90 – رسالة في أحكام السحر والشعوذة وخطرها على العقيدة
90 – رسالة في أحكام السحر والشعوذة
رسالة في
أحكام السحر والشعوذة
وخطرهما على العقيدة
تأليف
أ.د عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار
أحكام السحر والشعوذة
وخطرهما على العقيدة
الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وشرح صدورنا بالإيمان، وأنار طريقنا بنور السنة والقرآن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي أمر بتوحيده وترك ما دونه من الأصنام والأزلام، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي اصطفاه لهداية الأنام وإخراجهم من طريق الشيطان إلى طريق الحق والرضوان، صلى الله عليه وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(آل عمران: الآية 102)، فمن اتقى الله وقاه، ومن عمل بطاعته رضي عنه وأرضاه.
في البداية أشكر معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على هذه الدعوة المباركة، وعلى هذا اللقاء الطيب الكريم بهذه الوجوه النيّرة التي ما اجتمعت إلا من أجل الخير والدعوة إليه، سائلاً المولى جل وعلا أن يوفقنا جميعاً لكل ما يحب ويرضى، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
وحديثنا اليوم عن موضوع غاية في الأهمية، فمع ظهور وسائل الإعلام المختلفة من مرئية ومسموعة ومقروءة، ومع ظهور كثير من أهل الباطل الذين يدعون إلى باطلهم عبر هذه الوسائل، ومن هذا الباطل توجيه الناس إلى الاستعانة بالسحرة والمنجمين والعرافين وغيرهم ممن هم على شاكلتهم، ومع انتشار الجهل بين كثير من عوام المسلمين لبعدهم عن كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، من أجل ذلك وغيره انتشر كثير من السحرة والمشعوذين في أرجاء المعمورة، من مختلف الأجناس، فمنهم من يتعامل بالسحر، ومنهم من يتعامل بالكهانة، ومنهم من يتعامل بالشعوذة والدجل، ومنهم من يتعامل بالنجوم والكواكب، ومنهم من يتعامل بالعرافة.
وهؤلاء قد أوقعوا أنفسهم في تلك الكبائر للأمور التالية:
أولاً: بعدهم عن صراط الله المستقيم الذي أرسل الله به رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين الإنس والجان.
ثانياً: تعلق قلوبهم بحب الدنيا وإيثارها على الآخرة، فما نالوا لذتهم التي كانوا يتمنونها في الدنيا، ولا نالوا نصيبهم في الآخرة من النعيم المقيم.
ونظراً لحاجتنا جميعاً لمعرفة هذا الموضوع الخطير، وبالأخص إخواني أصحاب الفضيلة رؤساء المراكز التابعة للرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمعنيين بمتابعة قضايا السحر والشعوذة في مملكتنا الحبيبة فإني أتوجه بالحديث إليهم مذكراً نفسي وإياهم بما ييسر الله من الكلام عن هذا الموضوع الذي يمس عقيدة كل مسلم ومسلمة في مملكتنا الحبيبة، فأقول مستعيناً بالله:
السحر:
وهو من أشد ما يكون لتأثيره على الإنسان بحيث يسبب له إما الموت بإذن الله، أو الإصابة بالصرع والجنون، أو الابتلاء بمرض دائم لا شفاء منه، وهكذا.
وتعريف السحر لغةً:
ما خفي ولطف سببه، ومنه قوله تعالى:{سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ}(الأعراف: 116)، والسحر يتطلب الخديعة، والغش وهو علمٌ له أصولٌ، ومناهج، وقواعد لكنها معقدة وسرية وتختلف، لكن الجامع بينها الفسق، والضلال، والبعد عن الله، والرغبة في الشر، وأذية الخلق.
والسحر في الاصطلاح:
عزائم ورقى، وعقد تؤثر في القلوب والأبدان، فيُمرض، ويقتُل، ويُفرق بين المرء وزوجه.
والسحر ثابت وقوعه بالكتاب، والسنة، والإجماع:
فمن الكتاب:
قوله تعالى:{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ..} (البقرة: 102).
وقوله تعالى:{قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}(الأعراف: 116). وقوله:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ}(يونس: 9)، وغير ذلك من الآيات كثير.
ومن السنة:
ما روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت:(سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهُوَ عِنْدِي لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ثُمَّ قَالَ يَا عَائِشَةُ أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ أَتَانِي رَجُلَانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ فَقَالَ مَطْبُوبٌ قَالَ مَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ قَالَ فِي أَيِّ شَيْءٍ قَالَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ قَالَ وَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ أَوْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا اسْتَخْرَجْتَهُ قَالَ قَدْ عَافَانِي اللَّهُ فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ)([1]).
ومن الإجماع:
قال القرافي المالكي رحمه الله: (وكان السحر وخبره معلوماً للصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وكانوا مجمعين عليه) ([2]).
