83 – من أحكام أهل الذِّمة
من أحكام أهل الذمة
مع دراسة شرعية لحادثتي التفجير
في العليا والخبر
تأليف
أ.د عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار
تقديم معالي الشيخ
صالح بن فوزان الفوزان.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وآله وصحبه ومن والاه.
وبعد: فقد اطلعت على الكتاب الذي هو بعنوان: (من أحكام أهل الذمة مع دراسة شرعية لحادثتي التفجير في العليا والخبر) من تأليف: الدكتور الشيخ عبد الله الطيار، فوجدته كتاباً مفيداً، يوضح الحق في مسألة التبس أمرها على كثير من الجهال، ويلبس بها بعض ذوي الأغراض الدنيئة ودعاة الفتنة لزعزعة الأمن وتلويث الأفكار.
فجاء هذا الكتاب في وقت الحاجة يوضح الحق ويزيل الشبهة.
فجزى الله مؤلفه الشيخ عبد الله خيرا الجزاء، ونفع بعلمه إنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
16/ 5/ 1418هـ
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مُضِلّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}[النساء: 1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً}[الأحزاب: 70].
أما بعد:
فإنه من رحمة الله سبحانه وتعالى وعظيم لطفه بعباده أن جعل الرسالة المحمدية هي خاتمة الرسالات السماوية، وجعلها سبحانه وتعالى كاملة صافية نقية لا يزيغ عنها إلا هالك، وكتب ـ تبارك اسمه وتعالى جده ـ السعادة في الدارين لأتباع هذه الرسالة الذين قدروها حق قدرها، وقاموا بها على وفق ما أراد الله، وعلى هدى نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم وسماهم أولياء الله وحزبه.
وكتب جل وعلا الشقاء والذلة على من حاد عن هذه الشريعة وتنكب الصراط المستقيم، وسماهم أولياء الشيطان.
وجعل هذا الدين هو الدين الكامل وهو الدين الخالد إلى أن تقوم الساعة، وهو الدين الذي يصلح لكل زمان ومكان، فمن تمسك به نجا ومن سلك طريقه اهتدى، ومن عمل به وصل إلى الدرجات العلا، ولن يقبل الله من أحد ديناً غير الإسلام، لا يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية ولا شيوعية ولا غيرها من المذاهب الهدامة، والفرق المنحلة والنحل المنحرفة عن الطريق السوي، وسوف يخسر أولئك أنفسهم ويخسرون ما أعد الله لأوليائه المؤمنين من الفوز بالكرامة والنعيم المقيم. قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ}[آل عمران: 19]، وقال تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ}[آل عمران: 85].
والمجتمع الإسلامي لم يخل قط من غير المسلمين في أي عصر من العصور ولا عجب في ذلك، فالإسلام لا يمنع المسلمين من العيش مع من يخالفونهم في العقيدة والدين، فهم جميعاً خلق الله وليس من لوازم الإيمان بهذا الدين أذية غير المسلمين، ورفض العيش المشترك معهم في ظل الإسلام، فإذا كان هذا هو الذي حدث، وما زال يحدث فإن الشارع قد نظم العلاقات بين المسلمين وغيرهم من ذوي الأديان الأخرى على نحو يكفل لغير المسلمين حقوقهم ويحميهم من أي اعتداء، بل ويعاملون معاملة حسنة؛ لأن الدين الإسلامي هو دين التسامح واللين والرفق، بل إن أساس هذا الدين المعاملة الحسنة وحسن الخلق في التعامل مع الغير كما جاء في الحديث: (مَا مِنْ شَيءٍ فِي الِميزانِ أَثْقَلُ مِن حُسْنَ الخُلُقِ)([1]).
لذلك لم يجد غير المسلمين من أهل الذمة وغيرهم معاملة مثل التي وجدوها من المسلمين في دار الإسلام.
لكن الذي آلمني أن بعض المتحمسين لهذا الدين اجترأوا على التاريخ وقولوه ما لم يقل، واجترأوا على النصوص فحرفوها عن موضعها محاولين بهذا أو ذاك أن يبرروا تصرفاتهم الخاطئة ونزعتهم العدوانية وهو بهذا يشوهون صورة التسامح الإسلامي الذي لم تعرف له البشرية نظيراً في معاملة غير المسلمين لا في القديم ولا في الحديث.
لهذا رأيت أن أقدم هذا البحث لمن يبحث عن الحقيقة من المسلمين وغير المسلمين، وليعلم غير المسلمين هذا الجانب المشرق من الإسلام. وهو بحث ـ ولله الحمد والمنة ـ أساسه العلم والفكر ومحوره الفقه والتاريخ وهدفه البناء.
وقد بينت في هذه الرسالة حقوق غير المسلمين التي كفلها لهم الإسلام، وما عليهم من واجبات في مقابل هذه الحقوق وما أثير حول هذه الواجبات من شبهات مع الرد عليها.
وها هي بلاد الحرمين الشريفين ـ المملكة العربية السعودية ـ ولله الحمد والمنة تعلن شرع الله وتتحاكم إليه، وتتعامل مع من يقيم على ثراها من غير المسلمين حسب النصوص الشرعية، وتلتزم بما يبرم معهم من العقود والعهود والمواثيق سواء كانت على المستوى العام أو على المستوى العام أو على مستوى الأفراد، ولا يضار أحدٌ منهم، بل يأخذ حقوقه كاملة بشرط أن يؤدي ما عليه من الحقوق.
فعسى أن يكون في هذا البحث ما يعين على تجلية الحق في هذه القضية ويزيح عنها ضباب التشويه والتشكيك، ويعرضها صافية نقية بعيدة عن تحامل المتحاملين، أو تعصب المتعصبين الذين راح بعضهم يسعى في الأرض فساداً وتخريباً بسبب سوء الفهم للنصوص والجهل بروح الشريعة السمحاء.
والله أسأل أن يشرح صدورنا جميعاً للحق، وأن يفقهنا في ديننا، ويعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، ويجنبنا الزلل، ويتقبل منا أعمالنا، ويجعلها في ميزان حسناتنا. إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتب أبو محمد
عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار
في غرة رجب عام 1417هـ
الزلفي
غير المسلم في المجتمع الإسلامي
النصوص الشرعية التي تنظم علاقة المجتمع الإسلامي بغير المسلمين عامة:
نصوص قرآنية :
يقول الله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}[البقرة:109].
ويقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِين}[آل عمران:100]
ويقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِين}[آل عمران:149].
ويقول الله تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِير}[البقرة:120].
ويقول الله تعالى: {..وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون}[البقرة:217].
ويقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ* فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِين} [المائدة:51، 52}.
ويقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين}[المائدة:57].
ويقول الله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُون}[المائدة:82]
ويقول الله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا* وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * لَّـكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَـئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء:161، 162].
ويقول الله تعالى:{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ}[المائدة: 5].
ويقول الله تعالى: {…سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم* سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين*وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَـئِكَ بِالْمُؤْمِنِين}[المائدة:41 – 43].
ويقول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُون}[آل عمران:23].
ويقول الله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُون}[آل عمران:75].
ويقول الله تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[العنكبوت: 46].
ويقول الله تعالى:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الأعراف: 157].
ويقول الله تعالى: {إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُون}[الممتحنة:2].
ويقول الله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ}[الممتحنة: 8، 9].
ويقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُور}[الممتحنة:13].
ويقول الله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّين} [الفاتحة:7].
ويقول الله تعالى:{إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ}[المائدة: 44].
ويقول الله تعالى:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ}[القصص: 52، 53].
ويقول الله تعالى:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[آل عمران: 64].
ويقول الله تعالى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُون}[المائدة :58].
ويقول الله تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُون}[الأنعام:121].
ويقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُون}[آل عمران:118].
ويقول الله تعالى:{كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[آل عمران: 93].
ويقول الله تعالى: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِين}[البقرة:145].
ويقول الله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ}[البقرة: 156].
ويقول الله تعالى:{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[المائدة: 8].
ويقول الله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَة}[البيِّنة:1].
ويقول الله تعالى: {… وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ …}[المائدة:2].
ويقول الله تعالى: {.. أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِين}[يونس:99].
ويقول الله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز}[الحج:39، 40].
ويقول الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيم} [التوبة:60].
ويقول الله تعالى: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ}[الشورى:15].
ويقول الله تعالى: {وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُون* اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون}[الحج:68، 69].
ويقول الله تعالى: {وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا* إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا}[الإسراء:74، 75].
ويقول الله تعالى: {… إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ…}[الممتحنة:4]
ويقول الله تعالى: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُون}[التوبة:29].
ويقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيم}[التوبة:28].
ويقول الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ}[التوبة: 6].
ويقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ..} [المائدة: 1].
ويقول الله تعالى: {… وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً}[الإسراء: 34].
ويقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}[المؤمنون: 8].
ويقول الله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ}[الأنفال: 58].
ويقول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا}[مريم :54].
ويقول الله تعالى:{إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}[التوبة: 4].
ويقول الله تعالى:{فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 7].
ويقول الله تعالى: {وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُون * أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِين}[التوبة: 12، 13].
ويقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الأنفال: 27].
ويقول الله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ…} [الأنفال:61].
ويقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيم}[البقرة: 178].
ويقول الله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ}[المائدة: 45].
ويقول الله تعالى: {كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً..}[التوبة:8].
ويقول الله تعالى: {إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا}[الكهف:20].
ويقول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيل * وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا} [النساء:44، 45].
ويقول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلا * أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا}[النساء:51، 52].
ويقول الله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرين}[النحل:126].
ويقول الله تعالى: {لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُون}[المجادلة:22].
ويقول الله تعالى: {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُبِيناً}[ النساء:91].
ويقول الله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى..}[فاطر:18].
نصوص من السنة النبوية:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروه إلى أضيقه) ([2]).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) ([3]).
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلى تقي) ([4]).
عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: دخلتُ معَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم على عبدِ اللَّهِ بنِ أبيٍّ بن سلول فيمرضه نعودُهُ، فقالَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: (قَد كُنتُ أنهاكَ عن حُبِّ يَهودَ). فقالَ عبدُ اللَّهِ : فقد أبغَضَهُم أسعدُ بنُ زُرارةَ، فمه فلما ماتَ أتاه ابنه فقال: يا رسول الله إن عبدالله بن أبي قد مات فأعطني قميصك أكفنه فيه فنزع رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه فأعطاه إياه([5]).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين) ([6]).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لا يرحم لا يرحم) ([7]).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فِي كُلِّ ذِي كَبِدٍ رَطْبَـةٍ أَجْرٌ)([8]).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دِيَةَ الْمُعَاهِدِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ)([9]).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نحن الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلَّاتٍ، وأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ) ([10]).
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من تشبه بقوم فهو منهم) ([11]).
عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا في خفافهم) ([12]).
عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر) ([13]).
عن جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللحد لنا والشق لغيرنا)([14]).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ فَأَنَا حَجِيجُهُ) ([15]).
عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (.. ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بهَا أَدْنَاهُمْ، … يَسْعَى بهَا أَدْنَاهُمْ..) ([16]).
عن عمر بن عبسة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَلَا يَحلَّنَّ عهداً وَلَا يَشدَّنه حَتَّى يَمْضِيَ أَمده أَوْ يَنْبِذ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ)([17]).
قال صلى الله عليه وسلم: (إني لا أخيس بالعهد) ([18]).
قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَتُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا ) ([19]).
وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا فِي غَيْرِ كنفهِ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ)([20]).
وقال صلى الله عليه وسلم: (أيما رجل آمن رجلاً على دمه ثم قتله فأنا برئ من القاتل وإن كان المقتول كافراً) ([21]).
عن فرات بن حيان وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتله وكان عيناً لأبي سفيان وكان حليفاً لرجل من الأنصار، فمر بحلقة من الأنصار فقال: إني مسلم فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله إنه يقول: إنني مسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مِنْكُمْ رِجَالًا نَكِلُهُمْ إِلَى إِيمَانِهِمْ، مِنْهُمْ فُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ)([22]) .
عن ابن سلمة الأكوع عن أبيه قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر فجلس عند أصحابه ثم انسل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اطلبوه فاقتلوه). قال: فسبقهم إليه فقتله وأخذت سلبه فنفلني إياه) ([23]).
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ، وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَفَعَ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءً فَقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ)([24]).
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَعْطَى اليَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا، وَيَزْرَعُوهَا وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا)([25]).
عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: (كانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَمَّرَ أَمِيرًا علَى جَيْشٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ في خَاصَّتِهِ بتَقْوَى اللهِ، ….. ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإسْلَامِ، فإنْ أَجَابُوكَ، فَاقْبَلْ منهمْ، وَكُفَّ عنْهمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى التَّحَوُّلِ مِن دَارِهِمْ إلى دَارِ المُهَاجِرِينَ، وَأَخْبِرْهُمْ أنَّهُمْ إنْ فَعَلُوا ذلكَ فَلَهُمْ ما لِلْمُهَاجِرِينَ، وَعليهم ما علَى المُهَاجِرِينَ، فإنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا منها، فَأَخْبِرْهُمْ أنَّهُمْ يَكونُونَ كَأَعْرَابِ المُسْلِمِينَ، يَجْرِي عليهم حُكْمُ اللهِ الذي يَجْرِي علَى المُؤْمِنِينَ، وَلَا يَكونُ لهمْ في الغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شيءٌ إلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مع المُسْلِمِينَ، فإنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمُ الجِزْيَةَ، فإنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ منهمْ، وَكُفَّ عنْهمْ، فإنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ. وإذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فأرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لهمْ ذِمَّةَ اللهِ، وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ، فلا تَجْعَلْ لهمْ ذِمَّةَ اللهِ، وَلَا ذِمَّةَ نَبِيِّهِ، وَلَكِنِ اجْعَلْ لهمْ ذِمَّتَكَ وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ؛ فإنَّكُمْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِن أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللهِ وَذِمَّةَ رَسولِهِ، وإذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فأرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ علَى حُكْمِ اللهِ، فلا تُنْزِلْهُمْ علَى حُكْمِ اللهِ، وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ علَى حُكْمِكَ؛ فإنَّكَ لا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللهِ فيهم أَمْ لَا) ([26]).
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير وقطع وهي البويره)([27]). زاد قتيبة وابن رمح في حديثهما: فأنزل الله عز وجل: {ما قطعتم من لينة… وليجزي الفاسقين}[الحشر: 5].
عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه أن يهود بني قريظة لما نزلوا على حكم سعد بن معاذ قال فيهم سعد: يا رسول الله تقتل مقاتلهم وتسبي ذريتهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (قضيت بحكم الله فيهم)، وربما قال: (قضيت بحكم الملك) ([28]).
ولم يذكر ابن المثنى وربما قال: قضيت بحكم الملك.
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه اشترى طعاما من يهودي إلى أجل فرهنه درعه([29]).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) ([30]).
عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا أن تكبوا بحث أو تصدقوا بباطل)([31]).
روى شقيق عن الأشعث قال: كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (ألك بينة) قلت: لا ، قال: لليهودي: (احلف). قلت: يا رسول الله إذ يحلف ويذهب مالي، فأنزل الله تعالى قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم}[آل عمران:77]).
عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (سنوا بهم سنة أهل الكتاب) ([32]).
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تصح قبلتان بأرض واحدة ولا جزية على مسلم)([33]).
وكان في الكتاب الذي أرسله الرسول إلى هرقل: (… سلام على من اتبع الهدى، أما بعد:
فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وإن توليت فإن عليك إثم الإريسين)([34]). {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ..) الآية [آل عمران: 64].
عن صخر بن العيلة رضي الله عنه قال: أخذت عمة المغيرة بن شعبة فقدمت بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء المغيرة فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمته فقال: (يا صخر إن القوم إذا أسلموا أحرزوا أموالهم ودمائهم فادفعها إليهم فدفعتها إليه)، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم أعطاني مالاً لبني سليم فأسلموا فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم؛ فسألوه المال فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا صخر إن القوم أسلموا أحرزوا أموالهم ودمائهم فادفعه إليهم فدفعته إليهم) ([35]).
عن أبي ثعلبة رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إنا بأرض أهل الكتاب نأكل في آنيتهم؟ … فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما ما ذكرت أنكم بأرض قوم من أهل الكتاب تأكلون في آنيتهم فإن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها وإن لم تجدوا فاغسلوها ثم كلوا فيها..)([36]).
عنه عمرو عن بجالة قال: سمعته يقول: لم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبدالرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر([37]).
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) ([38]).
عن عكرمة قال: حدثنا ابن عباس رضي الله عنهما أن أعمى كان له أم ولد تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه فينهاها فلا تنتهي ويزجرها فلا تنزجر قال: فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي وتشتمه فأخذ المغول فوضعها في بطنها واتكأ عليها فقتلها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا اشهدوا أن دمها هدر) ([39]). وفي رواية أخرى: أن هذه المرأة كانت يهودية.
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بصدقات، فجاءه يهودي فقال: أعطني. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس لك من صدقة المسلمين شيء)، فذهب اليهودي غير بعيد فنزل قول الله تعالى: {لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُون}[البقرة:272]، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه([40]).
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) ([41]).
عن عبدالرحمن بن البيلماني أن رجلا مسلما قتل رجلا من أهل الكتاب فرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أنا أحق من وفى بذمته ثم أمر به فقتل) ([42]).
قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا)([43]).
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلَّى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته)([44]).
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى المنذر بن ساوي: (إن من صلَّى صلاتنا وأكل ذبيحتنا فذلكم المسلم له ذمة الله وذمة رسوله فمن أحب ذلك من المجوس فهو آمن ومن أبى فعليه الجزية) ([45]).
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً شبرا وذراعا ذراعاً حتى لو دخولا جحر ضب تبعتموهم) قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ (قال: فمن؟)([46]).
قال صلى الله عليه وسلم: (إن حسن العهد من الإيمان) ([47]).
عن عبدالله بن الحمساء قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيع قبل أن يبعث وبقيت له بقية فوعدته أن آتيه بها في مكانه فنسيت ثم ذكرت بعد ثلاث فجئت فإذا هو في مكانه فقال صلى الله عليه وسلم: (يا فتى لقد شققت عليَّ أنا ها هنا منذ ثلاث أنتظرك) ([48]).
عن الحسن أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم: من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان)([49]).
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ([50]).
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط) ([51]).
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل نفساً معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاماً) ([52]).
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث الجيوش قال: (لا تقتلوا أصحاب الصوامع) ([53]).
قال صلى الله عليه وسلم: (لعلكم تقاتلون قوماً فتظهرون عليهم فيتقونكم بأموالهم دون أنفسهم وأبنائهم فلا تصيبوا منهم فوق ذلك فإنه لا يصلح لكم) ([54]).
قال صلى الله عليه وسلم: (من آذى ذميًّا فأنا خصمه ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة)([55]).
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: “بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فأمرني أن آخذ … من كل حالم ديناراً..” ([56]).
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمت عليَّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصل أمي؟ قال: (نعم صلي أمك)([57]).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) ([58]).
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: مرت بنا جنازة فقام لها النبي صلى الله عليه وسلم وقمنا فقلنا: يا رسول الله إنها جنازة يهودي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم الجنازة فقوموا) ([59]).
من أقول الصحابة والتابعين
والسلف في أهل الذمة
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم وكان المشركون يفرقون رؤوسهم فسدل النبي صلى الله عليه وسلم ناصيته ثم فرق بعد ذلك ([60]).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في معنى: “كان صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب: والذي أجزم به القرطبي: انه كان يوافقهم لمصلحة التأليف محتمل، ويحتمل أيضا وهو أقرب أن الحالة تدور بين أمرين لا ثالث لهما إذا لم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم شيء كان يعمل فيه بموافقة أهل الكتاب لأنهم أصحاب شرع بخلاف عبدة الأوثان فإنهم ليسوا على شريعة فلما أسلم المشركون انحصرت المخالفة على أهل الكتاب فأمر بمخالفتهم” ([61]).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “نحن منهيون عن التشبه بهم فيما لم يكن سلف الأمة عليه، فأما ما كان سلف الأمة عليه فلا ريب فيه سواء فعلوه أو تركوه، فإنا لا نترك ما أمر الله به لأجل أن الكفار تفعله مع أن الله لم يأمرنا بشيء يوافقونا عليه إلا ولابد فيه من نوع مغايرة يتميز بها دين الله المحكم عما قد نسخ وبدل”([62]).
وقال الأوزاعي رحمه الله: “إن سلمت على أهل الكتاب فقد سلَّم الصالحون قبلك وإن تركت فقد ترك الصالحون قبلك، وعن البصري رحمه الله أنه قال: “إذا مررت بمجلس فيه مسلمون وكفار فسلم عليهم”([63]).
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن لي كاتباً نصرانياً. قال: مالك؟ قاتلك الله؟ أما سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض}[المائدة:51]، ألا اتخذت حنيفاً؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه، قال: لا أكرمهم إذا أهانهم الله، ولا أعزهم إذا أذلهم الله، ولا أدنيهم إذا أقصاهم الله”([64]).
قال السرخسي : “أموالهم صارت مضمونة بحكم الأمان فلا يمكن أخذها بحكم الإباحة”([65]).
عن مجاهد رحمه الله قال: “لا تتصدق على اليهودي ولا النصراني إلا أن لا تجد مسلماً”([66]).
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ” ادرءوا الحدود عن المسلمين بالشبهات ما استطعتم، فإذا وجدتم للمسلم مخرجاً فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة”([67]).
عن الأعمش عن إبراهيم قال: كانوا يقولون: “ادرئا الحدود عن عباد الله”([68]).
عن الحسن قال: “من سرق من يهودي أو نصراني أو أخذ من أهل الذمة قطع”([69]).
قال ابن مسعود رضي الله عنه: ” لو أن رجلا قام بعبد الله بين الركن والمقام سبعين سنة لبعثه الله مع من يحب يوم القيامة”([70]).
حقوق غير المسلم
في المجتمع الإسلامي وواجباته
إن لأهل الذمة في دار الإسلام حقوقاً مثل ما للمسلمين إلا في أمور محددة مستثناة كما أن عليهم ما على المسلمين من الواجبات إلا ما استثني، وإيضاح ذلك فيما يأتي:
أولاً: حقوق أهل الذمة:
(1) الحماية من الاعتداء الخارجي:
فيجب لهم ما يجب للمسلمين، وعلى الإمام أو ولي الأمر من المسلمين بما له من سلطة شرعية، وما لديه من قوة عسكرية أن يوفر لهم الحماية، ويحفظهم ويمنع من يؤذيهم من ذلك ويفك أسرهم ويدفع من قصدهم بأذى إن لم يكونوا بدار حرب بل كانوا بدارنا، ولو كانوا منفردين ببلد حيث أنه قد جرت عليهم أحكام الإسلام وتأبد عقدهم فلزمه ذلك كما يلزم للمسلمين([71]).
وحكى في إجماع الأمة أن من كان في الذمة وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح ونموت دون ذلك صوناً لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن تسليمه دون ذلك إهمال لعقد الذمة.
وقد علق القرافي على هذا الإجماع بقوله: ” فقعد مثل هذا يؤدي إلى إتلاف النفوس والأموال صوناً لمقتضاه عن الضياع إنه لعظيم”([72]).
ومن المواقف التطبيقية لهذا المبدأ الإسلامي العظيم موقف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: حين هجم قائد التتر قطلوشاه على دمشق وأسر عدداً من المسلمين والذميين من اليهود والنصارى، ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ومعه جمع من العلماء وطالبوا بفك الأسرى فسمح لهم القائد التتري بأسرى المسلمين دون غيرهم، فرفض الشيخ ومن معه وقالوا: لابد من افتتاك جميع الأسرى، هم أهل ذمتنا ولا نرضى ببقاء أسير من أهل الملة ولا من أهل الذمة فإن لهم ما لنا وعليهم ما علينا فأطلق القائد التتري جميع الأسرى.
وقد تكرر هذا الموقف من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عندما كتب رسالة إلى ملك قبرص سراجون لافتتاك أسرى المسلمين وأهل الذمة من رعايا الدولة الإسلامية([73]).
فأين هذا المسلك الشرعي الراشد من تصرف بعض الجهلاء ممن ليس لديهم حفظ من العلم الشرعي الذين يؤذون المستأمنين ويقدمون على سفك دمهم، بل ويتجاوز الأمر إلى حد الاعتداء على المسلمين وترويعهم وتدمير ممتلكاتهم وهم يزعمون أنهم في صنيعهم هذا يدافعون عن الإسلام ويجاهدون في سبيل الله، ومتى كان الجهاد قتلاً للمسلمين وترويعا للآمنين وتدميرا للممتلكات واعتداء على المستأمنين ممن أعطاهم المسلمون ذمتهم – نعوذ بالله من مضلات الفتن وجهات الحمقى والمخدوعين-.
2- الحماية من الظلم الداخلي:
فالإسلام يوجب هذه الحماية ويشدد فيها ويحذر المسلمين أن يمدوا أيديهم أو ألسنتهم إلى أهل الذمة بأذى أو عدوان، فالله تعالى لا يحب الظالمين ولا يهديهم، بل يعجل لهم العذاب في الدنيا ويؤخر لهم العقاب مضاعفاً في الآخرة.
يقول صلى الله عليه وسلم: (من قتل معاهدا أو انتقصه حقًّا أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس منه فأنا حجيجه يوم القيامة) ([74]).
ويقول علي ابن أبي طالب رضي الله عنه: “إنما بذلوا الجزية لتكون أموالهم كأموالنا ودمائهم كدمائنا”([75]).
3- حماية الأموال:
هي مثل حماية الأنفس وهذا مما اتفق عليه المسلمون في جميع المذاهب وفي جميع الأقطار ومختلف العصور.
ففي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسل إلى أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه أن: امنع المسلمين من ظلمهم والإضرار بهم وأكل أموالهم إلا بحلها([76]).
فمن سرق مال ذميّ قطعت يده، ومن غصبه عزر وأعيد المال إلى صاحبه، ومن استدان من ذميّ فعليه أن يقضي دينه، فإن مطله وهو غني حبسه الحاكم حتى يؤدي ما عليه.
4- حماية الأعراض:
فلا يجوز لأحد أن يسبه أو يتهم بالباطل او يشنع عليه بالكذب أو يغتابه، أو يذكره بما يكره في نفسه أو نسبه أو خلقه.
