28- الشهادتان وما يتعلق بهما – الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر
– الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله،
الشهادتان وما يتعلق بهما
الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله،
واليوم الآخر، والقدر
تأليف
أ.د/ عبدالله بن محمد أحمد الطيار
مقدمــة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي لـه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ” [سورة آل عمران، الآية: 102].
“يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا” [سورة النساء، الآية: 1].
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا” [سورة الأحزاب، الآيتان: 70، 71].
فقد شرع الله عبادته وجعلها الغاية من خلق الخلق قال تعالى: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ” [سورة الذاريات، الآية: 56].
وكان نداء كل نبي لقومه “أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ” [سورة النحل، الآية: 36].
“اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ” [سورة الأعراف، الآية: 65].
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية حول هذا المعنى (إنما الدين الحق هو تحقيق العبودية لله بكل وجه وهو تحقيق محبة الله بكل درجة وبقدر تكميل العبودية تكمل محبة العبد لربه وتكمل محبة الرب لعبده.. وكل محبة لا تكون لله فهي باطلة وكل عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل)([1]).
وكم هم الذين يقصرون مفهوم أركان الإسلام ويأخذون به مبتوراً ولذا نرى كثرة الأخطاء في أمهات العبادات الصلاة والزكاة والصيام والحج. والأمة مطالبة بالرجوع إلى النبع الصافي والاطلاع على سيرة سلف الأمة لتتحقق القدوة الصادقة للمجتمع ولا نجاة ولا عز ولا فلاح إلا بالعبادة الحقة لله وفق ما شرعه سبحانه وكل عبادة تحيد عن المنهج الذي رسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي باطلة مردودة وهذا هو نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرع الأسماع: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)([2]).
لكن الكثيرين لم يستجيبوا لهذا النداء وحرفوا مفهوم العبادة ولذا لزم تصحيح هذا المفهوم وبيان أركان الإسلام بشيء من التيسير والتوضيح لا سيما لعامة الناس وبعض الجاليات الإسلامية التي تحتاج إلى معلومات في هذا الباب واضحة سهلة مبنية على الدليل وكانت فكرة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وهي السبَّاقة في هذا السياق إخراج سلسلة من الكتب في هذا الباب وقد كلفتني عمادة البحث العلمي مشكورة أن أضع كتاباً يجمع أركان الإسلام بأسلوب سهل واضح ليكون معيناً للمحتاجين مـمن يجهلون بعض الأحكام مـما يتعلق بأركان الإسلام وهأنذا أضع هذا الكتيب حول الشهادتين الذي جاء استجابة لطلب العمادة ولكني أؤمل أن ينتفع منه الكثيرون سائلاً الـمولى جل وعلا أن ينفعني بـما علمني وأن يعلمني ما جهلت وأن يكتب الأجر والثواب لـمن أشار وأعان وشجع، إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
وكتب أبو محمد
عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار
المبحث الأول: الإيـمـــــان
ويشمل ما يأتي:
1- معني الإيمان.
2- أركان الإيمان.
3- أصول الإيمان.
4- الإيمان بالله.
5- معنى الإيمان بالله.
6- ما يتضمنه الإيمان بالله.
7- الإيمان بوجوده سبحانه وتعالى.
8- الإيمان بألوهيته.
9- الإيمان بأسمائه وصفاته.
10- ثمرات الإيمان بالله.
11- الإيمان بالملائكة.
12- تعريف الإيمان بالملائكة.
13- كيف تؤمن بالملائكة.
14- ثمران الإيمان بالملائكة.
15- الإيمان بالكتب.
16- ما يتضمنه الإيمان بالكتب.
17- ثمرات الإيمان بالكتب.
18- الإيمان بالرسل.
19- التعريف بالرسل.
20- ما يتضمنه الإيمان بالرسل.
21- ثمرات الإيمان بالرسل.
22- الإيمان باليوم الآخر.
23- معنى الإيمان باليوم الآخر.
24- ما يتضمنه الإيمان باليوم الآخر.
25- ثمرات الإيمان باليوم الآخر.
26- الإيمان بالقدر.
27- معنى الإيمان بالقدر.
28- ما يتضمنه الإيمان بالقدر.
29- ثمرات الإيمان بالقدر.
30- الاهتمام بالعقيدة لـماذا؟
31- أهداف العقيدة الإسلامية.
32- الولاء والبراء.
33- أهميته في عقيدة المسلم.
34- صورة من موالاة المشركين.
الإيـمــــان
معنى الإيمان لغة: التصديق.
وشرعـاً: الاعتقاد بالقلب والنطق باللسان والعمل بالجوارح والأركان. قال تعالى:” قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ” ([3]). وقال صلى الله عليه وسلم: (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره)([4]).
وقال الحسن البصري رحمه الله: (ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن شيء وقر في القلب، وصدَّقه العمل).
وإذا اجتمع الإسلام والإيـمان فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة، والإيـمان بالأعمال القلبية.
وإذا افترق الإسلام والإيمان بأن جاء ذكر الإسلام دون الإيمان فالمراد بالإسلام الدين كله.
وهكذا إذا جاء ذكر الإيمان وحده غير مقترن بالإسلام فالمراد به الدين كله، فإذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اتفقا. والله أعلم.
* أصول الإيمان:
أصول الإيمان التي يجب الإيمان بها ستة ذكرها الله في كتابه، وكذا جاءت بها نصوص السُنَّة.
قال الله تعالى:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ..} ([5]).
فهذه الآية قد جمعت بين خمسة من أصول الإيمان، وهي:
1- الإيمان بالله.
2- واليوم الآخر.
3- الإيمان بالملائكة.
4- الإيمان بالكتب.
5- الإيمان بالرسل.
وبقي الإيـمان بالقدر، فقــد ذكره الله تعالى في قوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} ([6]).
أما نصوص السُنَّة فهي كثيرة، نكتفي بذكر دليل منها، وهو العمدة في بيان أصول الإيـمان والإسلام والإحسان. وهو حديث جبريل، وفيه قال: حدثني عن الإيـمان؟ قال صلى الله عليه وسلم: (الإيـمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره)([7]).
فهذه هي أركان الإيـمان الستة التي سنعرض لـها بشيء من التفصيل.
* أولاً : الإيمان بالله:
معنى الإيمان بالله: الإقرار والاعتراف المستلزم للقبول للأخبار والإذعان للأحكام، بأن لهذا الكون خالقاً موجــوداً ربَّا منفرداً بالربوبية والألوهية والأسماء والصفات.
وعلى هذا المعنى الذي ذُكر يتضح لنا أن الإيـمان بالله يتضمن أموراً:
الأمر الأول: الإيمان بوجوده سبحانه وتعالى:
وقد دل على وجود الرب سبحانه وتعالى أمور أربعة:
1- العقل.
2- الـحس.
3- الفطرة.
4- الشـرع.
1- دلالة العقل على وجود الله تعالى:
هذا الكون بما فيه من الآيات الكونية والكائنات الحسية دليل عقلي على وجود – الله تعالى -؛ فإن هذه العوالم العلويات والسفليات لابد لها من موجد أوجدها، ويتصرف فيها ويديرها، ومحال أن توجد بدون موجد، ومحال أن توجد أنفسها، قال الله تعالى:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ} ([8]).
ولذا لـما سمع جبـيـر بن مطعــم tهـذه الآيـــات وكان لم يسلم بعد قال: (كاد قلبي أن يطير)([9])، وذلك لـما وقر الإيـمان في قلبه، فكثيراً ما يرشد الرب سبحانه وتعالى عباده إلى الاستدلال على معرفته بآياته الظاهرة من المخلوقات العلوية والسفلية، كما قال تعالى:{وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ}، والمعنى: انظروا إلى هذه الأرض وما فيها من الآيات الدالة على عظمة خالقها وقدرته الباهرة، وذلك مـما فيها من صنوف النبات.