والسحر له حقيقة:
ويدل على ذلك قوله تعالى:{وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}(الأعراف: 116).
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (قَدْ عَافَانِي اللَّهُ)([3])، والشفاء إنما يكون برفع العلة وزوال المرض.
وقال القرافي: “السحر له حقيقة، وقد يموت المسحور أو يتغير طبعه وعاداته وإن لم يباشره وقال به الشافعي وابن حنبل” ([4]).
قال النووي رحمه الله: “والصحيح أن له حقيقة، وبه قطع الجمهور، وعليه عامة العلماء، ويدل عليه الكتاب والسنة الصحيحة المشهورة”([5]).
وذهب أهل السنة والجماعة إلى أن السحر ثابت وله حقيقة، وعلى هذا أهل الحلِّ والعقد الذين ينعقد بهم الإجماع، ولا عبرة بحثالة المعتزلة ومخالفتهم للحق.
واستدل أهل السنة والجماعة على أن السحر متحقق الوقوع بالأدلة من الكتاب والسنة، فلو لم يكن موجوداً حقيقة لم ترد النواهي عنه في الشرع، والوعيد على فاعله، والعقوبات الدينية والأخروية على متعاطيه والاستعاذة منه، وقد أخبر الله تعالى أنه كان موجوداً زمن فرعون.
حكم تعلم السحر:
تعلم السحر كفر؛ لأنه لا يتم إلا بالاستعانة بالشياطين والعبودية لها، وتناول المحرمات، واستخدام طرائق بدعية يعقلها الإنسان أحياناً وفي الغالب لا يعقلها.
فلا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتعلمه، والأدلة على كفر الساحر كثيرة جداً ومنها: قوله تعالى:{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} (البقرة:102).
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:(اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ..)([6]).
وأن السحر لا نفع فيه بل هو ضرر محض، وإن ظن بعض الناس أن فيه نفعاً، وقد جاءت الشريعة بتحريم كل ما فيه ضرر محض، بل حرمت ما غلبت مضرته على منفعته.
قال ابن حجر: “وقد استدل بهذه الآية {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} على أن السحر كفر، ومتعلمه كافر”.
قال النووي: “عمل السحر حرام، وهو من الكبائر بالإجماع، فقد عدَّه النبي ” من السبع الموبقات”.
وقال أيضاً: “تعلم السحر حرام على المذهب الصحيح، وبه قطع الجمهور، ومثله الفلسفة والشعبذة والتنجيم وعلوم الطبائعيين، وكلَّ ما كان سبباً للإثارة”.
وقال ابن قدامة: “تعلم السحر وتعليمه حرام لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم”.
وقال الذهبي: “الكبيرة الثالثة في السحر لأن الساحر لابد وأن يكفر”.
وقال ابن العربي: “إن حقيقة السحر كلام مؤلف يعظم به غير الله تعالى، وتنسب إليه فيه المقادير والكائنات”.
وقال القرطبي: “وقال بعض العلماء: قال أهل الصناعة: إن السحر لا يتم إلا مع الكفر والاستكبار، أو تعظيم الشيطان، فالسحر إذن دالٌّ على الكفر على هذا التقدير”.
وقال الشيخ حافظ الحكمي: “وقد علم أن السحر لا يعمل إلا مع كفر بالله، وهذا معلوم من سبب نزول الآية”.
وقال الشيخ سليمان (شارح كتاب التوحيد): “لما كان السحر من أنواع الشرك إذ لا يتأتى السحر بدونه أدخله المصنف في (كتاب التوحيد) ليبين ذلك تحذيراً منه، كما ذكره غيره من أنواع الشرك”.
وقال ابن عابدين: “ولعل ما نقله عن الأصحاب (أي القول بكفر الساحر) مبني على أن السحر لا يتم إلا بما هو كفر كما يفيده قوله تعالى:{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ}(البقرة: 102). وأن الساحر لا يتم سحره إلا بالاستعانة بالشيطان، فأنى يدفع الشيطان عن أولياء الرحمن، وكيف يؤذي الشيطان الذين يجتمعون على الشرور وهم أولياؤه، إن الذين يزعمون أنهم يريدون تعلم السحر ليدفعوا به الشر ويفعلوا به الخير لا يعلمون حقيقة السحر”.
وقال ابن حجر في حكم تعلم السحر: “وقد استدل بهذه الآية {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ}(البقرة:102) على أن السحر كفر ومتعلمه كافر، وهو واضح في بعض أنواعه هو التعبد للشياطين والكواكب، وأما النوع الآخر الذي هو من باب الشعوذة فلا يكفر به أصلا”.