يقول ابن عابدين رحمه الله: ” إن بعقد الذمة وجب له ما لنا، فإذا حرمت غيبة المسلم حرمت غيبته، بل قالوا إن ظلم الذمي أشد”([77]).
5- التأمين عند العجز والشيخوخة والفقر:
فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمر بباب قوم وعليه سائل يسأل: شيخ كبير ضرير البصر فيضرب عضده من خلفه ويقول: من أي أهل الكتاب أنت؟ فقال: يهودي، قال: ما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن، فأخذ عمر بيده وذهب به إلى بيته فأعطاه شيئا من المنزل ثم أرسل عمر إلى خازن بيت المال فقال: انظر هذا وضربائه فوالله ما انصفناه أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم، {إنما الصدقات للفقراء والمساكين}[التوبة: 60]، وهذا من المساكين من أهل الكتاب ووضع عنه الجزية وعن ضربائه([78]).
والعقد الذي عقده خالد بن الوليد رضي الله عنه مع أهل الحيرة بالعراق طرح فيه الجزية عن الشيخ الضعيف وعن الفقير وعمن أصابته آفة([79]).
6- حرية التدين:
فلهم حرية الاعتقاد والتعبد، فلكل ذي دين دينه ومذهبه، لا يجبر على تركه إلى غيره، ولا يكره ليتحول منه إلى الإسلام، وأساس هذا الحق في قوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}[يونس: 99].
فالإسلام بين واضح جلي دلائله وبراهينه لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في قوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة:256]: “جمهور السلف على أنها ليست منسوخة ولا مخصوصة وإنما النص عام فلا نكره أحدا على الدين والقتال لا نقتله ولا يقدر أحد قط أن ينقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكره أحدا على الإسلام لا ممتنعا ولا مقدورا عليه، ولا فائدة في إسلام مثل هذا، لكن من أسلم قبل منه ظاهر الإسلام”([80]).
وفهم النصوص القرآنية يستلزم الذهاب إلى الرأي القائل بحرية التدين لجميع الأفراد، فالله سبحانه وتعالى أوضح ذلك في كتابه الكريم حيث قال: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة..}[المائدة:48].
{أمة واحدة} أي: جماعة متفقة على دين واحد في جميع الأعصار أو ذي ملة واحدة من غير اختلاف بينكم في وقت من الأوقات في شيء من الأحكام الدينية.
إذًا فلا نسخ ولا تحويل، فالآية خاصة بنساء الأنصار كما قال ابن عباس رضي الله عنهما([81]) .
ولهذا ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجوز الإكراه على الإسلام إذا كان المكره ذميًّا أو مستأمناً، فإن كان المكره حربياً فالجمهور يرون جواز الإكراه.
وقد تمتع الذميون بكامل حقوقهم وذلك بشهادة التاريخ نفسه، وكان لمعاملة المسلمين لهم معاملة حسنة أثر كبير في إسلام الكثيرين منهم، وقد ارتاحوا كثيرا لحكم المسلمين، وقد ثبت أن أهل حمص رفضوا استرداد الجزية التي أمر بردها إليهم أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه لما خرج لجهاد فئة أخرى وقال لهم: إنما كنا نأخذ منكم الجزية عندما كنا نمنعكم ونحميكم ونحن الآن لا نستطيع حمايتكم فرفضوا أن يستردوا الجزية.
ورفض النصارى أن يؤيدوا المغول أثناء غزو بغداد ولم يقفوا أمام جيوش مماليك مصر أثناء المرور من الشام للإيقاع بالمغول في موقع عين جالوت.
7- حرية العمل والكسب:
لغير المسلمين حرية العمل والكسب بالتعاقد مع غيرهم أو بالعمل لحساب أنفسهم ومزاولة ما يختارون من المهن الحرة ومباشرة ما يريدون من ألوان النشاط الاقتصادي شأنهم في ذلك شأن المسلمين، وقد بينا آنفاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كاتب يهود خيبر على ان يزرعوا أرضها ولهم شطر ما يخرج منها.
8- ضمان الوفاء بهذه الحقوق:
لقد قرر الإسلام هذه الحقوق لأهل الكتاب وقرر لهم حريات يتمتعون بها في ظل حياتهم في وسط المجتمع المسلم، ثم جاء ليؤكد الوصية على حسن معاملتهم ومعاشرتهم بالتي هي أحسن.
فهل تمتع أهل الكتاب بمثل ما تمتعوا به في ظل الدين الإسلامي الحنيف؟ إن الإسلام هو خير من حمى العهود والمواثيق التي تضمن السلام وحرية الدعوة وكفالة العقيدة، وقد أمر الإسلام بالوفاء بالعهود وحمايتها والمحافظة عليها وحرم التلاعب بها أو نقضها أو اتخاذها وسيلة لغدر أو خيانة، بل قرر عقوبة شديدة لمن يغدر بعهده أو يخونه.
واجبات أهل الذمة
كما نص الإسلام على حقوق أهل الذمة في المجتمع الإسلامي فقد نص أيضا على واجبات عليهم تجاه هذا المجتمع ومن هذه الواجبات:
1- الجزية:
وهي ضريبة سنوية على الرؤوس تتمثل في مقدار زهيد من المال يفرض على الرجال البالغين القادرين على حسب ثرواتهم، ويمنع نها الفقراء تماماً.
قال تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}[البقرة:286].
ويقول تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها}[التغابن: ].
والجزية ليس لها حد معين وإنما ترجع إلى تقدير الإمام الذي عليه أن يراعي طاقات الدافعين ولا يرهقهم كما عليه أن يرعى المصلحة العامة للأمة.
وقد جعل عمر رضي الله عنه على الموسرين في الجزية ثمان وأربعين درهماً، وعلى المتوسطين في اليسار أربعة وعشرين درهما، وعلى الطبقة الدنيا من الموسرين اثنا عشر درهما، وبذلك يكون عمر رضي الله عنه قد سبق في تقدير مبدأ التفاوت في الضريبة بتفاوت القدرة على الدفع.
ولا تعارض بين فعل عمر رضي الله عنه وبين أقوال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن: (خذ من كل حالم ديناراً) ([82])؛ لأن الفقر كان في أهل اليمن فراعى النبي صلى الله عليه وسلم حالهم.
2- الخراج:
هو ضريبة مالية تفرض على الأرض إذا بقيت في أيديهم ويرجع تقديره للإمام، فله أن يقاسمهم بنسبة معينة أو يقوّم هذا الخراج بالنقود([83]).
والفرق بين الجزية والخراج أن الجزية تسقط بالإسلام على العكس من الخراج؛ فالذمي إذا أسلم لا يعفيه إسلامه من أداء الخراج، لكن يزيد على الذميّ الباقي على ديانته الأصلية أنه يدفع العشر أو نصفه من غلة الأرض بجوار دفع الجزية على الأرض ذاتها.
3- أن يلزمهم الإمام بالأخذ بحكم الإسلام:
وذلك في النفس والمال والعرض وإقامة الحدود عليهم فيما يعتقدون تحريمه؛ كالزنا والسرقة والقذف، أما ما يعتقدون حله كالخمر ولحم الخنزير فلا يعاقبون عليه لأنهم يقرون على كفرهم وهو أعظم جرماً ولكنهم يمنعون من إظهار ذلك بين المسلمين ، فشريعتنا الإسلامية تحترم المعاهد وتفي له بحقوقه ولكنه إذا فعل ما لا يجوز في شرعنا فإن الشريعة تضرب عليه بيد من حديد لأنها شريعة حكيمة صالحة ومصلحة لكل زمان ومكان، شريعة العدل والإنصاف تأخذ حقاً وتعطي حقاً، فمن لم يعتقد فيها ما أشرنا إليه فهو أضل من حمار أهله([84]).
قال الله تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله}[المائدة: 49].
وقال تعالى مبينا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مخير في أن يحكم بينهم بالإسلام أو يتركهم فلا يحكم لهم بشيء وذلك إذا جاؤوا هم وحكمونا فميا بينهم يقول تعالى: {.. وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين}[المائدة:42].
4- الضريبة التجارية:
وقد فرضها عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أهل الذمة بمقدار نصف العشر في المال الذي يتجرون به مرة في السنة إذا انتقلوا به من بلد إلى آخر فهي أشبه بالضريبة الجمركية في عصرنا الحالي([85]).
5- مراعاة شعور المسلمين:
فيراعوا هيبة الدولة الإسلامية التي تظلهم بحمايتها ورعايتها، فلا يحوز لهم أن يسبوا الإسلام ورسوله وكتابه جهرة، ولا أن يروجوا من العقائد والأفكار ما ينافي عقيدة الدولة ودينها ما لم يكن ذلك جزءًا من عقيدتهم كالتثليث والصلب عند النصارى.
ولا يجوز لهم أن يتظاهروا بشرب الخمر وأكل الخنزير ونحو ذلك مما هو محرم في دين الإسلام، كما لا يجوز لهم أن يبيعوها لأفراد المسلمين لما في ذلك من إفساد المجتمع الإسلامي، وعليهم أن لا يظهروا الأكل والشرب في نهار رمضان مراعاة لعواطف المسلمين.
وكل ما يلزم الإسلام منكراً في حق أبنائه وهو مباح في دينهم فعليهم إن فعلوه أن لا يعلنوا به ولا يظهروا في صورة المتحدي لجمهور المسلمين حتى تعيش عناصر المجتمع كلها في سلام ووئام.
عن عرفة بن الحارث أنه دعا نصرانياً إلى الإسلام فذكر النصراني النبي صلى الله عليه وسلم فتناوله – أي: بسوء القول – فرفع ذلك إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه فقال عمرو: “قد أعطيناهم العهد. فقال عرفة: معاذ الله أن نكون أعطيناهم العهود والمواثيق على أن يؤذوننا في الله ورسوله ، إنما أعطيناهم على أن نخلي بينهم وبين كنائسهم، يقولون فيها ما بدا لهم وألا نحملهم ما لا طاقة لهم به، وأن نقاتل من ورائهم وأن نخلي بينهم وبين أحكامهم إلا أن يأتوننا فنحكم بينهم بما أنزل الله. فقال عمرو: صدقت([86]).
الفرق بين الحربي
والذمي والمعاهد والمستأمن
تعريف الحربي لغة:
الحرب ضد السلم، ودار الحرب بلاد المشركين الذين لا صلح بيننا وبينهم، ورجل حرب، ومحراب شديد، وعدو محارب ([87])..
تعريف الحربي اصطلاحاً:
هو غير المسلم التابع لدولة غير إسلامية بينها وبين المسلمين حرب ([88]).
تعريف الذمي لغةً:
الذمة هي العهد، وأهل الذمة هم أهل العقد. وقيل: الذمة الكفالة والضمان، وسمي ذمياً لأنه يدخل في أمان المسلمين؛ فالذمة هي الأمان([89]).
تعريف الذمي اصطلاحاً:
هو من استوطن دار الإسلام بتسليم الجزية بموجب عقد الذمة الذي بينه وبين المسلمين ([90]).
تعريف المعاهد لغة:
العهد: كل ما عوهد الله عليه، وكل ما بين العباد من مواثيق وأمان، وسمي اليهود والنصارى أهل العهد للذمة التي أعطوها، والعهدة المشترطة عليهم ولهم، ولا ذو عهد في عهده، أي: المحافظ على العهد الذي عوهد عليه من المسلمين([91]).
تعريف المعاهد اصطلاحاً:
هو الذي أخذ عليه العهد من الكفار، بأن يبايع المسلمين على أن يعطي الجزية مقابل أن يكفوا عنه، وقد يطلق هذا المصطلح على من صولحوا على ترك الحرب مدة ما ([92]).
تعريف المستأمن لغةً:
استأمن إليه أي دخل في أمانه ([93]){وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}([94])، ومنه قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ}([95]).
تعريف المستأمن اصطلاحاً:
هو من دخل دار الإسلام بأمان مؤقت لمدة طويلة([96]).
من التعاريف السابقة لغة واصطلاحاً يتضح الفرق جلياً بين كل من المعاهد والمستأمن والذمي والحربي.
ولكننا نورد فرقاً هاما جداً بين الذمي والمستأمن، وهو أن الذمي مقيم في دار الإسلام بصفة دائمة، بينما المستأمن مقيم فيها لمدة معلومة بأمان مؤقت.
وقد بين ابن قدامة رحمه الله: أنه لا يجوز عقد الذمة المؤبد إلا بشرطين:
1) الالتزام بإعطاء الجزية في كل حول ([97]).
2) الالتزام بأحكام الإسلام، وهو قبول ما يحكم به عليهم من أداء أو ترك محرم، لقوله تعالى:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة: 29].
كيف يعاقب غير المسلم إذا أخل بواجباته ومن يتولى معاقبته:
إن الكتابي إذا أخل بواجب من الواجبات المتضمنة عقد الذمة والتي اشترطها عليه الإمام فإنه يطبق عليه أحكام الإسلام لأنه قد أقر ووافق على هذه الواجبات المتضمنة العقد، والتي منها تطبيق أحكام الإسلام على أهل الذمة فيما يعتقدون تحريمه.
فلو تنصَّر يهودي أو تهود نصراني لم يقر على ذلك لأنه انتقل إلى دين باطل قد أقر ببطلانه، فأشبه المرتد ولم يقبل منه إلا الإسلام أو دينه، فإنه أباهما هُدد وحبس وضُرب.
