79 – لقاء حول مسائل في الزكاة
79 – لقاء حول مسائل في الزكاة pdf
لقاء حول
مسائل في الزكاة
تأليف
أ.د عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار
بسم الله الرحمن الرحيم
لقاء حول مسائل في الزكاة
* يعتبر البعض أن الضرائب المفروضة في بعض الدول كضريبة الدخل مثلاً تجزيء عن أداء الزكاة، فهل هذا صحيح؟ وما الفرق بينهما؟
* اعتراض البعض على إخراج الزكاة بواسطة ولي الأمر ومنهم من لا يثق بذلك؟
* يتساءل البعض عن مصارف الزكاة في وقتنا الحاضر، وهل اختلفت عما كانت عليه؟ ومن له الحق في تحديد هذه المصارف؟
* هناك من يحتال على أداء الزكاة من ذلك مثلاً: رجل ينتظر حتى قبيل حولان الحول على ماله فيهبه لزوجته، ثم تفعل نفس الشيء فتهب المال لزوجها قبيل حولان الحول التالي، وهكذا فلا يخرجون الزكاة لأن أحداً منهم لم يمر حول كامل على حيازته للمال، فما حكم مثل هذا الأمر؟ وما حكم التحايل على أحكام الشرع العامة؟
(1) الزكاة: حق واجب في مال مخصوص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص لتحقيق رضا الله وتزكية المال والنفس والمجتمع، والضريبة عبء حددته السلطة على سبيل الإلزام.
ومن هذا التعريف يتضح أن الضريبة لا تجزيء ولا تكفي عن الزكاة ذلك أن:
( أ ) الزكاة تدفع بنية التقرب إلى الله عكس الضريبة.
(ب) الزكاة حق قدَّره الشارع ولم يترك تقديره حسب الرغبات والأهواء عكس الضريبة.
(ج) الزكاة لها مصارف شرعية محددة لا يزاد فيها ولا ينقص منها عكس الضريبة.
(د ) الزكاة دائمة ما دامت الأرض والسماوات عكس الضريبة.
إن محاولة الخلط بين الضريبة والزكاة أمر خطير ينذر بأضرار بالغة على الأفراد والمجتمعات إذ تؤدي هذه المحاولة إلى محو فريضة الزكاة من الوجود.
(2) إخراج الزكاة بواسطة ولي الأمر مجزئ ما دام أن ولي الأمر يحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا وقعت الزكاة بيد الجهة المخصصة لاستقبال الزكوات فإنها تسقط عمن وجبت عليه، والتشكيك في ذلك لا سند له من الشرع، فلا زال المسلمون يخرجون زكواتهم لولاة أمرهم منذ بعث الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم إلى يومنا الحاضر، ونحن في بلادنا الحبيبة ــ المملكة العربية السعودية ــ هناك جهة خاصة تستقبل الزكوات وتبعث السعاة وتصرف ما تتلقاه في مصارفه.
(3) يقول الله تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}(التوبة:60).
بهذه الآيات تحددت مصارف الزكاة فلم يبق فيها مجال لرأي قاصر أو هوى كاذب، فمتى اجتمع شيء من أموال الزكاة وجب على ولي الأمر دفعه إلى مستحقيه، وهنا تتضح الحكمة من تحديد المصارف بكل دقة وعناية إذ ليس المهم جمع الأموال بل الأهم أين تصرف هذه الأموال بعد تحصيلها، ولذا ليس لأحد أن يزيد على هذه المصارف أو ينقص منها، فهي وحي منزل.
لكن أهل العلم اختلفوا في المصرف السابع منها وهو {فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، فمنهم من قصره على الغزاة المتطوعين، ومنهم من قال إنه يشمل مجالات وأبواب الخير، وهذا محل نظر واجتهاد.
المهم أن الله وحده هو الذي حدد هذه المصارف الثمانية ولم يكل تحديدها لنبي مرسل أو ملك مقرب أو حاكم أو عالم، فانقطعت بذلك الحجَّة على الخلائق أجمعين.
(4) من أشد المصائب التي يبتلى بها الإنسان داء البخل الذي يجعله يظن أن بخله يحفظ أمواله من الضياع، أو أنه يزيده مالاً فوق ماله، مع أنه لو علم حقيقة ما يصيبه من الخسران بسبب بخله لأدرك مغبة أمره ووقف عند حده.
وقد شدد الإسلام على الذين يتحايلون على منع الزكاة وأوقفهم عند حدهم لأنهم يهدمون بناء المجتمع بطمعهم وجشعهم، ولذا فأي تحايل على منع الزكاة بأي حيلة لا يسقطها، بل تجب على الشخص، وإذا هرب من الناس بحيلة قذرة فبماذا يقابل ربه يوم العرض عليه، والتحايل عموماً على أحكام الشرع المطهر لا يجوز، ويكفي أن يتذكر المسلم دائماً أن الله مطلع على السر وأخفى، وأنه مهما أخفى ما عنده فالله مطلع عليه.
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل *** خلوت ولكن قل عليّ رقيب