فترى خلقاً كثيراً من الضلال يدخلون في السحر ويظنونه حراماً فقط، وما يشعرون أنه الكفر، فيدخلون في تعليم السيمياء وعملها، وهي محض السحر، وفي عقد الرجل عن زوجته وهو سحر، وفي محبة الرجل للمرأة وبغضها له، وأشباه ذلك بكلمات مجهولة أكثرها شرك وضلال.
صفات من يتعاملون بالسحر:
من أهم الصفات التي نراها في هذه الأصناف هي:
(1) ادعاء معرفة الغيب؛ حيث يخبرون من يعالجون عن أمور غيبية يكذبون في غالبها، وقد يصدقون في قليل منها بتقدير الله تعالى، وهذا ينافي قول الله تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ..}(الروم:65).
(2) الاستعانة بالجن والشياطين؛ وذلك بعد طاعتهم فيما يأمرونهم به من شركيات، كوضع المصحف تحت القدم والسير عليه، أو الاستنجاء باللبن، أو سب الله تعالى، أو الكفر به، وغير ذلك من الأشياء التي يأتي بها من يتعامل مع الجن، وكل هذا ينافي الإيمان لقول الله تعالى:{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ}(المائدة: 23).
(3) الكذب على المرضى، وذلك بإخبارهم بأشياء غير حقيقية تنافي الواقع، كمن يخبر المريض بأن فلاناً من أسرته هو الذي قام بعمل السحر له، أو أن هذا المريض معمول له عمل، وغير ذلك من الأمور.
(4) تركهم للصلوات مع المسلمين في بيوت الله، حيث أن غالبهم لا يصلون في المساجد، وكيف يصلون لله وهم كافرون به والعياذ بالله.
(5) تلبسهم بأشياء مخالفة للفطرة الإنسانية، كإطلاقهم شواربهم وشعور رؤوسهم حتى تطول، وترك أظافرهم فإذا نظرت إليهم فكأنهم أشباح شياطين.
(6) الإتيان بحركات غريبة، واستعمالهم البخور ذو الرائحة الكريهة، وإظلام الغرفة التي يجلسون فيها مع المرضى.
(7) الانفراد بالنساء بدون محارم.
(8) طلب ذبح بعض الحيوانات أو الطيور ذات الأشكال الغريبة، وعدم ذكر الله عليها.
(9) أخذ الأموال الكثيرة من المرضى.
كيفية معرفتهم، والحذر منهم؟
هناك علامات ودلالات يعرف بها هؤلاء ممن يغرق في هذا المستنقع الآسن، وحتى لا يذهب المسلم ضحية هؤلاء فيخسر بذلك دينه وعقيدته وماله فإني أعرض بعض العلامات التي يستدل بها على هؤلاء الآثمين، ومن ذلك:
(1) السؤال عن اسم الأم، وهذا هو الأصل عندهم، وربما سألوا عن اسم أبيه للتمويه.
(2) طلب أثر من آثار المريض كالغترة، أو الثوب، أو غطاء المرأة أو غير ذلك مما يرتبط بالمريض.
(3) التمتمة بكلام غير معروف ولا يفقه معناه، وربما قرأ المشعوذ بعض آي القرآن ليموه على الناس.
(4) إعطاء عزائم وتمائم وأحجبة تحتوى على حروف مقطعة، وعلى مربعات، وبعض الرسومات، وربما كتب معها شيئاً من القرآن لإيهام المقابل أن ما يقوم به هذا المشعوذ من الشرع.
(5) طلب أمورٍ تخالف الشرع، كطلب عدم مس الماء مدة معينة، أو عدم الاغتسال، أو اعتزال الناس.
(6) إعطاء المريض بعض الأشياء ليقوم بدفنها في المنزل أو مكان معين.
(7) كتابة الطلاسم والتعوذات الشركية.
(8) تلاوة الطلاسم والعزائم غير المفهومة.
(9) إعطاء المريض أوراقاً يحرقها ويتبخر بها.
(10) أحياناً يخبر الساحر أو المشعوذ المريض باسمه واسم بلده ومشكلته التي جاء من أجلها بدون أن يذكر له المريض ذلك.
(11) يكتب للمريض حروفاً مقطعة في ورقة (حجاب) أو في طبق من الخزف الأبيض ويأمر المريض بإذابته وشربه.
(12) يقضي معظم الأوقات بعيداً عن الناس ولا يعاملهم ولا يتصل بهم لأنه دائماً يخلوا بشيطانه الذي يسخره لأعمال سحرية أو إلحاق الضرر بالناس، فإذا جاء إليه من يريد منه سحراً قام إليه.
حد الساحر:
حكم الساحر قطع عنقه لما روى جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حد الساحر ضربة بالسيف) ([7]).
وقد كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل موته بشهرين: “اقتلوا كل ساحر وساحرة”([8]).
وروى مالك في الموطأ “أن حفصة أم المؤمنين زوج النبي ” أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت” ([9]).
