة إليه لأنها تعاني من آلام الفرقة والتناحر ما لم يمر عليها له مثيل من لدن بعثه المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى يومنا الحاضر.
ولعلي فيما أكتبه عن التكافل الاجتماعي في الإسلام أسهم بشيء يسير في رسم المعالم الأساسية لهذا المجتمع المنشود.. يقول الإمام أبو زهرة([7]) (وهكذا نرى أن واجب المؤمنين أن يتضافروا في إيجاد مجتمع فاضل ولا يسكت مؤمن منهم عن الدعوة إلى الحق بل إن التكافل الاجتماعي الخلقي يوجب عليه أن يسهم في بناء المجتمع الفاضل فيمنع شره ويدفعه إلى الخير ولقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن من أن يقف على الحياد في معركة الخير والشر بل عليه أن يكون عنصراً إيجابياً عاملاً فقد قال عليه السلام (لا يكن أحدكم إمعة فيقول إن أحسن الناس أحسنت وإن أساؤوا أسأت بل وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس تحسنوا وإن أساؤوا فتجنبوا الإساءة)([8]).
فالتكافل الاجتماعي في الإسلام أوله وأساسه التكافل على إيجاد مجتمع فاضل لا يظهر فيه إلا الخير.
الفصل الأول
التكافل الاجتماعي
وتحته ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: تعريف التكافل.
المبحث الثاني: نشأة التكافل وتطوره.
المبحث الثالث:
الأدلة الشرعية والعقلية على مبدأ التكافل الاجتماعي في الإسلام.
المبحث الأول: تعريف التكافل الاجتماعي
التكافل في اللغة: مأخوذ من مادة كفل وهي تأتي على معاني متعددة من أكثر شيوعاً ما يأتي:
أ ـ تأتي بمعنى النصيب وبمعنى الضعف وبمعنى المثل .. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ}([9]). قيل معناه نصيبين وقيل ضعفين وقيل مثلين.
ب ـ تأتي بمعنى الحظ قال تعالى: {وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا}([10]).
جـ ـ تأتي بمعنى العائل قال في لسان العرب([11]) (الكافل العائل، كفله يكفله وكفله إياه وفي التنزيل العزيز) {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا}([12]).
د ـ تأتي بمعنى الضامن قال تعالى: {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ}([13]). أي أيهم يعولها ويضمن معيشتها.
التكافل الاجتماعي في الاصطلاح:
تعاون أبناء المجتمع ـ فرادي وجماعات ـ على تحقيق الخير ودفع الجور.
يقول الشيخ الإمام محمد أبو زهرة([14]) معرفاً التكافل في الاصطلاح (يقصد بالتكافل الاجتماعي في معناه اللفظي أن يكون آحاد الشعب في كفالة جماعتهم وأن يكون كل قادر أو ذي سلطان كفيلاً في مجتمعه يمده بالخير وأن تكون كل القوى الإنسانية في المجتمع متلاقية في المحافظة على مصالح الآحاد ودفع الأضرار ثم المحافظة على دفع الأضرار عن البناء الاجتماعي وإقامته على أسس سليمة).
يقول الأستاذ عبد الله علوان([15]) في تعريف التكافل الاجتماعي (أن يتضامن أبناء المجتمع ويتساندوا فيما بينهم سواء أكانوا أفراداً أو جماعات حكاماً أو محكومين على اتخاذ مواقف إيجابية كرعاية اليتيم أو سلبية كتحريم الاحتكار بدافع من شعور وجداني عميق ينبع من أصل العقيدة الإسلامية ليعيش الفرد في كفالة الجماعة وتعيش الجماعة بمؤازرة الفرد حيث يتعاون الجميع ويتضامنون لإيجاد المجتمع الأفضل ودفع الضرر عن أفراده).
ويقول الدكتور عبد العزيز الخياط([16]) (فمعنى التكافل الاجتماعي إذن أن يتساند المجتمع أفراده وجماعته بحيث لا تغطى مصلحة الفرد على مصلحة الجماعة ولا تذوب مصلحة الفرد في مصلحة الجماعة وإنما يبقى للفرد كيانه وإبداعه ومميزاته وللجماعة هيئتها وسيطرتها فيعيش الأفراد في كفالة الجماعة كما تكون الجماعة متلاقية في مصالح الآحاد ودفع الضرر عنهم).
المبحث الثاني: نشأة التكافل الاجتماعي وتطوره
تعتبر حاجة الإنسان إلى أخيه الإنسان قديمة قدم البشرية إذ من سنن الله الكونية ألا يبقى الإنسان على حالة واحدة بل تتقلب به الأحوال تقلب الليل والنهار ويبقى محتاجاً إلى غيره مهما وصل إليه من عز ورياسة بل إنه كلما تدرج في الحياة سناً ومكانة كلما عظمت حاجته إلى غيره فالإنسان ينشأ في أول حياته في كنف والديه يحتاج إلى رعايتهما له والعناية به ثم تتدرج به الحياة وهو محضون في عش الأسرة حتى يكبر ويصبح رجلاً يعتمد على نفسه ـ بعد الله ـ في شؤون الحياة من كسب للرزق وطلب للقوت ويظل على هذه الحال يكد ويكدح حتى تدركه الشيخوخة ويقعده الهرم فيحتاج إلى الرعاية والعناية به وهو في هذه الحال أحوج إلى مد يد العون منه في السباق لأنه في أول حياته تعلق عليه الآمال العريضة من قبل أقاربه ومن يعوله وأما في حالة كبره فيكثر الزاهدون فيه أقرب أقربائه.
ومنذ أقدم العصور عرف الإنسان حاجته إلى أخيه وضرورة تضامنه مع أسرته وأقربائه الذين تربطه بهم روابط القربى ولقد اتضح ذلك بشكل جلي في حياة المصريين والرومان والفرس ثم في ظل الكنيسة عصوراً طويلة ولكنه في كل الأحوال عند هؤلاء كان في حدود ضيقة وعلى وجه الإحسان والعطف وفي فترات غير متصلة حتى بزغت شمس الإسلام وجاء التنظيم الكامل الشامل للتكافل الاجتماعي بما لا يدع مجالاً للزيادة في النقص ولقد عاش المجتمع الإسلامي الأول حياة مليئة بصور التكافل والتعاون وظهر ذلك بصورة جلية حينما حل المهاجرون ضيوفاً على الأنصار في المدينة حيث كان الأنصاري يتنازل عن شطر ماله لأخيه المهاجر بل وصل الإيثار والتكافل حداً يحق لكل مسلم أن يفاخر فيه. . ولئن اختفت تلك الصورة من حياة المسلمين وتبدلت وأصبحوا في ذيل القافلة بعد أن كانوا في طليعة القيادة فذلك كله أثر من آثار تنكبهم للمنهج السوي وبعدهم عن صراط الله المستقيم وكلما نرجوه أن يفيق المسلمون من غفلتهم ويتداركوا ما فاتهم ويعودوا لقيادة البشرية فهي في هذه العصور أحوج ما تكون إليهم.
المفهوم الواسع للتكافل:
هناك نظرة قاصرة لبعض الباحثين في النواحي الاجتماعية للمجتمع المسلم مفادها أن نظام التكافل الاجتماعي في الإسلام قاصر على ضمان الأمور الضرورية والحيوية بالنسبة للفرد والجماعة ومرتكز على جوانب معنية من البر والإحسان والصدقة لفئات الفقراء والمحتاجين والعاجزين والحق أن نظام التكافل يشمل تربية عقيدة الفرد وضميره وارتباط الأسرة وتنظيمها وتكافلها وتنظيم العلاقات الاجتماعية كربط الفرد بالدولة وربط الدولة بالجماعة وربط الأسرة بذوي القرابات.
ويشمل كذلك تنظيم المعاملات المالية والعلاقات الاقتصادية.. وخلاصة القول أن نظام التكافل في الإسلام يكاد ينتظم التشريع الإسلامي كله لأن غاية التكافل هو إصلاح أحوال الناس وتهيئة الجو لهم ليعيشوا آمنين مطمئنين على عقائدهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم([17]).
سبب اهتمام الإسلام بالتكافل:
لقد أوضح الفقهاء القدامى وعلى رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية سبب اهتمام الإسلام بالضمان الاجتماعي ممثلاً في مؤسسة الزكاة بأنه لا يمكن أن تستقيم العقيدة وتنمو الأخلاق، وإذا لم يطمئن الفرد في حياته ويشعر أن المجتمع الإسلامي يقف معه ويؤمن له حاجاته الضرورية عند العجز أو الحاجة([18]).
وقد ذهب أبو محمد بن حزم إلى أبعد من ذلك بكثير حيث أجاز مقاتلة من منع الإنسان حاجته الضرورية من المأكل والملبس والمشرب.. يقول ابن حزم([19]) ما نصه (ولا يحل لمسلم اضطر أن يأكل ميتة أو لحم خنزير وهو يجد طعاماً فيه فضل عن صاحبه لمسلم أو لذمي لأن فرضاً على صاحب الطعام إطعام الجائع فإذا كان ذلك كذلك فليس بمضطر إلى الميتة ولا إلى لحم الخنزير وله أن يقاتل عن ذلك فإن قتل فعلى قاتله القود وإن قتل المانع فإلى لعنة الله لأنه منع حقاً…) وهل هذا مسلم لأبي محمد الصحيح في نظرنا أن للمسلم الأخذ من فضل مال أخيه ولا يعدل إلى الخمر والميتة ولحم الخنزير إلا في الضرورة القصوى ولكن ليس له أن يقاتل من منعه ذلك وعلى كل فالمسألة مبسوطة في كتب الفقه فلتراجع.
المبحث الثالث: الأدلة الشرعية والعقلية على مبدأ التكافل الاجتماعي في الإسلام
تؤكد النصوص الصريحة من القرآن والسنة أن المجتمع الإسلامي يقوم على التكافل والتعاون، بل ولا يكون المجتمع مجتمعاً إسلامياً بالمعنى الشامل إلا إذا كان متكافلاً تسوده المحبة والوئام وتنتشر في سمائه العدالة ويظهر بين أوساطه الإيثار والأدلة على ذلك كثيرة متوافرة نذكر طرفاً منها على سبيل المثال لا الحصر فنقول.
أولاً: الأدلة من القرآن:
يقول تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً *الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً * وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَكُنْ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاءَ قَرِيناً * وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمْ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً}([20])، ويقول تعالى:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ}([21])، ويقول تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}([22]).
تخاطب الآيات السابقة في وضوح لا لبس فيه أصحاب الأموال ممن أعطاهم الله شيئا سعة في الرزق وتذكرهم بأن لهم إخواناً من الأقارب واليتامى والمساكين والسائلين وفي الرقاب كل أولئك بحاجة ماسة إلى مد يد العون لهم ليعيشوا حياة ناعمة في ظلال الإسلام الوارفة وتشير الآيات إلى أن أصحاب الأموال إذا فعلوا ذلك فهم يحققون دعوة الإسلام التي جاء بها لتحقيق التكافل العام بين جميع أفراد الأمة وأبناء المجتمع ليعيش الجميع حياة آمنة هادئة ينعمون فيها بالأمن والرخاء والتعاون الصادق في ظل العقيدة الإسلامية السمحة.
ثانياً: الأدلة من السنة:
تفيض كتب السنة بالأدلة الصحيحة الصريحة على مشروعية التكافل والحث عليه ومن ذلك ما يأتي:
1ـ قوله صلى الله عليه وسلم: (ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)([23]).
2ـ قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)([24]).
3ـ قوله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)([25]).
4ـ قوله صلى الله عليه وسلم: (من كان معه فضل ظهر فليعبد به على من لا ظهر له ومن كان له فضل زاد فليعبد به على من لا زاد له) ([26]).
5ـ قوله صلى الله عليه وسلم: (خير الناس أنفعهم للناس)([27]).
هذه التوجيهات النبوية الصادقة التي تحث على التواد والرحمة والتعاون وتؤكد على إعطاء فضل المركوب والزاد تدل دلالة واضحة على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على إيجاد مجتمع متكافل متوازن تسوده المحبة والإخاء ويهيمن عليه الإخلاص والوفاء ولقد تحقق للرسول صلوات الله وسلامه عليه ما أراد إذ تمثلت كل الصفات الحميدة والأخلاق الفاضلة في الرعيل الأول الذين تخرجوا من مدرسة النبوة وتربوا على يد هادي البشرية صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً: الدليل من الإجماع:
اتفاق الصحابة رضي الله عنهم فيما بينهم على رعاية الضعيف ومساعدة المحتاج ونصرة المظلوم وردع الظالم والأخذ بيد الفقير وأوضح دليل عملي ذلك ما حدث وقت الهجرة حيث كان المهاجرون يشاطرون الأنصار في ممتلكاتهم عن طواعية ورضى من الأنصار وذلك لعمر الحق دليل عملي واضح على مشروعية التكافل في الإسلام، ويدل للإجماع ما ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام الرمادة من غير نكير من الصحابة حيث قال: (والله الذي لا إله إلا هو ما أحد إلا وله في هذا المال حق أعطيه وأمنعه، وما أحد أحق به من أحد، وما أنا فيه إلا كأحدكم ولكنا على منازلنا من كتاب الله عز وجل وقسمنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فالرجل وتلاده في الإسلام والرجل وغناؤه في الإسلام والرجل وحاجته في الإسلام ولئن بقيت ليأتين الراعي بجبل صنعاء حظه من هذا المال وهو يرعى مكانه)([28]).
رابعاً: الدليل العقلي:
المجتمع السليم هو الذي يكون بين أفراده، تعاون وتفاهم ومودة ورحمة ومن الضروري لبقائه وتماسكه أن يظل كذلك وإلا عدت عليه العوادي وهدمته النوازل وأصبح عرضه للدمار والخراب وبذلك تضعف الأمة الإسلامية وتتفرق كلمتها ويسودها الشقاق والنزاع يقول الشيخ أبو زهرة([29]) (والتكافل الاجتماعي في مغزاه ومؤداه أن يحس كل واحد في المجتمع بأن عليه واجبات لهذا المجتمع يجب عليه أداؤها وأنه إن تقاصر في أدائها فقد يؤدي ذلك إلى انهيار البناء عليه وعلى غيره وأن للفرد حقوقاً في هذا المجتمع يجب على القوامين عليه أن يعطوا كل ذي حق حقه من غير تقصير ولا إهمال وأن يدفع الضرر عن الضعفاء ويسد خلل العاجزين وأنه إن لم يكن ذلك تآكلت لبنات ولا بد أن يخر منهاراً بعد حين).
الفصل الثاني
أنواع التكامل
وتحته عشرة مباحث
المبحث الأول: التكافل العبادي.
المبحث الثاني: التكافل الأخلاقي.
المبحث الرابع: التكافل الدفاعي.
المبحث الخامس: التكافل الجنائي.
المبحث السادس: التكافل الاقتصادي.
المبحث السابع: التكافل العلمي.
المبحث الثامن: التكافل الأدبي.
المبحث التاسع: التكافل المعيشي.
المبحث العاشر: التكافل العائلي.
أنواع التكافل
هناك أنواع كثيرة للتكافل حرص عليها الإسلام وحث المسلمين على القيام بها وهذه الأنواع تؤلف في مجموعها بناء اجتماعياً متماسكاً تحقق وبصورة رائعة في العصور الإسلامية الزاهية ولن أستطيع في هذه العجالة الإحاطة بأنواع التكافل كلها لأن كل واحد منها يتطلب بحثاً مستقلاً، ولكنني أشير إليها إشارات سريعة فأقول.
أبرز أنواع التكافل في نظري هي:
1ـ التكافل العبادي.
2ـ التكافل الأخلاقي.
4ـ التكافل الدفاعي.
5ـ التكافل الجنائي.
6ـ التكافل الاقتصادي.
7ـ التكافل العلمي.
8ـ التكافل الأدبي.
9ـ التكافل المعيشي.
10ـ التكافل العائلي.
المبحث الأول: التكافل العبادي (التكافل الروحي)
العبادات في الإسلام سمة بارزة من سمات المجتمع المسلم ونصوص الإسلام توجب تكافل الجماعة الإسلامية في أداء هذه العبادات وإظهار شعائرها. فكم اجتذبت أصوات المؤذنين وصفوف الخاشعين في الصلاة قلوباً تفتحت لهذه النداءات الرطبة العذبة والوجوه المشرقة المستغرقة في مناجاة الله… ولذلك كان الآذان للصلاة المكتوبة وإقامة صلاة العيد وتعاون المجتمع في تجهيز الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه كل ذلك من فروض الكفاية التي لو تركها المجتمع لأثم كله.
وهذه الصورة من تكافل المجتمع الإسلامي وتعاونه في أداء العبادات والفروض الكفائية هو ما يعرف بالتكافل العبادي ([30]).
يقول الدكتور: مصطفى السباعي ([31]) (هناك في الإسلام شعائر وطاعات يجب أن يقوم بها المجتمع ويحافظ عليها بمجموعة تسمى بفروض الكفاية في العبادات كصلاة الجنازة فإن الميت إذا مات وجب على المجتمع تكفينه والصلاة عليه ودفنه فإن لم يقم بذلك أحد أثم المجتمع كله). انتهى كلامه.
المبحث الثاني: التكافل الأخلاقي
يقصد بالتكافل الأخلاقي عند الاطلاق حراسة المبادئ الأخلاقية النابعة من عقيدة المؤمنين وتحمل كل فرد في الأمة المسؤولية أي انحراف.
والإسلام يعتبر المجتمع المسلم مسؤولاً عن صيانة الأخلاق العامة لأن بها حفظه من الفوضى والفساد والانحلال وحين أوجب الإسلام الإنكار على مرتكبي المنكرات الخلقية والجرائم المختلفة لم يعتبر هذا تدخلاً من المنكر في الحريات الشخصية ذلك أن آثار الفساد تأتي على بنيان الأمة من القواعد والنصوص من القرآن والسنة كثيرة متضافرة تحث على التكافل الأخلاقي وتدعو إليه من ذلك قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}([32]).
آمنوا بمبدأ واحد وثبتوا عليه فتبع ذلك تطهير المجتمع من الفساد والانحراف والتعاون لتحقيق الهدف المنشود الذي يسعى إليه الجميع في طريقهم إلى الله وفي سبيل تكافل المجتمع في هذه المعاني يخوف الله كل من اعتزل الناس واهتم بأمر نفسه ولم يخص غيره على البر والرحمة يقول تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ *ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ *ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ *إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * َلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}([33]).
والأمة التي يشيع فيها الفساد ولا تأخذ على يد المجرمين والعابثين تتزلزل أركانها ويسقط بنيانها وتصبح أثراً بعد عين يقول تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}([34]).
وقد ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم مثلاً بديعاً للتكافل الأخلاقي في الأمة ذلك التكافل الذي يأخذ على أيدي العابثين والمخربين يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً)([35]).
المبحث الرابع: التكافل الدفاعي
نقصد بهذا النوع من التكافل مشاركة كل قادر في وجوب الدفاع والحماية لأرض الإسلام وهذا التكافل من أجل المحافظة على بقاء الجماعة الإسلامية التي تقيم شرع الله في أرضه امتثالاً لقول الحق تبارك وتعالى: {انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}([36]).
وقد انطلقت الجيوش الإسلامية تنشر رسالة الخير والبر والسلام تملأ الأرض ـ عدلاً ونوراً وتطهرها من الظلم والجور وترفع رؤوس من دخل الإسلام ليعبد الله وحده دون سواه بعد أن كانت قطعاناً من السائمة تتحكم فيها حفنة من الظلمة والطغاة حتى طالبتها بالعبادة من دون الله كما حدث في بلاد الفرس تضامنت هذه الجيوش وتعاونت فحققت الخير كل الخير للبشرية المعذبة البائسة ولقد سجل التاريخ الإسلامي الحافل بالبطولات صوراً عملية للتكافل الرفيع بين الحاكم والمحكوم وبين أبناء الأمة الإسلامية قاطبة من ذلك الواقعة التاريخية التي استغاثت فيها امرأة مسلمة أسرها الروم فقالت ـ وامعتصماه([37]) ـ فهب المعتصم من بغداد بجيش قوي وخاض المعارك حتى خلصها من الأسر إن هذه الواقعة التاريخية وأمثالها مشهورة في تاريخنا الإسلامي المجيد.
وبمثل هذا التكافل الدفاعي الرفيع حفظت الجماعة الإسلامية كيانها وأثبتت وجودها وحققت غايتها ونشرت رسالتها في العالمين.