وسئل الإمام أحمد رحمه الله: هل يقتل؟ فقال: لا للشبهة في قتله. أما إن انتقل غير الكتابي إلى دين أهل الكتاب أُقر على ذلك ([98]).
فإن أبى الذمي بذل الجزية، أو الصغار، أو التزام أحكام الإسلام، أو قاتلنا، أو تعدى على مسلم بقتل، أو زنا بمسلمة، وكذلك لو فعل اللواط، أو تعدى بقطع الطريق، أو تجسس على المسلمين، أو آوى جاسوساً، أو ذكر الله، أو رسوله، أو كتابه، أو دينه بسوء انتقض عهده دون عهد نسائه وأولاده، فلا ينتقض عهدهم تبعاً له، ويحل بعد ذلك دمه وماله ([99]).
والذي يقوم بمعاقبته هو الإمام كما نص على ذلك أهل العلم، فالذمي إذا قال: إنه تاب من ذنب فعله من الذنوب السابق ذكرها فللإمام أن يعامله كأسير حرب، وهو مخير بين قتله ورقّه، والمنِّ عليه بإطلاق سراحه، أو يفتدي نفسه بالمال، أو مقابل بأسير مسلم، ومال الذي يفعل ذلك يكون فيئاً، وإن أسلم هذا الذمي المخل بواجبات عقد الذمة يحرم قتله.
وقد ذكرنا سابقاً أنه عند إخلالهم بالواجبات فإنه يطبق عليهم أحكام الإسلام اقتداءً بفعل النبي ج ، والصحابة من بعده رضوان الله عليهم أجمعين.
وها هي بعض النماذج التي توضح ذلك:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بيهودي ويهودية قد زنيا فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاء يهود فقال: ما تجدون في التوراة على من زنى؟ قالوا: نسود وجوههما ونحملهما ونخالف بين وجوههما ويطاف بهما. قال: (فأتوا بالتوراة إن كنتم صادقين)، فجاؤوا بها فقرؤوها. فقال له عبد الله بن سلام وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مُرّه فليرفع يده فرفعها فإذا تحتها آية الرجم فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما. قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: كنت فيمن رجمهما، فلقد رأيته يقيها من الحجارة بنفسه([100]).
قال النووي رحمه الله: “في هذا دليل لوجوب حد الزنا على الكافر، وفيه أن الكفار مخاطبون بفروع الشرع وهو الصحيح…، وفيه أن الكفار إذا تحاكموا إلينا حكم القاضي بينهم بحكم شرعنا”([101]).
وعن سويد بن غفلة أن رجلاً من أهل الذمة من نبط الشاك نخس بامرأة على دابة فلم تقع فدفعها فصرعها، فانكشفت عنها ثيابها، فجلس فجامعها فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأمر به فصلب وقال: ليس على هذا عاهدناكم ([102]).
وروي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه دخل على أبي موسى رضي الله عنه وعنده يهودي فقال: ما هذا؟ قال: يهودي أسلم، ثم ارتد وقد استتبناه منذ شهرين فلم يتب، فقال معاذ: لا أجلس حتى أضرب عنقه قضاء الله وقضاء رسوله([103]).
ومن ذلك أنه قد رفع إلى المهاجر بن أمية: أن امرأتين مغنيتين غنت إحداهما بشتم النبي صلى الله عليه وسلم فقطع يدها ونزع ثنيتها، وغنت الأخرى بهجاء المسلمين فقطع يدها ونزع ثنيتها فكتب إليه أبو بكر: بلغني الذي سرت به في المرأة التي غنت وزمزمت بشتم النبي صلى الله عليه وسلم ، فلولا ما قد سبقتني لأمرتك بقتلها لأن حد الأنبياء ليس يشبه الحدود، فمن تعاطى ذلك من مسلم فهو مرتد أو معاهد فهو محارب غادر ([104]).
نصيب الضوابط الشرعية
في التعامل مع أهل الكتاب
من التطبيق العملي
بدءًا من العهد النبوي إلى يومنا هذا
لقد عامل النبي صلى الله عليه وسلم أهل الكتاب معاملة حسنة حسبما يتفق مع سماحة وعدل ورحمة الإسلام، فكان يراسلهم بكتبه يدعوهم إلى الإسلام بالرفق واللين والحكمة والموعظة الحسنة، وكان يعقد لهم عقود الذمة حسبما يقتضيه العدل الإلهي، فها هو صلى الله عليه وسلم يرسل كتاباً إلى هرقل ملك الروم يقول فيه:(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ. سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ([105]). وَ{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[آل عمران: الآية 64]. والله سبحانه وتعالى ينهى نبيه ج أن يجادل عن الخائن حتى ولو كان مسلماً ضد يهودي.
ذكر القرطبي رحمه الله بسنده عن السدي: “قال في قوله تعالى:{إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً}[النساء: 105].
نزلت في طعمة بن أبيرق حين استودعه رجل من اليهود درعاً فانطلق بها إلى داره فحفر لها اليهودي ثم دفنها، فخالف إليها طعمة فاحتفر عنها فأخذها فلما جاء اليهودي يطلب درعه جحدها، فانطلق اليهودي إلى ناس من اليهود من عشيرته فقال: انطلقوا معي، فإني أعرف موضوع الدرع، فلما عرف بهم طعمة أخذ الدرع فألقاها في دار أبي مليل الأنصاري، فلما جاءت اليهود تطلب الدرع فلم تقدر عليها ووقع طعمة وأناس من قومه باليهودي فسبوه، وقال لهم طعمة: أتخونوني؟ فانطلقوا يطلبونها في داره فأشرفوا على بيت أبي مليل فإذا هم بالدرع، وقال طعمة: أخذها أبو مليل وجادلت الأنصار دون طعمة وقال لهم: انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا له: ينضح عني ويكذب حجة اليهود فإني أن أكذب كذب على أهل المدينة اليهودي، فأتى ناس من الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا رسول الله جادل عن طعمة وأكذب اليهودي فهمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فنزلت الآية”([106]).
وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل الكتاب عقداً من عقود الذمة قال فيها لأساقفة نجران: (بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد النبي للأسقف أبي الحارث وأساقفة نجران وكهنتهم وكل ما تحت أيديهم من قليل وكثير جوار الله ورسوله لا يغير حق من حقوقهم ولا سلطانهم ولا ما كانوا عليه من ذلك جوار الله ورسوله أبداً ما أصلحوا ونصحوا عليهم غير مبتلين بظلم ولا ظالمين) ([107]).
وها هو صلى الله عليه وسلم يجري المعاهدات مع اليهود على جانب من التسامح العظيم في الإسلام فيبرم عقداً معهم فيه بهم الأمن والأمان وكان مما جاء فيه: (لليهود دينهم وللمسلمين دينهم…… وإن بينهم النصر على من حاربهم وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم……. وإن من خرج أمن ومن قعد أمن إلا من ظلم أو أثم)([108]).
لكن التسامح الذي كان يتعامل به النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل الذمة وغيرهم كان تسامحاً غير ذليل ليس فيه استسلام للشر أو تمكين للأشرار، وقد أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين أن يدفعوا العداوة بالتي هي أحسن وبين أن هذا الدافع الكريم هو الذي يجلب المحبة، فقال تعالى:{وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصلت: 34].
كما أمر الله جل وعلا نبيه الأمين أن يصفح الصفح الجميل عمن يعاديه، قال تعالى:{فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}[الحجر:85]، ويقول تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[آل عمران: 134].
فالتسامح والحلم والأناة والرفق من أبرز دعائم العلاقات الإنسانية في الإسلام، وقد طبق النبي ج هذا المبدأ في علاقاته مع أعدائه في معاهداته وحروبه.
ومن ذلك صلح الحديبية الذي عقده مع مشركي مكة عندما منعوه من العمرة وأبوا أن يدخل البيت الحرام ليطوف بالكعبة، لقد كان أساس هذا الصلح ظلماً وشططاً من جانب المشركين من قريش ولكنه سماحة ورفق من جانب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد أصروا على منعه في صلحهم من دخول مكة في هذا العام فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الشرط مع أن معه جيشاً يستطيع به أن يدك عليهم ديارهم.
واشترطوا عليه أيضاً أن من خرج من مكة مسلماً ملتحقاً بالرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالمدينة يرده الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم إن لم يكن خروجه برضا أهله.
وأن من يخرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتداً إلى مكة يقبلونه ولا يردونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين. فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الشرط حتى ضج بعض المؤمنين من قبول الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الشرط، لكن الرسالة الإلهية والحكمة النبوية آثرت الصبر والسماحة وحقن الدماء، ولم يكن هذا قبولاً للدنية أو خنوعاً أو ذلاً أو ضعفاً، ولكنه الهدى الإسلامي الذي حث على الصبر بدل القتل والقتال، وحث على الرفق بدل العنف وتأجيل فيه رفق خير من تعجيل فيه عنف، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الرفق في الأمر كله، فقال: (يا عائِشَةُ إنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، ويُعْطِي علَى الرِّفْقِ ما لا يُعْطِي علَى العُنْفِ، وما لا يُعْطِي علَى ما سِواهُ ) ([109]).
ويظهر علو التسامح مع أهل الكتاب من النبي صلى الله عليه وسلم حين أتاه وفد نجران وهم من النصارى وهو بالمدينة فدخلوا عليه مسجده بعد العصر فكانت صلاتهم فقاموا يصلون في المسجد فأراد الناس منعهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(دعُوهم، فاستقبَلوا المشرِقَ، فصلَّوْا صلاتَهم) ([110]).
وها هو صلى الله عليه وسلم يعود غلامه اليهودي الذي كان يخدمه ويعرض عليه الإسلام فيسلم، فيخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ) ([111]).
وقد أصيب عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو أمير المؤمنين بطعنات رجل من أهل الذمة هو أبو لؤلؤة المجوسي، وأدت الطعنات إلى موت عمر رضي الله عنه فلم يمنعه ذلك من أن يتعامل معهم بسماحة، بل ويوصي خيراً بعد موته فيقول وهو في فراش الموت: “أوصي الخليفة من بعدي بأهل الذمة خيراً أن يوفي بعهدهم وأن يقاتل من ورائهم وألا يكلفهم فوق طاقتهم” ([112]).
ويظهر عدل الإسلام في العهد الذي كتبه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأهل فلسطين بعد أن دخلوا في حوزة المسلمين وذمتهم، وقد جاء فيه: “بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل اللد ومن دخل معهم من أهل فلسطين أجمعين أعطاهم أماناً لأنفسهم ولأموالهم ولكنائسهم وصلبهم وسقيمهم وسليمهم وسائر ملتهم، وأنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من حيزها ولا من صلبهم ولا من أموالهم ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم، وعلى أهل اللد ومن دخل معهم من أهل فلسطين أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل مدائن الشام([113]).
وقريب من هذا ما عهد به عمرو بن العاص رضي الله عنه أهل مصر حين تم له فتحها، وما عهد به خالد بن الوليد رضي الله عنه لصلويا ابن نسطونا حين دخل العراق وبسط يده عليها.
إن الجزية كما رأينا في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأهل فلسطين السابق هو في مقابل حماية أهل الذمة وحراسة أنفسهم وأموالهم وديارهم ومعابدهم، فإذا لم يقم المسلمون بهذا فلا جزية لهم.
والإسلام يضع الجزية عن أهل الذمة إذا كانوا في سنة مجدبة وأكثر من هذا أن الإسلام يفرض لمن عجز عن الكسب من أهل الكتاب لكبر أو شيخوخة أو مرض نفقة من بيت مال المسلمين، كما وضح ذلك جلياً من موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين فرض للشيخ اليهودي الذي رآه يسأل الناس الصدقة، ففرض له نفقة من بيت مال المسلمين.
فهل بعد هذا عدل وإحسان؟ وهل بعد ذلك بر وإكرام؟ وهل نَعِمَ أهل الذمة في ظل دين غير دين الإسلام بمثل هذا العدل والكرم؟
مع هذا التسامح العظيم الذي كان يتعامل به عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أهل الذمة إلا أنه كان يحتاط منهم حيطة المسلم الواعي الفطن الذي يعرف حقيقة الأمور معرفة صحيحة، ويفهم الإسلام فهماً منضبطاً بعيداً عن الغلو والتطرف والتعصب، وبعيداً أيضاً عن الرخاوة والضعف والاستكانة.
فهو يأخذ الموقف الوسط الذي يأمرنا به الإسلام، ففي نفس الوقت الذي يعطف فيه على فقراء أهل الكتاب ويجزل لهم العطايا يحفظ في نفس الوقت للإسلام والمسلمين العزة والرفعة والعلو.
ويتضح ذلك فيما رواه سفيان الثوري عن مسروق عن عبد الرحمن بن غنم قال: كتبت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصارى الشام وشرط عليهم فيه ألا يحدثوا في مدينتهم ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا صومعة راهب ولا يجددوا ما خرب ولا يمنعوا كنائسهم أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال يطعمونهم ولا يؤووا جاسوساً ولا يكتموا غشاً للمسلمين ولا يعلموا أولادهم القرآن ولا يظهروا شركاً ولا يمنعوا ذوي قراباتهم من الإسلام إن أرادوه، وأن يوقروا المسلمين، وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس، ولا يتشبهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم ولا يتكنوا بكناهم ولا يركبوا سراجاً ولا يتقلدوا سيفاً ولا يبيعوا الخمور، وأن يجزوا مقادم رؤوسهم، وأن يلزموا زيهم حيث كانوا، وأن يشدوا الزنانير على أوساطهم ولا يظهروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم في شيء من طريق المسلمين، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم، ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفياً، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين، ولا يخرجوا شعانين ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم، ولا يظهروا النيران معهم، ولا يشتروا من الرقيق ما جرت فيه سهام المسلمين، فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه فلا ذمة لهم، وقد حل للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق([114]).