قال ابن قدامة: “والساحر الذي يركب المكنسة وتسير به في الهواء ونحوه يكفر ويقتل”.
توبة الساحر:
اختلف أهل العلم في هذه المسألة خلافاً مشهوراً.
فالمشهور من مذهب الإمام أحمد أنه يقتل من غير استتابة، وبه قال مالك، لأن الصحابة لم يستتيبوا السحرة الذين حكموا بقتلهم.
وعن أحمد أنه يستتاب، فإن تاب قبلت توبته وخلي سبيله، وبه قال الشافعي، لأن ذنبه لا يزيد على الشرك، والمشرك يستتاب وتقبل توبته، فكذلك الساحر.
وهذا الخلاف إنما هو في إسقاط الحد عن التوبة، أما فيما بينه وبين الله فلا أحد يحول بينه وبين التوبة، بل إن كانت صادقة قبلت إن شاء الله.
توبة الساحر:
سبق أن أشرت إلى أن مذهب الإمام أبي حنيفة ومالك ورواية عن الإمام أحمد أن الساحر يقتل ولا يستتاب، وحجة من ذهب هذا المذهب أن الصحابة قتلوا السحرة من غير استتابة، ولأن السحر لا يزول بالتوبة.
وذهب الإمام مالك رحمه الله وأصحابه إلى عدم استتابته لأن الساحر عندهم حكمة حكم الزنديق، والزنديق لا تقبل توبته عنده إلا إذا جاء تائباً قبل الاطلاع عليه.
وذهب الإمام الشافعي رحمه الله وهي رواية عن الإمام أحمد رحمه الله إلى أنه يستتاب، لأن ذنبه ليس بأعظم من الشرك، والمشرك يستتاب، ولأن الساحر لو كان كافراً فأسلم صحَّ إسلامه وتوبته.
وهذا هو الأظهر ـ إن شاء الله تعالى ـ ودعوى أن الزنديق لا يستتاب مسألة خلافية، وهذا الذي اختلفوا فيه إنما هو في ثبوت حكم التوبة في الدنيا من سقوط القتل ونحوه، فأما فيما بينه وبين الله تعالى وسقوط عقوبة الدار الآخرة عنه فيصح، فإن الله تعالى لم يسد باب التوبة عن أحد من خلقه، ومن تاب إلى الله قبل الله توبته، قال ابن قدامة: “لا نعلم في هذا خلافاً”.
وقد أخبرنا الله تبارك وتعالى أن سحرة فرعون آمنوا وقبل توبتهم.
حكم سحر النجوم:
الذي يعتقد أن النجوم لها تأثير على الأشخاص في أرزاقهم وأعمارهم وسعادتهم وشقاوتهم وانتصاراتهم وهزائمهم فإنه كافر لا شك في كفره، فإذا زاد على هذا بأن قصد هذه النجوم واستعان بها واستغاث بها من دون الله فقد ازداد إلى الكفر كفراً وإلى الضلال ضلالاً.
وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم فساد هذا ووصفه بالكفر، ففي الحديث الذي يرويه البخاري عن زيد بن خالد الجهني قال: (صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على الناس فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب، وأما من قال: بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب)([10]).
وهل الكفر الذي نصّ عليه الحديث سالب لأصل الإيمان مخرج من ملة الإسلام؟
الجواب: أن هذا الكفر سالب لأصل الإيمان، مخرج من الملة إذا كان الإنسان معتقداً أن الكوكب فاعل مدبر منشئ للمطر، كما كان بعض أهل الجاهلية يزعمون، ومن قال هذا فلاشك في كفره كما يقول النووي، وهو مذهب جماهير العلماء والشافعي منهم، وهو ظاهر الحديث.
الكهانة والعرافة:
تعريف الكاهن:
قال في اللسان: “الكاهن الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان، ويدعي معرفة الأسرار”.
قال الأزهري: “وكانت الكهانة في العرب قبل مبعث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بعث نبينا صلى الله عليه وسلم وحرست السماء بالشهب، ومنعت الجن والشياطين من استراق السمع وإلقائه إلى الكهنة بطل علم الكهانة وازهق الله أباطيل الكهَّان بالفرقان الذي فرق الله ـ عز وجل ـ به بين الحق والباطل”.
وقال في كتاب التوحيد: “والكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل، وقيل: الذي يخبر عما في الضمير”.
والعرافة:
العراف لغة: الكاهن، قال عروة بن حزام:
فقلت لعرَّاف اليمامة داوني *** فإنك إن أبرأتني لطبيبُ
وفي الحديث: (من أتى عرافاً…) أراد بالعراف المنجم أو الحازي الذي يدّعي علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه.