المبحث الخامس: التكافل الجنائي
وهو مسؤولية الجماعة متضامنة عما يقع من جرائم فالقاتل عمداً يقتل إلا أن يعفو أولياء القتيل ويأخذوا الدية وكذلك القاتل خطأ تلزمه الدية وهذه الدية التي تلزم القاتل في الحالتين لا تجب عليه وحده وإنما تتضامن معه عاقلته ــ وهم أهله وأقاربه ـ كل ذلك يتم في حالة معرفة القاتل وأما إذا جهل فإن أولياء الدم يختارون خمسين رجلاً من مكان القتل فيقسمون أنهم لا يعرفون القاتل ولا يؤوونه عندهم ثم يتحملون دية القتيل فإن عجزوا أو جهل مكان القتل فإنه الدية على بيت المال ـ وهذا ما يعرف في الفقه الإسلامي بالقسامة ـ ومن أجل تضامن المجتمع المسلم وتكافله الجنائي شرعت الحدود لكبح جماح المجرمين وحفظ الأمن في أرجاء البلاد ولقد أفاض القرآن في ذكر الزواجر للمجرمين والعابثين فقرر أن من تعدى على إنسان وحرمه حق الحياة وجب على الأمة الإسلامية ممثله في الوالي حرمان هذا الشخص.
حق الحياة يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}([38]).
وكذلك من حاول العبث بأمن البلاد وترويع المؤمنين بسرقة أموالهم وجب على الأمة ايقافه عند حده بقطع يده عبرة له وردعاً لغيره ممن تسول له نفسه الإقدام على هذه الجريمة يقول تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}([39]). إلى غير ذلك من حدود الزنى والقذف وشرب الخمر وأحكام التعزيز التي ترك للإمام تقديرها حسب مقتضات الأمور، وبهذا التكافل الجنائي يشيع الأمان والسلام وترفرف السعادة في ربوع أمة الإسلام.
المبحث السادس: التكافل الاقتصادي
لقد أولى المجال الاقتصادي عناية فائقة وندب إلى توجيه الثروة فيما يخدم مصلحة المسلمين ولهذا حرم الشارع الاحتكار وألزم الدولة الأخذ على يد المحتكرين لأنهم يعبثون باقتصاد المسلمين ويضيقون عليهم وكذلك منع من ترك الثروة في أيدي السفهاء والعابثين يتلاعبون فيها كيف يشاؤون. يقول تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً}([40]).
وقد حث الإسلام المسلمين على أن يكونوا وسطاً في الإنفاق بين الإسراف والتقتير يقول تعالى : {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً}([41]).
أوجب الإسلام حقاً خاصاً في المال هو الزكاة وطالب الأمة الإسلامية ممثله في والي المسلمين بجبايتها من أصحابها وإيصالها إلى مستحقيها.
يقول تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}([42]) وندب الإسلام بالإضافة إلى إيجاب الزكاة إلى حقوق عامة فقد حث الأغنياء على رعاية جانب إخوانهم الفقراء والصدقة عليهم والأخذ بأيديهم ومواساتهم كلما دعت الحاجة إلى ذلك. والمجتمع الذي لا يأخذ الغني فيه بيد الفقير مجتمع متفكك تسوده الكراهية والحقد وتطفو على سطحه الأنانية وحب الذات ولا يمكن أن يتحقق فيه الرخاء المنشود ولا السعادة اللازمة لكل فرد.
ومن أجل التكافل الاقتصادي البناء حث الإسلام على إيجاد فرص العمل للقادرين كل حسب مهنته وهوايته وبذلك يتحقق عائد من الربح ينفع الأمة كلها ولا توجد فيه طاقات معطلة أو قدرات مهدرة ومتى ما حقق المسلمون هدي الإسلام في المجال الاقتصادي نعموا بتكافل اقتصادي ليس له مثيل.
المبحث السابع: التكافل العلمي
يحتل العلم في الإسلام مكانة رفيعة فقد كان أول خطاب لرسول الإسلام صلى الله عليه وسلم حثا على العلم وطلبه.
يقول تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}([43]).
والقرآن الكريم أفصح عن مكانة العلم والعلماء بما لا يدع مجالاً للشك يقول تعالى منوهاً عن منزلة العلماء ومكانتهم في الوجود {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}([44]).
وإذا كان الإسلام قد رفع منزلة العلم والعلماء فإنه في نفس الوقت يطالبهم بتأدية ضريبة العلم وهي تعليم الجاهل وبذل العلم لطالبه على أوسع نطاق ويتوعد صفوة الأمة وهم العلماء بكتمان العلم وعدم بذله لطالبيه …. يقول تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}([45])... ولقد أصبح من المعلوم بداهة أن مكانة الأمة وعلو منزلتها تتوقف على شيوع العلم فيها وقد بلغت أمة الإسلام في عهودها الزاهرة ذروة المجد وتربعت على عرش السيادة وقادت العالم قروناً طويلة وأنارت ببصائر علمائها ومفكريها ظلام الجهل الدامس في أوروبا وقد شهد بذلك الأعداء قبل الأصدقاء ويحق لأمة الإسلام أن تفاخر العالم قاطبة وذلك لتكافل أفرادها جميعاًُ في القيام بواجب العلم وإزالة آثار الجهل وهذا التكافل العلمي في الإسلام ينبعث من عقيدة راسخة ترفض الجهل وتأباه مهما كانت صوره وأشكاله.
المبحث الثامن: التكافل الأدبي
نقصد بالتكافل الأدبي عند الاطلاق أن يشعر كل فرد تجاه إخوانه بالعطف والحب والرعاية يتألم لألمهم ويفرح لفرحهم تجسيداً لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)([46]).
ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بإصلاح النفس وتهذيبها لترتقي إلى ذروة السمو النفسي بحيث تزكو النفس وتبتعد عن سفاسف الأمور وحطام الدنيا الفاني تحقيقاً لقول الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}([47]).
وإذا وافق المسلم في تهذيب نفسه وكبح جماحها استطاع أن يتجاوب مع المجتمع أخذاً وعطاء يحب الآخرين ويعطف عليهم ويقدم لهم العون والمساعدة كلما دعت الحاجة إلى ذلك بهذا يصبح عضواً فعالاً في المجتمع يؤدي دوره بكل أمانة وإخلاص.
المبحث التاسع: التكافل المعيشي
وهو ما يرتبط بحياة الناس ومعيشتهم من طعام وكساء ومسكن وما يتصل بها من حاجات اجتماعية يحتاجها الناس طول حياتهم.
وهذا النوع من التكافل هو المعروف في بلاد الغرب وإذا أطلق التكافل الاجتماعي انصرف إليه لأن الغربيين لا يؤمنون بأنواع التكافل التي ذكرناها وهي التكافل العبادي والأخلاقي والجنائي والدفاعي والأدبي لأن حضارتهم قائمة على الحرية الأخلاقية وهي ما يمكن أن نسميه بأسلوب أوضح الضياع والاستهتار.
يقول الدكتور / عبد الفتاح عاشور([48]) (وهذا اللون من التكافل هو ما أطلق عليه ـ خطأ ـ التكافل الاجتماعي والواقع أنه لون من ألوانه به تكمل صوره التكافل الاجتماعي ويكون بذلك شاملاً لكل حاجات المجتمع الأدبية والسياسية والدفاعية والجنائية والاقتصادية والأخلاقية والعبادية والحضارية والمعيشية وينفرد مجتمع الإسلام بهذا التكافل العام الشامل في تاريخ الإنسانية دون أن يسبقه أو يلحق به في تشريعه من أجل البناء الاجتماعي تشريع على الإطلاق).
المبحث العاشر: التكافل العائلي
اهتم الإسلام بالأسرة اهتماماً كبيراً لأنها المحصن الأول لأجيال الأمة المتعاقبة تعد أبناءها منذ نعومة أظفارهم إعدًاداً عقلياً وجسمياً وسلوكياً وعلى قدر هذا الإعداد وتكامله تكون النتائج فإما أن تؤسس الأسرة لبنات صالحه يتماسك فيها البنيان ويقوى وإما أن تكون لبنات مهزوزة لا يمكن أن يقوم بها بناء.
والتكافل العائلي الذي شرعه الإسلام يقوم بين الأصول والفروع والأقارب عموماً ويتضح هذا التكافل جلياً في قضايا النفقات والميراث والديات ولعل من أروع صور التكافل العائلي ما قصه الله علينا في سورة الكهف حين التقى موسى عليه الصلاة والسلام بالعبد الصالح وسار معه موسى ليتعلم على يديه حتى أتيا أهل قرية فاستطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض فأقامه فتعجب موسى عليه السلام وقال للعبد الصالح هلا اتخذت أجراً مقابل هذا الصنيع إذ أهل هذه القرية لا يستحقون هذا العمل فهم لم يقوموا بواجب الضيافة فأجابه العبد الصالح بالحقيقة التي كانت تخفى عليه وفيها أروع صور التكافل العائلي بين الآباء والأبناء يقول الحق تبارك وتعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً}([49]).
الفصل الثالث
الذين يشملهم نظام التكافل الاجتماعي
وتحته أحد عشر مبحثاً
المبحث الأول: رعاية الصغار وحضانتهم.
المبحث الثاني: الفقراء والمساكين.
المبحث الثالث: رعاية اليتيم.
المبحث الرابع: رعاية اللقطاء.
المبحث الخامس: رعاية الشيوخ والعجزة والعميان والمرضى.
المبحث السادس: رعاية الأرملة والمطلقة والحامل والمرضع.
المبحث السابع: رعاية أصحاب العاهات.
المبحث الثامن: رعاية المنكوبين والمكروبين.
المبحث التاسع: رعاية الشواذ والمنحرفين.
المبحث العاشر: رعاية المشردين.
المبحث الحادي عشر:
رعاية أبناء السبيل والمؤلفة قلوبهم والعبيد المكاتبين والغزاة المتطوعين.
الفصل الثالث
الذين يشملهم نظام التكافل الاجتماعي
تبين لنا في الفصلين السابقين مدى اهتمام الإسلام بالتكافل الاجتماعي وكيف يستطيع المجتمع المسلم أن يكون متكافلاً في مجالات كثيرة والسؤال الذي يفرض نفسه هنا من هم الذين يشملهم التكافل الاجتماعي في الإسلام وجواب هذا السؤال هو ما نبسطه في هذا الفصل بعون الله.
المبحث الأول: رعاية الصغار وحضانتهم
يهتم الإسلام بالطفل منذ ولادته حيث تنص الشريعة الإسلامية على حسن اختيار الاسم والعناية بالطفل جسمياً وعقلياً وسلوكياً .. فعلى والدي الطفل تربيته تربية سليمة تقربه من الخير وتبعده عن الشر وعليهما غرس الفضيلة والأخلاق الحميدة في نفس الناشئ بحيث لا يكون في نفسه مكان للأخلاق الرذيلة التي تبدأ في هدم كيانه منذ صغره ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}([50])، وقوله صلى الله عليه وسلم : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)([51]).
وقد أوجب الإسلام نفقة الصغار على الآباء حرصاً منه على تأمين الحياة الكريمة لهم يقول تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}([52]). بل قد منع الإسلام الآباء من سوء التصرف في المال ولو في إنفاقه في المباحات رعاية لجانب الصغار فحدد الوصية بالثلث يؤيد هذا ما ورد في قصة سعد بن أبي وقاص حين أراد أن يوصي للفقراء بأكثر من الثلث وكانت له بنت واحدة فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : (إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس) ([53]).
وكذلك أوجب الإسلام الحضانة للصغار وجعلها للأم أو غيرها من النساء شريطة أن تكون أمينة على الصغار حريصة على الدين والخلق. فإذا كانت سيئة الخلق ولا تؤمن على الصغير لم تسند حضانته لها.
وهكذا الإسلام يرعي شؤون الطفل ويجعل حقوقه على والديه مهما كانت علاقتهما بعد إنجابه وزيادة على ما سبق يجعل الإسلام لزاماً على الأمة المسلمة أن توجد دور حضانة وبيوت أحداث أو ملاجئ للأطفال تتوافر فيها كل وسائل التمتع البريء كالمسابح والملاعب علاوة على تثقيف عقولهم وتربية أرواحهم عن طريق تعويدهم على المطالعة والتردد على المسجد كل ذلك ينبغي أن يتم تحت إشراف موجهين يتسمون بالدين والخلق ليقوموا اعوجاج الناشئة ويأخذوا بأيديهم إلى الطريق المستقيم.
المبحث الثاني: الفقراء والمساكين
الفقراء هم المعدمون كلياً أو عندهم شيء لا يسد حاجاتهم الضرورية من مأكل وملبس ومسكن والمساكين هم من يجدون شيئاً من كفايتهم لا يسد حاجاتهم الضرورية كاملة. وإن سدها فتعب وشقاء وعدم راحة بال، وقد أوجب الإسلام العناية بالفقراء والمساكين وإعطاءهم ما يكفيهم ومن يعولونه بحيث لا يحتاجون إلى مد اليد إلى غيرهم فعلى المجتمع المسلم ممثلاً في الدولة المسلمة أن يهيئ لهم ولعائلاتهم المواد الغذائية اللازمة والملابس الكافية التي تقيهم شدة الحر ونفح البرد. ويوجد لهم المساكن التي تحقق لهم العيش بأمن وأمان في صفوف المجتمع، وبعد هذا كله على الدولة أن تهيئ لهم الأعمال التي تناسب ميولهم وقدراتهم ليكونوا عوناً في بناء المجتمع الإسلامي الكبير ولئلا يصبحوا عالة المجتمع يحسبون عليه دون عطاء منهم في البناء والتشييد.
ولقد قرر علماء الإسلام وجوب إعطاء الفقير والمسكين بيتاً إن لم يكن له بيت وخادماً إن لم يكن له خادماً ومركوباً إذ لم يكن له مركوب، ويختلف المركوب باختلاف البلدان والأزمنة فقد يعطى في أغلب البلدان سيارة أو تذكرة سيارة ويزوج اشتهى الزواج وقد توفيت زوجته أو لم يتزوج أصلاً أو كانت زوجته عقيمة كل هذا على الحكومة وعلى الأغنياء إذا لم يدفعوا الزكاة لبيت المال أو دفعوها ولكن بقيت حاجة ماسة فعليهم أن يساهموا متعاونين مع الحكومة لصالح الشعب لأن المسلمين كالجسد الواحد([54]).
المبحث الثالث: رعاية اليتيم
اليتيم هو الصغير الذي مات أبوه وتركه دون عائل وهو ضعيف يحتاج إلى رعاية وعناية لأنه عاجز يستحق الأخذ بيده لكي يستطيع مواجهة أعباء الحياة وقد اهتم الإسلام بشأن اليتيم اهتماماً بالغاً من ناحية تربيته ومعاملته وضمان معيشته حتى ينشأ عضواً نافعاً في المجتمع ينهض بواجباته ويقوم بمسؤولياته ويؤدي ما له وما عليه على أكمل وجه … يقول تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ}([55])... ويقول تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ *فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ}([56])... هذان النصان يؤكدان على العناية باليتيم والرفق به لئلا يشعر بالقصور فيتحطم ولا يؤدي دوره في المجتمع كعضو فعَّال يأخذ ويعطي على قدر حيويته ونشاطه.
ومن أمارات اهتمام الإسلام باليتيم حثه على المحافظة على أمواله وعدم قربانها إلا بالتي هي أحسن .. يقول تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}([57]).. ويؤكد القرآن الكريم على أن من تصرف في مال اليتيم بغير حق وأكل منه ظلماً وعدواناً فقد أكل ناراً في بطنه. يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً}([58]).
ورعاية الأيتام فردياً واجب على كل قادر حسب الاستطاعة أما من قبل الدولة فأمر لا بد منه عند الحاجة إليه ولذلك كان إنشاء دور للأيتام أمراً مشروعاً مستحسناً. وقد عنى المسلمون القدامى بالأيتام فرعوهم فرادى ورعوهم جماعات وأشرفت الدولة على شؤونهم وقام المسلمون بوقف الأحباس الكثيرة عليهم فمن الواجب على مسلمي اليوم العناية بأيتامهم من رعايتهم وتعليمهم وإبعادهم عن التشرد والضياع بكل وسيلة مشروعة كإنشاء دور للأيتام والمدارس والملاجئ وغيرها([59]).
المبحث الرابع: رعاية اللقطاء
اللقيط هو الولد الصغير الذي لا يعرف له أب ولا أم ورعايته واجبة على المجتمع المسلم لأنه جزء منه له حق الحياة كآدمي وتركه بلا رعاية يؤدي به إلى أن ينشأ نشأة ضياع وضلال وتشرد.
وقد قرر فقهاء الإسلام وجوب التقاطه لمن وجده لئلا يموت وأوجبوا له من الحقوق ما لغيره إذ لا جريرة له ولا ذنب بل هو لبنة صالحة لا بد من رعايتها والعناية بها حتى تسد ثغرة في المجتمع الإسلامي الكبير.
يقول الأستاذ عبد الله علوان([60]): ( وقد راعى الإسلام نفسية اللقيط فأعطاه الحقوق الممنوحة للولد الشرعي دون أن يكون بينهما تمييز أو تفريق فيجب تربية اللقيط وتعليمه القراءة والكتابة والحرفة وتسند إليه الوظائف وتقبل شهادته ويعتبر مسؤولاً عن جميع تصرفاته وأعماله حتى لا يشعر بنفسه أنه همل من سقط المتاع وحتى لا تتولد في تصوراته مركبات النقص والعقد وبهذه المعاملة الحسنة نكون قد أعددنا مواطناً صالحاً ينهض بواجباته ويضطلع بمسؤولياته فلا يشعر بنقص ولا يسبح في متاهات الهواجس والأفكار).
وقد أحست الدولة([61]) ــ زادها الله توفيقاً وصلاحاً ــ في وضعها دوراً خاصة لرعاية اللقطاء والعناية بهم في جميع شؤونهم من تعليم وتربية وتهيئة فرص للعمل وتزويج بعضهم من بعض وهذه بادرة طيبة نرجو أن تحذو حذوها مختلف البلاد الإسلامية في القريب العاجل.
المبحث الخامس: رعاية الشيوخ والعجزة والعميان والمرضى
شمل الإسلام برعايته كلاً من الشيخ الذي أقعده الكبر عن الكسب وأصبح بحاجة إلى من يعوله وينفق عليه، وكذلك العاجز فالأعمى والمريض الذين أصيبوا بعلل منعتهم من الكسب فأصبحوا بحاجة إلى رعاية والنفقة، لقد كافح هؤلاء من أجل البناء وأعطوا مجتمعهم الشيء الكثير وبذلوا كل ما في وسعهم كابدوا الآلام وتخطوا الصعاب حتى قدر الله عليهم ما قدر فوقفوا في منتصف الطريق يطلبون رد حقوقهم ويناشدون المجتمع أن يمد لهم العون والمساعدة وهذا جزء من مسؤولية المجتمع ووجه من أوجه كفالته لهؤلاء.
لقد راعى الإسلام في أحكامه وتعاليمه أن توفر للشيوخ كل أنواع التقدير والاحترام والرعاية والعناية والأصل في ذلك قوله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً}([62]).
إن من حق الشيخ الكبير والعاجز والأعمى على المجتمع المسلم إيجاد الرعاية التامة لهم والعناية بهم ليشعروا بأخوة الإسلام وكرامة الإنسان، والإسلام بتشريعه الخالد ومبادئه السامية قد رعى حقوق هؤلاء ففرض لهم رواتب كريمة من بيت مال المسلمين يستعينون بها على تكاليف الحياة والتاريخ الإسلامي مملوء بالأمثلة الواقعية التي تشهد بتماسك الأمة الإسلامية وحسن ولائها لقيادتها وحسن الرعاية من القادة لمختلف طبقات المجتمع ومن أمثلة فرض الرواتب للعاجزين والشيوخ ما يأتي:
روى أبو عبيد أن الخيار بن أوفى النهدي مرَّ على عثمان رضي الله عنه فقال: (كم معك من عيالك يا شيخ؟ فقال : إن معي كذا وكذا فقال: قد فرضنا لك كذا وكذا ولعيالك مائة مائة)([63])... وجاء في كتاب خالد بن الوليد إلى أهل الحيرة: (وجعلت لهم أيماً شيخ ضعف عن العمل أو أصابته آفة من الآفات أو كان غنياً فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه طرحت جزيته وعيل من بيت مال المسلمين وعياله ما أقام بدار الهجرة ودار الإسلام)([64]).