وقد عقب ابن القيم رحمه الله على اختلاف الروايات التي جاءت فيها هذه الشروط العمرية بقوله: “وشهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها، فإن الأئمة تلقوها بالقبول، وذكروها في كتبهم، ولم يزل ذكر الشروط العمرية على ألسنتهم وفي كتبهم، وقد أنفذها من بعد الخلفاء”([115]).
لقد اشترط أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذه الشروط على أهل الكتاب من باب الحذر والحيطة حتى لا تسنح لهم الفرصة فيغدروا بالمسلمين، وقد فعل عمر رضي الله عنه ذلك واشترط هذه الشروط والمسلمون في عصره في أوج كمالهم عقيدة وأخلاقاً وسلوكاً ومراقبة وتحكيماً لشرع الله في جوانب الحياة كلها.
ولا يحق للمسلم أن يقتل ذمياً أو معاهداً أو مستأمناً ما دمنا أعطيناهم المواثيق والعهود، وأصبحوا يدفعون الجزية. فالغدر والخيانة ونقض العهود وعدم الوفاء بالوعد من صفات المنافقين، وليست من صفات المؤمنين؛ فنبينا صلى الله عليه وسلم تبرأ من الذي يقتل واحداً من هؤلاء بعد ما أعطاه الأمان، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا رَجُلٍ أَمَّنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ وَمَالِهِ فَقَتَلَهُ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنَ الْقَاتِلِ ذِمَّةُ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا)([116]).
وحذيفة بن اليمان رضي الله عنه لم يفعل ما حدثته به نفسه حين أراد أن يرمي أبا سفيان بن حرب رضي الله عنه بسهم من ظهره لما أرسله الرسول ليعرف أخبار القوم في غزوة الأحزاب تنفيذاً لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الإسلام ورسول الرحمة الذي أوصى حذيفة قائلاً: (لا تحدث أمراً حتى ترجع إليَّ) ([117]).
ولم يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باغتيال أحد من الكفار في مكة أو ضرب أحدهم من ظهره وهم جلوس عند البيت لأن الإسلام انتشر بالرحمة واللين والحكمة والموعظة الحسنة، وأن ذلك لا يتفق وشجاعة المؤمن ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو سيد المؤمنين.
فهؤلاء الذين يقومون بقتل الأبرياء وترويع الآمنين من المعاهدين أو غيرهم ناسبين مسلكهم هذا إلى الإسلام، هؤلاء قد خرجوا عن الطريق القويم والنهج السديد الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وحادوا عن الفهم الحق للقرآن الكريم والسنة المطهرة، وما ذلك منهم إلا لأن لدى الكثير من هؤلاء فراغاً كبيراً ولا يملك أحدهم عملاً يقوم به ينفع به نفسه ومجتمعه، فتوجه النفس إلى الجريمة هو من آثار البطالة في بلاد العالم أجمع.
وفي نظري لو أن هؤلاء وفرت لهم فرص عمل يستطيعون العيش منها ويمارسون منها حياتهم الطبيعية لنفعوا أنفسهم، ونفعوا مجتمعاتهم بعد أن يوجههم العلماء الربانيون التوجيه الصحيح، ويوضحوا لهم العقيدة السليمة التي يجب أن يكون عليها المؤمن لاتقينا شر هؤلاء. والمؤمن يجب عليه أن يبرأ في قلبه من هذه الأعمال الفاسدة التي لا ترضي الله عز وجل، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}([118]).
وها هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوصي غلامه أن يعطي جاره اليهودي من الأضحية ويكرر الوصية مرة بعد أخرى حتى دهش الغلام وسأله عن سر هذه العناية بجار يهودي، فقال ابن عمر رضي الله عنه لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 🙁مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُهُ أَنَّهُ يُوَرِّثُهُ ) ([119]).
وعندما فتح المسلمون مصر أمر عمر بن الخطاب عمرو بن العاص رضي الله عنه باستقبال البطريق بنيامين عندما قدم من الإسكندرية أحسن استقبال وكتب له أماناً ورده إلى كرسيه بعد أن تغيب عنه زهاء ثلاثة عشر سنة([120]).
وقد صالح خالد بن الوليد رضي الله عنه مع أهل الحيرة في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه على: “وجعلت لهم أيما شيخ ضعف عن العمل أو أصابه آفة من الآفات أو كان غنياً فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه طرحت عنه جزيته وعيل من بيت مال المسلمين ما أقام بدار الهجرة والإسلام”([121]).
ومن صور العدل المشرقة أنه يقضي لغير المسلم على أحد الخلفاء الراشدين لأن هذا الخليفة لم تكن له بينة تثبت دعواه وأحد الشاهدين اللذين أحضرهما هذا الخليفة لا تصلح شهادته في هذه الخصومة بذاتها، والواقعة بتفاصيلها كما يلي:
يروى أن أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه افتقد درعاً له كانت أثيرة عنده، غالية عليه، ثم ما لبث أن وجدها في يد رجل من أهل الذمة يبيعها في سوق الكوفة، فلما رآها عرفها وقال: هذه درعي سقطت عن جمل لي في ليلة كذا… وفي مكان كذا… فقال الذمي: بل هي درعي وفي يدي يا أمير المؤمنين، فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنما هي درعي لم أبعها من أحد، ولم أهبها لأحد حتى تصير إليك. فقال الذمي: بيني وبينك قاضي المسلمين، فقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنصفت، فهلم إليه، فذهبا إلى شريح القاضي، فلما صار عنده في مجلس القضاء قال شريح: ما تقول يا أمير المؤمنين؟ فقال: لقد وجدت درعي هذه مع هذا الرجل، وقد سقطت مني في مكان كذا وفي ليلة كذا، وهي لم تصل إليه ببيع ولا هبة، فقال شريح للذمي: وما تقول أنت أيها الرجل؟ فقال الذمي: الدرع درعي، وهي في يدي ولا أتهم أمير المؤمنين بالكذب، فالتفت شريح إلى علي رضي الله عنه وقال: لا ريب عندي في أنك صادق يا أمير المؤمنين فيما تقوله، وأن الدرع درعك، ولكن لابد لك من شاهدين يشهدان على صحة ما ادعيت، فقال علي رضي الله عنه: نعم مولاي قنبر وولدي الحسن يشهدان لي، فقال شريح: لكني لا أجيز شهادة الابن لأبيه. فقال علي رضي الله عنه: يا سبحان الله رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته، أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ) ([122]).
فقال شريح: بلى يا أمير المؤمنين، غير أني لا أجيز شهادة الولد لوالده، عند ذلك التفت علي رضي الله عنه إلى الذمي وقال: خذها فليس عندي شاهد غيرهما، فقال الذمي: ولكني أشهد بأن الدرع لك يا أمير المؤمنين، ثم أردف قائلاً: يا ألله أمير المؤمنين يقاضيني أمام قاضيه، وقاضيه يقضي لي عليه، أشهد أن الدين الذي يأمر بهذا لحق، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
اعلم أيها القاضي أن الدرع درع أمير المؤمنين وأنني اتبعت الجيش وهو منطلق إلى صفين، فسقطت الدرع عن جمله الأورق فأخذتها، فقال له علي رضي الله عنه: أما وإنك قد أسلمت فإني وهبتها لك ووهبت لك معها هذا الفرس أيضاً، ولم يمض على هذه الواقعة زمن طويل حتى شوهد الرجل يقاتل الخوارج تحت راية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في يوم النهروان ويمعن في القتال حتى كتبت له الشهادة في سبيل الله ([123]).
ومن الصور المضيئة أيضاً التي تظهر عدل الإسلام أن أحد القضاة المسلمين حكم لصالح غير المسلمين وأمر خليفة المسلمين وقتئذ بتنفيذ حكم القاضي مما كان له أثره في نفوس غير المسلمين.
والواقعة هي أن سعيد بن عثمان فتح سمرقند صلحاً على مال يؤدونه للخليفة الوليد بن عبد الملك بن مروان الأموي، فلما مات سعيد بن عثمان وتولى من بعده قتيبة بن مسلم قيادة الجيوش الفاتحة لأرض خراسان فاستقل قتيبة بن مسلم هذا المال الذي يدفعونه، وفتح بلادهم عنوة دون أن يخطرهم بنقض العهد السابق وإيذانهم بالحرب، ومعنى ذلك أنهم يرون أنه فتحها غدراً، وهذا أمر تأباه تعاليم الإسلام، ذلك أن الله تعالى يقول مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم في شؤون الحرب والمعاهدات: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ}([124]).
وما فعله قتيبة في نظر أهل سمرقند هو من قبيل الغدر الذي قبلوه على مضض خشية أن ينكل بهم، فلما مات وآلت الخلافة إلى عمر بن عبد العزيز رحمه الله، وبلغ أهل سمرقند عنه ما ملأ أطراف الدولة وجوانبها من الحديث عن عدله ونصرته للحق ووفائه وبغضه للظلم أنابوا عنهم وفداً يقابل الخليفة يشكو له ما كان من قتيبة معهم، ولقي الخليفة وفدهم، فعرضت الأمر عليه، وكان مما قالوه:
أن قتيبة غدر بنا وأخذ بلادنا ظلماً، والأمر إليك لترفع عنا ما نزل بنا على يديه.
فتناول الخليفة قرطاساً وقلماً، وكتب إلى سليمان بن أبي السرح عامله على سمرقند كتاباً قال فيه: إن أهل سمرقند شكوا ظلماً أصابهم وتحاملاً من قتيبة عليهم، فإذا أتاك كتابي هذا فأجلس لهم قاضياً يقضي بالحق في هذه المظلمة، وعاد وفدهم بكتاب الخليفة إلى عامله، فأحال قضيتهم إلى القاضي “جميع بن حاضر الناجي”، قاضي سمرقند، فاستمع إلى ظلامتهم، واستدعى شهودهم عليها، ثم استدعى شهوداً من الجيش الذي حضر الموقعة مع قتيبة فشهدوا بالحق، شهدوا أن قتيبة لم ينبذ إليهم عهدهم، بل فاجأهم بفتح بلادهم عنوة، وعندمـا وضح هذا أمام القاضي أصدر حكماً قوياً مجلجلاً صريحاً لا غموض فيه، ناطقاً بعدالة الإسلام وسماحته.
قال القاضي: على الجيش الإسلامي الذي فتح سمرقند بقيادة قتيبة أن يتأهب للخروج منها فوراً، وكذلك يخرج منها المسلمون الذين دخلوها بعد الفتح، ثم بعد ذلك ينابذ الجيش أهل سمرقند على سواء، فإما صلح إن أرادوا وإما حرب إذا لم يختاروا الصلح([125]).
هذا هو الحكم الذي أصدره القاضي، وقد كان له صداه في أنحاء سمرقند كلها إذ ما كان يتصور أحد من أهلها أن تعاليم الإسلام تمضي على هذا النحو وتعطي الحق للقاضي أن يأمر الجيش بالخروج من بلد فتحه واستقر فيه.
فأسرع الوالي يخبر الخليفة عمر بن العزيز رحمه الله بالحكم، ويطلب مشورته فجاء الرد من الخليفة بأن ينفذ حكم القاضي كما أصدره، وعندئذ أصدر أمره إلى الجيش بالتأهب للرحيل، وأمر كذلك المسلمين المدنيين بمغادرة سمرقند ويحزمون أمتعتهم، ويعلنون بيع أملاكهم فيها، وإذا بمفاجأة لم تكن في الحسبان، فقد جاء وفد يمثل أهل سمرقند إلى الوالي وأبلغوه أنهم تشاوروا فيما بينهم بعد الحكم الذي ما دار بخلدهم لحظة واحدة أن تعاليم الإسلام لا تضيق بمثله. وأنهم ما كانوا يتوقعون أن هناك قاضياً يجرؤ على مطالبة الجيش الفاتح بالجلاء عن بلد فتحه واستقر فيه.
أمام هذا وأمام حسن المعاملة التي وجدوها من إخوانهم المسلمين المقيمين بالبلد حال إقامتهم فيها، لا يسعهم إلا أن يعلنوا تنازلهم عن حقهم، ويطالبون ببقاء الحال على ما هو عليه لأنهم لن يخشوا بعد اليوم غدراً أو ضراً ينالهم.
وإزاء هذه الرغبة الصادقة من أهل سمرقند أمر الجيش بالبقاء وأمر المسلمين بالبقاء، وعدم الخروج وكانت فرحة مزدوجة من الجانبين، وكانت هذه القضية سبباً في إسلام كثير من أهل سمرقند، ودخلوا تحت راية الإسلام والإخلاص لتعاليمه السمحة، والعمل على نشرها حتى غدت سمرقند بعد ذلك مركزا هاماً من المراكز الإسلامية المرموقة يأتيها القاصي والداني للتزود بزاد المعرفة من علمائها([126]).