2- دلالة الحس على وجود الله سبحانه وتعالى:
فإن الإنسان يدعو ربه سبحانه وتعالى بـما يريد من أمور الدنيا، فيقول:
يا رب؛ ويدعو بالشيء الذي يريده، فما يلبث إلا وقد استجيب لـه، يرى ذلك رأى العين، ألا يدل ذلك على وجوده سبحانه؟ وهذا أمر مشاهد يعترف به الكافرون والملحدون، وما أجمل هذه القصة التي سمعتها، فقد ذكرها لي أحد الدعاة، فقال: “بينما نحن في سفر إلى بعض البلدان، وكنا قد ركبنا طائرة في هذا السفر، إذا بالطائرة يحدث فيها شيء، وأحس الركاب أنهم هالكون لا محالة، فأخذت مصحفي، وأخذت أقرأ، فجاء ناحيتي ملحد، فقال لي بأعلى صوته: زد من القراءة. ووقف بجانبي وهو يقول: زد، ارفع صوتك، لعل الله أن ينجينا. والحمد لله فقد نجونا من هذا الأمر الخطير”، ولا غرابة من فعله هذا، فقد فعله من قبله من المشركين الذين قال الله تعالى في وصفهم:{فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} ([10]).
فهذه دلالة حسية على وجوده سبحانه وتعالى.
3- دلالة الفطرة على وجوده سبحانه:
فإن كثيراً من الناس الذين لم تنحرف فطرهم يؤمنون بوجود الله، حتى البهائم العُجم تؤمن بوجود الله؛ فالفطر مجبولة على معرفة الرب سبحانه وتعالى وتوحيده قال الله تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}([11])، فهذه الآيات تدل على أن الإنسان مجبول بفطرته على شهادته بوجوده سبحانه وتعالى.
4- دلالة الشرع:
فقد جاءت الرسل بشرائع الله المتضمنة لجميع ما يصلح للخلق، وهذا يدل على أن الذي أرسلها هو رب العالمين سبحانه وتعالى، ولا سيما هذا القرآن المجيد الذي أعجز البشر أن يأتوا بـمثله.
ومـما يدل على وجود الله هذه الحيوانات والـمهاد والـجبال والأنهار والبحار، واختلاف ألسنة الناس وألوانهم وما بينهم من تفاوت العقول والفهوم والـحركات والسعادة والشقاوة وفي تركيبهم من الحكم في وضع كل عضو من أعضائهم في الـمحل الذي هو مـحتاج إليه فيه، ولذا قال تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} ([12]).
فيا عجباً كيف يعصى الإله | *** | أم كيف يجحده الجاحد |
ولله في كل تحريكــــــــــة | *** | وفي كل تسكينة شاهد |
وفي كل شيء لـه آيــــــة | *** | تدل على أنه واحـــــــــــد |
وصدق أبو نواس حين قال:
تأمل في رياض الأرض وانظر | *** | إلى آثار ما صنع المليك |
عيـون من لجين شاخصات | *** | بأحـداق هي الذهب السميك |
على قضب الزبرجد شاهدات | *** | بأن الله ليس لـه شـريك |
وما أجمل هذه الإجابة التي أجاب بها الأعرابي حين سُئل عن وجود الرب سبحانه وتعالى، فقال: يا سبحانه الله! إن البعر ليدل على البعير، وإن أثر الأقدام ليدل على المسير؛ فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج،
وبـحار ذات أمواج ألا يدل ذلك على وجود اللطيف الـخبير؟.
الأمر الثاني: مـما يتضمنه الإيـمان بالله الإيـمان بالألوهية:
ومعناه أن تعتقد بقلبك مع الإقرار بلسانك أنه وحده الإله الـحق لا شريك لـه في ألوهيته وجميع ما يعبد من دونه ألوهيتهم باطلة.
قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} ([13]).
والإيـمان بألوهية الرب تبارك وتعالى يقتضي أن لا يصرف العبد نوعاً من أنواع العبادة لغيره سبحانه وتعالى فهو الإله الحق الذي يستحق أن يعبد فلا يتوجه العبد بعبادة قلبية ولا بعبادة قولية ولا بعبادة عملية إلا لـه سبحانه وتعالى. قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ([14]).
وقال تعالى:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} ([15]).
وقال تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} ([16]).
وقال صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمن أشرك معي غيري تركته وشركه)([17]).
فالواجب على العبد أن لا يتوجه بأي نوع من أنواع العبادة كنذر وذبح ودعاء واستغاثة واستعانة وذل وخضوع وخشية وإنابة وصلاة وحج وزكاة وغيرها من سائر العبادات لغير الله تعالى؛ فصرفها لغيره شرك.
الأمر الثالث: مما يتضمنه الإيمان بالله الإيمان بأسمائه وصفاته:
ومعنى الإيمان بأسماء الله وصفاته إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. قال الله تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} ([18]).
وعلى العبد أن يستشعر عظمة هذه الأسماء والصفات فيتعبد لله سبحانه وتعالى بها؛فإن الإيـمان بهذه الأسماء يورث العبد محبة وخوفاً ورجاءً لمعبوده سبحانه وتعالى.
ثمرات الإيمان بالله تعالى:
للإيمان بالله تعالى ثمرات عظيمة نذكر منها:
1- تحقيق توحيد الله تعالى بحيث لا يتعلق بغيره.
2- كمال محبة الله تعالى وتعظيمه بمقتضى أسمائه الحسنى وصفاته العليا.
3- تحقيق عبادته بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه.
4- تحرير العبد “من رق المخلوقين والتعلق بهم وخوفهم ورجائهم والعمل لأجلهم”، فإن هذا هو العز الحقيقي.
* ثانياً : الإيمان بالـملائكة:
من هم الملائكة؟: هم عالم غيبي خلقهم الله تعالى من نور، وجعلهم طائعين لـه، متذللين لـه، ولكل منهم وظائف خصه الله بها.
فجبريل وكِّل بالوحي، وإسرافيل موكل بنفخ الصور، وهو أيضاً أحد حملة العرش، وميكائيل موكل بالقطر والنبات، ومنهم من وكل بقبض أرواح بني آدم وكل ذي روح وهو ملك الـموت وأعوانه. وغير ذلك مـمن علمنا أعمالهم ووظائفهم وممن لا نعلم.
كيف تؤمن بالملائكة؟
1- تؤمن بأنهم عالم غيبي لا يشاهدون، وقد يشاهدون ولكن الأصل أنهم لا يشاهدون، وهم مخلوقون من نور، خاضعون لله أتم الخضوع. قال الله تعالى: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} ([19]).
2-نؤمن بأسماء من علِّمنا أسماءهم، ونؤمن بوظائف من أُعلمنا بوظائفهم.
ثمرات الإيمان بالملائكة :
1-العلم بعظمة الله وقوته وسلطانه.
2-شكر الله على عنايته ببني آدم؛ حيث وكَّل من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم.
3-محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله([20]).
* ثالثاً : الإيمان بالكتب:
ومعنى الإيمان بالكتب: هو التصديق الجازم بأنها كلها منزلة من عند الله عز وجل إلى عباده بالحق المبين والهدي المستبين، وأن هذه الكتب كلام الله عز وجل لا كلام غيره.
والإيمان بالكتب يتضمن أموراً :
1-الإيمان بأن نزولها من عند الله حقاً.
2-الإيمان بما علمنا اسمه منها، كالقرآن الذي نزل على محمدصلى الله عليه وسلم، والتوراة التي أنزلت على موسى صلى الله عليه وسلم، والإنجيل الذي أنزل على عيسى u، والزبور الذي أنزل على داود صلى الله عليه وسلم، أما ما لـم نعلم اسمه فنؤمن به إجمالاً.
3-تصديق ما صح من أخبارها، كأخبار القرآن وأخبار ما لـم يبدل أو يحرف من الكتب السابقة.
4-العمل بأحكام ما لم ينسخ منها، والرضا والتسليم به، فجميع الكتب السابقة منسوخة بالقرآن العظيم. قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ..} ([21]).
أي حاكماً عليه، وعلى ذلك لا يجوز العمل بأي حكم من أحكام الكتب السابقة، إلا ما صح منها، وأقره القرآن.