وإذا انتقلنا من فرض الرواتب للعاجزين وكبار السن في الماضي إلى واقع البلاد الإسلامية اليوم نجد الكثير منها وخصوصاً المملكة العربية السعودية قد وفرت أنواعاً من الرعاية لكبار السن العاجزين وغير العاجزين تقديراً لهم لما بذلوه من جهد في خدمة أمتهم وتكريماً لشيخوختهم وترفيهاً لهم في الباقية من العمر يتمثل ذلك في إنشاء ملاجئ للعجزة الذين لا يجدون من ينفق عليهم أو يرحمهم ويهيئ لهم في هذه الملاجئ ما يحتاجون إليه أو يحبونه أو يطعمونه فيه من وسائل الحياة المتعددة كالمطالعة والرياضة الخفيفة والألعاب المسلية.
ومن مظاهر الرعاية بكبار السن من العاجزين وغيرهم فرض رواتب التقاعد ـ المعاش ـ الذي يأخذه موظف الدولة بعد أن يخدم في الدولة فترة معينة ولقد رفعت المملكة هذه الرواتب حتى أصبحت كفيلة بعد الله بتأمين الحياة الهادئة المطمئنة لكل متقاعد([65]).
المبحث السادس: رعاية الأرملة والمطلقة والحامل والمرضع
المرأة الحامل والمرضع والأرملة والمطلقة جزء ضعيف من أفراد المجتمع يحتاج إلى الرعاية والعناية ولهذا لم يغفل الإسلام عن هذا الصنف من البشر بل اهتم به اهتماماً بالغاً ونوَّه بالمصاعب التي تمر بها المرأة وهي في إحدى الحالات السابقة يقول تعالى في محكم كتابه العزيز: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}([66])، ومعنى الوهن الضعف وحملته وهناً على وهن أي ضعفا على ضعف. والفصال هنا الرضاع وقد حددت الآية المدة النهائية للرضاع وهي عامان كاملان يتغذى فيهما الطفل من أمه غذاءً كاملاً وناهيك بالمتاعب والمشاق التي تكابدها الأم وهي تعطي وليدها عصارة مأكلها ومشربها بعد تصفية وتهيئته. ويقول تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ}([67]).
ومعنى الكره المشقة والآية تنوه بالمشقة والمتاعب التي تتحملها الأم أثناء الحمل وقد وضح الإسلام ضرورة العناية بالمرأة المرضع في قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}([68]).
ولقد اهتم الإسلام أيضاً بالمرأة المطلقة والأرملة لأنهما بحاجة إلى الرعاية والحماية لا سيما إذا كانت كل منهما ذات أولاد والرعاية التي أوجبها الإسلام لا تقتصر على الناحية المادية ـ وإن كانت أهمها ـ وإنما تحتاج إلى رعاية نفسية واجتماعية ومادية ولقد فصلت سورة الطلاق كثيراً من أحكام المطلقة بما لا يحتاج إلى بيان وإيضاح يقول تعالى: {يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً * فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً * وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً * ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً * أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى * لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً}([69]).
والإسلام يدعو أهل الخير والإحسان إلى إعانة الفقراء ومواساتهم ومن أوليات هذا الإحسان رعاية المطلقات والأرامل فإذا لم يتيسر ذلك ولم يوجد من يعول هذا الصنف من النساء فإن المجتمع المسلم ممثلاً في الدولة يلزم برعايتهن والاهتمام بهن.
وقد هيأت البلاد الإسلامية الملاجئ ودور الرعاية لهؤلاء النسوة وأوجدت لهن أنواعاً من الحرف يتعلمنها أثناء وجودهن في الملجأ وهذا ما تقوم به بلادنا([70]) الحبيبة إذ تدر على هؤلاء النساء رواتب دورية عن طريق الضمان الاجتماعي تكفيهن ومن يعلنه من الذرية وهذا أمر يدعو للفخر والاعتزاز.
المبحث السابع: رعاية أصحاب العاهات
يتواجد في المجتمع فئات من أصحاب العاهات الذين أصيبت أجسامهم وحواسهم بأمراض مزمنة وعاهات مختلفة وأصبحوا في حالة يرثى لها من العجز والضعف وعدم القدرة على مواصلة أعباء العمل وتكاليف الحياة.
وأهم هذه الفئات ما يلي:
1ـ العميان.
2ـ ضعاف البصر.
3ـ الصم البكم.
4ـ الصرعى.
5ـ المعتوهون.
6ـ العجز الذي سببه ضعف البنية أو الشيخوخة.
7ـ ذوو العيوب الكلامية كالتأتأة ونقص النطق.
8ـ أصحاب الأمراض المزمنة التي لا يرجى شفاؤها.
هذه الفئات ينبغي أن يلقوا كل عناية ورعاية من أبناء المجتمع وذوي اليسار فيه تجسيداً لقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)([71]). وقوله صلى الله عليه وسلم : (ترى المؤمنين في تراحمهم و توادهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)([72]).
هذه الوصاية النبوية الشريفة توجب أن تتضافر جهود المجتمع والدولة المسلمة في تحقيق الخير والتكافل والعيش الأفضل لمثل هؤلاء المصابين حتى يشعروا بروح العطف والتعاون والرحمة وأنهم محل العناية الكاملة والاهتمام البالغ في نظر الدولة والمجتمع على السواء.
ومن أبرز مظاهر الاهتمام بهؤلاء حث العميان على مواصلة الدراسة والبحث العلمي وتهيئة الجو المناسب لهم ليعودوا على المجتمع المسلم بدراسات إسلامية نافعة في مختلف العلوم الإسلامية.
وبالنسبة لضعاف البصر والصم والبكم وضعاف العقول يجب أن تتركز الجهود في فتح المعاهد الخاصة بهم لتدريبهم على الصنائع اليدوية وتوفير مختلف الوسائل المساعدة على إيصال المعلومات لهم كوسائل الإيضاح السمعية والبصرية وبهذا تعود ثقتهم بأنفسهم ويشعروا أنهم جزء مهم من المجتمع يساعد في بنائه وتشييده.
وكذلك الحال بالنسبة للمعتوهين وضعاف البنية والمصابين بالصرع والأمراض المزمنة وذوي العيوب الكلامية كل هؤلاء ينبغي العناية بهم وتوفير الجو المناسب لهم عن طريق الملاجئ الصحية والمستشفيات العقلية ليعيشوا بقية أعمارهم تحت المراقبة المستمرة والعلاج اللازم ليشعروا باهتمام المجتمع بهم وحرصه عليهم علَّهم يبرأون مما أصيبوا به أو يبقون في جو هادئ يتناسب مع ظروفهم الخاصة.
المبحث الثامن: رعاية المنكوبين والمكروبين
إعانة المنكوب والمكروب من أبرز دواعي تكافل المجتمع المسلم إذ يحتاج من أصيب بمصيبة أتت على حاله إلى مد يد العون له ليشعر أن أفراد المجتمع قريبون منه يأخذون بيده ويدفعون عنه عوادي الأيام والليالي وإذا لم يتحقق ذلك حقد الفرد من المجتمع على بقية أفراده وأضمر لهم الكراهية وتمنى الإيقاع بهم في كل مناسبة وقد يدفعه هذا الشعور إلى ارتكاب الجريمة للحصول على المال وتعويض مصيبته بأي وسيلة والأصل في عون المنكوب والمكروب ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة)([73]).
لقد جعل الإسلام للمنكوب في ماله حقاً مفروضاً في أموال المسلمين إذ هو أحد الأصناف الثمانية الذين تصرف لهم الزكاة. وهو بالغارم ويقصد به من تحمل غرامة في إصلاح ذات البين أو لزمه دين لا يجد سداداً له.
والأصل في ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}([74])... وما ورد في حديث قبيصة بن مخارق الهلالي حيث قال: (تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها فقال: (أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها. قال: ثم قال: يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة رجل تحمل حمالة فحملت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش ـ أو قال سداداً من عيش أو رجل أصابته فاقه حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قرابة قومه فيقولون لقد أصابت فلاناً فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش ـ أو قال سداداً من عيش ـ فما سواهن من المسألة سحت يأكلها صاحبها سحتاً)([75]).
إن الإصلاح بتشريعه الخالد يوجه المسلمين فرادى وجماعات إلى التكافل فيما بينهم في كل شؤون الحياة، فما أجمل أن يتجاوب المسلمون مع هذا التوجيه الخالد ويسارع كل مسلم إلى تفريج كربة عن أسرة مات عائلها فهان أمرها بعد العز وأصابها الضعف بعد القوة أو يسارع إلى إعانة من افتقر بعد الغنى وأصبح بعد المكانة العالية والعز الشامخ في عداد المجهولين، أو يساعد من أصيبوا بالحرق أو الغرق فيواسيهم مصابهم ويدخل السرور على قلوبهم إنها الأخلاق الإسلامية العالية التي يفتقر لها المجتمع المسلم في هذه الأزمان.
المبحث التاسع: رعاية الشواذ والمنحرفين
الشذوذ والانحراف بمعناه العام يشمل المجرمين صغاراً وكباراً ممن تقع منهم المعصية والجنوح إلى الآثام وارتكاب الأعمال التي تؤذي أنفسهم ومجتمعهم وتجعل مرتكبيها تحت طائلة العقوبة في الإسلام فالذي يتعاطى السرقة شاذ ومنحرف وكذلك من يتعاطى الزنا ويشرب الخمر أو يتعاطى المخدرات أو يعتدي على الآخرين بأي أسلوب من أساليب الاعتداء كل هؤلاء يعتبرون في نظر المجتمع المسلم من الشواذ والمنحرفين الذين يحتاجون إلى إصلاح وتوجيه لكي يعودوا إلى جادة الحق والصواب.
وإذا أردنا أن نبحث أسباب الشذوذ والانحراف وجدنا أهمها ما يأتي:
1ـ سوء التربية من قبل أولياء الأمور وعدم الاهتمام بالأطفال في صغرهم مما يجعلهم ينشؤون نشأة غير صالحة يهون عليهم معها سلوك طريق الشر والفساد.
2ـ المؤثرات الخارجية كرفقاء السوء الذين يزينون للناشئ طريق الشر ويبتعدون به عن طريق الخير.
3ـ مصادر الثقافة المختلفة التي يطلع عليها الناشئ وأشدها تأثيراً في نظري الأفلام المرئية التي تعرض الجريمة وتزينها للصغار.
4ـ سوء الوضع الاجتماعي للأسرة كالخلاف الذي ينشأ بين الأبوين فتنعكس آثاره على الأولاد.
5ـ شدة المعاملة من الآباء لأبنائهم والقسوة عليهم وهذا الأسلوب لا يجدي لوحده بل لا بد أن يكون مع الشدة أساليب أخرى فلا يلجأ إلى الشدة إلا عند اليأس من الإصلاح في كل الأساليب التي دونها.
6ـ الفقر والجهل وبخل الآباء وتقتيرهم كل هذه الأمور تدفع الناشئة للحصول على المال من أي طريق ولو كان عن طريق الإجرام والإفساد.
وعلاج الشذوذ في نظري يعتمد على منع أسبابه ودواعيه وذلك بالتربية الصالحة والتوجيه المستمر وإيجاد الجو الصالح للناشئة مادياً وثقافياً ومعنوياً وصرف نشاطهم في العمل الذي يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالنفع والفائدة كالرياضة والرحلات والمطالعة والسياحة والتدريب العسكري فإذا لم يجد هذا الأسلوب لجأ المربون إلى أسلوب الترهيب والعقوبة وذلك بتخويف الناشئ من عذاب الله واليوم الآخر وتوعده بالعقوبة العاجلة كالزجر والضرب والحبس.
يقول الدكتور عبد العزيز الخياط([76]): (فالتدريب على الصلاة والطهارة الجسدية والوضوء وفرض الاغتسال والصوم والدعوة إلى الاعتدال في المأكل والمشرب والدعوة إلى تعلم الرماية والسباحة وفنون القتال والإلزام بمكارم الأخلاق كلها من تعاليم الإسلام لمنع الجنوح والشذوذ بوازع العقل والضمير والتربية.
وإذا لم يجد أسلوباً التوجيه والترهيب فالأفضل عزل الشاب المنحرف في مكان خاص له ولأمثاله يعيشون فيه تحت المراقبة والتوجيه وهذا ما تحقق بالفعل في بلادنا ـ المملكة العربية السعودية ـ تحت هيأت الدولة دوراً للأحداث مزودة بكل ما يحتاجه الناشئة يقوم عليها مختصون في التربية وعلم النفس لدراسة حالات الأطفال وإيجاد الحلول المناسبة لكل حالة.
المبحث العاشر: رعاية المشردين
نقصد بالمشردين أولئك الأطفال الذين يتركون البيت والمدرسة ويجوبون في الشوارع والأزقة تتلقفهم أيدي الشر والفساد فتعلمهم الجريمة وتجرهم إلى الفساد وتلقنهم دروس السرقة والاعتداء على الآخرين حتى يصبح هؤلاء الشباب عالة على المجتمع ينخرون فيه كالسوس لا يمنعهم شرع ولا يردعهم ضمير لا يسمعون النصح ولا يصغون للتوجيه، همهم إشباع غرائزهم بأقصر الطرق وأسهلها وهنا لا بد أن تتضافر جهود المجتمع لانتشال هؤلاء من حمأة الرذيلة والأخذ على أيديهم حتى يثوبوا إلى رشدهم ويعودوا إلى ميدان الطهر والعفاف.
ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بتلمس أسباب التشرد ووضع العلاج الناجح لها ليتحصن شباب اليوم ورجال الغد ويكونوا في مأمن من الخطر.
ومن أهم أسباب التشرد في نظري ما يأتي :-
1ـ الفقر الذي يسيطر على كثير من الأسر والبيوت مما يضطر أفراد الأسرة وخصوصاً الشباب إلى البحث عن لقمة العيش بأي وسيلة ولو كانت من وسائل الشر والإجرام.
2ـ المشاكل العائلية الكثيرة التي تقع بين الآباء والأمهات وتخلق جواً اجتماعياً سيئاً يضطر صغار الأسرة إلى الابتعاد خارج البيت ومن هنا يبدأ التشرد والضياع.
3ـ حالات الطلاق التي يصحبها فقر المطلقة وعدم إنفاق الزوج عليها وعلى أولادها مما يضطرها للعمل لكسب لقمة العيش على حساب الأولاد الذين يفقدون المربي وينشؤون نشأة تشرد وضياع.
4ـ فراغ الشباب وعدم تهيئة الجو المناسب لهم لا سيما أنهم يحبون اللعب ويكرهون الحجر في البيت فإذا لم يهيأ لهم هذا الجو بحثوا عنه وكان تشردهم وضياعهم.
5ـ قرناء السوء الذين يجرون الطفل إلى الفساد ويحببون له الوقوع في الجريمة ويحجبون عنه جمال الفضيلة.
6ـ سوء معاملة الطفل من قبل والديه وأساتذته في المدرسة مما يضطره للبحث عن الجو الذي يجد فيه التشجيع وزرع الثقة في النفس ولو كان طريقاً للجريمة والفساد.
7ـ نشر الأفلام التي تدعوا إلى الدعارة والمجون وتزين الجريمة وترفع قدر المجرمين وذلك عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، ولعل هذا السبب من أخطر الأسباب التي تفتك في المجتمعات الإسلامية هذه الأيام لا سيما أن وسائل الإعلام تفننت في نشر الجريمة بطرق مختلفة وها نحن نسمع ونرى ما يحفل به من ينتسبون إلى الفن بكل صوره وأشكاله من مكانة وشهرة عبر وسائل الإعلام المختلفة.
وعلاج التشرد يكون بمنع أسبابه وهو العلاج الوقائي وبرعاية المتشردين وهو العلاج الواقعي وإليك أهم طرق العلاج الوقائي:-
1ـ القضاء على مشكلة الفقر وذلك بتكافل المجتمع المسلم وتعاونه بالطرق المشروعة كالزكاة الواجبة والصدقات المندوبة وإيجاد فرص العمل لكل قادر وإعطاء العاجزين من بيت المال ما يسد حاجتهم.
2ـ توفير الهدوء والراحة في البيت ومنع الوسائل المؤدية إلى الشقاق والخلاف وتجنب العتاب بين الزوجين أمام الأولاد وطاعة المرأة لزوجها وجعلها البيت مكاناً للسكن يأوي إليه الجميع للراحة والأنس وطرد التعب وبهذا يسعد الأولاد ويتعلقوا بالبيت أكثر من الشارع.
3ـ رعاية المطلقات والدعوة إلى حمايتهن وصيانتهن من الضياع والشقاء حتى يبقين بين أطفالهن حماية لهم من التشرد وذلك كله استجابة لقول الحق تبارك وتعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ}([77])، وقوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ}([78]).
4ـ ملء فراغ الأطفال والشباب وذلك بتعودهم على العبادة وتعليمهم فنون الحرب والفروسية وممارستهم فنون الرياضة من السباحة والقفز ولعب كرة القدم وغيرها وتعويدهم على المطالعة والقراءة ولا يتم ذلك إلا بتهيئة الأماكن اللازمة لذلك من النوادي النزيهة ومؤسسات رعاية الشباب التي ترعاهم رعاية إسلامية صادقة والمكتبات العامة التي تتوفر فيها كل وسائل المطالعة.
وقد عنى الإسلام بتوجيه المسلمين إلى هذا العمل الوقائي ــ يقول تعالى ــ: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}([79]).
ويقول تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}([80]).
5ـ اختيار رفاق الخير والابتعاد من قرناء السوء لأن رفيق السوء يجر صاحبه إلى الفساد والتشرد وقد حذرنا الله في محكم كتابه من قرناء السوء فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً}([81]).
6ـ إحسان معاملة الأسرة والمعلمين للأولاد تحقيقاً لدعوة الله جل وعلا إلى الإحسان في المعاملة يقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ}([82]).
ويقول تعالى … {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}([83]).
ويقول تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً}([84]).
7ـ منع التثقيف السيء من عرض أفلام الجنس والبطالة والتشرد والجرائم ومنع الكتب المنحرفة عن الأولاد لئلا يطلعوا على ما فيها فينخدعوا بالزيف والبهتان.
ما سبق أن بيناه هو العلاج الوقائي لمنع التشرد والضياع وأما إذا وجد وابتلي به المجتمع المسلم فلا يجدي معه إلا العلاج الواقعي وأهم طرقه ما يأتي:
1ـ جمع المتشردين وإيواؤهم في دور الأحداث وتعليمهم وإرشادهم على أساس من التربية الإسلامية الحقة.
2ـ إعادة المتشردين إلى أسرهم بعد إصلاح حال الأسر وحل مشكلاتهم.
3ـ فصل المشردين الأطفال عن المحكوم عليهم بقضايا الإجرام المختلفة لأن ذلك يفسد أخلاقهم ويهدم ما يبنيه المجتمع في دور الإصلاح.
4ـ تعويد الأطفال المشردين على العبادات الطيبة وزرع الأخلاق الفاضلة في نفوسهم وتلقينهم حرفة يستفيدون منها في معترك الحياة.
5ـ فتح أبواب العمل على مصاريعها وذلك بتشجيع الصناعة والزراعة وتهيئة الوسائل الكفيلة بالنهوض بالصناعة والزراعة وتشجيع العمالة الوطنية بقدر المستطاع([85]).
المبحث الحادي عشر: رعاية أبناء السبيل والمؤلفة قلوبهم والعبيد المكاتبين والغزاة المتطوعين
ـ أبناء السبيل:
هم المسافرون الذين انقطع بهم السفر وليس معهم ما يوصلهم إلى بلادهم فهؤلاء لهم حق في الزكاة الواجبة وهي أساس التكافل الاجتماعي في الإسلام.
ـ رعاية المؤلفة قلوبهم:
هم الذين أسلموا وقلوبهم ضعيفة من ذوي المكانة في قومهم نعطيهم ليقوى إيمانهم أو لكسب أتباعهم ليدخلوا في الإسلام.
ـ رعاية العبيد المكاتبين:
هم العبيد الذين كاتبهم أسيادهم على دفع مبلغ من المال حتى يحرروا أنفسهم من رق العبودية.
ـ رعاية الغزاة المتطوعين:
هم الجنود الذين يقاتلون لإعلاء كلمة الله ونشر الإسلام في ربوع المعمورة فهؤلاء تجب إعانتهم بكل ما يحتاجون إليه من السلاح والمركوب والأدوات والمصروفات.