وقال في كتاب التوحيد: قال البغوي: “العراف الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك، قال في الحاشية: إن العراف هو الذي يخبر عن الواقع كالسرقة وسارقها، والضالة ومكانها، وغير ذلك بأسباب ومقدمات بأقيسة فاسدة يدعي معرفتها بها، وخيالات شيطانية، وربما تنزلت عليه الشياطين وما زجت أنفاسه الخبيثة أنفاس إخوانه من الشياطين”.
حكم الذهاب إلى العرافين والكهان والسحرة والمشعوذين لطلب العلاج:
إن لباس الصحة والعافية مطلب يسعى له جميع الناس كيف لا، والصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يعرفها إلا المرضى، وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ يقول: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ) ([11]).
ولكن هل يطلب المسلم الشفاء فيما حرّم الله وفيما ليس هو بشفاء، بل هو وهم وكذب؟ وهل يلجأ إلى السحرة والعرافين والكهان يطلب منهم الشفاء؟
لقد حذر المصطفى صلى الله عليه وسلم من التداوي بالحرام، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا عباد الله ولا تداووا بحرام)([12]). أما طلب الشفاء فيما هو ليس بشفاء بل هو كذب محض فإن في ذلك عواقب وخيمة.
إن كثيراً من الناس يسيرون خلف الأوهام الكاذبة، وربما اطمأنوا إليها لاسيما إذا وُجد دجَّالون يجيدون حرفة الدجل والكذب، أما عن الذهاب إلى السحرة والمشعوذين والكهان والعرافين الذي يدعون الغيب ففي ذلك شر مستطير، يقول الشيخ بن باز رحمه الله: وأما سؤال العرافين والمشعوذين والمنجمين وأشباههم ممن يتعاطى الأخبار عن المغيبات فهو منكر لا يجوز، وتصديقهم أشد وأنكى، بل هو من شعب الكفر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من أتى عرَّافاً فسأله عن شيء لم تقبل صلاته أربعين يوماً) ([13]).
وفي صحيحه أيضاً عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إتيان الكهان وسؤالهم.
وأخرج أهل السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)([14]).
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، فالواجب على المسلمين الحذر من سؤال الكهنة والعرافين وسائر المشتغلين بالأخبار عن المغيبات، والتلبيس على المسلمين سواء كان باسم الطب أو غيره لما تقدم من نهي النبي ” عن ذلك وتحذيره منه.
ويدخل في ذلك ما يدعيه بعض الناس باسم الطب من الأمور الغيبية إذا شمّ عمامة المريض أو خمار المريضة أو نحو ذلك. قال: هذا المريض أو هذه المريضة فعل كذا، وصنع كذا من أمور الغيب التي ليس في شم عمامة المريض ونحوها دلالة عليها، وإنما القصد من ذلك التلبيس على العامة حتى يقولوا إنه عارف بالطب، وعارف بأنواع المرض وأسبابه، وربما أعطاهم شيئاً من الأدوية، فصادف الشفاء بقدر الله فظنوا أنه بأسباب دوائه، وربما كان المرض بأسباب بعض الجن والشياطين الذين يخدمون ذلك المدعي للطب ويخبرونه عن بعض المغيبات التي يطلعون عليها، فيعتمد على ذلك ويرضي الجن والشياطين بما يناسبهم من العبادة فيرتفعون عن ذلك المريض ويتركون ما قد تلبسوا به معه من الأذى وهذا شيء معروف عن الجن والشياطين ومن يستخدمهم.
وقال الإمام النووي: واعلم أن التكهن وإتيان الكهان وتعلم الكهانة والتنجيم والضرب بالرمل وبالشعير والحصى وتعليم هذه كلها حرام وأخذ العوض عليها حرام بالنص الصحيح.
حكم أدعياء علم الغيب من الكهان والعرافين وغيرهم:
الذين يدّعون الغيب ضالون، فالغيب لله وحده {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ}(النمل: الآية 65).
والرسل لا يعلمون من الغيب إلا ما أعلمهم الله تعالى، وقد أمر الله رسوله أن يعلن هذا {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}(الأعراف: الآية 188).
والجن لا يعلمون الغيب، وقد قبض الله روح نبيه سليمان وهو واقف على عصاه، وكان الجن ينظرون إليه، ويقومون بالأعمال الشاقة ظانين أنه لا يزال حياً، فلما أكلت دابة الأرض عصاه وخرّ على الأرض تبينت الجن وظهر للناس أن الجن لا يعلمون الغيب {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتْ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}(سبأ: الآية 14).
وقد ذمّ الرسول صلى الله عليه وسلم الكهان، وحرّم الكهانة، وعظم جرم الذين يأتون الكهان ومنهم العرافون والضاربون بالرمل والمنجمون، ففي صحيح مسلم عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) ([15]).
وفي صحيح مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي قال: قلت يا رسول الله أموراً كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان، قال: (فلا تأتوا الكهان)، قال: قلت: كنا نتطير، قال: (ذاك شيء يجده أحدكم في نفسه، فلا يصدنكم) ([16]).