ثمرات الإيمان بالكتب:
1- العلم بعناية الله بخلقه حيث أنزل لكل قوم كتاباً يهديهم به.
2- العلم بحكمة الله حيث شرع لكل قوم ما يناسبهم في أحوالهم. قال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا..} ([22]).
3- شكر نعمة الله في ذلك([23]).
* رابعاً : الإيمان بالرسل:
من هم الرسل؟ : هم قوم اختارهم الله تعالى؛ ليكونوا واسطة بينه وبين
خلقه، وذلك بإبلاغهم شرعه وما يجب عليهم لله، وغير ذلك مـما أوحاه الله إليهم، وأول الرسل نوح عليه السلام، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ..} ([24]).
والرسل بشر مخلوقون، ليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، فلا يجوز الاستغاثة بهم ولا دعاؤهم ولا النذر لهم ولا الذبح، وغير ذلك من أنواع العبادة، لا يجوز صرفها لأحد منهم.
قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} ([25]).
والإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور:
1- أن رسالتهم حق من عند الله؛ فمن كفر برسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع؛ فالنصـارى الذين كذبـــوا محمداً صلى الله عليه وسلم ولم يتبعوه هم مكذبون للمسيح ابن مريم غير متبعين له أيضاً؛ لأنه بشَّرهم بـمحمد صلى الله عليه وسلم.
2- الإيـمان بـمن علمنا اسمه منهم مثل محمد وإبراهيم وعيسى وموسى ونوح وغيرهم مـمن ذكر اسمه في القرآن، ومن لـم نعلم اسمه منهم نؤمن به إجمالاً.
3- تصديق ما صح عنهم من أخبارهم.
4- العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فهو خاتم الرسل.
ثمرات الإيمان بالرسل:
1- العلم برحمة الله وعنايته بعباده، حيث أرسل إليهم الرسل، ليهدوهم إلى صراط الله، ويبينوا لهم كيف يعبدون الله.
2- شكر الله على هذه النعمة.
3- محبة الرسل عليهم الصلاة والسلام وتعظيمهم والثناء عليهم.
* خامساً: الإيمان باليوم الآخر:
والمراد باليوم الآخر: يوم القيامة الذي يبعث الله الناس فيه للحساب والجزاء، وسمي باليوم الآخر؛ لأنه لا يوم بعده، حيث يستقر أهل الجنة في منازلهم، وأهل النار في منازلهم. قال الله تعالى:{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ..}([26])، وقال تعالى:{وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}([27]). فهذا هو الركن الخامس من أركان الإيمان؛ فمن كذب به فقد كفر، قال الله تعالى:{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}([28]).
والإيمان باليوم الآخر يتضمن بعض الأمور منها:
1- الإيمان بالحساب والجزاء حيث يحاسب الله العباد على أعمالهم، فيجازي كلاً بعمله. قال الله تعالى:{إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} ([29]).
2- الإيمان بالجنة والنار، وأنها الحياة الأبدية للخلق؛ فالجنة أعدها الله لأهل طاعته: المؤمنين الصادقين المخلصين، والنار أعدها لأهل معصيته: الكافرين والمنافقين. قال الله تعالى في بيان دار المؤمنين:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا..} ([30]).
وقال في بيان دار الكافرين والمنافقين:{وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}([31]). وقال أيضاً:{ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} ([32]).
ومـما يلحق بالإيـمان باليوم الآخر، الإيـمان بكل ما يكون بعد الـموت مثل:
1- فتنة القبر: ونعني بها سؤال الـميت بعد دفنه؛ حيث يُسأل عن ربه ودينه ورسوله؛ فأما الـمؤمن فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد ، أما الكافر فيقول: ها.. ها لا أدري.
2- عذاب القبر ونعيمه: فأهل الإيـمان ينعمون في قبورهم، ويفسح لهم فيها مد البصر، ويرى كل منهم منازلهم في الجنة. أما الكافرون والمنافقون والظالمون فيعذبون في قبورهم، ويضيّق عليهم فيها، وتُملأ عليهم ناراً، ويرى كل منهم منزله في النار، نعوذ بالله منها.
ثمرات الإيمان باليوم الآخر:
1- الرغبة في فعل الطاعة والحرص عليها والندم على فواتها.
2- الرهبة من فعل المعصية والخوف منها.
3- تسلية المؤمن عما يفوته من الدنيا بما يرجوه من نعيم الآخرة.
* سادساً: الإيمان بالقدر :
وهذا هو الركن السادس من أركان الإيمان: ومعنى الإيمان بالقدر أن الله سبحانه وتعالى قدَّر الأشياء في القدم، وعلم سبحانه وتعالى أنها ستقع في أوقات معلومة عنده سبحانه وتعالى وفي أمكنة معلومة، وهي تقع على حسب ما قدره الله تعالى.
والإيمان بالقدر يتضمن أموراً ([33]):
الأول: الإيمان بأن الله تعالى عالمٌ بكل شيء جملة وتفصيلاً أزلاً وأبداً، فقد علم ما كان وما سيكون، وعلم ما لـم يكن لو كان كيف يكون.
الثاني: الإيمان بأن الله كتب ذلك في اللوح المحفوظ. قال تعالى:{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}([34]). وفي صحيح مسلم:(كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة)([35]).
الثالث: الإيمان بأن جميع الكائنات لا تكون إلا بـمشيئته، سواء كانت مـما يتعلق بفعله سبحانه وتعالى، أو مـما يتعلق بفعل العباد.
قال الله تعالى: { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ}([36]).
وقال تعالى:{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ..} ([37]).
الرابع: الإيـمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله سبحانه، وأنه ما من ذرَّة في السموات والأرض إلا والله خالقها وخالق حركاتها وسكناتها، لا خالق غيره ولا رب سواه. قال الله تعالى:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} ([38]). وقال تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} ([39]).
ثمرات الإيمان بالقدر :
1- الاعتماد على الله تعالى عند فعل السبب، بحيث لا يعتمد العبد على السبب نفسه، بل يعتمد على الله تعالى؛ لأن كل شيء بقدر الله تعالى.
2- أن العبد لا يعجب بحصول ما تمناه ورجاه؛ لأن حصوله نعمة من الله على العبد بما قدره له من أسباب الخير والنجاح.
3- الطمأنينة والراحة النفسية بما يجري عليه من أقدار الله، فلا يقلق بفوات محبوب أو حصول مكروه؛ لأن الكل بقدر الله تعالى.
أهـمية العقيـدة
* الاهتمام بالعقيدة:
يتضح لنا مـما ذُكر أن الركن الأساس الذي يبنى عليه هو العقيدة؛ إذ بدونها يتخبط الناس في ظلمات الشرك وشهوات الدنيا؛ فهي المحرك الأساس لحياة الإنسان؛ إذ بدونها يكون الناس كالأنعام. قال الله تعالى فيمن حُرِم هذه العقيدة:{أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} ([40]).
ولـما كانت حاجة الناس للعقيدة أعظم من حاجتهم للأكل والشرب كان لابد لهم أن يهتموا بها.
* أهداف العقيدة الإسلامية:
1- إخلاص النية والعبادة لله تعالى؛ لأنه الخالق لا شريك له، فوجب أن يكون القصد والعبادة له وحده.
2- تحرير العقل والفكر من التخبط الفوضوي الناشيء عن خلو القلب من هذه العقيدة؛ لأنه من خلا منها فإنه إما فارغ القلب من كل عقيدة وعابد للمادة الحسية فقط، وإما يتخبط في ضلالات العقائد والخرافات.
3- الراحة النفسية والفكرية فلا قلق في النفس ولا اضطراب في الفكر؛ لأن هذه العقيدة تصل المؤمن بخالقه.
4- سلامة القصد والعمل من الانحراف في عبادة الله تعالى؛ لأن الرسل بينوا هذه العقيدة واتباع الرسل ركن من أركان الدين؛ فمن ضل في اتباع الرسل انحرف عن هذه العقيدة.