وهذه الأصناف الأربعة الأخيرة أعني أبناء السبيل والمؤلفة قلوبهم والعبيد المكاتبين والغزاة المتطوعين سيأتي تفصيل الكلام عنهم إن شاء الله عند الحديث على الزكاة كوسيلة هامة من وسائل تحقيق التكافل.
ولا يفوتني في هذا المقام أن أشير إلى الخطوة المباركة التي سار عليها بيت الزكاة التابع لبيت التمويل الكويتي أحد المصارف الإسلامية العملاقة حيث استحدث نظاماً لمساعدة الأسر المتعففة يعتمد في تقييم مدى حاجة هذه الأسر على من يعرفهم من أهل الخير الثقات الذين يستطيعون توصيل المعونة إلى الأسر دون ضرورة معرفة أصحاب البيت بأسمائهم أو عناوينهم حفاظاً على تعففهم.
وتشمل الفئات التي يرى البيت أنها تستحق المعونة كل من ليس له عائل من الأرامل والمطلقات والأيتام والمرضى العاجزين عن القيام بعمل الكسب العيشي لأنفسهم ولمن يعولون والشيوخ الذين تجاوزت أعمارهم الستين والعاجزين كلياً من ذوي العاهات وأسر المفقودين وأسر السجناء والعاطلين عن العمل لأسباب خارجة عن إرادتهم والمرأة التي هجرها زوجها لأكثر من سنتين والطلبة الذين تفرغوا للعلوم النافعة للمسلمين وهم من أهل الحاجة وذوي الدخول الضعيفة وابن السبيل الذي يحتاج إلى معونة لتكملة سفره وبلوغ بلده والمدينين الذين استدانوا لمصلحة عامة أو خاصة نابعة من أمر مشروع كذلك يستحق إعانة بيت الزكاة كل مهتد دخل الإسلام حديثاً أو يوشك أن يدخل فيه لترغيبه بذلك كذلك جهات نشر الدعوة الإسلامية وسط غير المسلمين بشتى الوسائل والأنشطة الشرعية وكذلك مساعدة الأفراد المنكوبين مالياً أو صحياً والإنفاق على وجوه الخير العامة مثل المساجد ومراكز الدعوة والمشاريع العلمية وغيرها من أوجه الخير والبر عامة([86]).
الفصل الرابع
الوسائل العلمية لتحقيق التكافل
وتحته ثمانية مباحث
ـ المبحث الأول: الزكاة.
ـ المبحث الثاني: الكفارات.
ـ المبحث الثالث: النذور.
ـ المبحث الرابع: الوصايا.
ـ المبحث الخامس: الهبات.
ـ المبحث السادس: الأضاحي.
ـ المبحث السابع: الهدية.
ـ المبحث الثامن: الوقف.
الفصل الرابع
الوسائل العملية لتحقيق التكافل
كثيرة هي الوسائل العملية لتحقيق التكافل الاجتماعي في المجتمع المسلم وأبرز هذه الوسائل هي فريضة الزكاة التي أوجبها الله في أموال الأغنياء حقاً للفقراء بالإضافة إلى وسائل كثيرة شرعها الإسلام منها الواجب ومنها المستحب ومن أبرزها الكفارات والهبات والوصايا والأوقاف والنذور والأضاحي وغيرها مما سنتحدث عنه بمشيئة الله تعالى في هذا الفصل.
المبحث الأول: الوسيلة الأولى: الزكاة
1ـ تعريفها لغة واصطلاحاً:
الزكاة في اللغة: مصدر زكا الشيء إذا نما وزاد وزكا فلان إذا صلح .. فالزكاة هي البركة والنماء والطهارة والصلاح([87]).
وفي الاصطلاح حق مخصوص في مال مخصوص لطائفة مخصوصة.
وعرفها صاحب المغني([88]) فقال الزكاة في الشريعة حق يجب في المال وهو تعريف موجز لكنه غير كاف إذ هناك حقوق كثيرة تجب في المال غير الزكاة.
2ـ الأصل في مشروعية الزكاة:
الأصل في مشروعيتها الكتاب والسنة والإجماع.
فمن الكتاب قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}([89]). وقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}([90])، وقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}([91])، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة في كتاب الله التي تجاوزت الثمانين آية كلها ذكرت فيها الزكاة.
ومن السنة:
ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن فقال ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم ــ تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم([92]).
وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن أعرابياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان قال والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا([93]).
ومن الإجماع:
نقل صاحب المغني([94]) وغيره إجماع المسلمين في جميع الأعصار على وجوبها ويؤيد ذلك اتفاق الصحابة رضي الله عنهم على قتال ما نعيها فقد روى البخاري بإسناده عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر رضي الله عنه وكفر من كفر من العرب فقال عمر كيف نقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله فقال والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها قال عمر رضي الله عنه فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر رضي الله عنه فعرفت أنه الحق([95]).
3ـ على من تجب الزكاة([96]):
تجب الزكاة على المسلم الحر المالك للنصاب من أي نوع من أنواع المال الذي تجب فيه الزكاة شريطة أن يكون هذا المال فاضلاً عن الحاجات الضرورية التي لا غنى للمرء عنها كالمطعم والملبس والمسكن وأن يحول عليه الحول إلا إذا كان المال من الزروع والثمار فلا يشترط فيه حولان الحول بل تجب الزكاة فيه يوم الحصاد لقوله تعالى: {آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}([97]).
4ـ حكم من منع الزكاة:
الزكاة أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام التي لا يقوم إلا بها وقد حذر الإسلام من منعها والتساهل بأدائها ورتب على ذلك أشد العقوبات في الدنيا والآخرة أما الدنيا فقتال مانعها إذ هو مرتد خارج عن الإسلام يجب قتاله ليعود الحظيرة دين الله والدليل على ذلك إجماع الصحابة على قتال مانعيها في عهد أبي بكر الصديق بعد أن قال قولته المشهورة (والله لأقاتلن من فرق الصلاة و الزكاة… )([98]).
وقد بنى أبو بكر الصديق رضي الله عنه رأيه على أن الزكاة أخت الصلاة فكما أن الصلاة حق الله فالزكاة حق الفقراء والمساكين ومن في حكمهم وقد قرنهما الله تعالى في مواضيع كثيرة من كتابه قال تعالى: {أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ([99])، وقال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}([100]).
وأما العقوبة التي رتبها الله في الآخرة على مانع الزكاة فهي أليمة وشديدة لا تقوى عليها الأجسام الناعمة في الدنيا كيف لا وقد ورد وعيد مانعيها بالنار وساءت مصيراً عياذاً بالله من النار يقول تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ *يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ}([101]).
ومن السنة ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (تأتي الإبل على صاحبها على خير ما كانت إذا هو لم يعط فيها حقها تطأه بأخفافها وتأتي الغنم على صاحبها على خير ما كانت إذا لم يعط فيها حقها تطأه بأظلافها وتنطحه بقرونها …. الحديث)([102])، وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أيضاً قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من آتاه مالاً فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شبحاناً أقرع له زبيتان يطوفه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه يعني شدقيه ثم يقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}([103]) ([104]).
5ـ الأموال التي تجب فيها الزكاة:
لم يحدد القرآن الكريم الأموال التي تجب فيها الزكاة ولا مقاديرها ولا شروطها بل ذكر أشياء عامة مجملة وترك تفصيلها للرسول صلى الله عليه وسلم في سنته القولية والفعلية يقول تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}([105]).
وقد نص القرآن على وجوب الزكاة في أموال معينة وهي ما يأتي:
1ـ الذهب والفضة يقول تعالى : {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} ([106]).
2ـ الزروع والثمار يقول تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}([107]).
3ـ الكسب من تجارة وغيرها يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ}([108]).
4ـ الخارج من الأرض من معدن وغيره يقول تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَرْضِ}([109]).
وفيما عدا ذلك عبر القرآن عما تجب فيه الزكاة بكلمة عامة مطلقة وهي كلمة أموال في مثل قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}([110]).
وقوله تعالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}([111]) ([112]).
وهذا المال يشمل كل ما يتمول كالثروة الحيوانية والذهب والفضة والثروة التجارية والزروع والثمار والعسل والثروة المعدنية والبحرية والمستغلات من العمارات المؤجرة والمصانع ونحوها.
وقد وضع العلماء شروطاً لهذا المال الذي يجب فيه الزكاة وهي:
1ـ الملك التام للمال.
2ـ بلوغ النصاب.
3ـ أن يكون فاضلاً عن حوائجه الأصلية.
4ـ حولان الحول.
هذه أهم الشروط التي حصل فيها شبه اتفاق بين أهل العلم وهناك شروط مختلف فيها منها:
1ـ نماء المال.
2ـ استقرار الملك للنصاب.
3ـ سلامة المال من الدين.
فإذا توفرت هذه الشروط في المال أياً كان نوعه وجبت فيه الزكاة وصرفت في مصارفها الشرعية التي حددها القرآن.
6ـ مصارف الزكاة:
مصارف الزكاة أصناف حصرها الله في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}([113]).
وقد اعتنى القرآن الكريم عناية فائقة بمصارف الزكاة وحددها تحديداً دقيقاً لا يقبل الزيادة أو النقص وهي الأمر الوحيد في الزكاة التي حدده القرآن أما باقي أحكامها فقد أجملها وإذا بحثنا عن سر عناية القرآن بمصارف الزكاة اتضح لنا أن المهم ليس هو جباية الأموال وتحصيلها إذ قد تستطيع الحكومات جمع الأموال بوسائل شتى وقد تداعى قانون العدل في طريقة الجمع ونوعيته ولكن الأهم فيما يظهر لنا هو أين تصرف هذه الأموال بعد جمعها وهنا مكمن الخطر إذ قد نزل النفوس وتتعاطف القلوب ويتضح الميل والهوى فيأخذ المال من لا يستحقه ويحرم منه مستحقه.
فلا عجب إذن أن يهتم القرآن بمصارف الزكاة ويوليها عناية خاصة. يقول الدكتور يوسف القرضاوي([114]) (لقد عرف التاريخ المالي ألواناً كثيرة من الضرائب قبل الإسلام كانت تجبى من طوائف الشعب المختلفة طوعاً أو كرهاً ثم تجمع في خزانات الأباطرة والملوك لتنفق على أشخاصهم وأقاربهم وأعوانهم وفي كل ما يزيد أبهتهم ومتعتهم ويظهر عظمتهم وسلطانهم ضاربين عرض الحائط بكل ما تحتاجه فئات الشعب العاملة والضعيفة من الفقراء والمساكين فلما جاء الإسلام وجه عنايته الأولى إلى تلك الفئات المحتاجة وجعل لهم النصيب الأوفر في أموال الزكاة خاصة وفي موارد الدولة عامة وكان هذا الاتجاه الاجتماعي الرشيد سبقاً بعيداً في عالم المالية والضرائب والإنفاق الحكومي لم تعرفه الإنسانية إلا بعد قرون طويلة.
أولاً: المصرف الأول والثاني: (الفقراء والمساكين):
الفقراء هم المحتاجون الذين لا يجدون كفايتهم والمساكين الذين يجدون بعض كفايتهم لا كلها، فكل شخص لا يجد كفاية حاجته الأصلية له ولأولاده من أكل وشرب وملبس ومسكن ودابة وآلة حرفة ونحو ذلك مما لا غنى عنه فهو فقير يستحق الزكاة يؤيد هذا ما ورد في حديث معاذ (تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم)([115]).
فهنا الرسول صلى الله عليه وسلم جعل الأغنياء في مقابل الفقراء فالغني الذي تؤخذ منه الزكاة هو المالك للنصاب والفقير الذي ترد عليه الزكاة هو الذي لا يملك النصاب ولا يجد كفايته.
وليس هناك فرق بين الفقراء والمساكين من حيث استحقاق الزكاة إذ المساكين قسم من الفقراء وقد جاء في الحديث ما يدل على أن المساكين هم الفقراء الذين يتعففون عن السؤال ولا يتفطن لهما لناس روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان ولكن المسكين الذي ليس له غنى ويستحيي ولا يسأل الناس إلحافاً)([116]).
مقدار ما يعطي الفقير والمسكين من الزكاة كفاية الفقير وسد حاجته فيعطي منها ما يسد حاجته ويكفيه في شؤون المأكل والمشرب والملبس والمسكن والمركب وذلك كله يختلف باختلاف الأموال والأشخاص علماً أن الفقير الذي يجد في نفسه النشاط والقوة ويقدر على الاكتساب لا حظ له فيها أبداً.
ثانياً: المصرف الثالث: (العاملون عليها):
وهم الذين يوليهم الإمام أو نائبه العمل على جمع الزكاة من الأغنياء ويدخل فيهم الحفظة لها والرعاة لأنعامها والكتبة لديوانها ويجب أن يكونوا من المسلمين وألا يكونوا ممن تحرم عليهم الصدقة ويجوز يكونوا من الأغنياء.
ثالثاً: المصرف الرابع: (المؤلفة قلوبهم):
وهم الجماعة الذين يراد تأليف قلوبهم وجمعها على الإسلام أو تثبيتها عليه لضعف إسلامهم أو كف شرهم عن المسلمين أو جلب نفعهم في الدفاع عنهم.
رابعاً: المصرف الخامس: (وفي الرقاب):
أي الرقاب من أسر الرق وقيده وذلك بأن يعان المكاتب وهو العبد الذي كاتبه سيده واتفق معه على أن يقدم له مبلغاً معيناً من المال يسعى في تحصيله فإذا أداه إليه حصل على عتقه وحريته وقد أمر الله المسلمين أن ــ يكاتبوا من رقيقهم كل من أراد ذلك وعلموا فيه خيراً كما أمرهم بمساعدتهم على وفاء ما التزموا به يقول تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}([117]).
ويشمل قوله تعالى: (وفي الرقاب) أن يشتري الرجل من زكاة ماله عبداً أو أمة فيعتقها أو يشترك هو وغيره في شرائها وعتقها أو يشتري ولي الأمر بشئ مما يجيبه من مال الزكاة عبيداً وإماء فيعتقهم وبهذا يقل الرق تدريجياً حتى ينعدم… ويعتبر الإسلام بتشريعه الخالد أول نظام يحمي هذه الفئة من البشر ويمد لها يد العون ويحث على عتقها بوسائل مختلفة فليفهم من العقلاء وليسكت الجهلاء.
خامساً: المصرف السادس: (الغارمون):
الغارمون جمع غارم والغارم هو الذي عليه دين وهم قسمان:
1ـ الغارمون لمصلحة أنفسهم:
هم الغارمون الذين استدانوا في مصلحة أنفسهم كأن يستدينوا في نفقة أو كسوة أو علاج مرضي أو زواج أو بناء مسكن أو شراء أثاث أو تزويج ولد أو أتلفوا شيئاً على غيرهم خطأ أو سهواً أو نحو ذلك ومن هذا الصنف أولئك الذين فاجأتهم كوارث الحياة ونزلت بهم جوائح اجتاحت ما لهم واضطرتهم الحاجة إلى الاستدانة لأنفسهم وأهليهم. ويعطي هذا النوع من الغارمين مقدار ما يسد ديونهم فقط.
2ـ الغارمون لمصلحة غيرهم:
هذا النوع من الغارمين فئة من أصحاب المروءة والمكرمات والهمم العالية عرفها المجتمع الإسلامي طيلة عصوره الزاهرة وهم الذين يعزمون لإصلاح ذات البين وذلك بأن يقع بين جماعة عظيمة كقبلتين أو أهل قريتين تشاجر في دماء أو أموال ويحدث بسببها الشحناء والعداوة فيتوسط الرجل بالصلح بينهما ويلتزم في ذمته مالاً عوضاً عما بينهم ليطفئ الثائرة ولا شك أن عمله أمر طيب وجميل فكان من المناسب حمله عنه من الزكاة ليكون ذلك حاملاً للناس على فعل المروءات والمسارعة إلى المكارم([118]).
سادساً: المصرف السابع: (في سبيل الله):
جمهور أهل العلم على أن المراد بهذا المصرف الغزو وأن سهم (سبيل الله) يعطي للمتطوعين من الغزاة الذين ليس لهم مرتب من الدولة وعليه فقد أوجب الإسلام على الدولة الإسلامية والأغنياء الذين تجب عليهم الزكاة تجهيز الغزاة المتطوعين بكل ما يحتاجون إليه من السلاح والمركوب والأدوات ــ والمصروفات الأخرى ثم إن على الدولة والأغنياء رعاية أسر الغزاة بالإنفاق عليها طيلة غياب المجاهد في سبيل الله وحتى لو استشهد الغازي في سبيل الله وجبت رعاية أسرته والعناية بها والإنفاق عليها حتى يكبر الأولاد ويقوموا برعاية أسرهم وإذا صدق الأغنياء في إعطاء هذا المصرف حقه من العناية والاهتمام فإن قافلة الإسلام تسير وتقوى والجهاد في سبيل الله يستمر إذ المجاهد كثيراً ما يخاف على أسرته من بعده فإذا تأكد له أنها ستلقى الرعاية والعناية كان هذا من أعظم التشجيع له للثبات والاستمرار في طريق الجهاد.
سابعاً: المصرف الثامن: (ابن السبيل):
المراد به المسافر المنقطع عن بلده فهذا يعطي من الزكاة ما يستعين به على تحقيق مقصده وذلك إذا لم يتيسر له شيء من ماله نظراً لفقره العارض وهل يشمل الفقير والغني أم يعطي الفقير فقط ويعطي الغني قرضاً يرده بعد بلوغ مقصده قولان لأهل العلم.
ولقد سبق الإسلام جميع النظم الوضعية التي تتبجح بالتكافل الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية وذلك بتخصيص سهم من مصارف الزكاة لأولئك الذين انقطع بهم الطريق وتلك خطوة رائدة في تحقيق التكافل الاجتماعي حتى في الحالات الطارئة التي تعرض للناس كالانقطاع في السفر.
يقول الدكتور يوسف القرضاوي([119]) (إن عناية الإسلام بالمسافرين الغرباء والمنقطعين لهي عناية فذة لم يعرف لها نظير في نظام من الأنظمة أو شريعة من الشرائع وهي لون من ألوان التكافل الاجتماعي فريد في بابه فلم يكتف النظام الإسلامي بسد الحاجات الدائمة للمواطنين في دولته بل زاد على ذلك برعاية الحاجات الدائمة للمواطنين في دولته بل زاد على ذلك برعاية الحاجات الطارئة التي تعرض للناس لأسباب وظروف شتى كالسياحة والضرب في الأرض وخاصة في عصور لم تكن في طرق المسافرين بها فنادق أو مطاعم أو محطات معدة للاستراحة كما في عصرنا.
المبحث الثاني: الوسيلة الثانية: الكفارات
قد يتعرض الإنسان في بعض الحالات إلى الضعف عن القيام بالواجب وارتكاب شيء من المخالفات وقد شرع الله الحكم لهذا التقصير عقوبة مالية أو عقوبة تؤول إلى المال يكون فعلها امتثالاً لأمر الله ولأجل دفع إثم التقصير وتدارك ما فات من خطأ ويكون لها في نفس الوقت أثر في تربية النفس على الطاعة والامتثال وهي أيضاً عون للفقراء والمساكين ترفع عنهم شيئاً من ذل الفقر والفاقة وتكون لبنة تسد ثغرة في بناء التكافل الاجتماعي في الإسلام.
وهذا الحكم الذي شرعه الله في مثل هذه الحالات هو ما يسمى بالكفارات في الفقه الإسلامي ومنها ما يأتي:
1ـ كفارة اليمين:
اليمين هو الحلف بالله أو باسم من أسمائه أو صفة من صفاته فلا يكون يميناً أي لفظ آخر ولا يصح الحلف بغير الله كالنبي والرسول والكعبة والأب والأم والحياة وغير ذلك.
فمن حلف أن لا يفعل كذا وكذا ففعل أو حلف أن يفعل كذا فلم يفعل فعليه كفارة يمين وهي المذكورة في قوله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}([120]).
2ـ كفارة الظهار:
كان الظهار في الجاهلية طلاقاً ولما ظاهر أوس بن الصامت من زوجته خولة بنت ثعلبة جاءت تشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر وقالت للرسول بأن لديها صبياناً وإن أباهم أعمى فإن ضمتهم إليه ضاعوا وإن بقوا عندها جاعوا فأنزل الله هذه الآيات القرآنية تأمره بالكفارة عن هذا القول الزور (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنْ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}([121]).