هذا هو الإسلام في أروع صوره، وتلك هي مبادئه التي لن يحيد عنها وهؤلاء هم جنده المنفذون لشرائعه على علم وبصيرة نافذة لأنهم كانوا طرازاً من نوع لم يعرفه العالم قديماً أو حديثاً، فهل يعي الناس حقيقة الإسلام لينهجوا طريقته ويستنيروا بمبادئه المثلى وشرائعه الخالدة ونظمه العالية وكتابه المعجز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
لعل الناس يفيقون من غفلتهم ويدركون عظمة الإسلام ومدى حرصه على الوفاء بالعهود والمواثيق والتزامه بالعدل كما أمر الله جل وعلا.
ويذكر أن القاضي إسماعيل بن إسحاق دخل عليه الوزير عبدون بن صاعد النصراني وزير الخليفة المعتضد بالله العباسي، فقام له القاضي ورحب به فرأى إنكار الشهود لذلك، فلما خرج الوزير قال القاضي إسماعيل: قد علمت إنكاركم، وقد قال الله تعالى:{لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الممتحنة: 8]، وهذا الرجل يقضي حوائج المسلمين وهو سفير بيننا وبين المعتضد، وهذا من البر([127]).
ويظهر العدل في معاملة أهل الكتاب أثناء الحرب جلياً في موقف سليمان الفارسي رضي الله عنه عندما غزا المشركين من أهل فارس فقال: كفوا حتى أدعوهم كما كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم، فأتاهم فقال: إنا ندعوكم إلى الإسلام فإن أسلمتم فلكم مثل ما لنا وعليكم مثل ما علينا وإن أبيتم فأعطونا الجزية عن يد وأنتم صاغرون، وإن أبيتم قاتلناكم ولم يقاتلهم إلا بعد أن دعاهم ثلاثاً فأبوا([128]).
وعندما تمكن القائد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله من دحر الصليبيين بعد تسعين سنة من مجازر الغدر والخيانة والفساد في الأرض لم يعاملهم بالمثل، إذ أنه لما أسلمت له الحماية النصرانية أمنهم على حياتهم. وكانوا أكثر من مائة ألف، وسمح لهم بالخروج في أمان الإسلام وأعطاهم مهلة أربعين يوماً للخروج وقام بمداواة جرحاهم وتمريض مرضاهم وسمح لهم بحمل ما يحملون من أموالهم المنقولة ([129]).
ويصل أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه إلى قمة العدل في معاملة أهل الكتاب حين أبلغه نوابه عن مدن الشام بتجمع جحافل الروم فكتب إليهم أن يردوا الجزية عمن أخذوها منه وأمرهم أن يعلنوا بهذا البلاغ: “إنما رددنا عليكم أموالكم لأنه قد بلغنا ما جُمع لنا من الجموع وإنكم اشترطتم علينا أن نمنعكم أي نحميكم، وإنا لا نقدر على ذلك الآن وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم ونحن لكم على الشروط وما كتبنا بيننا وبينكم إن نصرنا الله عليهم ([130]).
واستمرت الحال في معاملة أهل الكتاب بالرفق واللين، وعاشوا في المجتمع المسلم وهم آمنون على أنفسهم وحرماتهم لأن الإسلام ضمن لهم ذلك.
بل إن كثير منهم يحس بالأمان والطمأنينة في بقائه بين المسلمين أكثر مما يحس به لو كان عند بني قومه وتلك أحد السمات البارزة والخصائص السامية للمجتمع المسلم الذي يحكم شريعة الله في شؤون الحياة.
حكمة الله من إبقاء
أهل الكتاب بين أظهرنا
هذه الحكمة تختص بأهل الكتاب دون عبدة الأوثان فبقاؤهم من أقوى الحجج على منكر النبوات والمعاد والتوحيد.
يقول الله تعالى لمنكري ذلك:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[الأنبياء: 7]، وقد ذكر الله تعالى ذلك عقب قوله جل وعلا:{وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ}[الأنبياء: 7]. يعني: سلوا أهل الكتاب هل أرسلنا قبل محمد رجالاً يوحى إليهم أم كان محمد بدعاً من الرسل لم يتقدمه رسول حتى يكون إرساله أمراً منكراً لم يطرق العالم رسول قبله؟
قال الله تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ}[الزخرف: 45]. والمراد بسؤالهم سؤال أممهم عما جاؤوهم به هل فيه أن الله شرع لهم أن يعبدوا من دونه إلهاً غيره؟
قال ابن القيم رحمه الله: ” الفراء: المراد سؤال أهل التوراة والإنجيل فيخبرونهم عن كتبهم وأنبيائهم.
وقال ابن قتيبة رحمه الله: واسأل من أرسلنا إليهم رسلاً من قبلك وهم أهل الكتاب، وقال الأنباري رحمه الله: التقدير: وسل من أرسلنا من قبلك.
وعلى كل تقدير، فالمراد التقرير لمشركي قريش وغيرهم ممن أنكر النبوات والتوحيد، وأن الله أرسل رسولاً أو أنزل كتاباً أو حرم عبادة الأوثان.
فشهادة أهل الكتاب بهذا حجة عليهم وهي من أعلام صحة رسالته صلى الله عليه وسلم إذ كان قد جاء على ما جاء به إخوانه الذين تقدموه من رسل الله جل وعلا. ولم يكن بدعاً من الرسل ولم يأت بضد ما جاؤوا به، بل أخبر بمثل ما أخبروا به من غير شاهد ولا اقتران في الزمان، وهذه من أعظم آيات صدقه”([131]).
بيان لبعض النصوص التي وردت في أهل الذمة
من الناس من يستند إلى بعض النصوص من الآيات والأحاديث النبوية ويفهمها فهماً سطحياً متعجلاً ويستدل بها على تعصب الإسلام ضد المخالفين له من اليهود والنصارى وغيرهم.
ومن الأمثلة البارزة لهذه النصوص ما يأتي:
قول الله تعالى: {لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}[آل عمران: 28].
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً}[النساء: 144].
وقوله تعالى: {بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً}[النساء:138، 139].
وقوله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ..}[المجادلة: 22].
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ..} [الممتحنة: 1].
وقوله تعالى:{إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ…} [الممتحنة : 9].
فهم البعض أن هذه الآيات وأمثالها تدعو إلى القطيعة والجفوة والكراهية لغير المسلمين وإن كانوا من أهل دار الإسلام الموالين للمسلمين المخلصين لجماعتهم، والحق أن الذي يتأمل الآيات المذكورة تأملاً فاحصاً ويدرس تواريخ نزولها وأسبابه، وملابساته يتبين له ما يأتي:
1ـ إن النهي إنما هو عن اتخاذ المخالفين أولياء بوصفهم جماعة متميزة بديانتها وعقائدها وشعائرها؛ أي: بوصفهم يهوداً أو نصارى أو نحو ذلك.
والمفروض أن يكون ولاء المسلم للأمة المسلمة وحدها ومن هنا جاء التحذير في عدد من الآيات من اتخاذهم أولياء والتقرب إليهم على حساب جماعة المؤمنين.
2ـ المودة التي نهت عنها الآيات هي مودة من آذى المسلمين وحاد الله ورسوله كما وضح ذلك جلياً في قوله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ..}[المجادلة: 22]. ومحاداة الله ورسوله ليست مجرد الكفر بهما، بل محاربة دعوتهما والوقوف في وجهها وإيذاء أهلها.
وفي مستهل سورة الممتحنة يقول الله تعالى: {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ}[الممتحنة: 1].
فالآية تعلل تحريم هذه الموالاة لأمرين هما:
أ ـ كفر هؤلاء بالإسلام.
ب ـ إخراجهم للرسول والمؤمنين من ديارهم بغير حق.
وفي قوله تعالى: {لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ}[الممتحنة: 8، 9].
فقسم المخالفين إلى فريقين:
فريق كان سلماً للمسلمين لم يقاتلهم في الدين ولم يخرجهم من ديارهم، فهؤلاء لهم حق البر والإقساط إليهم. وفريق اتخذ مواقف العداوة والمحادة للمسلمين بالقتل أو الإخراج من الديار أو المظاهرة والمعاونة على ذلك فهؤلاء يحرم موالاتهم مثل مشركي مكة الذين ذاق المسلمون على أيديهم أصناف العذاب أشكالاً وألواناً.
3ـ أن الإسلام أباح للمسلم أن يتزوج الكتابية، يقول الله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ}[المائدة: 5].
والحياة الزوجية يجب أن تقوم على السكون النفسي والمودة والرحمة، كما دل عليه القرآن في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً..}[الروم: 21].
وهذا يدل على أن مودة المسلم لغير المسلم لا حرج فيها وكيف لا يود الرجل زوجته لو كانت كتابية؟ وكيف لا تود البنت أمها لو كانت غير مسلمة؟
لقد سمح النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن تصل أمها وكانت مشركة([132]).
عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه قالت: “قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن أمي قدمت وهي راغبة أفاصلها؟ قال: ( نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ) ([133])“.
وبعض الشباب المتحمس الذي يفهم النصوص على غير وجهها الصحيح يقولون: إن أهل الذمة المقيمين بيننا محاربون ويجب قتالهم ولا يحق لهم الإقامة في هذه البلاد، مستدلين بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: (لأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، حَتَّى لَا أَدَعَ إِلَّا مُسْلِمًا) ([134]).
إلا أننا نقول: إن أهل الذمة دخلوا بلادنا بعقد أمان بيننا وبينهم، لكن الممنوع أن لا يقام في هذه البلاد دينان، كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لَا يَجْتَمِعُ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ)([135]).
وما دامت ليست لهم قوة وأنهم يلتزمون بالعقد بيننا وبينهم فحقوقهم محفوظة والمحافظة على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم مسؤولية هذه البلاد ومن تعدى عليهم أو نالهم بأذى فلا بد أن تنفذ فيه أحكام الله حسب ما يراه ولي الأمر.
ووصيتي لهؤلاء المتعجلين ممن يفهمون النصوص على غير وجهها أن يرجعوا للعلماء ويأخذوا عنهم وألا يعتمدوا على فهمهم الخاطئ، فكم أردى هذا الفهم، من أقوام ضلت في تفكيرها وبالتالي تخبطت في تصرفاتها فأحدثت الضرر للبلاد والعباد ـ نعوذ بالله من سوء الفهم.
دعوة أهل الذمة للإسلام
والرفق في ذلك
إن عدم موالاة الذميين لا تعني حجب دعوة الإسلام عنهم وتركهم وشأنهم، وتركهم وما هم فيه من ضلال.
بل يحتم الإسلام على أهله دعوة الناس إلى الخير وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر والحرص على هدايتهم والرغبة الأكيدة في تحولهم إلى الإسلام، ولما كان هذا لا يأتي إلا بالدخول إلى النفس من مداخلها واستجلاب رضاها وراحتها فإن الإسلام جعل سبيل الدعوة الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالحسنى، كما قال تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}[النحل: 125].
وها هو إمام الدعاة إلى الله عز وجل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يبين لنا كيف تكون الدعوة إلى الله بحكمة وموعظة حسنة بدون جرح للمشاعر، وكيف يكون الرفق بالجاهل عند تعليمه، وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي الذي بال في المسجد وقام عليه الصحابة لينهروه ويضربوه، فيقول لهم الصادق الأمين النعمة المهداة والرحمة المسداة صلى الله عليه وسلم: (دَعُوهُ، وهَرِيقُوا على بوله سَجْلًا من ماء ـ أو ذَنُوبًا من ماء ـ فإنما بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ ولم تبعثوا مُعَسِّرينَ) ([136]).
ثم يشرع النبي صلى الله عليه وسلم في تعليمه ويبين له أن المسجد بني للعبادة ولم يبن لما فعله الأعرابي، فإذا بالأعرابي يقول عندما يجد معاملة طيبة من الرسول صلى الله عليه وسلم: “اللهم اغفر لي ولمحمد ولا تغفر لهؤلاء”، يقصد من قاموا وراءه لينهروه ويضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً رائعاً في الدعوة إلى الله بحكمة وموعظة حسنة، وكيف تكون معالجة الأخطاء بدون جرح للمشاعر أمام الآخرين.
ويتضح ذلك في موقفه صلاة الله وسلامه عليه مع خوات بن جبير كما يحدث زيد بن أسلم أن خوات بن جبير قال: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ الظهران قال: فخرجت من خبائي فإذا أنا بنسوة يتحدثن فأعجبني فرجعت فاستخرجت حلة فلبستها وجئت فجلست معهن، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبة، فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هبته واختلطت، وقلت: يا رسول الله جملٌ لي شرد فأنا أبتغي له قيداً ومضى فتبعته، فألقى إلي ردائه ودخل الأراك فقضى حاجته، وتوضأ، فأقبل والماء يسيل على صدره من لحيته فقال: (أبا عبد الله ما فعل ذلك الجمل؟)، وارتحلنا فجعل لا يلحقني في المسير إلا قال: (السلام عليك أبا عبد الله ما فعل شراد ذلك الجمل؟)، فلما رأيت ذلك تغيبت إلى المدينة واجتنبت المسجد، والمجالسة مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما طال ذلك عليَّ أتيت المسجد فقمت أصلي فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حجره، فجاء فصلى ركعتين فطولت رجاء أن يذهب ويدعني، فقال: (أبا عبد الله طول ما شئت أن تكون فلست بمنصرف حتى تنصرف)، فقلت في نفسي: والله لأعتذرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبرئن صدره فلما انصرفت قال: (السلام عليك أبا عبد الله، ما فعل شراد ذلك الجمل؟)، قلت: والذي بعثك بالحق ما شرد ذلك الجمل منذ أسلمت، فقال: (يرحمك الله)، ثلاثاً، ثم لم يعد لشيء مما كان([137]).