وعن عمران بن حصين مرفوعاً: (ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له، ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)([17]).
وقد ذمَّ العلماء الكهان وحذروا منهم، وكفروهم وفسقوهم، قال ابن عابدين: “دعوى علم الغيب معارضة لنص القرآن، فيكفر بها إلا إذا أسند ذلك صريحاً أو دلالة إلى سبب من الله تعالى كوحي أو إلهام، وكذا لو أسنده إلى إمارة عادية بجعل الله تعالى”.
وقال: “الكاهن من يدعي معرفة الغيب بأسباب وهي مختلفة، فلذا انقسم إلى أنواع متعددة كالعراف، والرمال، والمنجم، وهو الذي يخبر عن المستقبل بطلوع النجم وغروبه، والذي يضرب بالحصى، والذي يدعي أنَّ له صاحباً من الجن يخبره عما سيكون، والكلُّ مذموم شرعاً، محكوم عليهم وعلى مصدقهم بالكفر، ومذهب الحنابلة أن الكاهن والعراف كالساحر يكفر بكهانته وعرافته، ويقتل بذلك، وعندهم رواية عن الإمام أحمد اختارها ابن عقيل أنه لا يكفر”.
قال في الترغيب: “الكاهن والمنجم كالساحر عند أصحابنا، وابن عقيل فسَّقه فقط إن قال: أصبت بحدسي وفراستي”.
والتحقيق في المسألة:
أن الذين يدّعون علم الغيب من الكهان والعرافين إن كانوا من أولياء الشيطان الذين تتنزل عليهم الشياطين فهم كفار، قال تعالى:{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ* يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ} (الشعراء: 221-223).
وقد نص القرآن على أن الذين تنزل عليهم الشياطين هم أولياء الشيطان:{وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} (الأنعام:121)، ومن كان ولياً للشيطان لا يمكن أن يكون ولياً للرحمن {وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً}(النساء: 119).
وإن كان أدعياء الغيب من الذين يدجلون على الناس، ويقولون بالخرص والتخمين ولكنهم يخدعون الناس زاعمين أن لديهم القدرة على الاطلاع على الغيب من خلال الخط بالرمل، والنظر في اليد والفنجان وما أشبه ذلك فهؤلاء ضالون يستحقون التأديب والتعزير، ولا نحكم عليهم بالكفر ما لم يعتقدون استباحة ذلك.
ومثل هذا يقال في الذين يأتون الكهان، فإن كانوا جازمين باستباحة ذلك وصدقوهم فيما يدعون فهذا كفر، لأن هؤلاء كذّبوا الله في خبره أنه وحده عالم الغيب {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ}(النمل: الآية 65)، {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}(الجن: 26، 27)، {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ..} (الأنعام: الآية 59).
كيفية علاج السحر:
كثير من الناس يخفى عليهم هذا الحكم فتجده إذا عجز عن الشفاء من السحر الذي ألم به يذهب إلى السحرة والمشعوذين، بل تجده من أول وهلة أصابته يذهب إلى هؤلاء الكفرة ويستعين بهم في حل سحره، ولخطورة هذا الأمر أحببنا أن ننبه على هذا الحكم هل يجوز الذهاب للسحرة بغرض حل السحر عن المسحور.
اختلفت أقوال الناس في ذلك فمنهم من قال بالجواز إذا كان الغرض الإصلاح لا الإفساد، ومنهم من قال بأنه لا يجوز إطلاقاً الذهاب إليهم بأي شكل من الأشكال.
وإذا نظرنا إلى نصوص الشريعة تجد أنها جاءت واضحة في بيان النهي عن الذهاب للسحرة سواء كان للإفساد أو الإصلاح، وعندئذ نقول لا نلتفت إلى أقوال من قال بجواز حل السحر عن المسحور باستخدام السحرة والمشعوذين لأن ذلك عارٍ من الدليل.
أما دليل ذلك النهي: قوله صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما انزل على محمد صلى الله عليه وسلم)([18]).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافاً أو كاهناً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)([19]).
فقوله صلى الله عليه وسلم: (فسأله عن شيء) يحتمل أن يسأله عن الشفاء، أو يسأله الإضرار لأن كلمة شيء نكرة تحتمل هذا وهذا، فلما كان الاحتمال موجوداً كان استثناء الإصلاح يحتاج إلى دليل ولا دليل على ذلك، وسيأتي الكلام عن النشرة وحكمها في علاج السحر.
وأما كيفية إبطال السحر بإذن الله، فنذكر بعض الأمور التي تكون سبباً في علاج السحر:
( أ ) استخراجه وإبطاله، وهذا أفضل أنواع العلاج وأبلغه.
(ب) إخراج الجني الموكل بالسحر من جسم المريض.