لقد أوجب الله على المظاهر عتق رقبة فإذا لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً يعطي كل مسكين مداً من غالب قوت أهل البلد وهذه الكفارة لها وقعها في نفوس الفقراء والمساكين.
3ـ كفارة وطء المرأة الحائض:
حرم الله جل وعلا جماع المرأة الحائض والنفساء حال الحيض والنفاس وقد ذكر ذلك في محكم كتابه العزيز مخاطباً نبيه محمد صلى الله عليه وسلم {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}([122]) .
فإن وطئ الحائض في الفرج أثم واستغفر الله تعالى لأنه أتى جرماً عظيماً وعليه مع التوبة والاستغفار الكفارة وهي دينار أو نصف دينار قيل على سبيل التخيير وقيل إن كان الدم أحمر فدينار وإن كان أصفر فنصف دينار وقيل إن كان في أول الحيض فدينار وإن كان في آخره فنصف دينار([123])، وهذه الكفارة تعطي الفقراء والمساكين وهي عائد له أثره في بناء التكافل الاجتماعي.
الكفارات التي تتعلق في رمضان:
4ـ كفارة الجماع في نهار رمضان:
حرم الإسلام الجماع في نهار رمضان وأوجب على من أقدم عليه كفارة لتكون زجراً له عن العود في مثل هذا الجرم وهذه الكفارة عبارة عن عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً والأصل في ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال هلكت يا رسول الله قال: (وما أهلكك) قال وقعت على امرأتي في رمضان قال: (هل تجد ما تعتق رقبة) قال لا قال: (فهل تستطع أن تصوم شهرين متتابعين) قال لا قال: (فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً) قال لا قال: ثم جلس فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر والعرق([124]) المكتل قال: (أين السائل) فقال أنا قال: (خذها فتصدق به) فقال الرجل أعلى أفقر مني يا رسول الله فو الله ما بين لأبيتها يريد الحرتين أهل بيت أفقر من أهل بيتي فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال أطعمه أهلك)([125]).
5ـ الكفارة التي يدفعها الشيخ الهرم العاجز عن صيام رمضان:
أباح الشرع المطهر الفطر في رمضان لكبار السن العاجزين عن الصيام وكذلك المرضى بأمراض مزمنة لا يرجى برؤها وأوجب عليهم كفارة هي إخراج مد من الطعام من غالب قوت البلد عن كل يوم يفطر فيه الشيخ أو المريض وهذا غاية التيسير في الإسلام إذ لم يطلب من الناس إلا ما يستطيعونه ثم إن في ذلك رعاية لجانب الفقراء والمساكين الذين يستفيدون من هذه الكفارة وهذا نوع من أنواع التكافل الاجتماعي في الإسلام.
6ـ الكفارة التي تدفعها الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان:
أباح الإسلام للحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما أو ولديهما الفطر في رمضان وأوجب عليهما إذا خافتا على ولديهما مع القضاء كفارة وهي إخراج مد من الطعام من غالب قوت البلد عن كل يوم يفطرانه وهذا عين المصلحة لهما ولولديهما وهو أيضاً جانب من جوانب التكافل الاجتماعي إذ تصرف هذه الكفارة للفقراء والمساكين.
7ـ الكفارة التي يدفعها من أخر صيام شيء من رمضان إلى ما بعد رمضان آخر:
أوجب الإسلام على من أفطر في رمضان لعذر ـ ما ـ القضاء وندب إلى الإسراع فيه لأنه أبرأ للذمة وألزم من آخر القضاء من غير عذر إلى رمضان آخر كفارة وهي مد من الطعام من غالب قوت البلد يدفعها عن كل يوم أخره وتصرف للفقراء والمساكين وتتكرر هذه الكفارة بتكرر السنين.
الكفارات التي تتعلق بالحج:
8ـ الكفارة التي يدفعها من ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام:
إذا ارتكب الحاج محظوراً من محظورات الإحرام غير الوطء كحلق الشعر ولبس المخيط ومس الطيب لزمه أن يذبح شاة أو يطعم ستة مساكين كل مسكين نصف صاع من غالب قوت مكة أو يصوم ثلاثة أيام وهذه الكفارة على التخيير والأصل في ذلك قوله تعالى: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}([126]).
9ـ الكفارة التي يدفعها من قتل الصيد وهو محرم:
من قتل شيئاً من الصيد وهو محرم لزمه أن يذبح مثله من النعم ويقدمه للفقراء والمساكين فإن لم يجد جزاء الصيد قوم الجزاء بدراهم ثم قومت الدراهم طعاماً وصام عن كل نصف صاع من الطعام يوماً والأصل في جزاء الصيد قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ}([127]). وقد قضى السلف رحمهم الله في النعامة ببدنه وفي حمار الوحش وبقر الوحش ببقرة وفي الحمامة بشاة وفي الضبع بكبش وفي الغزال بعنز وفي الأرنب بعناق وفي الثعلب بجدي وفي اليربوع بجفرة.
10ـ الكفارة التي يدفعها من ترك واجباً من واجبات الحج:
إذا ترك الحاج الإحرام من الميقات أو المبيت بمزدلفة أو المبيت بمنى أو رمي الجمرات أو طواف الوداع وجب عليه في كل هذه الأحوال فدية وهي شاة يذبحها في الحرم ويفرقها على مساكينه .. تلك أهم الكفارات التي يدفعها المسلم إذا أخل بواجب من الواجبات الشرعية أو انتهك محظوراً من محظورات الشرع وهي تدل على سماحة الإسلام ويسره إذ جعلها كفارة عن الذي وقع في المعصية وهي في نفس الوقت رعاية لفئة من فئات المجتمع وهم الفقراء والمساكين إذ كل هذه الكفارات تعود إليهم ويستفيدون منها وذلك لون بارز من ألوان التكافل الاجتماعي لا مثيل له في غير الإسلام.
المبحث الثالث: الوسيلة الثالثة: النذور
الوفاء بالنذر من علامة المؤمنين الصادقين فعلى كل مسلم نذر نذراً الوفاء به في كل حال إلا إذا كان نذر معصية والأصل في ذلك قوله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً}([128]).
وإذا لم يستطع المسلم الوفاء بنذره لسبب من الأسباب أو رأى أن عدمه أولى لزمته الكفارة وهي كفارة يمين عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام .. يقول تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}([129]).
المبحث الرابع: الوسيلة الرابعة: الوصايا
شرع الله الوصية في ثلث ما يملكه المسلم فأقل وهي باب من أبواب الخير يجري بعد وفاة صاحبه يصل بها المؤمن أهله وأقاربه الذين لا يرثون ويسعد به فقراء المسلمين ومساكينهم وقد جعلها القرآن قبل توزيع التركة .. يقول تعالى بعد أن حدد نصيب كل صاحب فرض{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ}([130]).
ويؤكد القرآن أن الوصية حق على المتقين فيقول: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ}([131]). وقد وردت أحاديث كثيرة تأمر بالوصية وتحث عليها وتحدد قدرها من ذلك ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)([132]). وما رواه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: (عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع من وجع أشفيت منه على الموت فقلت يا رسول الله بلغني ما ترى من الوجع وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنه لي واحدة أفأ تصدق بثلثي مالي قال لا قال قلت أفأ تصدق بشطرة قال لا الثلث والثلث كثير إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى اللقمة تجعلها في فيّ امرأتك([133])… الحديث).
المبحث الخامس: الوسيلة الخامسة: الهبات
يتقبل بيت المال الهبات والتبرعات من مختلف فئات الناس ويصرفها في طريقها المشروعة على الفقراء والمساكين والمشاريع التي تخدم المجتمع المسلم. وعلى الحاكم المسلم دعوة ذوي اليسار إلى التبرع لكل مشروع خيري كتجهيز الجيوش لنشر الإسلام وصد العدوان عن المسلمين وقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تجهيز جيش العدة ولبى الصحابة النداء وتسابقوا على التبرع بالأموال والسلاح والعتاد حتى أن النساء تبرعن بحليهن وقد ظهرت مواقف خالدة لبعض الصحابة كعثمان بن عفان رضي الله عنه.
ومن المشاريع الخيرية التي يدعو الحاكم المسلم ذوي اليسار للتبرع لها إنشاء المستشفيات لعلاج المرضى، وإرسال البعثات لطلب العلم، وإصلاح الطرقات وغير ذلك مما يخدم مصلحة المسلمين .
المبحث السادس: الوسيلة السادسة (الأضاحي)
الأصل فيها قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}([134]) وهي ما شرعه الله في يوم عيد الأضحى حيث ندب المسلمين للتقرب إليه بذبح ضحاياهم عن أنفسهم وعن أمواتهم.
وهذه الأضاحي لها أثر بالغ في إسعاد الكثير من الأسر الفقيرة ولا سيما في يوم العيد إذ ينبغي أن ترتسم البسمة على شفاه الجميع ومن هنا تعظم مسؤولية أصحاب الثراء الذين يملكون الأموال الطائلة ويتنعمون بها وإلى جانبهم فئة من المجتمع تقاسي آلام الحرمان والبؤس وتا الله لو انقاد المجتمع المسلم لتعاليم الإسلام وأخذ الأغنياء بيد الفقراء لما بقي في الأمة جائع أو عار ولكنه الجشع والطمع نسأل الله العفو والعافية
المبحث السابع: الوسيلة السابعة: الهدية
دعا الإسلام إلى كل أمر فيه تقوية لروابط الأخوة الإسلامية بين الناس ومن ذلك الهدية لما لها من أثر على النفوس وتطييبها وإن قلَّت وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهدي ويهدي إليه ويقبل الهدية ويجزي عليها وقد نهى الإسلام عن العود في الهدية لأنها شرعت في أصلها لتطييب النفوس وتقوية الروابط وإذا تفشت الهدية في المجتمع المسلم دل ذلك على ترابطه وتماسكه وهي دونما شك لبنة في بناء التكافل الاجتماعي في الإسلام.
المبحث الثامن: الوسيلة الثامنة: الوقف
شرع الإسلام صدقة الوقف وجعلها من الصدقات الجارية التي تلحق العبد بعد موته ولن يلحقه غيرها من المال الذي يتركه وراءه ولذلك يقول تعالى في محكم كتابه محبباً لعباده الصدقات من أعز أموالهم {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} ([135]).
وقد لبى الرعيل الأول هذا النداء وتصدقوا بأعز ما يملكون طيبة به نفوسهم روى البخاري بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالاً من نخل وكان أحب ماله إليه بيرحاء مستقبلة المسجد وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب قال أنس فلما نزلت{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}([136]). قام أبو طلحة فقال يا رسول الله إن الله يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}([137]).
وإن أحب أموالي إليّ بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها حيث أراك الله فقال بخ ذلك مال رابح أو رايح وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين قال أبو طلحة أفعل ذلك يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وفي بني عمه([138]).
ورى البخاري بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما قال أصاب عمر بخيبر أرضاً فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أصبت أرضاً لم أحب مالاً قط أنفس منه فكيف تأمرني به قال إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها فتصدق عمر أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث في الفقراء والقربى والرقاب وفي سبيل الله والضيف وابن السبيل لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقاً غير متمول فيه([139]).
وبعد ـ
فالإسلام لا يقرر للطوائف التي تستحق التكافل الاجتماعي حقها فيه إلا بعد أن تستنفد هي وسائلها الخاصة في الارتزاق حرصاً على الكرامة الإنسانية ولكي يكون لكل فرد مورد رزق يملكه ولا يخضع فيه حتى للجماعة، لذلك حث على الاستغناء عن طريق العمل وجعل واجب الجماعة الأول تهيئة العمل لكل فرد وبهذا المنهج السليم يجمع الإسلام بين الحرص على أن يعمل كل فرد بما في طاقته لئلا يرتكز على الإعانة الاجتماعية فيتبطل والحرص على أن يعين المحتاج بما يسد خلته ويرفع عنه ثقل الضرورة ووطأة الحاجة وييسر له الحياة الكريمة.
ولو صدق المجتمع المسلم في تطبيق هذه الوسائل العملية التي شرعها لتحقيق التكافل الاجتماعي لتحقق الشيء الكثير مما تصبوا إليه أمة الإسلام فما أجمل أن يتعاون الجميع على البر والتقوى في إقامة عدالة اجتماعية كريمة ينعم بها الفقير بنعمة الأخوة الرحيمة ويجد المحتاج من بني قومه من يشاطره آلامه ويفرج عن همومه وأحزانه.
الفصل الخامس
مظاهر تحقيق التكافل الاجتماعي في الإسلام
وتحته ثمانية مباحث
المبحث الأول: التكافل العائلي.
المبحث الثاني: التكافل بين أبناء الحي والقرية والبلد.
المبحث الثالث: الجمعيات التعاونية.
المبحث الرابع: إصلاح الطرقات.
المبحث الخامس: بناء المدارس.
المبحث السادس: بناء المستشفيات ودور العلاج.
المبحث السابع: بناء الملاجئ للعجزة وأصحاب العاهات.
المبحث الثامن: توفير أسباب العيش للفقراء.
الفصل الخامس
مظاهر تحقيق التكافل الاجتماعي في الإسلام
هناك مظاهر كثيرة لتحقيق التكافل الاجتماعي في الإسلام منها العائلي، وتكافل أهل الحي الواحد، وإنشاء الجمعيات الخيرية المختلفة، وإنشاء الطرق، والمدارس، والمستشفيات، والملاجئ، والمساكن للمحتاجين وسنأتي عليها بشيء من التفصيل إن شاء الله.
المبحث الأول: التكافل العائلي
كل عائلة في المجتمع المسلم يوجد فيها أفراد أغنياء وآخرون متوسطو الحال وآخرون فقراء وقل أن توجد عائلة تخلو من هذه الأصناف الثلاثة وهنا لو قام الصنفان الأولان برعاية الصنف الثالث والأخذ بيده وإعطائه شيئاً مما عندهم من المال لما وجد في العائلة فقير أو ذو حاجة ولتحقيق هذا المطلب يحسن أن تضع العائلة صندوقاً خيرياً تنفق عليه ويكون مورده من أصحاب اليسار في العائلة كل حسب غناه وتصرف ميزانية هذا الصندوق للمحتاجين والضعفاء وذوي العاهات والقصر من أبناء العائلة وبهذه الوسيلة نقضي على الفقر في العائلة الواحدة ومن ثم نصحح وضعاً اجتماعياً على مستوى المجتمع ويكسب المنفق أجرين أجر الصدقة وأجر الصلة.
المبحث الثاني: التكافل بين أبناء الحي والقرية والبلد
تنطلق فكرة هذا النوع من التكافل بأن يقوم مجموعة من أبناء الحي أو القرية أو البلد بدور إيجابي في جمع أموال الزكاة والهبات والوصايا وتوزيعها توزيعاً دقيقاً على الفقراء وهذا المشروع الخيري لا بد أن تتضافر فيه جهود وجهاء البلد وأغنياؤهم وشبابهم وإذا تم مثل هذا الأمر استطاع المجتمع الصغير أن يقف في وجه المبادئ الضالة التي تحاول التغلغل إلى بلاد المسلمين بحجة مساعدة الفقراء والمساكين.
يقول الأستاذ عبد الله علوان([140]): (… لو قام المسلمون بهذا الواجب في كل حي وفي كل قرية وفي كل بلد لسدوا كل باب من أبواب الشكوى والحرمان ولقضوا على كل عامل من عوامل الفقر والحاجة ولما تركوا مجالاً للعقائد الضالة والمبادئ الإلحادية المستوردة أن تعمل عملها في مجتمعنا المسلم وبلد الوحي والنبوات بحجة محو الفقر مع أنها أبعد ما تكون عن ذلك).
المبحث الثالث: الجمعيات التعاونية
لقد جاء الإسلام بالحث على الإنفاق في وجوه البر المختلفة فأوجب الزكاة في مال الغني حقاً للفقير وأوجب الكفارات والنذور، وندب إلى وجوه الإنفاق المختلفة كالصدقة والهبة والعارية والضيافة.
وهذا المنهج الفريد في الإسلام ينبغي أن يكون أساساً للجمعيات التعاونية التي تقوم في كل بلد مسلم تتولى جمع هذه الأموال وتنميتها وتوزيعها بمعرفتها على الفقراء والأيتام والأرامل في كل بلد والفرق بين هذه الجمعيات ولجان التكافل في الأحياء أن الأولى تخضع لقيادة مركزية تتولى إدارة شؤونها ووضع ميزانيتها وتعيش العاملين فيها وتخصص العطاءات المناسبة من المال لكل بلد توزع على فقرائه ومحتاجيه وبهذه الوسيلة الناجحة نقضي على مشكلة من أعقد المشاكل التي تواجهها مجتمعاتنا الإسلامية ويجد الأعداء من خلالها ثغرة مفتوحة يصلون منها إلى الأكباد الجائعة والعيون الدامعة والبطون الخالية ويغررون بهم لإبعادهم عن دينهم وتزيين الشعارات الزائفة لهم لعل أوضح شاهد على أقوال ما يفعله المضللون النصارى في هذه الأوقات في أفريقيا الخضراء وما تعانيه شعوب هذه المنطقة من قسوة الحياة والحرمان وعدم المبالاة من المسلمين في كل مكان. ولا سيما الأغنياء الموسرون الذين بإمكانهم الوقوف في وجه النصارى وسد الأبواب أمامهم. فهل يعي المسلمون واجبهم ويؤدوا ما فرض الله عليهم لينعموا في الدنيا والآخرة أرجو أن يتحقق ذلك في القريب العاجل بمشيئة الله.
المبحث الرابع: إصلاح الطرقات
الدولة المسلمة ملزمة بإصلاح الطرقات لتربط بها بين المدينة والقرية لتسهيل حركة المواصلات ولتأخذ كل قرية ومدينة في طول البلاد وعرضها نصيبها الوافي من المشاريع والمنشآت لينعم أفراد المجتمع بالسعادة ويتوفر لهم كل متطلبات الحياة وإذا عجزت الدولة عن الإنفاق على هذا المرفق الهام لسبب ما، فإن على الأغنياء أن يبذلوا من أموالهم ويساهموا بسخاء في كل المشاريع الخيرة ليسدوا الحاجة وتلك لعمر الله من الصدقات الجارية التي نوَّه عنها الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم بقوله: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)([141]).
بهذا يتضح أن إصلاح الطرقات أحد معالم التكافل الاجتماعي في الإسلام لأنها تستخدم من قبل أفراد المجتمع وفي إصلاحها تيسير على الناس لقضاء حوائجهم دون عناء أو تعب سواء أكانوا من سكان المدن أو القرى أو الأرياف.
المبحث الخامس: بناء المدارس
إن بناء المدارس والمؤسسات التعليمية على اختلاف أشكالها وأنواعها يعتبر معلماً من معالم التكافل الاجتماعي في الإسلام ذلك أن الأمة تقاسي بما وصلت إليه من تحصيل وتطور في العلوم الشرعية وما يدور في فلكها من علوم الدنيا المختلفة ولكي تصل في العلوم الشرعية وما يدور في فلكها من علوم الدنيا المختلفة ولكي تصل الأمة الإسلامية إلى هذا المستوى الرفيع الذي ننشده جميعاً لا بد من بناء المدارس وتشييد المعاهد ودور البحث ومعامل الاختراع وهذا واجب شرعي على كل مسلم قادر يساهم فيه بالرأي والمال انطلاقاً من قول الحق تبارك وتعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ}([142]).
ففي الآية أمر عام لكل المسلمين بإعداد ما يستطيعون من قوة مهما كان حجمها وتكلفتها ولن نكون مؤدين ما تحمله معاني هذه الآية حتى يرهبنا أعداؤنا في كل عصر ومصر ومن أبرز وسائل تحقيق هذا الهدف الساعي بناء دور العلم وقلاع التحصين وتشييد مصانع الرجال ومتى عجزت الدولة عن بناء هذه المدارس وجب على ذوي اليسار من المسلمين سد هذا النقص ليحققوا معنى الخلافة على المال ومن رفض منهم جاز للدولة الإسلامية أخذ شيء من ماله مما تمس له الحاجة شريطة وضعه في مصالح المسلمين العامة كبناء المدارس وخلافها.