وهكذا تعلم خوات من رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تكون الدعوة إلى الله جلا وعلا بحكمة وموعظة حسنة، ومعالجة الأخطاء بدون جرح لشعور المخطئ أمام الآخرين.
وطلب أحد الأمراء نصيحة من أحد العلماء فأغلظ العالم للأمير في القول، فقال له الأمير: يا هذا لقد أرسل الله جل وعلا من هو أفضل منك إلى من هو أطغى مني ومع ذلك قال الله لهذا الرسول:{َقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[طه: 44].
ويكون المقصود إذًا بمن هو أفضل من هذا العالم كليم الله ونبيه موسى عليه السلام، ومن هو أطغى من هذا الأمير فرعون.
نقول: إذا كانت تلك هي المعاملة الواجبة مع المسلم في الدعوة إلى الله، فلابد أن تكون المعاملة أفضل وأحسن مع غير المسلمين حين دعوتهم إلى دين الله جل وعلا، لأن النفوس الشاردة والقلوب القاسية لا تعود إلى الإسلام ولا تلين إلا بالملاينة والملاطفة وإظهار العطف والشفقة والحرص.
لقد كان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يؤثرون الأسرى بالطعام الجيد على أنفسهم يقول الله تعالى في ملاطفة الأسرى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمْ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[الأنفال: 70].
وهذا غاية الملاطفة والملاينة في دعوتهم إلى الإسلام وأن الله سيعوضهم عن الفدية التي أخذت منهم إن هم أذعنوا للإسلام وآبوا إلى الله ورسوله.
حادثتا التفجير في العليا والخبر
لقد حدث على ثرى هذا البلد الآمن حادثان غريبان هما حادث التفجير في العليا: 20/ 6/ 1416هـ، وحادث التفجير في الخبر بتاريخ: 9/ 2/ 1417هـ، وهذان الحادثان عمل منكر لا يقره كتاب ولا سنة ولا عقل صحيح وسليم ولا عرف ولا فطرة([138]).
أما الدين فإن هذا العمل مناف له لما تضافرت حوله النصوص من تحريم قتل النفس بغير حق، وتحريم إتلاف الأموال ظلماً وعدواناً، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ..}[الأعراف: 33].
وقال تعالى:{ وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً}[الفرقان: 68، 69]، وقال تعالى:{وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً }[الإسراء: 33].
وأما السنة: فقد أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ميثاقاً بموجبه كفل حقوق الإنسان في الإسلام، فقال صلى الله عليه وسلم:(فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ)([139]).
وأما منافاة هذا العمل الإجرامي للعقل، فهذا أمر معلوم، فالعقول السليمة تمنع من الاعتداء والظلم، فبأي حق تزهق النفوس البريئة؟ وبأي ذنب يخاف الآمنون؟ وبأي منطق يروع الأبرياء؟ وبأي حق تتلف الأموال وتهدم المباني ويزرع الرعب في قلوب الناس؟
وأما منافاة هذا العمل للعرف فإن بلاد الحرمين قاصيها ودانيها، صغيرها وكبيرها، يستنكرون هذا اعمل الشنيع ويمقتونه لأن هذا الأمر ضرره ظاهر على الفرد والمجتمع، بل على مكتسبات الأمة وثرواتها.
والمجرم بعمله هذا أخاف الآمنين وروع الساكنين ودمَّر الممتلكات لا شيء إلا لخلق البلبلة وزعزعة الأمن ولم يحقق إلا الخزي والعار.
وإننا بحاجة ماسة أن نميز بين الإسلام والجريمة، فكثيراً ما يمتطي الإسلام ضعاف النفوس ويحققون من خلاله شهوات عدوانية باسم الانتصار للحق، وأي حق بزعمهم إنه الجريمة، إنه القتل العمد، إنه انتهاك الحرمات.
إن من فعلوا ذلك تعدوا حدود الله، وقتلوا الأنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وهؤلاء الشباب وأمثالهم إنما حصل لهم ما حصل من تأثير خارجي وانحراف في التفكير بسبب بعدهم عن العلماء المخلصين الصادقين وعدم استفادتهم منهم، بل سمعنا منهم أنهم يكفرون العلماء الصادقين والعياذ بالله، وهذا ليس بغريب على من يتلقى أفكاراً شاذة وغريبة بعيدة عن الكتاب والسنة.
وهذه النبتة الغريبة عن مجتمعنا، بل والشاذة نتيجة حتمية للولاء لغير الله، واتباع غير سبيل المؤمنين، وهذه بذور الحزبيات والانتماءات التي تتقمص لباس الإسلام والواقع أن لها أطماعاً خاصة وأهدافاً مريبة فلينتبه الشباب لذلك.
ولابد من التعاون الصادق بين فئات المجتمع كله والضرب بيد من حديد في وجه من تسول له نفسه العبث بأمن هذه البلاد. وإذا أردنا أن نجنب أبنائنا هذه الأفكار فلابد أن توجد القدوة الحسنة في البيت والمدرسة، ليقتدي الابن بهذه القدوة الحسنة ويسير على النهج المستقيم، وأن تكرس المناهج الدراسية وتكثف لكي تربط بين الشباب وأسرته ومجتمعه وعلمائه وولاة أمره، وتنمي فيه روح التعاون على البر والتقوى، وتحذره من أذية الآخرين أو التعرض لهم بسوء.
ولابد أن نربط الشباب بكبار علماء هذه البلاد، وأن يتلقى التوجيه والتسديد من هؤلاء لطول باعهم في العلم، وطول تجاربهم في الحياة، وخبرتهم بأساليب الأعداء وكيدهم.
وعلينا أن نقطع الطريق على قرناء السوء، والتأثيرات الشريرة التي تفد من الخارج والوقوف في وجهها بحزم وقوة.
وأن نكثف التوجيه والتوعية ممن هم محل الثقة والاطمئنان من العلماء وأساتذة الجامعات والخطباء لمقابلة الفكر الدخيل بالحجة والبرهان من الكتاب والسنة.
وعلى الشباب الملتزم أن يدرك أن الالتزام ليس مظاهر فقط، بل سلوك عملي واقعي وتعامل بالحسنى اقتداءً بالرسول ج الذي مدح الله أخلاقه فقال:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}([140]).
وبالنسبة للوصول إلى المجرمين فإننا على ثقة بأن الله سيفضح هؤلاء ـ إن شاء الله ـ لأننا ننطلق من سنة عرفناها فيما سبق، وهي أن هذه البلاد موفقة ولله الحمد في الوصول إلى المجرمين وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ونكاد نجزم أن كثيراً من الدول المتقدمة لا تستطيع الوصول إلى المجرمين بالسرعة والدقة التي تصل إليهم فيها هذه البلاد وذلك بفضل الله ثم بفضل التمسك بشرعه القويم وسلامة المنهج الذي تسير عليه هذه البلاد وصحة توجه المجتمع وأثر العلماء العاملين فيها، أولئك العلماء الذين تعاهدوا مع ولاة الأمر وسائر الشعب على المضي قدماً في هذا السبيل، ولذا فهذه البلاد بما حباها الله من النعم يحسدها الكثيرون حتى وللأسف الشديد من يعيشون على ثراها وذلك نكران للجميل وجحدان للنعمة، ولن يثنيها نعيق الغربان أو نباح الكلاب ومكر الماكرين وحقد الحاقدين، وصدق الله إذ يقول:{أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [القصص: 57].
ما قاله فضيلة الشيخ
محمد بن عثيمين رحمه الله
عن حادث الخبر
في خطبة الجمعة بعد الحادث.
إن الحادث الذي وقع بالخبر يوم العاشر من شهر صفر عام 1417هـ لحادث مؤلم ومفزع لقلوب المسلمين جميعاً، فما ذنب هؤلاء الأبرياء وما ذنب هؤلاء الأطفال، وما ذنب هؤلاء النساء؟ إن هؤلاء الشباب وهم قلة لم يقع منهم ذلك إلا عندما ابتعدوا عن العلماء الأثبات الذين لهم قدم راسخة في العلم والذين يستقون الأحكام من الكتاب والسنة.
فيجب على الشباب أن يلتفوا حول العلماء ليأخذوا عنهم العلم الصحيح الذي يعينهم على تخبطات هذه الحياة. وإن هذا الحادث كانت له مفاسد عظيمة منها:
1ـ أن هذه الفعلة وهي القتل والتخريب والتدمير الذي نتج عنه خسائر فادحة في الأرواح والأموال لمعصية لله ورسوله وانتهاك لحرمة الله جل وعلا واستحقاق للعنة الله ورسوله والناس أجمعين، وإن من فعل ذلك لا يقبل منه صرف ولا عدل.
2ـ تشويه سمعة الإسلام وخاصة أن الأعداء سيأخذون هذا الحادث فرصة لضرب الإسلام في عقر داره، فالإسلام دين العدل والرحمة والوفاء بالعهد، وإنه دين البر والإحسان، والإسلام يحذر من عدم الوفاء بالعهد.
3ـ أن الأصابع في الداخل والخارج سوف تشير إلى أن هذا من صنع الملتزمين بالإسلام مع أننا نعلم أن الملتزمين بالشريعة حقيقة لا يمكن أن يرضوا ذلك ولا يقرونه أبداً ولا يفعلونه أبداً.
لذا وجب عليهم أن يتبرؤوا منه وينكروه أعظم إنكار، فالملتزمون بدين الله حقيقة لا يمكن أن يرضوا ذلك ولا يقرونه أبداً لأنهم يلتزمون بأوامر هذا الدين حسبما يرضي الله جل وعلا، وإن هذا الفعل مما لا يرضي الله.
4ـ كثيراً من العامة الجاهلين بحقيقة الالتزام بدين الله جل وعلا سوف ينظرون إلى الملتزمين بالإسلام نظرة خوف وحذر وتحذير كما سمعنا أن بعض العامة من الجهلاء قد حذروا أبنائهم من الابتعاد عن الملتزمين وطريق العلم الشرعي الصحيح.
5ـ انتشار الفوضى والاضطرابات والقلاقل والخوف والهلع وإن ذلك يسيء إلى ديننا أولاً وآخراً.
6ـ التلف للنفوس والأموال والخسائر التي حدثت وإن ذلك من أعظم الكبائر التي حرمها الإسلام، قال الله تعالى:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[المائدة: 33]. وإن بلادنا ولله الحمد والمنة لتتميز على جميع بلاد المسلمين بأنها البلد الوحيد الذي يطبق شرع الله جل وعلا.
وثقتنا كبيرة في هيبة القضاء التي تحكم بما أمر الله وثقتنا كبيرة وعظيمة في ولاة أمورنا الذين ينفذون الشرع الحكيم وليس ببلادنا ولله الحمد والمنة البدعيات الشركية الموجودة في كثير من بلاد المسلمين كالمساجد التي بها قبور أو كنائس واضحة ظاهرة للنصارى أو أضرحة أو غير ذلك من هذه الأمور الشركية.
بيان هيئة كبار العلماء
عن حادث الخبر.
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد عبده ورسوله وعلى آله وصحبه. وبعد:
فإن مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في جلسته الاستثنائية العاشرة المنعقدة في مدينة الطائف يوم السبت: 13/ 2/ 1417هـ استعرض حادث التفجير الواقع في مدينة الخبر بالمنطقة الشرقية مساء الثلاثاء: 9/ 2/ 1417هـ.
وما حصل بسبب ذلك من قتل وتدمير وترويع وإصابات لكثير من المسلمين وغيرهم وإن المجلس بعد النظر والدراسة والتأمل قرر بالإجماع ما يلي:
أولاً: أن هذا التفجير عمل إجرامي محرم شرعاً بإجماع المسلمين وذلك للأسباب التالية:
1ـ في هذا التفجير هتك لحرمات الإسلام المعلومة منه بالضرورة هتك لحرمة الأنفس المعصومة وهتك لحرمة الأموال وهتك لحرمات الأمن والاستقرار وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم وغدوهم ورواحهم وهتك للمصالح العامة التي لا غنى للناس في حياتهم عنها، وما أبشع وأعظم جريمة من تجرأ على حرمات الله وظلم عباده وأخاف المسلمين والمقيمين بينهم، فويل له ثم ويل له من عذاب الله ونقمته ودعوة تحبط به. نسأل الله أن يكشف ستره وأن يفضح أمره.
ب ـ أن النفس المعصومة في حكم شريعة الإسلام هي كل مسلم وكل من بينه وبين المسلمين أمانٌ، كما قال الله تعالى:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}[النساء: 92].
وقال تعالى في حق الكافر الذي له ذمة في حكم القتل الخطأ:{وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ..}[المائدة: 33].
فإذا كان الكافر الذي له أمان إذا قتل خطأ فيه الدية والكفارة، فكيف إذا قتل عمداً، فإن الجريمة تكون أعظم والإثم يكون أكبر، وقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة) ([141]).
فلا يجوز التعرض لمستأمن بأذى فضلاً عن قتله في مثل هذه الجريمة الكبيرة النكراء، وهذا وعيد شديد لمن قتل معاهداً وأنه كبيرة من الكبائر المتوعد عليها بعدم دخول القاتل الجنة نعوذ بالله من الخذلان.