5- الحزم والجد في الأمور بحيث لا يجد العبد فرصة في عمل صالحٍ إلا وسارع إليها، ولا يرى موقع إثم إلا ابتعد عنه.
6- تكوين أمة قوية تبذل كل غالٍ ورخيص في تثبيت دينها غير مبالية بـما يصيبها في سبيل الله.
7- الوصول إلى سعادة الدنيا والآخرة بإصلاح الأفراد والجماعات ونيل الثواب والـمكرمات.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يحققها لنا ولجميع الـمسلمين آمين.
* الولاء والـبـراء :
أهميته في عقيدة المسلم:
من أصول العقيدة الإسلامية أنه يجب على كل مسلم يدين بهذه العقيدة أن يوالي أهلها ويعادي أعداءها، فيحب أهل التوحيد والإخلاص ويواليهم، ويبغض أهل الإشراك ويعاديهم؛ وهذه هي ملة إبراهيم عليه السلام والذين معه الذين أمرنا بالاقتداء بهم. قال الله تعالى:{ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ..}([41]). وقـــال أيضاً للمؤمنــين الذين آمنوا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}([42]).
فالولاء والبراء أصل عظيم من أصول الدين، ومـما يؤسف لـه أن كثيراً من الناس جهل هذا الأصل؛ فكم تسمع مـمن ينتسب لهذا الدين يقولون بدعوات تدعو إلى وحدة الأديان، ويقولون بأن النصارى إخوة لنا، بل يزعمون أن اليهود كذلك إخوة لنا، وهذا كله ردة عن الإسلام. قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} ([43]).
لقد حرَّم الله على المؤمن موالاة الكفار ولو كانوا أقرب قريب، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ([44]).
وكما أنه سبحانه حرَّم موالاة الكفار أعداء العقيدة الإسلامية فقد أوجب سبحانه موالاة الـمؤمنين. قال تعالى:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}([45]).
صور موالاة الكفار :
1- التشبه بهم في الملبس والكلام وغيره، فيحرم التشبه بهم بما هو من خصائصهم ومن عادتهم وعبادتهم: كحلق اللحى، وإطالة الشوارب، وفي هيئتهم في الملبس والأكل والشرب، وكذا التحدث بلغتهم إلا عند الحاجة.
2- الإقامة في بلادهم وعدم الانتقال إلى بلاد المسلمين، لأجل الفرار بالدين.
3- السفر إلى بلادهم لغرض النزهة ومتعة النفس دون حاجة.
4- إعانتهم ونصرتهم على المسلمين.
5- الاستعانة بهم والثقة بهم وتوليتهم المناصب التي فيها أسرار المسلمين واتخاذهم بطانة ومستشارين.
6- التأريخ بتأريخهم خصوصاً التأريخ الذي يعبر عن طقوسهم وأعيادهم كالتأريخ الميلادي.
7- مشاركتهم في أعيادهم أو مساعدتهم في إقامتها أو تهنئتهم بمناسبتها أو حضور إقامتها.
8- التسمي بأسمائهم والعدول عن التسمي بأسماء المسلمين.
9- الاستغفار لهم والترحم عليهم، لأن هذا يتضمن حبهم وتصحيح ما هم عليه([46]).
المبحث الثاني: الشرك وأقسامه
ويشمل ما يأتي:
1- تعريف الشرك.
2- أقسامه.
3- الشرك الأكبر.
4- تعريفه.
5- خطر الشرك الأكبر.
6- شرك العبادة.
7- شرك المحبة.
8- شرك الـهوى.
9- شرك الطاعة.
10- الشرك الأصغر.
11- تعريفه.
12- أنواعه.
13- خطره على صاحبه.
14- أنواع الشرك الأصغر.
15- الشرك الظاهر.
16- الشرك الخفي.
17- الفرق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر.
18- زيارة القبور.
19- لماذا شرعت زيارة القبور.
20- أقسام زيارة القبور.
21- الزيارة السنية وآدابها.
22- الزيارة البدعية.
23- الزيارة الشركية.
24- النفاق وأقسامه.
25- معنى النفاق.
26- أنواع النفاق .
27- أقسام النفاق .
28- النفاق الأكبر.
29- أنواع النفاق الأكبر.
30- النفاق الأصغر.
31- أنواع النفاق الأصغر.
32- السحر والشعوذة.
33- حقيقة السحر.
34- هل للسحر تأثير .
35- ضرر السحر على الفرد والمجتمع.
36- حكم السحر والسحرة.
37- كيف تحصن نفسك من السحر
الشرك وأقسامه
تعريف الشرك: أن تجعل لله نداً وقد خلقك.
وهو قسمان:
أولاً : الشرك الأكبر: وهو أن تجعل لله نداً في ربوبيته أو ألوهيته أو أسمائه وصفاته([47]). وقيل أيضاً في تعريفه: هو أن يجعل لله نداً يدعوه كما يدعو الله، أو يخافه أو يرجوه أو يحبه كحب الله، أو يصرف له نوعاً من أنواع العبادة([48]).
فقولنا: (أن تجعل لله نداً في ربوبيته) كأن تعتقد فيه الخلق والرزق والإحياء والإماتة وسائر صفات الربوبية، أو أن تجعل لله نداً في ألوهيته، كأن تعبده من دون الله، فتركع وتسجد لـه وتذبح لـه وتنذر لـه وتدعوه من دون الله وهكذا، أو أن تجعل لله نداً في أسماء الله وصفاته كاشتقاق اللات من الإله، والعزى من العزيز؛ هذا في الأسماء، أما في الصفات فتشبه المخلوق بالخالق.
خطر الشرك الأكبر على صاحبه:
الشرك الأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة، وصاحبه إن لقي الله به فهو مخلد في النار. قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}([49]).
وغالب من يقع في هذا الشرك سببه إعراضهم عن تعلم أصل الدين، وتساهلهم في جانب التوحيد وعدم الوقوف على حقيقته وما يرشد إليه ويدل عليه، وإعراضهم عن تعلم نواقض الإسلام ومفسداته التي متى دخلت عليه أفسدته وأحبطت عمل صاحبه.
أنواع الشرك الأكبر:
1- شرك العبادة: وهو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله: كالدعاء والنذر والذبح وغيرها من العبادات كما ذكرنا.
2- شرك المحبة: وهو أن يتخذ أنداداً من دون الله يحبونهم كحب الله، كما قال الله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ..}([50]).
3- شرك الهوى: وهو أن يقدم المرء هواه على طاعة الله، فإن كان هواه في الشرك والكفر فهذا شرك وكفر مخرج عن الملة، وإن كان هواه في المعاصي فهذا نوع من الشرك؛ حيث أشرك هواه مع الله عز وجل، وهذا النوع لا يخرج من الملة، بل إن المعاصي كلها لا تكون إلا عن طريق الهوى. قال الله تعالى:{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا} ([51]).
فبالهوى يقع الإنسان في معصية الله من البدع والشرك؛ فصاحب الهوى لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أُشرب من هواه.
4- شرك الطاعة : وذلك يكون بطاعة الإنسان في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله، فقد جعل الله ذلك شركاً بقوله:{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ..} ([52]). وقال:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ..}([53]).
جاء في تفسير هذه الآية أن عدي بن حـاتم قال: يا رســـول الله! لسنا نعبدهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألم يكونوا يحلون لكم الحرام فتحلونه ويحرمون الحلال فتحرمونه) قال: بلى. قال: (تلك عبادتهم)([54]).
ثانياً : الشرك الأصغر وأنواعه:
تعريف الشرك الأصغر : هو ما أتى في نصوص الشريعة بتسميته شركاً، ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر.
أنواع الشرك الأصغر: الحلف بغير الله، ويسير الرياء، وقول الرجل: ما شاء الله وشئت، ولولا الله وفلان، وكذا طلب العلم لغير الله ولكن لتحصيله الوظيفة والشهادة، أو طلب العلم لأجل الرياء والسمعة، ونحو ذلك مـما ينافي الإخلاص.