المبحث السادس: بناء المستشفيات ودور العلاج
على الدولة المسلمة بناء المستشفيات وتشييد دور العلاج بقدر ما تستطيع وإحضار الأدوية اللازمة والأطباء المهرة لعلاج مختلف الأمراض إذا لا يمكن أن يؤدي المجتمع المسلم دوره في هذه الحياة إلا بأجسام سليمة قوية وينبغي ألا يكون هناك فرق بين المدينة والقرية ولا بين الأغنياء والفقراء بل المجتمع يتلقى العلاج المجاني بيسر وسهولة وليس هناك داء إلا وله دواء بإذن الله يقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم : {ما أنزل داء إلا أنزل له شفاء } ([143]).
وإذا ما عجزت الدولة المسلمة عن الإنفاق على هذا المشروع الخيري الهام فلها الحق أن تطالب ذوي اليسار بالمساهمة في هذا السبيل الذي يعتبر من أعظم المشاريع الخيرية التي تحفظ سلامة الأفراد من الأمراض الخطيرة ولن يعدم المساهمون بهذا المشروع الأجر الكبير والدرجات العلى بإذن الله طبقاً لما جاء على لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم : (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)([144]).
والمال لا خير فيه إذا لم يصرف في وجوه البر المختلفة إذ المال النافع ما يقدم المسلم أمامه وأما ما يتركه وراءه فإنما هو مال الورثة وحسابه عليه يقول صلى الله عليه وسلم : (أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ قالوا: يا رسول الله، ما منا أحد إلا ماله أحب إليه. قال: فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر)([145]).
المبحث السابع: بناء الملاجئ للعجزة وأصحاب العاهات
يعتبر بناء الملاجئ للعجزة وذوي العاهات مظهراً من مظاهر تكافل المجتمع المسلم ذلك أن على الدولة المسلمة أن تهيئ سبل العيش الرغيد لهذه الفئة من المجتمع وتأخذ بأيديهم وتشعرهم أنهم جزء من المجتمع تهتم بهم كغيرهم من أفراد المجتمع وإذا عجزت الدولة عن الإنفاق عليهم أو قصرت في ذلك فعلى أغنياء كل بلد أن يراعوا حق إخوانهم العاجزين ويبنوا لهم دوراً يجتمعون فيها يتوفر فيها المأكل والمشرب والملبس وخلاف ذلك من الحاجات الأساسية كالأدوية ووسائل التعليم وغيرها وكذلك تزود بالكفاءات الجيدة التي تعلم العجزة وذوي العاهات شيئاً من المهن والحرف يتكسبون بها من يستطيع منهم ليصبح عضواً نشطاً في مجتمعه وعلى أولئك الذين يقومون على شؤون العاجزين أن يخلصوا في عملهم ويقصدوا به وجه الله ويخدموا إخوانهم المسلمين بجد ونشاط ويدخلوا عليهم السرور ولهم بذلك الأجر الجزيل عند الله سبحانه وتعالى والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
المبحث الثامن: توفير أسباب العيش للفقراء
يوجب الإسلام على الدولة المسلمة توفير أسباب العيش للمواطنين وذلك ببناء المصانع وإنشاء الشركات ليعمل فيها المواطنون ويكونوا لبنات صالحة في المجتمع تعطي وتأخذ بقدر ما أتيح لها من مجالات العمل، فعلى الدولة أن تيسر أمور الزراعة والحرث وتوجد المساكن المؤثثة وبذلك يجد المواطن الفقير بغيته فإن كان من ذوي الخبرة بالمهن والحرف وجد مجالات العمل مفتوحة أمامه وإن كان من أرباب الخبرة في أمور الزراعة والحرث وجد الأرض المهيأة والإعانات المتاحة وفي كل حال يجد السكن المريح وتاالله لو أنصف الأغنياء من أنفسهم وتنازلوا عن شيء يسير من ثرواتهم لإخوانهم الفقراء وقامت الدولة بإخلاص ونية صادقة في تصريف أموالها وما يفيض من أموال الأغنياء لو حدث ذلك كله لما وجد على ظهر الأرض مسلم فقير يمد يده للناس بذلك نحقق قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}([146]).
ومن أبرز مظاهر التعاون على البر والتقوى أن يبذل المسلم المال متى احتاج إليه إخوانه المسلمون والمسلم الحق لا يرضى أن يوجد جائع ولا عار وهو يقدر على إنقاذه ومد يد العون له.
يقول الأستاذ عبده اليمني([147]): (وإذا ما بقي بعض الأفراد من ذوي النفوس الشحيحة لم يشتركوا بالمساهمة في سبيل الله والمسلمون في حاجة فللحكومة أن تستعمل العنف لتأخذ للفقراء حقوقهم من هذا البخيل رضي أم سخط لأن هذا المال لصالح المسلمين جميعاً فيجب أن يصرف في كل طريق يعود نفعها للصالح العام…)انتهى كلامه.
إن الإسلام يحث على العمل بجد وإخلاص ويرغب فيه مع المراقبة التامة لله في كل الحركات والسكنات يقول تعالى: {وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}([148]).
ويقول تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}([149])… فإذا ما توافرت الرغبة في العمل لدى المعوزين ووجدت مجالاته تشجع أفراد المجتمع وأقبلوا على العمل برغبة صادقة وعزيمة لا تعرف الكلل وإذا وجد في الوضع من يشكو ضعف الحال أو يتكفف الناس أخذ على يديه ومنع من سلوك هذا الطريق المشين وأعطى ما يناسبه من العمل وفق الله المسلمين لتوحيد الصفوف وسد الثغرات وسلوك دروب الخير والصلاح.
الفصل السادس
التكافل الاجتماعي
في المملكة العربية السعودية
وتحته مبحثان
المبحث الأول: الرعاية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية.
المبحث الثاني: الضمان الاجتماعي في المملكة.
المبحث الأول: الرعاية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية
تعنى المملكة العربية السعودية عناية فائقة بهذا النوع من أنواع التكافل الاجتماعية وتهيئ السبل الكفيلة لأولئك العاجزين ليحيوا حياة كريمة.
فلقد حرصت المملكة منذ عهد مؤسسها الأول على رعاية اليتامى والعاجزين و الشباب الجانحين ومجهولي الأبوين والنساء والأرامل والمعتوهين وذلك من خلال المؤسسات الكثيرة التي تقوم على رعايتهم والعناية بهم وصرف الإعانات اللازمة من خلال القنوات النظامية التي تربط كلها بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية وأنشئ لها فيما بعد وكالة مستقلة باسم وكالة الوزارة لشؤون الرعاية الاجتماعية.
لقد اعتبرت المملكة العناية بهذه الفئة من المجتمع جزءاً من رسالتها السامية في خدمة العباد والبلاد وتحقيق الأمن والطمأنينة والعيش الرغيد لكل فرد من أفراد المجتمع في طول البلاد وعرضها.
(لقد كانت وما زالت الرعاية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية محلى عناية قادة هذه المملكة منذ تأسيسها على يد المغفور له جلالة الملك عبد العزيز من أجل إسعاد إخوة لنا في الله والوطن مواطنون عجزت قدراتهم المالية عن مواجهة ظروف الحياة. مواطنون لهم علينا حق الرعاية ولا تدخر الدولة وسعاً في سبيل أداء هذا الواجب)([150]).
دور الرعاية الاجتماعية في المملكة:
تشمل الرعاية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية فئات كثيرة من الذكور والإناث والصغار والكبار وضعت الدولة لكل فئة منها داراً تناسبهما هيأت فيها المأكل والمشرب والمسكن والملبس وشيئاً من المهن والحرف بل وأوجدت في بعضها مدارس يتعلق فيها النزيل حتى إذا صلحت حاله وخرج من الدار أصبح لديه المؤهل الدراسي الذي يؤهله للتعليم العالي.
ومن أبرز هذه الدور ما يأتي:
1ـ مؤسسة التربية النموذجية.
2ـ دور التربية الاجتماعية للبنين والبنات.
3ـ دور التوجيه الاجتماعي.
4ـ دور الرعاية الاجتماعية.
5ـ دور الملاحظة الاجتماعية.
6ـ مؤسسات رعاية الفتيات.
7ـ مؤسسات رعاية الأطفال والمشلولين.
8ـ دور الحضانة الاجتماعية.
تلك أبرز دور الرعاية الاجتماعية وهناك خدمات كبيرة تقوم بها الدولة عن طريق وكالة وزارة العمل لشؤون الرعاية الاجتماعية تعتبر إسهاماً واضحاً في تحقيق التكافل الاجتماعي كمنح الإعانات للجمعيات الخيرية والإشراف على الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية الأهلية والإشراف على برامج تأهيل المعوقين وصرف الإعانات لزواج طالبات دور الرعاية الاجتماعية وسنأتي على هذه المؤسسات بشيء من التوضيح لأنظمتها. وما قدم من أنشطة مختلفة في سبيل تحقيق التكافل الاجتماعي المنشود.
أولاً: مؤسسة التربية النموذجية:
تهدف مؤسسة التربية النموذجية إلى تهيئة وسائل الرعاية المختلفة للطلبة الممتازين من خريجي دور التربية الاجتماعية والذين حصلوا على الشهادة الابتدائية متى توفرت فيهم الشروط المطلوبة وتقدم لهم المؤسسة أنواع الرعاية المختلفة كفرص التعليم في المرحلة المتوسطة وتهيئة المكتبة لهم وتشجيع النشاط الثقافي بينهم وإعطائهم المصروف الضروري كما تؤمن لهم المؤسسة الرعاية الصحية الكاملة والرعاية الرياضية وذلك بنشر النشاط الرياضي بمختلف أنواعه بين الطلاب وتنتهي إقامة الطالب في المؤسسة في أحد الأحوال التالية:
1ـ إذا بلغ عشرين سنة.
2ـ إذا طلب ولي أمره ذلك.
3ـ إذا حصل على شهادة الكفاءة المتوسطة([151]).
ثانياً: دور التربية الاجتماعية للبنين والبنات([152]).
تهدف دور التربية الاجتماعية للبنين والبنات إلى توفير أسباب الرعاية الكاملة للأيتام بحيث تكون هذه الدور أقرب ما يمكن من بيت الأسرة الطبيعية وذلك
عن طريق تقديم أنواع الرعاية المختلفة.
شروط القبول بالدور:
يشترط فيمن بدور التربية الاجتماعية ما يلي:
1ـ أن يكون يتيم الوالدين أو أحدهما.
2ـ ألا يكون له أسرة من أقربائه يمكنها أن تتولى رعايته.
3ـ أن تكون الظروف المعيشية المحيطة به تهدد بانحرافه إذا استمر فيها.
4ـ ألا يقل سن الطفل أو الطفلة وقت تقديم طلب الالتحاق عن ست سنوات وألا يزيد عن اثنتي عشرة سنة.
5ـ أن يكون سليماً من الأمراض.
6ـ ألا يبقى بالدار من تزيد سنه على 18 سنة.
7ـ لوزير العمل والشؤون الاجتماعية حق الإعفاء من شرط أو أكثر من شروط القبول عند الضرورة وفي حالات استثنائية خاصة.
برنامج الرعاية داخل الدور:
تقوم دور التربية الاجتماعية بتقديم برامج الرعاية المختلفة لساكنيها كالإيواء الكامل الذي يترتب عليه الإعاشة الكاملة والتأمينات الخاصة بالسكن والملبس والأدوات المدرسية والرعاية الصحية الكاملة التي تشمل الكشف على النزلاء باستمرار والكشف الصحي على مرافق الدور للتأكد من ملاءمتها من النواحي الصحية وكذلك الكشف على الحالات المرضية وعلاج ما يمكن علاجه منها والذي لا يمكن علاجه يتم تحويله إلى المستشفى كما تقوم وزارة العمل بالاتفاق مع وزارة الصحة بندب طبيب كل يوم وذلك لكتابة تقرير مفصل عن حالة الدار ليتم على ضوئه معرفة جوانب التقصير من الناحية الصحية ومعالجتها أولاً بأول.
كما تقوم الدور بتأمين الرعاية الاجتماعية وذلك بمساعدة النزلاء على التكيف مع ظروف الحياة وعلاج ما لديهم من مشكلات وتنظيم أوجه النشاط الاجتماعي المختلفة كالرحلات والمعسكرات لاطلاعهم على ما وصلت إليه بلادهم من نهضة جبارة في مجالات الصناعة والزراعة والعمران والمواصلات.
كما تقوم الدور بتأمين الرعاية التعليمية وذلك بتسهيل الدراسة لهم في المدارس التابعة لوزارة المعارف وتهيئة الجو الدراسي لهم وتوفير المكتبات العامة التي تضم الصحيفة والمجلة والكتاب ليواكبوا النهضة التعليمية الكبرى التي تمر بها بلادهم، كما تقوم الدور بتوفير إمكانيات التدريب المهني كوسيلة من وسائل إعدادهم لمواجهة الحياة وتيسير برامج التدريب المهني بالدور جنباً إلى جنب مع البرامج الدراسية.
ثالثاً: دور التوجيه الاجتماعي([153]):
تهدف دور التوجيه الاجتماعي إلى تربية وتقويم وإصلاح وتأهيل الفئات الآتية من الأحداث:
1ـ المارقين من سلطة آبائهم أو أولياء أمورهم.
2ـ المتشردين الذين لا مأوى لهم.
3ـ المهددين بالانحراف لاضطرابات وسطهم الأسري أو قسوة الوالدين أو سوء سلوكهم أو لأسباب أخرى وتحقيق الدور أهدافها عن طريق إيداع الأحداث المذكورين بها وتوفير أنواع الرعاية المختلفة لهم.
شروط القبول في دور التوجيه الاجتماعي:
1ـ أن يكون من إحدى الفئات السابقة.
2ـ ألا يقل عمره عن 7 سنوات ولا يزيد عن 12 سنة ويصبح التجاوز للمصلحة الراجحة.
3ـ أن يثبت البحث الاجتماعي حاجته إلى الرعاية داخل الدار.
4ـ أن يثبت الفحص سلامته من الأمراض التي تعوق استفادته من إيوائه في الدار.
الرعاية المختلفة التي تقدم للنزيل في الدار:
تقدم الدار لنزلائها أنواع الرعاية المختلفة كالرعاية الاجتماعية والرعاية الصحية والرعاية التعليمية والثقافية والرعاية الجسمية على النحو التالي:
الرعاية الاجتماعية:
تقوم دور التوجه الاجتماعي برعاية الأحداث لرعاية اجتماعية كاملة وذلك بما يأتي:
1ـ رعاية الأحداث اجتماعياً من حيث مساعدتهم على التكيف مع حياة الدار وحل ما يتعرضون له من مشكلات.
2ـ التنظيم العام لجميع وجوه النشاط المختلفة في الدار والعمل على التنسيق بينهما وإشراك النزلاء فيها لإدخال السرور على قلوبهم.
3ـ تعمل الدار بقدر الإمكان على استمرار الصلة بين الحدث وأسرته بكافة الوسائل مثل تشجيع أقاربه على زيارته في الدار وزيارته لهم في المناسبات والإجازات.
4ـ تعمل الدار على اتصال الطفل بالبيئة الخارجية وذلك بوضع نظام للرحلات والزيارات والنزهات.
5ـ تخصيص مصاريف جيبية للطلاب.
الرعاية الصحية:
تقوم دور التوجيه الاجتماعي برعاية النزلاء رعاية صحية كاملة وذلك بما يأتي:
1ـ الكشف على الأحداث باستمرار.
2ـ الكشف على مرافق الدار من الناحية الصحية ومدى ملاءمتها للسكن.
3ـ الكشف الصحي على المطبخ وأدواته.
4ـ الكشف الصحي على عنابر النوم ومحتوياتها.
5ـ تخصيص حجرة ممرض لكل دار لعزل المرضى حتى يحضر الطبيب أو ينقلون إلى المستشفى.
6ـ تخصيص ممرض لكل دار ليقوم بالإسعافات الأولية للنزلاء.
7ـ نشر الثقافة الصحية بين الأحداث بكافة الوسائل كالملصقات والأفلام وغيرها.
الرعاية التعليمية والثقافية:
تقوم دور التوجيه الاجتماعي بالرعاية التعليمية الكاملة وذلك بما يأتي:
1ـ توفير كل دار فرص التعليم الابتدائي لجميع الأحداث.
2ـ توفر الأحداث بعض المهن والصناعات المطلوبة في المجتمع لتفيدهم في مستقبل حياتهم.
3ـ تشجيع النشاط الثقافي وحث الأحداث على المشاركة في مختلف الأنشطة الثقافية كالصحف الحائطية والندوات الثقافية والمسابقات والمطارحات الشعرية وغيرها.
4ـ تأمين مكتبة لكل دار تضم مجموعة من الكتب الثقافية والقصص والأناشيد التي تناسب الأحداث وتسهيل مهمة الإعارة للطلاب وحثهم على الإطلاع في أوقات الفراغ.
الرعاية الجسمية:
تتولى دور التوجيه الاجتماعي الرعاية الجسمية للأطفال وذلك بما يأتي:
1ـ النشاط الرياضي الإجباري الذي يدخل ضمن جدول الدراسة يلتزم جميع الطلبة بممارسته إلا من يقرر الطبيب إعفاءه منه.
2ـ نشر النشاط الرياضي الاختياري وتوفير الجو الملائم للطلاب وحثهم على المشاركة فيما يناسب ميولهم وقدراتهم.
3ـ يخصص مشرف رياضي لكل دار يرعى مختلف الأنشطة الرياضية ويتابع المواهب البارزة من الطلبة ويغرس الأخلاق الإسلامية من خلال محبتهم للرياضة وحرصهم عليها.
4ـ تنظيم المباريات بين الدور المختلفة وبين الدور والمؤسسات الأخرى كوسيلة ناجحة من وسائل ربط الدور بالبيئة الخارجية.
رابعاً: دور الرعاية الاجتماعية([154]):
تهدف دور الرعاية الاجتماعية إلى رعاية الفئات التالية:
1ـ كل فرد ذكر أو أنثى بلغ سن الستين أو أكثر وأعجزته الشيخوخة عن العمل أو القيام بشؤون نفسه بحيث يحتاج إلى الرعاية داخل إحدى دور الرعاية.
2ـ كل فرد ذكر أو أنثى بلغ سن العشرين أو أكثر عجز عن العمل أو رعاية نفسه بسبب إصابته بعاهة عاقته عن ذلك كالشلل أو فقد الأطراف عن المكفوفين والصم والبكم.
3ـ حالات المرضى والمسنين الذين لا عائل لهم ويحالون من مستشفيات وزارة الصحة بشرط خلوهم من الأمراض المعدية والأمراض العقلية التي تمثل خطراً على النزلاء.
شروط قبول العاجز في دار الرعاية الاجتماعية:
1ـ أن يكون من إحدى الفئات السابقة.
2ـ أن يثبت كل من البحث الاجتماعي والفحص الطبي أن ظروف العاجز تستلزم رعايته في الدار.
3ـ أن يثبت الفحص الطبي خلوه من الأمراض المعدية.
4ـ أن يكون العاجز سعودي الجنسية.
الرعاية المختلفة التي تقدمها دور الرعاية الاجتماعية لنزلائها:
تقدم دور الرعاية الاجتماعية مختلف أنواع الرعاية الصحية والمهنية والاجتماعية والثقافية وذلك على النحو التالي:
الرعاية الصحية:
1ـ يخصص لكل عشرين عاجزاً خادم أو خادمة حسب النوع للقيام بالخدمات التمريضية مثل النظافة الشخصية والتغذية وغيرها على أن يكون ذلك تحت إشراف طبي فني.
2ـ تزود كل دار بصيدلية مناسبة تحتوي على الأدوية والأدوات الطبية الضرورية.
3ـ تخصيص طبيب لزيارة الدار في فترات دورية منتظمة لفحص العجزة وتقرير ما يرى بشأنهم.
4ـ الكشف الطبي الدوري على مرافق الدار.
5ـ الكشف الطبي الدوري على عنابر النوم ومحتويتها.
6ـ تخصيص حجز خاصة لعزل المرضى على أن يفصل الذكور عن الإناث.
الرعاية المهنية:
1ـ تهيئ دار الرقابة الاجتماعية الفرصة للتدريب المهني لمن يستطيع من العجزة إجادة بعض الحرف ليستطيع من خلال هذه المهنة كسب العيش ومواجهة متطلبات الحياة.
2ـ توفر دار الرعاية الاجتماعية فرص الأشغال اليدوية والحرف والهوايات للعجزة لشغل أوقات الفراغ وتسلية العاجزين.
3ـ تزود الدار بمدرسين مهنيين يوجهون العجزة إلى الحرف المناسبة لعجزهم ويدربونهم عليها.