ج ـ أن هذا العمل الإجرامي يتضمن أنواعاً من المحرمات المعلومة من الدين بالضرورة من بغي وخيانة وغدر وعدوان وإجرام وإثم وترويع للمسلمين وغيرهم، وكل هذه قبائح منكرة يأباها ويبغضها الله ورسوله والمؤمنون.
ثانياً: إن المجلس إذ يبين تحريم هذا العمل الإجرامي كما جاء في الشرع المطهر فإنه يعلن للعالم كله أن الإسلام بريء من هذا العمل، وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر بريء منه، وإنما هو تصرف من صاحب فكر منحرف وعقيدة ضالة فهو يحمل إثمه وجرمه فلا يحتسب عمله على الإسلام ولا على المسلمين المقتدين بهدي الإسلام المعتصمين بالكتاب والسنة المستمسكين بحبل الله المتين، وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة، ولهذا لا يريدون إلا الفساد في الأرض. قال الله تعالى:{وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ}[البقرة: 204، 205].
وقال تعالى:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[المائدة: 33].
فهرس الكتاب
الموضوع |
تقديم: معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: |
المقدمة: |
غير المسلم في المجتمع الإسلامي: |
نصوص قرآنية: |
نصوص من السنة النبوية: |
من أقوال الصحابة والتابعين والسلف في أهل الذمة: |
حقوق غير المسلم في المجتمع الإسلامي وواجباته. |
واجبات أهل الذمة: |
الفرق بين الحربي والذمي والمعاهد والمستأمن: |
تعريف الحربي لغة |
تعريف الحربي اصطلاحا |
تعريف الذمي لغة |
تعريف الذمي اصطلاحا |
تعريف المعاهد لغة |
تعريف المعاهد اصطلاحا |
تعريف المستأمن لغة |
تعريف المستأمن اصطلاحا |
نصيب الضوابط الشرعية في التعامل مع أهل الكتاب من التطبيق العملي بدءًا من العهد النبوي إلى يومنا هذا. |
حكمة الله من إبقاء أهل الكتاب بين أظهرنا. |
بيان لبعض النصوص التي وردت في أهل الذمة. |
دعوة أهل الذمة للإسلام والرفق في ذلك. |
حادثتا التفجير في العليا والخبر. |
ما قاله فضيلة الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله عن حادث الخبر في خطبة الجمعة بعد الحادث |
بيان هيئة كبار العلماء عن حادث الخبر |
فهرس الموضوعات |
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) رواه أبو داود (4799)، والترمذي (2002)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (4799).
([2]) رواه مسلم (2/1707 ح 2167).
([3]) رواه الترمذي (4/589 ح 2378)، وقال: حديث حسن غريب.
([4]) رواه الترمذي (4/600، 601 ح 2395)، وقال: حديث حسن.
([5]) رواه أبو داود (3/472 ح 3094) وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود (2/598 برقم 2652): ضعيف الإسناد وقصة القميص صحيحة.
([6]) رواه الحاكم (1/466) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي .
([7]) رواه مسلم (2/1808، 1809 ح 2318).
([8]) رواه مسلم (2/1761 ح2244).
([9]) أخرجه الترمذي بلفظ نحوه وقال: هذا حديث حسن صحيح برقم 1413 ولفظه لأبي داود (4/707، 708 ح4583)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (4583).
([10]) رواه مسلم 2/1837 ح 2365).
([11]) رواه أبو داود (4/314 ح 4031)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2/761 ح 3401).
([12]) رواه أبو داود (1/427 ح 652)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/128) وقال الخطابي: هذا حديث تفرد به أبو داود .
([13]) رواه مسلم (1/770، 771 ح 1096).
([14]) رواه أبو داود (3/544 ح 3208)، وصححه الألباني في سنن أبي داود (2/618 ح 2747).
([15]) رواه مسلم (1/999 ح 1371).
([17]) رواه أبو داود (3/189 ح 2758)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2/527، 528 ح2396).
([18]) رواه الترمذي (2/429 ح 1424)، وقال: حديث حسن صحيح .
([20]) رواه الهيثمي في مجمع الزوائد (6/285) وقال: رجاله ثقات.
([21]) رواه أبو داود (3/111 ح2652)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2/503، 504 ح2310).
([22]) رواه البخاري (4/31) كتاب الجهاد والسير باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان.
([23]) رواه مسلم (2/1359 ح1735).
([24]) رواه البخاري (3/69 كتاب الحرث والمزارعة باب المزارعة مع اليهود).
([25]) رواه مسلم (2/1357، 1358 ح1731).
([26]) رواه مسلم (2/1365 ح1746).
([27])رواه مسلم (2/1388، 1389 ح1768).
([28]) رواه البخاري (3/34) كتاب البيوع باب شراء الطعام إلى أجل.
([29]) رواه البخاري (4/145) كتاب الأنبياء باب ما ذكر .
([30]) رواه الهيثمي في مجمع الزوائد (1/174) وقال فيه جابر الجعفي وهو ضعيف متهم بالكذب .
([31]) رواه البخاري (7/228) كتاب الأيمان والنذور باب قول الله تعالى: (إن الذين يشترون).
([32]) رواه مالك (1/278 ح42) وقال ابن عبد البر في التمهيد (2/114): حديث منقطع .
([33]) رواه الترمذي (3/27 ح633) وقال: حديث مرسل .
([34]) رواه مسلم (2/1396 ح1773).
([35]) رواه أبو داود (3/448-450 ح3067)، والطبراني في الكبير 08/30 ح7279)، وقال: أبان بن عبدالله صدوق في حفظه لين وفي الإسناد رجل لم يسم.
([36]) رواه مسلم (2/1532 ح1930).
([37]) رواه البخاري (4/62) كتاب الجزية والموادعة باب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب.
([38]) رواه الحاكم (1/11) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/234، 235): رواه الطبراني في الأوسط وفيه جماعة لا أعرفهم.
([39]) رواه أبو داود (4/528، 529 ح4361)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (3/384 ح3665).
([40]) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي (3/337).
([42]) رواه البيهقي (8/30، 31) وقال: منقطع راويه غير ثقة.
([43]) رواه مسلم (3/2018 ح2613).
([44]) رواه البخاري (8/151) كتاب الاعتصام بالسنة، باب لتتبعن سنن من كان قبلكم.
([45]) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1/28) وقال: رواه الطبراني في الكبير وفي إسناده الحسن بن إدريس الحلواني ولم أر أحدا ذكره.
([46]) رواه البخاري (1/102) كتاب الصلاة باب فضل استقبال القبلة .
([47]) أورده ابن حجر في فتح الباري (10/436) وقال: إسناده ضعيف.
([48]) رواه أبو داود (268، 269 ح4996) وقال الألباني: في ضعيف سنن أبي داود (ص491): ضعيف الإسناد.
([49]) رواه الإمام أحمد في مسنده (2/536) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/108): رواه أبو يعلى وفيه يزيد الرقاشي وهو ضعيف.
([50]) رواه مسلم (2/1344 ح1718).
([51]) رواه الطبراني في الكبير (11/11 ح1069)، وقال في مجمع الزوائد (4/86) رواه البزار بأسانيد ورجال أحدها ثقات وله إسناد مرسل رجاله رجال الصحيح.
([52]) رواه البخاري (8/47) كتاب الديات باب إثم من قتل ذمياً بغير جرم.
([53]) أورده ابن أبي شيبة في مصنفه 012/387)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/225).
([54]) رواه أبو داود (3/436، 437، 3051)، وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود (ص306) برقم 665 .
([55]) أورده الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (8/370) وقال: حديث منكر وفيه العباس بن المذكر وهو غير ثقة والله أعلم.
([56]) رواه الترمذي (3/20 ح623)، وقال: حديث حسن.
([57]) رواه البخاري (3/142) كتاب الهبة، باب الهدية للمشركين وقوله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم}.
([58]) رواه مسلم (3/2025 ح262).
([59]) رواه البخاري (2/87) كتاب الجنائز، باب من وقف لجنازة يهودي .
([60]) رواه البخاري (7/59) كتاب اللباس، باب الفرق.
([62]) اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أهل الجحيم (1/177).
([63]) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي (11/112).
([64]) أحكام أهل الذمة لابن القيم (1/212).
([66])كتاب الأموال لأبي عبيد (4/227) .
([67]) كتاب الخراج لأبي يوسف (ص165).
([68]) كتاب الخراج لأبي يوسف (ص164.
([69]) كتاب الخراج لأبي يوسف 0ص192).
([71]) مطالب أولي النهى (2/602، 603).
([72]) الفروق (3/14، 15 – الفرق التاسع عشر والمائة).
([73]) مجموع فتاوى ابن تيمية (28/617، 618).
([74]) أخرجه المنذري في الترغيب (4/11، 12) وقال: رواه أبو داود.
([76]) كتاب الخراج لأبي يوسف (ص79، 80) .
([77]) حاشية رد المحتار (3/344- 346).
([78]) تفسير القرطبي، الجامع لأحكام القرآن (3/337).
([79]) كتاب الخراج لأبي يوسف (ص144).
([80]) السياسة الشرعية لابن تيمية (ص144- 146).
([81]) روح المعاني للألوسي (6/154).
([82]) رواه الترمذي (3/20 ح623) وقال: هذا حديث حسن .
([83]) السلسبيل في معرفة الدليل (2/4ز7، 408) .
([84]) السلسبيل في معرفة الدليل (2/412).
([86]) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (6/13)، قال: رواه الطبراني وفيه عبدالله بن صالح كاتب الليث قال عبدالملك بن سعيد بن الليث ثقة مأمون وضعفه جماعة وبقية رجاله ثقات .
([87]) القاموس المحيط ( 1/53) باب الباء، فصل الحياء، مادة: حرب.
([88]) الفقه الإسلامي وأدلته (8/59).
([89]) تاج العروس 16/264، 265، باب الميم فصل الذال مادة ذمم.
([90]) حاشية الروض المربع لابن قاسم (4/302).
([91]) لسان العرب (3/311، 312)، باب الدال، فصل العين، مادة: عهد.
([92]) حاشية الروض المربع لابن قاسم (4/302).
([96]) الفقه الإسلامي وأدلته (8/39).
([98]) الروض المربع لابن قاسم (4/319، 320).
([99]) السلسبيل في معرفة الدليل (2/414، 415)، حاشية الروض المربع لابن قاسم (4/322، 424).
([101]) صحيح مسلم بشرح النووي (11/208).
([102]) الخراج لأبي يوسف، ص (194).
([103]) الخراج لأبي يوسف، ص(195) .
([104]) الصارم المسلول، ص(200).
([105]) رواه البخاري (11/50 ح6260 فتح) كتاب الاستئذان، باب كيف يكتب إلى أهل الكتاب.
([106]) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي (5/375).
([107]) البداية والنهاية (5/55)، حياة الصحابة (1/123).
([108]) البداية والنهاية (3/224، 225)، تهذيب السيرة، ص (140، 143).
([109]) رواه البخاري (6927)، ومسلم (2593).
([110]) سيرة ابن هشام (1/573، 584)، زاد المعاد (3/329).
([113]) الحرب والسلام في الإسلام، ص(96)، عبد الكريم الخطيب.
([114]) أحكام أهل الذمة (2/659ـ663)، وفتاوى ابن تيمية (28/651ـ656).
([115]) أحكام أهل الذمة (2/639ـ 664).
([116]) أخرجه الهيثمي في جمع الزوائد (6/285)، وقال رجاله ثقات، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم (3007).
([117]) سيرة ابن هشام (3/243ـ 244).
([120]) تاريخ الإسلام السياسي (1/240).
([121]) الخراج لأبي يوسف (ص144).
([122]) رواه الترمذي (3768)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم (3768).
([123]) صفة الصفوة (3/38)، شذرات الذهب (1/85ـ86)، فوات الوفيات (2/167ـ 169).
([124]) سورة الأنفال: الآية 58.
([125]) الكامل لابن الأثير (4/126، 127).
([126]) شريعة القتال في الإسلام، عثمان الشرقاوي، ص (52).
([127]) ترتيب المدارك (3/174).
([128]) الخراج لأبي يوسف، ص (207).
([129]) العلاقات الدولية في الإسلام، ص (334)، د. كامل سلامة.
([130]) الخراج لأبي يوسف، ص (150).
([131]) أحكام أهل الذمة (1/18).
([132]) تفسير ابن كثير (4/349).
([133]) رواه البخاري (2620)، ومسلم (1003) .
([135]) رواه أحمد (26352)، والطبراني في الأوسط (1066)، ونقل صاحب نصب الراية (3/454) عن الدار قطني قوله : هذا حديث صحيح.
([137]) أسد الغابة (2/149) ترجمة رقم (1489).
([138]) انظر: تفصيلات عن الحادثين في مقالات نشرت لي منها:
ـ بلاد الحرمين الشريفين ونعمة الأمن، جريدة الوطن، الثلاثاء: 16/12/1417هـ وهو في قسم المقالات من هذا المجموع.
ـ نبض الكلمة، جريدة عكاظ، الخميس: 7/12/1416هـ. وهو في قسم المقالات من هذا المجموع.
ـ كل ذي نعمة محسود، جريدة الجزيرة، الاثنين: 17/6/1416هـ. وهو في قسم المقالات من هذا المجموع.
ـ الفكر المنكوس لا يثمر إلا الخطر، جريدة عكاظ، الثلاثاء: 12/12/1416هـ. وهو في قسم المقالات من هذا المجموع.