خطر الشرك الأصغر على صاحبه:
صاحب الشرك الأصغر لا يخلد في النار، ولكنه معرض للوعيد وصاحبه على خطر عظيم، فلا يستهان به؛ فما أكثر الواقعين فيه ممن يدعي العلم فضلاً عن غيرهم من العامة وأشباههم، وقد يترقى بصاحبه إلى الشرك الأكبر، فيجب التحرز منه.
أقسام الشرك الأصغر:
ينقسم الشرك الأصغر إلى قسمين:
1- شرك ظاهر.
2- شرك خفي.
أولاً : الشرك الظاهر:
وهذا الشرك ينقسم إلى قسمين:
– شرك في الأفعال.
– شرك في الأقوال.
شرك الأفعال: كلبس الحلقة والخيط ونحوهما وتعليق التمائم والحروز والطلاسم من أجل اتقاء العين أو اتقاء الجن أو المرض أو المصائب ونحو ذلك، فهذا شرك أصغر، ولكنه مشروط؛ فإن اعتقد أن هذه الأشياء تستقل في النفع والضر فقد صار شركاً أكبر. أما إن اعتقد أنها مجرد سبب فقد جعل ما ليس سبباً سبباً؛ فهذا شرك أصغر.
شرك الأقوال: وذلك كالحلف بغير الله مثل أن يحلف بأبيه أو جده أو الكعبة أو وحياتي وحياة فلان، أو يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك قول البعض مطرنا بنوء كذا. وكذا القول: ما شاء الله وشئت، أو لولا البط في الدار لسرقنا اللصوص، وما شابه ذلك.
ثانياً : الشرك الخفي :
والـمراد به شرك الإرادات أي النيات، وهذا النوع من أكثر أنواع الشرك وقوعاً، حيث لا يسلم منه العالم فضلاً عن الجاهل إلا من رحم ربك، وهو البحر الذي لا ساحل له.
الفرق بين الشّرك الأكبر والشّرك الأصغر
الشّـرك الأكـبـــر | الشّرك الأصـغـر |
أن صاحبه خالد مخلد في النار.
أنه يحبط الأعمال بالكلية. أن صاحبه حلال الدم والمال. أن الله تعالى لا يغفره إلا بالتوبة منه قبل الممات. |
لا يخلد صاحبه في النار.
لا يحبط الأعمال بالكلية. أن صاحبه لا يحل دمه وماله. أن صاحبه بين المشيئة إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له. |
* زيارة القبور([55]) :
شرع الله لعباده زيارة القبور حثاً لهم على الاستعداد للقائه وتسلية لهم مما يحصل لهم في الدنيا؛ ولكن حينما شرع لعباده زيارة هذه القبور بيّن لهم أن هناك من الزيارات ما لم يكن مشروعاً لهم. فما هو المشروع إذاً، وما هو غير مشروع؟.
ليعلم أن زيارة القبور تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- زيارة شرعية.
2- زيارة بدعية.
3- زيارة شركية.
أولاً : الزيارة الشرعية:
دليل هذه الزيارة حديث بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنها تذكركم الآخرة)([56]).
ولهذه الزيارة آداب:
1- أن تكون نية الزائر لهذه الزيارة تذكرة الآخرة ليتعظ بالقبور.
2- قصد الزيارة بالدعاء لنفسه وللأموات من المسلمين.
3- أن لا تكون الزيارة مصحوبة بشد رحال، لنهيه صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد الخدري t قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)([57]).
ثانياً : الزيارة البدعية:
والمراد بها الزيارة التي قام بها صاحبها على غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب لغرض الدعاء عندهم والصلاة كذلك عند قبورهم، أو الاعكاف عند قبورهم، أو التوسل بجاه بعضهم عند الله تعالى، فيقول: اللهم إني أسألك بجاه فلان وهو ميت أو غائب، ظناً منه أن صاحبه له جاه ومكانة عند الله؛ فهذا وإن كان يرى أنه لم يَدْعُ إلا الله ولم يعبد سواه، فهو قد عبد الله بغير ما شرع، وابتدع في الدين ما ليس منه، واعتدى في دعائه، ودعا الله بغير ما أمره أن يدعوه به.
ثالثاً : الزيارة الشركية :
وهي أن يقوم الزائر قاصداً المقبور نفسه، فيدعوه من دون الله بجلب نفع أو دفع ضر: كشفاء مريض، ورد غائب، أو نحو ذلك من قضاء الحاجات؛ فهذا قد أشرك بالله تعالى شركاً أكبر، لا يغفر له إلا بالتوبة منه. قال الله تعالى:{وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ * وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ..}([58]).
وقال أيضاً:{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} ([59]).
* النفاق وأنواعه :
النفاق معناه في لغة العرب: إظهار الخير وإبطان الشر، أي إظهار الإيمان وإخفاء الكفر، وقد جاءت سورة التوبة التي تسمى الفاضحة ببيان ما عليه أهل النفاق، وحذرت المؤمنين من شرهم وما يخفونه من خبث وعداوة للمسلمين.
أنواع النفاق:
ينقسم النفاق إلى نوعين : أكبر وأصغر:
أولاً : النفاق الأكبر: والمراد به النفاق الاعتقادي، وهو ينقسم إلى ستة أقسام:
- تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم.
- تكذيب بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
- بغض الرسول صلى الله عليه وسلم.
- بغض بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
- المسرة بانخفاض دين الرسول صلى الله عليه وسلم.
- كراهية انتصار دين الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثانياً : النفاق الأصغر : ويراد به النفاق العملي.
وهو جريمة كبرى، وذنب عظيم، وكبيرة من كبائر الذنوب، ولكنه لا يخرج صاحبه عن ملة الإسلام.
من أنواع النفاق الأصغر:
– الكذب.
– الغدر.
– الخيانة.
– إخلاف الوعد.
– الخصام المتبوع بالفجور.
دليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان)، وفي رواية: (إذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر)([60]). ومنه أيضاً التخلف عن صلاة الفجر والعشاء في جماعة المسلمين لغير عذر شرعي. دليل ذلك قولـه صلى الله عليه وسلم:(أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً)([61]).
* السحر والشعوذة وغيرهما([62]):
أولاً : حقيقة السحر :
السحر متحقق وقوعه ووجوده، وقد كان موجوداً في زمن فرعون، وأراد أن يعارض به معجزات نبي الله موسى عليه السلام وسحر النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيح .
ثانياً : هل له تأثير؟
نعم للسحر تأثير، فمنه ما يـمرض، ومنه ما يقتل، ومنه ما يأخذ بالعقول، ومنه ما يأخذ بالأبصار، ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه، ولكن لا يستقل السحر بالتأثير بذاته، وإنـما يؤثر بقضاء الله وقدره وخلقه وتكوينه؛ لأنه سبحانه خالق الخير والشر، والسحر من الشر، ولذلك قال سبحانه: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ..}([63]).
ثالثاً: ضرر السحر على الفرد والمجتمع:
أما ضرره على الإنسان: فهو يؤثر عليه في حياته الدينية والدنيوية؛ حيث يدعوه إلى ترك الطاعة وعصيان رب العالمين؛ فبسببه يذهب الـمرءُ إلى السحرة والمشعوذين لإيجاد الحلول المناسبة لشفائه؛ ومن ثَمَّ يقع في الشرك. قال صلى الله عليه وسلم : (من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بـما يقول فقد كفر بـما أنزل على محمد)([64]).
أما آثاره الدنيوية: فهو يمرض الإنسان أو يقتله أو يجعله في حيرة من أمره، فيجعله يتخبط في دنياه ليس لـه هدف مأمول، بل حياة كلها ألم وحزن.
أما تأثيره على المجتمع: فهو ظاهر وواضح؛ فالفرد لبنة من لبنات المجتمع، فإذا وجدنا أفراد الأمة قد أُصيبوا بهذا المرض فمن أين تكون رفعة الأمة وصلاحها.