(ج) الاستفراغ ومنه: (الحجامة).
( د) الرقى الشرعية.
(أ) استخراج السحر وإبطاله:
وهذا أفضل علاج للسحر وأبلغه.
وهنا قد يقول قائل: إذا كان الذهاب إلى السحرة لإبطال السحر لا يجوز فما هي الوسائل المشروعة التي تعيننا على إبطال السحر؟ فأقول: يكون ذلك بالأمور التالية:
التوجه الخالص إلى الله تعالى ودعاؤه سبحانه أن يدلّه على مكانه: كما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سحر (أنه سأل ربه في ذلك فدلَّ عليه، فاستخرجه من بئر، فكان في مشط ومشاطة (الشعر الذي يسقط من الرأس واللحية عند التسريح بالمشط)، وجف طلعة ذكر، فلما استخرجه ذهب ما به حتى كأنما نشط من عقال) ([20]).
قال ابن القيم رحمه الله: “فهذا أبلغ ما يعالج به المطبوب، وهذا بمنزلة إزالة المادة الخبيثة وقلعها من الجسد بالاستفراغ” ([21]).
وقد يقول قائل: أن الرسول صلى الله عليه وسلم دُل على السحر بطريق الوحي، فكيف نُدل عليه؟ والجواب أن يكون ذلك بما يلي:
(1) الرؤيا في المنام: كأن يريه الله بمنه وكرمه مكانه، فبعد أن يدعو العبد ربه بأن يدله على مكان السحر يُريه مكان السحر في المنام فيراه، وهذا من تمام نعمة الله على العبد المصاب إذ هو طريق سهل ميسور.
(2) أن يوفق لرؤيته أثناء البحث والتنقيب عن مكان السحر.
(3) أن يعرف مكانه عن طريق الجن: فمثلاً يُقرأ على المسحور الذي تلبسه الجن، فينطق على لسانه، فيخبر عن مكان السحر، وقد حدث أن قُرأ على فتاة فنطق الجني، وأخبر بأن الفتاة مسحورة، فسأل عن مكان السحر فأخبر أنه موجود في بيتهم، وقد دُفن تحت شجرة، فذهب خال الفتاة واستخرج السحر.
وحادثة أخرى حيث قُرأ على امرأة مسحورة فنطق الجني على لسانها، فأخبر بأن التي سحرتها ضرتها، وأن السحر موجود في وسادة المرأة المسحورة التي تنام عليها، فذهب زوجها وبالفعل وجد السحر في المكان الذي حدده الجني، وهذا ليس وارداً في كل الأحوال لأن الجني غالباً ما يكون كاذباً ويتحايل على الراقي كي يخفف عنه القراءة.
(ب) إخراج الجني الموكل بالسحر من جسم المريض:
إذ أن من أنواع السحر إرسال الساحر جنيًّا يدخل في جسم المصاب فيؤذيه أو يعيق أحد أعضائه أو ما شابه ذلك، فإذا استطعنا بحول الله تعالى طرد هذا الجني من جسم المريض فإن السحر يبطل بإذن الله، وطريقة طرد الجني الرقى الشرعية والتي ستذكر فيما بعد إن شاء الله تعالى.
(ج) الاستفراغ:
قال ابن القيم رحمه الله: “القيء أحد الاستفراغات الخمسة التي هي أصول الاستفراغ وهي الإسهال والقيء وإخراج الدم وخروج الأبخرة والعرق”([22]): ويكون الاستفراغ في المحل الذي يصل إليه أذى السحر، فإن للسحر تأثيراً في الطبيعة وهيجان أخلاطها، وتشويش مزاجها، فإذا ظهر أثره في عضو وأمكن استفراغ المادة الرديئة من ذلك العضو نفع جداً([23])، ومن الاستفراغات النافعة بإذن الله تعالى في دفع السحر الحجامة”.
ونعرف فتاة عاشت في عذاب السحر ثمان سنوات، وكانت تعاني من وجع شديد في رأسها، فنصحناها بالحجامة، فاحتجمت في رأسها وبرأت بإذن الله وقالت: أين أنا من الحجامة طوال هذه المدة؟.
تعريف الحجامة:
الحجامة في اللغة: من الحجم الذي هو البداءُ لأن اللحم ينتَبِرُ أي يرتفع، والحجّام المصاص، قال الأزهري: يقال للحاجم حجّام لامتصاصه فم المحجمة.
أثر الحجامة في السحر:
ذكر أبو عبيد في كتابه (غريب الحديث) بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: “أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم على رأسه بقرن حين طُبَّ”، قال ابن القيم رحمه الله: “وكان استعمال الحجامة إذ ذاك من أبلغ الأدوية وأنفع المعالجة فاحتجم، وكان ذلك قبل أن يوحى إليه أن ذلك من السحر، فلما جاءه الوحي من الله تعالى وأخبره أنه قد سحر عدل إلى العلاج الحقيقي وهو استخراج السحر وإبطاله، فسأل الله سبحانه فدله على مكانه، فاستخرجه فقام كأنما نشط من عقال” ([24]).