الرعاية الاجتماعية:
1ـ يخصص في كل دار قسم للرجال وآخر للنساء ويكون القسمان منعزلين انعزالاً تاماً.
2ـ تزود دار الرعاية الاجتماعية بأخصائي اجتماعي على الأقل لقسم الذكور وأخصائية اجتماعية لقسم الإناث يتولى ما يأتي:
أ ـ بحث حالة العاجز قبل التحاقه بالدار للتأكد من حاجته للرعاية فيها.
ب ـ العمل على تكيف العاجز على جو الدار ومحاولة علاج مشكلاته.
جـ ـ تسجيل كل ما يلاحظه على العاجز في ملفه الخاص.
د ـ التنظيم العام لجميع وجوه النشاط المختلفة في الدار والعمل على التنسيق بينهما.
هـ ـ يكون حلقة اتصال بين العاجز وأسرته إذا تيسر ذلك.
و ـ مساعدة العاجز في تشغيله خارج الدار متى تم تأهيله وأصبح قادراً على العمل.
ز ـ إدخال كثير من البرامج الاجتماعية في الدار لشغل أوقات فراغ العجزة.
3ـ تعمل الدار على اتصال العاجز بالبيئة الخارجية وذلك بالإكثار من الزيارات والتجولات في البيئة المحلية.
4ـ يخصص لكل عاجز مصاريف جيبية.
الرعاية الثقافية:
1ـ تكثر دار الرعاية الاجتماعية من عقد الندوات التي تتناول موضوعات اجتماعية وثقافية متنوعة.
2ـ تنشأ في كل دار مكتبة تزود بالمصاحف والكتب والمجالات المتنوعة التي تتناسب ومستوى قدرات العجزة.
3ـ تشجيع الدار أهل المنطقة التي بها الدار على التبرع بما لديهم من الكتب والمجالات والصحف الفائضة.
4ـ تستفيد الدار من الآلات الحديثة كالراديو والمسجل في مجال الثقافة والتسلية للعجزة.
إنهاء الإقامة في الدار:
تنتهي إقامة العاجز في الدار في الأحوال الآتية:
أ ـ إذا طلب كفيله ذلك بإقرار كتابي منه.
ب ـ إذا صلحت ظروفه الأسرية بحيث تسمح له الإقامة في محيط الأسرة وبرغبة منها.
جـ ـ إذا وجد له عملاً شريفاً يرتزق منه نتيجة لتأهيله أثناء إقامته في الدار وبشروط أن يتوفر له سكن مناسب.
خامساً: دور الملاحظة الاجتماعية([155]):
أهدفها:
تهدف الدار رعاية الأحداث من الذكور الذين لا تقل أعمارهم عن سبع سنوات ولا تتجاوز ثماني عشرة سنة سواء كانوا من الأحداث الذين يحتجزون رهن التحقيق أو المحاكمة من قبل سلطات الأمن أو لهيئات القضائية المختصة، أو كانوا من الأحداث الذين يقرر القاضي إيداعهم في الدار.
وتهدف الدار كذلك إلى القيام بدراسة أسباب مشاكل الأحداث واقتراح الحلول المناسبة لها في ضوء الممارسة العملية لهذه المشاكل وذلك بالتنسيق مع الجهات الأخرى ذات العلاقة.
إجراء القبول:
1ـ يتم استلام الحدث من مندوب الشرطة بموجب مذكرة رسمية من الجهة التي أمرت بالتوقيف.
2ـ تتحقق الدار من عمر الحدث وذلك بموجب شهادة ميلاد أو حفيظة نفوس أو بموجب تقرير طبي.
3ـ تستلم الدار ما بحوزته من الأمتعة الشخصية على أن تعاد له أو لولي أمره عند مغادرته الدار.
4ـ يتم الكشف على الحدث حال دخوله الدار للتأكد من سلامته من الأمراض المعدية.
إجراءات التحقيق والمحاكمة وتنفيذ الأحكام:
1ـ تهيئ الدار المكان المناسب للتحقيق مع الأحداث.
2ـ يجري التحقيق داخل الدار بحضرة محقق الدار أو من ينتدب لهذا الغرض على أن يتم ذلك في جو يشعر الحدث بالطمأنينة والراحة.
3ـ تتم محاكمة الأحداث داخل الدار بعد تقديم تقرير مفصل للمحكمة يوضح فيه الظروف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والعوامل التي يرجح أن تكون السبب في انحرافه.
4ـ تتولى الدار تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة بحق الأحداث بحضور مندوبين من محكمة الأحداث ومحقق ومندوب عن شرطة الدار.
البرامج والأنشطة:
تنظم الدار البرامج والأنشطة المتنوعة لمقابلة احتياجات الأحداث وتحقيق التكيف السليم لهم وتؤمن باستمرار مستلزماتهم ومن أهم البرامج والأنشطة التي تنظمها الدار:
1ـ البرنامج التعليمي.
2ـ البرنامج الثقافي.
3ـ برنامج التدريب المهني والفني.
4ـ البرنامج الرياضي.
5ـ البرنامج الترويحي.
6ـ الرعاية الدينية وذلك من خلال توعية الأحداث بأصول الدين وتعويدهم على أداء
الشعائر الإسلامية في أوقاتها.
7ـ الرعاية الصحية.
8ـ برنامج الرعاية الاجتماعية والنفسية.
إجراءات إنهاء إقامة الحدث من الدار:
تنتهي إقامة الحدث في الدار في الأحوال التالية:
أ ـ متى أثبت التحقيق أو المحاكمة براءته.
ب ـ إذا بلغ العشرين من عمره.
جـ ـ إذا ثبت للوزير صلاح الحدث. ووافق القاضي على إنهاء إقامته في الدار قبل انتهاء مدة الحكم.
على أن يتم ذلك كله بالتنسيق مع ولي الأمر واستدعائه لاستلام الحدث عند خروجه من الدار.
سادساً: مؤسسات رعاية الفتيات:
ما قلناه في دور الملاحظة الاجتماعية هو ما تقوم به مؤسسات رعاية الفتيات من حيث الأهداف وإجراءات القبول والتحقيق والمحاكمة والبرامج والأنشطة وإنهاء الإقامة غير أن هذه المؤسسات تستقل بنفسها وترتبط بالإدارة العامة لشؤون الرعاية الاجتماعية انطلاقاً مما يقرره الإسلام من حرمة اختلاط الجنسين.
سابعاً: مؤسسات رعاية الأطفال المشلولين([156]):
أهدفها:
تهدف هذه المؤسسات إلى تقديم الرعاية الاجتماعية والنفسية المناسبة للأطفال المشلولين ومن في حكمهم من المصابين بعاهات خلقية أو مرضية تعوقهم عن سهولة الحركة الطبيعية من الجنسين لتنمية ما لديهم من قدرات وإعدادهم لتقبل حالتهم والعمل على تكيفهم اجتماعياً ونفسياً مع المجتمع.
شروط القبول بالمؤسسة:
يشترط لقبول الطفل (ذكراً أو أنثى) بهذه المؤسسة ما يلي:
1ـ أن يكون مشلولاً أو مصاباً بعاهة خلقية أو مرضية تعوقه عن سهولة الحركة الطبيعية.
2ـ أن يكون سعودي الجنسية.
3ـ ألا يقل عمره عن ثلاث سنوات ولا يزيد عن خمس عشرة سنة.
4ـ أن تثبت الفحوص الطبية والبحوث الاجتماعية والنفسية حاجته إلى خدمات المؤسسة.
إجراءات القبول بالمؤسسة:
تتخذ الإجراءات الآتية للقبول بالمؤسسة:
1ـ يتقدم ولي الأمر بطلب إلى مؤسسة رعاية الأطفال المشلولين مصطحباً معه الأوراق النظامية المطلوبة.
2ـ يتم إجراءات بحث اجتماعي عن الطفل وأسرته.
3ـ استيفاء نموذج التقرير الطبي.
4ـ استيفاء نموذج الفحص النفسي الذي تعده المؤسسة.
5ـ تصدر موافقة القبول بالقسم الداخلي بالمؤسسة أو الاستفادة بالقسم الخارجي أو صرف الإعانة المقررة من وكالة الوزارة لشؤون الرعاية الاجتماعية بناء على عرض الإدارة المختصة.
6ـ يفتح لكل طفل يقيم بالمؤسسة ملف خاص تحفظ فيه جميع الأوراق المتعلقة به.
أوجه الرعاية التي تقدمها المؤسسة لمنسوبي القسم الداخلي:
تقوم المؤسسة بتقديم مختلف أوجه الرعاية الطبية والاجتماعية والنفسية والثقافية
والتعليمية والتأهيلية والترويجية لمنسوبيها من الأطفال بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من التكيف النفسي والاجتماعي لهم بالإضافة إلى تلقينهم أصول الدين الإسلامي الحنيف وتعويدهم أداء شعائره.
إنهاء إقامة الطفل بالمؤسسة:
تنهي إقامة الطفل بالمؤسسة في الحالات التالية:
1ـ قبول الأسرة رعاية الطفل بعد التأكد من صلاحيتها للرعاية.
2ـ التحاقه بمراكز التأهيل أو غيرها من المؤسسات.
3ـ إكمال سن الخامسة عشرة.
4ـ الوفاة.
ثامناُ: دور الحضانة الاجتماعية([157]):
أهدافها:
دار الحضانة مؤسسة اجتماعية تهدف إلى تقديم الرعاية المناسبة للأطفال الصغار من سن الولادة حتى نهاية سن السادسة ممن لهم ظروف خاصة مثل:
1ـ عدم إمكانية التعرف على والدي الطفل أو أسرته.
2ـ عدم شرعية علاقة أبوي الطفل.
3ـ وجود والده الطفل في إحدى المؤسسات كالمستشفى أو السجن.
4ـ وفاة من له حق حضانة الطفل كالأبوين وغيرهما أو عجزه عن القيام بها.
5ـ الأطفال الذين يشردون نتيجة افتراق الزوجين شرعاً أو فعلاً.
إجراءات القبول بدار الحضانة:
1ـ لا يقبل بالدار إلا الأطفال الذين لا تتوفر لديهم رعاية أسرهم الطبيعية أو الأسر البديلة المناسبة.
2ـ ألا يتجاوز الطفل السادسة من عمره.
3ـ أن يكون الطفل خالياً من الأمراض المعدية.
4ـ موافقة من يتولى رعاية الطفل خطياً على إيداعه بدار الحضانة.
5ـ يجري بحث اجتماعي كامل عن الطفل وتتم التوصية بقبوله من قبل الأخصائيين الاجتماعيين.
6ـ يوضع سجل خاص للطفل تدون فيه جميع المعلومات الخاصة به.
7ـ يوضع ملف خاص بالطفل تحفظ فيه جميع المستندات المتعلقة به.
أوجه الرعاية التي تقدمها دار الحضانة:
1ـ إيواء الطفل والعناية به.
2ـ تقديم الغذاء المناسب تحت إشراف طبي.
3ـ المحافظة على نظافة الطفل في بدنه وملابسه.
4ـ كسوة الطفل بما يتناسب مع سنه وجنسه.
5ـ توفير المحيط الاجتماعي المناسب الذي يعوض النقص الذي يشعر به الطفل نتيجة لغياب الجو العائلي الأصيل.
6ـ غرس الأخلاق الإسلامية السامية في نفوس الصغار لينشئوا عليها.
7ـ توفير فرص التعليم لهم.
8ـ تهيئة فرص الترفية البريء والنشاط الفردي والجماعي للأطفال تحت إشراف الحاضنات.
إنهاء إقامة الطفل بدار الحضانة:
يطوى قيد الطفل بالدار في الحالات التالية:
1ـ وفاة الطفل.
2ـ تسليم الطفل لولي أمره.
3ـ تسليم الطفل إلى إحدى الأسر الحاضنة.
4ـ إكمال الطفل للسادسة من عمره وعندئذ يحال إلى إحدى دور التربية الاجتماعية.
بيان أسماء
المؤسسات الاجتماعية في جميع أنحاء المملكة
الرقم | اسم الدار | مقرها | عدد المستفيدين خلال العام المالي 1402/ 1403هـ |
1
1
1 2 3 4 5 6 |
أولاً: مؤسسات التربية النموذجية
مؤسسة التربية النموذجية ثانياً: دور رعاية أبناء المسلمين دار رعاية أبناء المسلمين ثالثاً: دور التربية الاجتماعية للبنين دار التربية الاجتماعية للبنين دار التربية الاجتماعية للبنين دار التربية الاجتماعية للبنين دار التربية الاجتماعية للبنين دار التربية الاجتماعية للبنين دار التربية الاجتماعية للبنين |
الرياض
مكة المكرمة
الرياض بريدة الجوف أبها الأحساء مكة المكرمة |
62
58
108 69 28 89 47 139 |
7
8 9 10 11 12
1 2 3 4 5
1 2 3 4 5 |
دار التربية الاجتماعية للبنين
دار التربية الاجتماعية للبنين دار التربية الاجتماعية للبنين دار التربية الاجتماعية للبنين دار التربية الاجتماعية للبنين دار التربية الاجتماعية للبنين رابعاً: دور التربية لاجتماعية للبنات دار التربية الاجتماعية للبنات دار التربية الاجتماعية للبنات دار التربية الاجتماعية للبنات دار التربية الاجتماعية للبنات دار التربية الاجتماعية للبنات خامساً: دور التوجيه الاجتماعي دار التوجيه الاجتماعي دار التوجيه الاجتماعي دار التوجيه الاجتماعي دار التوجيه الاجتماعي دار التوجيه الاجتماعي |
المدينة المنورة
نجران حائل شقراء الطائف وادي الدواسر
الرياض جده الأحساء أبها عنيزة
الرياض الطائف الدمام القصيم المدينة المنورة |
86
37 37 تحت التأسيس تحت التأسيس تحت التأسيس
65 130 44 تحت التأسيس تحت التأسيس
186 109 94 109 23 |
1 2 3 4 5 6 7
1 2
1 2 3 4 |
سادساً: دور الرعاية الاجتماعية
دار الرعاية الاجتماعية دار الرعاية الاجتماعية دار الرعاية الاجتماعية دار الرعاية الاجتماعية دار الرعاية الاجتماعية دار الرعاية الاجتماعية دار الرعاية الاجتماعية سابعاً: مؤسسات رعاية الأطفال المشلولين مؤسسة رعاية الأطفال المشلولين مؤسسة رعاية الأطفال المشلولين ثامناً: دور الملاحظة الاجتماعية للبنين دار الملاحظة الاجتماعية للبنين دار الملاحظة الاجتماعية للبنين دار الملاحظة الاجتماعية للبنين دار الملاحظة الاجتماعية للبنين |
الرياض عنيزة الجوف أبها الدمام مكة المكرمة المدينة المنورة
الرياض الطائف
الرياض الدمام جدة القصيم |
84 10 17 38 34 75 43
118 18
918 338 238 396 |
المبحث الثاني: الضمان الاجتماعي في المملكة العربية السعودية
عرف الإنسان الضمان الاجتماعي منذ وجدت الحياة على ظهر الأرض حيث تبين للإنسان أن الحياة لا تدوم على حال فتارة تقبل على المرء فتوفر له جميع أسباب الرفاه من مال وبنين وأهل وعز وجاه وتارة تدبر عنه فيدركه الضعيف بعد القوة والمرض بعد الصحة والفقر بعد الغنى من أجل هذا وجد الإنسان نفسه محتاجاً إلى الضمان الاجتماعي وسنتحدث عن الضمان الاجتماعي من حيث تعريفه وأهدافه ثم نتحدث عن الضمان الاجتماعي في الإسلام وبعد ذلك نختم الحديث ببيان ما عليه العمل في المملكة العربية السعودية بدءاً من انتشاء نظام الضمان الاجتماعي وانتهاء باستلام المساعدات المالية.
أولاً: تعريف الضمان الاجتماعي:
هو مجموعة من الأنظمة التي تضعها الدولة لحماية الفرد في حاضرة ومستقبله حماية يعيش هو وأسرته في مستوى لائق من المعيشة وتمتد هذه الحماية إلى أسرته من بعده.
ثانياً: أهداف الضمان الاجتماعي:
للضمان الاجتماعي هدفان رئيسيان هما:
أولاً: هدف وقائي:
ويهدف إلى القضاء على الأسباب التي تؤدي إلى العوز والحاجة عن طريق إحدى الوسائل الآتية:
1ـ تهيئة العمل لكل شخص قادر عليه وبذلك يعتمد على نفسه ولا يحتاج لمساعدة الآخرين.
2ـ تدريب العجزة وتأهيلهم وإيجاد فرص العمل التي تتناسب مع قدراتهم ليستطيعوا كسب العيش بأنفسهم.
3ـ وقاية الأفراد من الجهل والفقر والمرض بكل الوسائل المتاحة والممكنة.
ثانياً: هدف علاجي:
ويهدف إلى مساعدة الأشخاص الذين حلت بهم الحاجة والعوز عن طريق إحدى الوسيلتين الآتيتين:
1ـ تقديم المساعدات المالية للأفراد والأسر المحتاجة كالتي يموت عائلها أو يصاب بعجز كلي وذلك لمواجهة ظروف الحياة المختلفة وتلك المساعدات تختلف من فرد لآخر ومن أسرة لأخرى.
2ـ تقديم التعليم المجاني والعلاج المجاني وذلك بإيجاد المدارس في مختلف مراحل التعليم وإقامة المستشفيات في مختلف المناطق لتقديم العلاج المجاني وهذا ما تنعم به ولله الحمد بلادنا ـ المملكة العربية السعودية ـ حيث يتمكن الغني والفقير على حد سواء من فرص التعليم من بداية المراحل الدراسية إلى أعلى مستويات التعليم بل إن الدولة تدفع المكافآت السخية للطلاب تشجيعاً لهم على مواصلة التعليم وهذا ما لا يوجد نظيره إطلاقاً في أنحاء العالم.
وكذلك تنتشر المستشفيات في مختلف مناطق المملكة وتقدم العلاج المجاني في أرقى المستشفيات وبأحدث أنواع الخدمات الطبية في العالم.
ثالثاً: الضمان الاجتماعي في الإسلام:
تعجز القوانين البشرية القاصرة أن تحقق ما حققه الإسلام من تكافل اجتماعي بأوسع صوره وأسمى معانيه. يقول تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} وتا الله إن الإخوة الصادقة تأبى إلا أن يجمع الأخوة التضامن والتعاون حتى ينعم الجميع بالرخاء والحياة الطبية لا يعكر صفوها حقد ولا حسد. بل إن الإسلام تجاوز هذا المعنى إلى أبعد منه إذ شمل بتكافله ورعايته غير المسلمين تحدثنا كتب السير أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى شيخاً ضريراً يسأل على باب فلما علم أنه يهودي قال ما ألجأك إلى ما أرى قال الجزية والحاجة والسن فأخذ رضي الله عنه بيده وذهب إلى بيته فأعطاه ما يكفيه يومه وأرسل إلى خازن بيت المال يقول له أنظر هذا وأمثاله فو الله ما انصفناه أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم([158]).
هذا هو الضمان الاجتماعي في الإسلام تكفل الدولة والمجتمع الفقراء وتقوم بإعانة المرضى والشيوخ والعجزة وتوفر لهم الرعاية الاجتماعية الكريمة.
ودليلنا على ذلك أن الإسلام فرض الزكاة وجعلها ركناً من أركانه الخمسة تجبى من الأغنياء وترد على الفقراء وخصص لها بيتاً للمال تجبى إليه ومنه توزع على المستحقين وقد رتب الخليفة عمر بن عبد العزيز مساعدات للفقراء وفرض للمرضى إعانات من بيت المال وخصص للموالي منحاً تساعدهم على العتق وأمر عماله بقضاء الدين عن الغارمين.
وقد ذكرت زوجته ـ فاطمة ـ أنها رأته يوماً يبكي في مصلاه فسألته عما يبكيه فقال لها: (إني تقلدت أمر أمة محمد عليه الصلاة والسلام وتفكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع والعاري المجهود والمظلوم والمقهور والغريب والأسير والشيخ الكبير وذوي العيال الكثيرة والمال القليل وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد فعلمت أن ربي سيسألني عنهم يوم القيامة فخشيت ألا أجد حجة أمام الله فبكيت)([159]).