إن السحر تأثيره على المجتمع واضح وبيّن، فهو يزرعُ الشبه والشكوك في نفوس الناس ويورث البغضاء والحقد والحسد، لا سيما إذا علم الإنسان أنَّ فلاناً من الناس قد سحره؛ فإن ذلك يدعوه للانتقام منه بكل وسيلة، وهنا يحصل الخلل في المجتمع، وينتشر العدوان والقتل، وتضيع الأخلاق الإسلامية التي ترفرف على المجتمع بالأمن والطمأنينة، ويحل محلها الذعر والخوف وحب الجريمة.
رابعاً : حكم السحر والسحرة:
أما حكم السحر : فقد حكم الله تعالى على متعلمه بالكفر في كتابه، فقال تعالى:{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ}([65]). فتعلُّم السحر حرام، سواء تعلمه للعمل به أو ليتقيه، وقد جعله صلى الله عليه وسلم من السبع المهلكات فقال: (اجتنبوا السبع الموبقات)([66]).
وذكر منها السحر.
أما حكم الساحر: فاتفق جمهور أهل العلم على أن الساحر حكمه في شريعة الإسلام القتل، وهذا هو المروي عن الصحابة رضي الله عنهم؛ فعن جندب موقوفاً: (حد الســاحـر ضربـــة بالســيف)([67]).
وعن بجالة بن عبدة قال: (كتب عمر بن الخطـــاب رضي الله عنه: أن أقتلوا كل ساحر وساحرة) قال: (فقتلنا ثلاث سواحر)([68]).
وعن حفصة رضي الله عنها: (أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت)([69]).
خامساً : كيف تحصن نفسك من السحر؟([70])
يكون تحصين النفس من السحرة بالأمور الآتية:
1- تحقيق التوحيد الخالص لله تعالى؛ وذلك بتجريد القلب من التعلق بغير الله تعالى، وكذا اجتناب الشرك بأنواعه، ويكون أيضاً باجتناب كبائر الذنوب وصغارها؛ فهذه الأمور لها تأثير كبير في دفع شرور السحرة بإذن الله تعالى.
2- الإخلاص: فتحقيق الإخلاص هو سبيل الخلاص من الشيطان. قال تعالى على لسان الشيطان:{قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}([71]).
3- التزام الجماعة: قال صلى الله عليه وسلم: (من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة؛ فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد)([72]).
4- المحافظة على الصلوات الخمس في جماعة ولا سيما صلاة الفجر؛ وذلك لأن التهاون في صلاة الجماعة يسهل غواية الشيطان لابن آدم.
5- الاعتصام بالكتاب والسُنة: فهذا أعظم سبيل للحماية من الشيطان؛ فالالتزام بالكتاب والسُنة علماً وعملاً يكونان حرزاً للإنسان من شرور السحرة والكهان. روى ابن الجوزي بسنده عن الأعمش قال: (حدثنا رجل كان يكلم الجن، فقالوا: ليس علينا أشد ممن يتبع السُنة، وأما أصحاب الأهواء فإنا نلعب بهم لعباً)([73]).
6- تقوى الله تعالى والإنابة إليـه: قـــال الله تعــالى:{وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} ([74]).
7- التوبة النصوح والتخلص من الآثام.
8- بذل الصدقات وصنع المعروف والقيام بحاجات الناس: فمن الوسائل والسبل التي يتقي بها الشر بذل الصدقات للفقراء والمحتاجين؛ فإن في بذلها دفعاً لكثير من الشرور أو تخفيفها.
9- الرقى الشرعية ويشترط فيها:
- أن تكون بكلام الله تعالى أو أسمائه وصفاته.
- أن تكون باللسان العربي أو ما يعرف منه أو معناه.
- أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل يعتقد أنها سبب والمؤثر هو الله تعالى.
المبحث الثالث: الشهادتان
ويشمل ما يأتي :
1- التعريف بعلم التوحيد.
2- معنى الإسلام.
3- حق الله على العباد.
4- أنواع العبادة.
5- أنواع التوحيد.
6- توحيد العلم والاعتقاد.
7- توحيد الربوبية.
8- توحيد الألوهية.
9- توحيد الأسماء والصفات.
10- أثر التوحيد في الأعمال وفضله.
11- معنى لا إله إلا الله.
12- معنى محمد رسول الله.
13- العبــادة.
14- العبادة التي من أجلها خُلقنا.
15- شروط العبادة.
16- الأصول التي تبنى عليها العبادة.
الشــهادتان
علم التوحيد:
هو علم يبحث عما يجب لله من صفات الجلال والكمال، وما يستحيل عليه من كل ما لا يليق به وما يجوز لـه من الأفعال وما يجب لله من إخلاص العبادة وأداء حقه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وعما يجب للرسل والأنبياء، وما يستحيل عليهم، وما يجوز في حقهم، وما يتصل بذلك من الإيمان بالكتب الـمنزلة والـملائكة الأطهار ويوم البعث والجزاء والقدر والقضاء. وفائدته تصحيح العقيدة والسلامة من العواقب ونيل السعادة في الدارين.
معنى الإسلام: الإسلام في اللغة: الانقياد والإذعان.
وشرعاً: الأعمال الظاهرة، ومعناه الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك.
قال تعـــالى:{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ..}([75]). وقال تعــــــالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}([76]).
وقال تعالى:{فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} ([77]).
وإذا أُطلق الإسلام فإنه يشمل الدين كله. قال تعالى:{ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ..} ([78]).
فهو يشتمل على الأركان الخمسة، ودليل ذلك حديث جبريل الطويل، حينما جاء يُعلّم الناس دينهم، فقال: (…. الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً)([79]).
* حق الله على العباد :
حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً؛ فقد خلق الله الخلق لعبادته. قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ([80]).
وقال صلى الله عليه وسلم: (حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً)([81]).
والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله من الأقوال والأفعال: كالدعاء والصلاة والخشوع والنذر والذبح والخوف والرجاء وغيرها.
قال تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} ([82]).
والعبادة لها أنواع كثيرة منها: الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والذبح والنذر والركوع والسجود والطواف والحلف والخشية والخشوع والاستعانة والاستغاثة، وغيرها من أنواع العبادة المشروعة.
وقد جاءت غالب سور القرآن، بل كلها تقرر هذا الأمر وتدعو إليه؛ فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه، وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم.
وقد أُرسل جميع الرسل لتقرير هذا الحق والدعوة إليه. قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ..} ([83]).
فمن حقق التوحيد تحققت لـه الـهداية في الدنيا، وكُفِّرت ذنوبه وخطاياه، وأمن في الآخرة من العذاب الـمؤبد.
قال تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} ([84]).
وقال صلى الله عليه وسلم:(حق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً)([85]).
* أنواع التوحيد:
التوحيد نوعان:
نوع في العلم والاعتقاد: ويسمى التوحيد العلمي، ويتعلق بالأخبار والمعرفة، وتدل عليه سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}([86]). وهذا النوع يشمل توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات.
ونوع في الإرادة والقصد: ويسمى التوحيد القصدي الإرادي ويتعلق بالقصد والإرادة، وتدل عليه سورة {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ([87]).
وهذا النوع يشمل توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية.
فأنواع التوحيد ثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
*توحيد الربوبية:
هو إفراد الله بأفعاله: كالخلق والرزق، والتدبير والإحياء والإماتة والبعث والنشور وغيرها. فالله هو الخالق الرازق المحيي المميت، الذي يدبر الأمور وينزل الغيث، وقد أقر به المشركون، ولكن إقرارهم به لم ينفعهم ولم يدخلهم
الإسلام.قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ..}([88]).
ودليل هذا النوع من التوحيد قوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}([89]).
فالإقرار بوجود الله والاعتراف بأنه الخالق الرازق المدبر لا يكفي في دخول العبد الإسلام، فإن كثيراً من المشركين يقرون بتوحيد الربوبية، ومع ذلك لم يدخلهم في الإسلام؛ لعدم إذعانهم لتوحيد العبادة، وكثير من الناس يظن أن توحيد الربوبية هو التوحيد الذي أرسلت به الرسل، وأنهم إذا أثبتوه لله فقد وحدوه حق التوحيد، وهذا خطأ ظاهر، ولذلك يعبدون غير الله ومع ذلك يزعمون أن فعلهم ليس بشرك إنما الشرك بزعمهم إذا جعلت خالقاً مدبراً مع الله، ونظراً لجهلهم بالتوحيد فقد جعلهم يشركون بالله شركاً جلياً.
* توحيد الألوهية([90]):
وهو إفراد الله بالعبادة فلا يُشرك مع الله أحد، فالدعاء والذبح والنذر والصلاة والخوف والرجاء والتوكل والاستعانة وغيرها من العبادات يجب أن يفرد الرب سبحانه وتعالى بها؛ من صرف منها شيئاً لغير الله لم يكن موحداً، بل يكون مشركاً بالله سبحانه وتعالى وإن أقر بتوحيد الربوبية.
فتوحيد الألوهية هو الذي من أجله أرسلت الرسل وأُنزلت الكتب؛ فمن عرفه حق المعرفة عرف ما عليه الكثير من الناس من إضاعتهم لـه وإهمالهم جانبه وجهل الكثير بحقوقه.
وليعلم أن التوحيد ليس التخلي فحسب عن عبادة غير الله من الأصنام والأوثان، بل لابد من التخلي عن جميع العبادات التي يراد بها غير الله والبراءة منها ومن أهلها وإخلاص جميع العبادة لـه.
فمن عَبَدَ الله ولم يكفر بـما يعبد من دون الله لم يكن مستمسكاً بالعروة الوثقى. قال الله تعالى:{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى..}([91]). وفي صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم : (من قال لا إله إلا الله وكفر بما يُعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله)([92]).
فمن لم يكفر بالطاغوت لم يكن مستمسكاً بالعروة الوثقى (لا إله إلا الله)، بل تخلى عنها وأهملها وأضاع حقوقها ولم يكن معصوم الدم والمال؛ فأصل توحيد الرسل بل أصل الدين الذي دعت إليه الرسل هو: إفراد الله بالعبادة والبراءة من كل معبود سوى الله، فهذه هي ملة إبراهيم التي قال الله فيها:{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ..}([93]). وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ}([94]).
وإذا نظرت إلى حال توحيد الإلهية في وقتنا هذا تراه قد ضاعت آثاره ومعالمه عند الكثير من الناس، ونضرب مثالين لذلك:
المثال الأول : الذبح: فإن الذبح عبادة من أجل العبادات وأعظمها. قال الله تعالى لنبيه:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} ([95]).
فإذا تبين أن الذبح عبادة: فصرفها لغير الله شرك.
وفي صحيح مسلم عن علي t قال:حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات وذكر منها: (لعن الله من ذبح لغير الله)([96]).
وقد كثر الذبح لغير الله في هذا الزمان لعموم الجهل بتوحيد الألوهية (العبادة)؛ فبعض الجهلة عندما ينزل منزلاً يذبح نسكاً تقرباً للجن لكي لا يؤذوه ونحو ذلك مـما هو شرك بالله.
المثال الثاني : دعاء غير الله.
فالدعاء عبودية عظيمة، وهو من أعظم الأسباب وأقواها لجلب النفع ودفع الضر، وهو علامة على افتقار العبد لربه واحتياجه لـه؛ فقد أمر الله تعالى عباده بدعائه، فقال:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}([97]).
وقال صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة)([98]).
وإذا كان الدعاء عبادة من أجل العبادات وأعظمها فصرفه لغير الله شرك، ولكن انظر إلى أحوال الكثير من البشر ممن ينتسبون للإسلام وحالهم عند أصحاب القبور فقد صرفوا للأموات والغائبين دعاءهم، فتراهم يدعونهم كأنهم يسمعون، ويستنجدون بهم كأنهم حاضرون قادرون.
قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} ([99]).
فطلب الشفاعة من الموتى وطلب الحاجات منهم سواء كانوا أنبياء أو صالحين ونحو ذلك شرك بالله، مناقض لتوحيد الألوهية، لا يغفره الله إلا بالتوبة، ومن مات عليه أصبح من الخالدين في النار، نعوذ بالله من ذلك.
* توحيد الأسماء والصفات:
ومعنى توحيد الأسماء والصفات هو أن يُسمَّى الله ويوصف بـما سمَّى ووصف به نفسه، أو سماه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تأويل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
ودليل الإيـمان بأسماء الله وصفاته قوله تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا..}([100]). وقولـه تعالى:{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}([101]).
وقولـه صلى الله عليه وسلم : (إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة)([102]).
وإنكار أسماء الله وصفاته إنكار للخالق وجحد لـه، ولا يدخل العبد في الإسلام حتى يؤمن بأسماء الله وصفاته. وهذا النوع من التوحيد يجب تدبره وفهمه؛ فقد غلط فيه بعض المنتسبين إلى العلم، وزل فيه فئام من الناس، فنفوا عن الله ما وصف به نفسه، زاعمين نفي التشبيه، فضلوا بفهمهم الفاسد، وخالفوا ما دل عليه الكتاب والسُنة وإجماع سلف الأمة([103]).
* أثر التوحيد على الأعمال وفضله :
للتوحيد آثار على الأعمال منها :
- أنه من حققه دخل الجنة بغير حساب ولا عذاب.
- أنه سبب لمغفرة الذنوب وتكفيرها.
- أنه يمنع الخلود في النار.
- أنه يحصل لصاحبه الهدى والأمن التام في الدنيا والآخرة.
- أن جميع الأعمال والأقوال متوقفة على التوحيد.
- أنه يخفف على العبد المكاره ويهون عليه الآلام.
- أن الله تكفل لأهله بالفتح والنصر([104]).
* معنى لا إله إلا الله :
إن معنى لا إله إلا الله الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسُنة هو: (لا معبود بحق إلا الله) وعلى هذا التعريف لهذه الكلمة العظيمة نكون قد جمعنا بين نفي وإثبات؛ فالنفي المراد به نفي استحقاق العبادة عن كل ما سوى الله، والإثبات يراد به إثبات العبادة لله عز وجل وحده لا شريك لـه في عبادته، كما أنه ليس لـه شريك في ملكه.
قال الله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} ([105]).
* معنى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم :
هو التصديق الجازم من صميم القلب المواطيء لقول اللسان بأن محمداً عبد الله ورسوله إلى كافة الناس: إنسهم وجنهم، شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فيجب تصديقه في جميع ما أخبر به من أنباء ما قد سبق وأخبار ما سيأتي، وفيما أحل من حلال وحرّم من حرام، والامتثال والانقياد لـما أمر، والكف والانتهاء عما نهى عنه، واتباع شريعته، والتزام سُنته مع الرضا بـما قاله والتسليم لـه.
قـــال شــيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله -: “ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله: طاعته فيما أمر،وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع”([106]).