رابعاً: الضمان الاجتماعي في المملكة العربية السعودية:
كان لزاماً على المملكة وهي مهد الإسلام وقبلة أنظار المسلمين أن تنظم شؤون البر بالفقراء والمعوزين وتوفر لهم الرعاية الاجتماعية التي تكفل لهم حياة كريمة. وقد سارعت قيادة المملكة إلى تحقيق هذا الهدف النبيل وقد صدرت المراسيم الملكية القاضية بإنشاء مصلحة للضمان الاجتماعي تنظم طرق الرعاية الاجتماعية وفق أحكام الشريعة الإسلامية وبأحداث الوسائل والأساليب المعاصرة التي تنهجها بعض البلاد المتحضرة.
وبذلك تعتبر المملكة أول بلد إسلامي يصدر فيه نظام الضمان الاجتماعي على أساس الشريعة الإسلامية.
ويتلخص نظام الضمان الاجتماعي في المملكة بما يأتي:
أولاً: تقرير معاشات تصرف بصفة دورية للفئات الآتية:
1ـ الأيتام.
2ـ العاجزين عن العمل عجزاً كلياً.
3ـ المرأة التي لا عائل لها.
ثانياً: تقرير مساعدات نقدية أو عينية للفئات الآتية:
1ـ العجز الجزئي ـ أسر المرضى.
2ـ أسر السجناء.
3ـ المصابون بكوارث ونكبات فردية.
4ـ الأسرة التي يهجرها عائلها.
5ـ مساعدات المعوقين.
6ـ الزوجات السعوديات المتزوجات من أجانب.
7ـ صرف الأجهزة التعويضية لذوي العاهات.
ثالثاً: عمل مشروعات إنتاجية للمستحقين تحرص وزارة العمل في المملكة ممثلة في وكالة الوزارة للضمان الاجتماعي على نقل المستحقين للمساعدات من دور المعولين إلى دور العائلين وذلك بتوجيه الأفراد حسب رغباتهم إلى مشروعات إنتاجية تدر عليهم أرباحاً طائلة تكفي لإعالتهم وأسرهم وتتكفل وكالة الضمان الاجتماعي بدفع جميع تكاليف المشروع بل وتدفع ما يعول الفرد به أسرته حتى يتم تشغيل المشروع ويعود عليه مردوده من الأرباح وقد حققت هذه التجربة نجاحاً ملموساً وكان كلها أطيب الأثر في نفوس المستحقين وأسرهم ومن أمثلة المشروعات الإنتاجية شراء ماكينة خياطة للنساء، مشروع تربية دواجن أو أغنام، فتح دكان صغير، مصنع صغير لغزل الصوف، محل جزارة، محل خطاط، تصنيع أحذية، ورش كهرباء، تهيئة قطعة أرض زراعية إلى غير ذلك من المشروعات الكثيرة.
وتوالي وكالة الضمان الاجتماعي ممثله في مكاتب الضمان الاجتماعي المنتشرة في ربوع المملكة الإشراف على هذه المشروعات ومتابعتها وتقييمها وإبداء النصح والمشورة لتحقيق أعلى نسبة من الدخل لأصحابها.
وأخيراً فقد هيأت وكالة الضمان الاجتماعي فرص العمل ومنحت المساعدات المالية وفرضت المعاشات الدورية ولو تعاون أفراد الشعب وبذلوا شيئاً من الجهد في تقديم الطلبات ومتابعتها واستكمال الأوراق النظامية المطلوبة لما وجد في مجتمعنا من يمد يده للسؤال وطلب المعونة من الناس وفق الله العاملين المخلصين في طول بلادنا وعرضها وحقق على أيديهم الخير في الحاضر والمستقبل والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.
وختاماً أخي القارئ:
هذا هو التكافل الاجتماعي في الإسلام تعاون بناء، محبة وإخاء، وأخذ وعطاء، يحنو الكبير على الصغير، ويوفر الصغير الكبير، ويعطف الغني على الفقير … يأخذ المجتمع بيد الضعيف سواء كان في الحاضر أو الريف. كل فرد في المسلمين يعتبر نفسه مسؤولاً عن الجائع والفقير مهما تعددت الأجناس واختلف الألوان ونأت الديار يجسد هذه المعاني قول الحق تبارك وتعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}([160]). وقول هادي البشرية عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)(*).
فهل رأيت أخي القارئ نظاماً أكمل من هذا النظام وقانوناً أعدل من هذا التشريع. وتكافلاً أرحم من هذا التكافل أو تعاوناً أفضل من هذا التعاون إنه الإسلام الخالد فهل يعي المسلمون ذلك ويفيئوا إلى ظلال الإسلام الوارف أرجو ذلك وآمله والله حسبنا ونعم الوكيل.
فهرس
الموضوع | الصفحة |
المقدمة | |
تمهيد: | |
أسس المجتمع الإسلامي | |
الفصل الأول التكافل الاجتماعي، وتحته ثلاثة مباحث: | |
المبحث الأول: تعريف التكافل الاجتماعي: | |
التكافل الاجتماعي في الاصطلاح | |
المبحث الثاني: نشأة التكافل الاجتماعي وتطوره: | |
المفهوم الواسع للتكافل | |
سبب اهتمام الإسلام بالتكافل | |
المبحث الثالث: الأدلة الشرعية والعقلية على مبدأ التكافل الاجتماعي في الإسلام: | |
أولاً: الأدلة من القرآن | |
ثانياً: الأدلة من السنة | |
ثالثاً: الدليل من الإجماع | |
رابعاً: الدليل العقلي | |
الفصل الثاني: أنواع التكافل، وتحته عشرة مباحث: | |
أنواع التكافل: | |
المبحث الأول: التكافل العبادي (التكافل الروحي) | |
المبحث الثاني: التكافل الأخلاقي | |
المبحث الرابع: التكافل الدفاعي | |
المبحث الخامس: التكافل الجنائي | |
المبحث السادس: التكافل الاقتصادي | |
المبحث السابع: التكافل العلمي | |
المبحث الثامن: التكافل الأدبي | |
المبحث التاسع: التكافل المعيشي | |
المبحث العاشر: التكافل العائلي | |
الفصل الثالث: الذين يشملهم نظام التكافل الاجتماعي، وتحته أحد عشر مبحثاً: | |
المبحث الأول: رعاية الصغار وحضانتهم | |
المبحث الثاني: الفقراء والمساكين | |
المبحث الثالث: رعاية اليتيم | |
المبحث الرابع: رعاية اللقطاء | |
المبحث الخامس: رعاية الشيوخ والعجزة والعميان والمرضى | |
المبحث السادس: رعاية الأرملة والمطلقة والحامل والمرضع | |
المبحث السابع: رعاية أصحاب العاهات | |
المبحث الثامن: رعاية المنكوبين والمكروبين | |
المبحث التاسع: رعاية الشواذ والمنحرفين | |
المبحث العاشر: رعاية المشردين. | |
المبحث: الحادي عشر: رعاية أبناء السبيل والمؤلفة قلوبهم والعبيد والمكاتبين والغزاة المتطوعين : | |
رعاية المؤلفة قلوبهم | |
رعاية العبيد المكاتبين | |
رعاية الغزاة المشردين | |
الفصل الرابع: الوسائل العملية لتحقيق التكافل، وتحته ثمانية مباحث: | |
المبحث الأول: الوسيلة الأولى: الزكاة: | |
1- تعريفها لغة واصطلاحا | |
2- الأصل في مشروعية الزكاة | |
3- على من تجب الزكاة | |
4-حكم من منع الزكاة | |
5-الأموال التي تجب فيها الزكاة | |
6- مصارف الزكاة | |
أولاً: المصرف الأول والثاني: الفقراء والمساكين | |
ثانياً: المصرف الثالث: العاملون عليها | |
ثالثاً: المصرف الرابع: المؤلفة قلوبهم | |
رابعاً: المصرف الخامس: وفي الرقاب | |
خامساً: المصرف السادس: الغارمون: | |
1-الغارمون لمصلحة أنفسهم | |
2-الغارمون لمصلحة غيرهم | |
سادساً: المصرف السابع: في سبيل الله | |
سابعاً: المصرف الثامن: ابن السبيل | |
المبحث الثاني: الوسيلة الثانية: الكفارات | |
1-كفارة اليمين | |
2-كفارة الظهار | |
3-كفارة وطء المرأة الحائض | |
الكفارات التي تتعلق في رمضان: | |
4-كفارة الجماع في نهار رمضان | |
5-الكفارة التي يدفعها الشيخ الهرم العاجز عن صيام رمضان | |
6-الكفارة التي تدفعها الحامل والمرضع إذا أفطرا في رمضان | |
7-الكفارة التي يدفعها من آخر صيام شيء من رمضان إلى ما بد رمضان آخر | |
الكفارات التي تتعلق بالحج | |
8-الكفارة التي يدفعها من ارتكب محظورا من محظورات الإحرام | |
9-الكفارة التي يدفعها من قتل من ترك واجباً من واجبات الإحرام | |
10-الكفارة التي يدفعها من ترك واجباً من واجبات الحج | |
المبحث الثالث: الوسيلة الثالثة: النذور | |
المبحث الرابع: الوسيلة الرابعة: الوصايا | |
المبحث الخامس: الوسيلة الخامسة: الهبات | |
المبحث السادس: الوسيلة السادسة: الأضاحي | |
المبحث السابع: الوسيلة السابعة: الهدية | |
المبحث الثامن: الوسيلة الثامنة: الوقف | |
الفصل الخامس: مظاهر تحقيق التكافل الاجتماعي في الإسلام، وتحته ثمانية مباحث | |
المبحث الأول: التكافل العائلي | |
المبحث الثاني : التكافل بين أبناء الحي والقرية والبلد | |
المبحث الثالث: الجمعيات التعاونية | |
المبحث الرابع: إصلاح الطرقات | |
المبحث الخامس: بناء المدارس | |
المبحث السادس: بناء المستشفيات ودور العلاج | |
المبحث السابع: بناء الملاجئ للعجزة وأصحاب العاهات | |
المبحث الثامن: توفير أسباب العيش للفقراء | |
الفصل السادس: التكافل الاجتماعي في المملكة العربية السعودية، وتحته مبحثان | |
المبحث الأول: الرعاية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية: | |
دور الرعاية الاجتماعية في المملكة: | |
أولاً: مؤسسة التربية النموذجية | |
ثانياً: دور التربية الاجتماعية للبنين والبنات: | |
شروط القبول بالدور | |
برنامج الرعاية داخل الدور | |
شروط القبول في دور التوجيه الاجتماعي: | |
الرعاية المختلفة التي تقدم للنزيل في الدار: | |
الرعاية الاجتماعية | |
الرعاية الصحية | |
الرعاية التعليمية والثقافية | |
الرعاية الجسمية | |
رابعاً: دور الرعاية الاجتماعية: | |
شروط قبول العاجز في دار الرعاية الاجتماعية | |
الرعاية المختلفة التي تقدمها دور الرعاية الاجتماعية لنزلائها | |
الرعاية الصحية | |
الرعاية المهنية | |
الرعاية الاجتماعية | |
الرعاية الثقافية | |
إنهاء الإقامة في الدار | |
خامساً: دور الملاحظة الاجتماعية: | |
أهدافها | |
شروط القبول بالمؤسسة | |
إجراءات الرعاية التي تقدمها المؤسسة لمنسوبي القسم الداخلي | |
إنهاء إقامة الطفل بالمؤسسة | |
ثامناً: دور الحضانة الاجتماعية: | |
أهدافها | |
إجراءات القبول بدار الحضانة | |
أوجه الرعاية التي تقدمها دار الحضانة | |
إنهاء إقامة الطفل بدار الحضانة | |
بيان أسماء المؤسسات الاجتماعية في جميع أنحاء المملكة | |
المبحث الثاني: الضمان الاجتماعي في المملكة العربية السعودية | |
أولاً: تعريف الضمان الاجتماعي | |
ثانياً: أهداف الضمان الاجتماعي: | |
أولاً: هدف وقائي | |
ثانياً: هدف علاجي | |
ثالثاً: الضمان الاجتماعي في الإسلام | |
رابعاً: الضمان الاجتماعي في المملكة العربية السعودية | |
فهرس الموضوعات |
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([6]) رواه البخاري ومسلم ــ انظر صحيح البخاري ج 3 ص 98. والجامع الصحيح للإمام مسلم ج 8 ص 20.
([7]) في المجتمع الإسلامي لأبي زهرة ص 90.
([8]) رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب لا تعرفه إلا من هذا الوجه سنن الترمذي ج 3 ص 246.
([11]) سورة لسان العرب لابن منظور ج 11 ص 589.
([14]) في المجتمع الإسلامي ص 4.
([15]) التكافل الاجتماعي في الإسلام ص 12.
([16]) المجتمع المتكافل في الإسلام ص 74.
([17]) التكافل الاجتماعي في الإسلام عبد الله علوان ص 19.
([18]) الإسلام والضمان الاجتماعي للدكتور. محمد الفنجري ص 32.
([19]) المحلى لابن حزم ج 6 ص 159 مسألة (725).
([20]) سورة النساء الآيات ( 36 ـ 39).
([23]) رواه البخاري ومسلم ـ انظر صحيح البخاري ج 7 ص 77 كتاب الأدب والجامع الصحيح للإمام مسلم ج 8 ص 20 كتاب البر.
([24]) رواه البخاري انظر صحيح البخاري ج 1 ص 9 كتاب الإيمان.
([25]) رواه البخاري ومسلم ـ انظر صحيح البخاري ج 3 ص 98 كتاب المظالم والجامع الصحيح لمسلم ج 8 ص20.
([26]) رواه مسلم ـ انظر الجامع الصحيح ج 5 ص 138 كتاب اللقطة.
([27]) صحيح الجامع الصغير للألباني وقال فيه حديث حسن ــ أنظر صحيح الجامع ج 3 ص 124.
([28]) سيرة عمر بن الخطاب لأبي الفراج ابن الجوزي ص 87.
([29]) التكافل الاجتماعي في الإسلام ص 5.
([30]) انظر: منهج القرآن في تربية المجتمع للدكتور / عبد الفتاح عاشور ص 371.
([31]) اشتراكية الإسلام ص 183. تنبيه: لا نوافق المؤلف على هذه التسمية إذ الإسلام بعيد كل البعد عن ضلالات الاشتراكية ولو سماه المؤلف العدالة الاجتماعية في الإسلام أو التكافل الاجتماعي في الإسلام لكان أولى إذ المؤدي واحد.
([33]) سورة الحاقة : آية 30 / 34.
([35]) رواه البخاري في صحيحه أنظر صحيح البخاري ج 3 ص 111.
([37]) انظر البداية والنهاية ج 10 ص 286 لابن كثير ـ دار الفكر العربي.
([38]) سورة البقرة آية : 178 ــ 179.
([45]) سورة البقرة آية 159 ـ 160.
([46]) رواه البخاري انظر صحيح البخاري ج 1 ص 9 ــ كتاب الأيمان.
([48]) منهج القرآن في تربية المجتمع ص 381.
([51]) رواه البخاري ومسلم صحيح البخاري ج 1 ص 215 والجامع الصحيح لمسلم ج 6 ص 8.
([53]) رواه مسلم انظر الجامع الصحيح ج 5 ص 71 كتاب الوصايا.
([54]) انظر الضمان الاجتماعي لعبده اليمني ص 57.
([56]) سورة الماعون آية 1 ـ 2.
([59]) المجتمع المتكامل في الإسلام للدكتور عبد العزيز الخياط ص 243.
([60]) التكافـل الاجتماعي في الإسلام ص 80.
([61]) سيأتي مزيد من التفصيل عند الحديث عن صور التكافل الاجتماعي في المملكة العربية السعودية إن شاء الله.
([62]) سورة الإسراء آية 23 / 24.
([63]) كتاب الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام.
([64]) كتاب الخراج لأبي يوسف ص 144.
([65]) سيأتي بمشيئة الله مزيد إيضاح وبيان لهذه الوسائل عند الحديث عن صور التكافل الاجتماعي في المملكة العربية السعودية.
([70]) سيأتي مزيد بيان وإيضاح لهذا الأمر عند الحديث عن الضمان الاجتماعي في المملكة.
([71]) رواه البخاري ومسلم انظر صحيح البخاري ج 3 ص 98 والجامع الصحيح لمسلم ج 8 ص 20.
([72]) رواه البخاري ومسلم انظر صحيح البخاري ج 7 ص 77 والجامع الصحيح لمسلم ج 8 ص 20.
([73]) رواه البخاري انظر صحيح البخاري ج 3 ص 98.
([75]) رواه مسلم في باب الزكاة ـ انظر الجامع الصحيح للإمام مسلم ج 3 ص 97.
([76]) انظر المجتمع المتكامل في الإسلام ص 269.
([85]) كلا طرفي العلاج الوقائي والواقعي يتجسد عملياً في بلادنا الحبيبة وذلك عن طريق تشجيع الصناعة والزراعة وفتح دور الرعاية الاجتماعية ودور الأحداث في كل مدينة من مدن مملكتنا المترامية الأطراف وسيأتي بعد ذلك مزيد تفصيل وإيضاح بمشيئة الله.
([86]) انظر مجلة العدد الثاني والثلاثون شعبان 1403هــ – ص 91.
([87]) المعجم الوسيط ج 1 ص 398.
([88]) انظر: المغني والشرح ج 2 ص 433.
([92]) رواه البخاري ـ انظر صحيح البخاري ج 2 ص 108.
([93]) رواه البخاري ـ انظر صحيح البخاري ج 2 ص 109.
([94]) المغني والشرح الكبير ج 2 ص 434.
([95]) رواه البخاري ــ انظر صحيح البخاري ج 2 ص 110.
([96]) هناك مسائل خلافية كثيرة تتعلق بهذا الموضوع كوجوب الزكاة على العبد والمجنون والصغير وغيرهم لم أشأ ذكرها طلباً للاختصار ومن أراد الاستزادة فليراجع أمهات كتب المذاهب الفقهية المختلفة.
([98]) رواه البخاري ــ انظر صحيح البخاري ج 2 ص 110.
([101]) سورة التوبة آية 34 / 35.
([102]) رواه البخاري ـ انظر صحيح البخاري ج 2 ص 110.
([103]) سورة آل عمران آية 180.
([104]) رواه البخاري ـ انظر صحيح البخاري ج 2 ص 111.
([112]) انظر فقه الزكاة للدكتور يوسف القرضاوي ج 1 ص 124.
([115]) رواه البخاري ـ انظر صحيح البخاري ج 2 ص 108.
([116]) رواه البخاري ـ انظر صحيح البخاري ج 2 ص 131.
([118]) انظر: فقه الزكاة للقرضاوي ج 2 ص 630.
([121]) سورة المجادلة آية 1 ـ 4.
([123]) انظر المغني والشر ح الكبير ج 1 ص 351.
([124]) العرق الزنبيل يتسع لستة عشر صاعاً والصاع أربعة أمداد.
([125]) رواه البخاري ومسلم انظر صحيح البخاري ج 2 ص 236 والجامع الصحيح لمسلم ج 3 ص 139.
([128]) سورة الإنسان آية 7 / 8.
([132]) رواه مسلم ـ انظر الجامع الصحيح ج 5 ص 70.
([133]) رواه مسلم ـ انظر الجامع الصحيح ج 5 ص 71.
([138]) رواه البخاري ـ انظر صحيح البخاري ج 3 ص 196.
([139]) رواه البخاري ـ انظر صحيح البخاري ج 3 ص 196.
([140]) التكافل الاجتماعي في الإسلام ص 49 ـ 150.
([141]) رواه مسلم انظر صحيح مسلم ج 3 ص 1255 ط دار احياء التراث العربي ـ بيروت ـ لبنان.
([143]) رواه البخاري ـ انظر صحيح البخاري ج 7 ص 12.
([144]) رواه مسلم انظر صحيح مسلم ج 3 ص 1255 ص دار احياء التراث العربي ـ بيروت ـ لبنان.
([145]) رواه البخاري ـ انظر صحيح البخاري ج 7 ص 176.
([147]) الضمان الاجتماعي في الإسلام ص 88.
([150]) عن مقدمة كتاب مجموعة نظم ولوائح وكالة الوزارة لشؤون الرعاية الاجتماعية لصاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبد العزيز.
([151]) من أراد معرفة النظام الأساسي فليرجع إلى كتاب مجموعة نظم ولوائح وكالة الوزارة لشؤون الرعاية الاجتماعية ص 1 ـ 8.
([159]) الطبقات الكبرى لأبي سعد ج 5 ص 380.
(*) رواه البخاري ـ انظر صحيح البخاري ج 1 ص 9 كتاب الأيمان.