فهرس الـموضوعات
الموضوع | الصفحة |
المقدمة | |
الـمبحث الأول : الإيـمـان: | |
الإيمان | |
أركان الإيمان | |
أصول الإيمان | |
أولاً: الإيمان بالله: | |
الأمر الأول: الإيمان بوجوده سبحانه وتعالى | |
1-دلالة العقل على وجود الله تعالى | |
2-دلالة الحس على وجود الله سبحانه وتعالى | |
3-دلالة الفطرة على وجوده سبحانه | |
4-دلالة الشرع | |
الأمر الثاني: مما يتضمنه الإيمان بالله الإيمان بالألوهية | |
الأمر الثالث: مما يتضمنه الإيمان بالله الإيمان بأسمائه وصفاته | |
ثمرات الإيمان بالله تعالى: | |
ثانياً: الإيمان بالملائكة: | |
كيف تؤمن بالملائكة؟ | |
ثمرات الإيمان بالملائكة | |
ثالثاً: الإيمان بالكتب: | |
ثمرات الإيمان بالكتب | |
رابعاً: الإيمان بالرسل: | |
ثمرات الإيمان بالرسل | |
خامساً: الإيمان باليوم الآخر: | |
ثمرات الإيمان باليوم الآخر | |
سادساً: الإيمان بالقدر: | |
ثمرات الايمان بالقدر | |
أهمية العقيدة | |
الاهتمام بالعقيدة | |
أهداف العقيدة الإسلامية | |
الولاء والبراء | |
أهميته في عقيدة المسلم | |
صور من موالاة المشركين | |
المبحث الثاني : الشرك وأقسامه | |
الشرك وأقسامه | |
تعريف الشرك | |
أقسامه | |
أولاً: الشرك الأكبر | |
خطر الشرك الأكبر على صاحبه | |
أنواع الشرك الأكبر: | |
1-شرك العبادة | |
2-شرك المحبة | |
3-شرك الهوى | |
4-شرك الطاعة | |
ثانياً: الشرك الأصغر وأنواعه: | |
أنواع الشرك الأصغر | |
خطر الشرك الأصغر على صاحبه | |
أقسام الشرك الأصغر | |
أولاً: الشرك الظاهر | |
ثانياً: الشرك الخفي | |
الفرق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر | |
زيارة القبور | |
أولاً: الزيارة الشرعية | |
ثانياً: الزيارة البدعية | |
ثالثاً: الزيارة الشركية | |
النفاق وأنواعه | |
أنواع النفاق | |
أولاً: النفاق الأكبر | |
ثانياً: النفاق الأصغر | |
السحر والشعوذة | |
أولاً: حقيقة السحر | |
ثانياً: هل له تأثير | |
ثالثاً: ضرر السحر على الفرد والمجتمع | |
رابعاً: حكم السحر والسحرة | |
خامساً: كيف تحصن نفسك من السحر؟ | |
المبحث الثالث : الشهادتان: | |
الشهادتان: | |
علم التوحيد | |
معنى الإسلام | |
حق الله على العباد | |
أنواع التوحيد | |
نوع في العلم والاعتقاد | |
نوع في الإرادة والقصد | |
توحيد الربوبية | |
توحيد الألوهية | |
المثال الأول: الذبح | |
المثال الثاني: دعاء غير الله | |
توحيد الأسماء والصفات | |
أثر التوحيد في الأعمال وفضله | |
معنى لا إله إلا الله | |
معنى محمد رسول الله | |
فهرس الموضوعات |
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([2]) رواه مسلم في كتاب الأقضية برقم (4493).
([3]) سورة الحجرات، الأية: 14.
([4]) البخاري: (1/20)، مسلم (1/30).
([5]) سورة البقرة، الآية: 177.
([8]) سورة الطور، الآيتان: 35، 36.
([9]) رواه مسلم في الصلاة: (463)، والبخاري في صفة الصلاة: (2/206).
([10]) سورة العنكبوت، الآية: 65.
([11]) سورة الأعراف، الآيتان: 172، 173.
([12]) سورة الذاريات، الآية: 21.
([14]) سورة البقرة، الآية: 21.
([15]) سورة النساء، الآية: 36.
([16]) سورة الإسراء، الآية: 23.
([18]) سورة الأعراف، الآية: 180.
([19]) سورة التحريم، الآية: 6.
([20]) محاضرات في العقيدة والدعوة، للشيخ صالح الفوزان: (1/281).
([21]) سورة المائدة، الآية: 48.
([22]) سورة المائدة، الآية: 48.
([23]) شرح أصول الإيمان، للشيخ محمد بن صالح العثيمين
([24]) سورة الأحزاب، الآية: 40.
([25]) سورة الأعراف، الآية: 188.
([26]) سورة البقرة، الآية: 177.
([28]) سورة التغابن، الآية: 7.
([29]) سورة الغاشية، الآيتان: 25، 26.
([30]) سورة البينة، الآيتان: 7، 8.
([31]) سورة آل عمران، الآية: 131.
([32]) سورة الأحزاب، الآيتان: 64، 65.
([33]) شرح أصول الإيمان، للشيخ محمد بن صالح العثيمين. (رسالة صغيرة).
([35]) مختصر (صحيح مسلم) للمنذري، تحقيق الألباني: (ص486، ح 1841).
([37]) سورة آل عمران، الآية: 6.
([39]) سورة الصافات، الآية: 96.
([40]) سورة الفرقان، الآية: 44.
([41]) سورة الممتحنة، الآية: 4.
([42]) سورة المائدة، الآية: 51.
([43]) سورة آل عمران، الآية: 19.
([44]) سورة التوبة، الآية: 23.
([45]) سورة المائدة، الآيتان: 55، 56.
([46]) محاضرات في العقيدة، للشيخ صالح الفوزان: (1/231).
([47]) (معارج القبول): (2/483)، (فتاوى اللجنة الدائمة): (1/516).
([48]) (القول السديد في شرح كتاب التوحيد) لابن سعدي: (ص 24).
([49]) سورة النساء، الآية: 48.
([50]) سورة البقرة، الآية: 165.
([51]) سورة الفرقان، الآية: 43.
([52]) سورة الشورى، الآية: 21.
([53]) سورة التوبة، الآية: 31.
([54]) أخرجه الترمذي في تفسير القرآن: (8/248)، والبيهقي: (10/116)، وحسنه شيخ الإسلام في كتاب الإيـمان: (ص 64).
([55]) انظر (معارج القبول): (1/417 – 423).
([56]) مسلم : (977)، الترمذي: (1054)، النسائي: (2034).
([57]) مختصر صحيح البخاري، للألباني: (ص 280، ح 613).
([58]) سورة يونس، الآيتان: 106، 107.
([59]) سورة الأحقاف، الآية: 5.
([60]) البخاري: (5/289)، مسلم : (8/78).
([61]) البخاري : (2/116)، مسلم : (ح 437).
([62]) انظر كتاب المؤلف: (بلاد الحرمين الشريفين والموقف الصارم من السحر والسحرة).
([63]) سورة البقرة، الآية: 102.
([64]) رواه ابن ماجة: (1/209)، وصححه الألباني: (1/105) برقم 523.
([65]) سورة البقرة، الآية: 102.
([66]) البخاري: (3/197)، (7/29)، (8/33).
([67]) رواه الترمذي : (5/156).
([68]) عبد الرزاق : (10/179)، أحمد (1/190).
([69]) البخاري في التاريخ الكبير: (2/222).
([70]) كتاب بلاد الحرمين الشريفين والموقف الصارم من السحر والسحرة للمؤلف.
([71]) سورة الحجر؛ الآيتان: 39، 40.
([72]) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه: (4/465).
([75]) سورة النساء، الآية: 125.
([78]) سورة آل عمران، الآية: 19.
([79]) البخاري: (1/20)، مسلم: (1/30).
([80]) سورة الذاريات، الآية: 56.
([81]) البخاري: (4/84)، مسلم (1/58).
([82]) سورة الأنعام، الآيتان: 162، 163.
([84]) سورة الأنعام، الآية: 82.
([85]) رواه البخاري ومسلم، سبق تخريجه.
([86]) سورة الإخلاص، الآية: 1.
([87]) وسرة الكافرون، الآية: 1.
([89]) سورة الفاتحة ، الآية: 1.
([90]) (القول الرشيد في حقيقة التوحيد) للشيخ سليمان بن ناصر العلوان.
([91]) سورة البقرة، الآية: 256.
([93]) سورة الممتحنة، الآية: 4.
([94]) سورة الزخرف، الآيات: 26 – 28.
([95]) سورة الكوثر، الآية : 2.
([96]) مسلم : (3/1567)، كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله.
([98]) الترمذي: (3371)، فتح الباري: (11/94)، كنز العمال: (3114).
([99]) سورة فاطر، الآيتان: 13، 14.
([100]) سورة الأعراف، الآية: 180.
([102]) البخاري: (11/180 – 192)، مسلم برقم : (2677).
([103]) القول الرشيد في حقيقة التوحيد.
([104]) (القول السديد في شرح كتاب التوحيد) لابن سعدي: (ص 16 – 19).