أفضل وقت للحجامة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(مَنْ احْتَجَمَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ كَانَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ) ([25]).
(هـ) علاج السحر بالنشرة:
تعريف النشرة: رُقية يُعالج بها المجنون والمريض تُنشَّر عليه تنشيراً، والتنشير من النشرة، وهي كالتعويذ والرقية([26]).
وقال في التيسير: “قال أبو السعادات: النشرة ضرب من العلاج والرقية يعالج به من كان يظن أنَّ به مسًّا من الجن، وسميت نشرة لأنه ينشر بها عنه ما خامره من الداء، وقال الحسن: النشرة من السحر، وقال ابن الجوزي: “النشرة حل السحر عن المسحور، ولا يكاد يقدر عليه إلا من يعرف السحر” ([27]).
أنواع النشرة وحكمها:
في صحيح البخاري قال قتادة: قلت لسعيد بن المسيب: رجل به طب، أو يؤخذ عن امرأته أيحل عنه أو ينشر؟ قال: لا بأس به إنما يريدون الإصلاح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه([28]).
قال ابن القيم رحمه الله: “النشرة حل السحر عن المسحور، وهي نوعان: الأول: حل السحر بمثله والذي هو من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل عمله عن المسحور.
والثاني: بالرقية والتعوذات والأدوية المباحة فهذا جائز” ([29])، وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة، فقال:(هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) ([30]).
رقية السحر: (النشرة الجائزة):
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: “ومن علاج السحر بعد وقوعه أيضاً وهو علاج نافع للرجل إذا حبس من جماع أهله، أن يؤخذ سبع ورقات من السدر الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه – كأن يدقها في الهاون أو ما يسمى بالنجر – ويجعلها في إناء ويصب عليها من الماء ما يكفيه للغسل ويقرأ فيها([31]):
أولاً: آية الكرسي {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}(البقرة: 255)، وسورة الكافرون {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وسورة الإخلاص، والفلق، والناس يقرأها ثلاث مرات([32]). ويقرأ الآيات من قوله تعالى:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ}(الأعراف: 117-119)، والآيات {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}(يونس: 79-82)، والآيات {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}(طه: 65-69)، وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب بعض الشيء، ويغتسل بالباقي، وبذلك يزول الداء إن شاء الله تعالى، وإذا دعت الحاجة إلى استعماله مرتين أو أكثر فلا بأس حتى يزول الداء” ([33]).
روى ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ليث بن أبي سليم قال: بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله، تقرأ في إناء فيه ماء ثم يصب على رأس المسحور: الآية في سورة يونس {فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}(يونس: 81، 82)، وقوله {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(الأعراف: 118) إلى آخر أربع آيات، وقوله {إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} (طه: 69).
وقال ابن بطال: في كتاب وهب بن منبه “أنه يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بين حجرين، ثم يضربه بالماء، ويقرأ فيه آية الكرسي والقواقل، ثم يحسو منه ثلاث حسوات، ثم يغتسل به فإنه يذهب عنه كل ما به وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله”([34]).
قال ابن القيم رحمه الله: “ومن أنفع علاجات السحر: الأدوية الإلهية، بل هي أدويته النافعة بالذات، فإنه من تأثيرات الأرواح الخبيثة السفلية، ودفع تأثيرها يكون بما يعارضها ويقاومها من الأذكار والآيات والدعوات التي تبطل فعلها وتأثيرها”([35]).
ضرر السحر على الفرد والمجتمع:
مما لا شك فيه أن الله تعالى حينما حرّم السحر حرمه لما فيه من مفاسد دينية ودنيوية لا تصل إلى حد الفرد وحده وإنما تصل هذه المفاسد إلى المجتمعات بأسرها.
فلما كان السحر من أكبر الكبائر ومن أخطر الأمراض التي تصيب الأفراد والمجتمعات حرمه الله سبحانه وتعالى، وسنذكر هنا طرفاً من أضرار السحر على الفرد والمجتمع لبيان خطورته والتحذير منه، وتتبع خطوات القائمين به لتقديمهم إلى العدالة لكي يستريح الأفراد والمجتمعات من أفعالهم الشريرة.
أولاً: خطر السحر على الفرد:
(1) وهو أولها إمراضه وجعله طريح الفراش، وقد يكون مرضه سبباً في قتله أو سبباً في جنونه ونحوه.
(2) أنه قد يكون سبباً في تركه منزله وأسرته وبيته وتصبح الأرض فراشه، والسماء غطاءه، والشوارع مثواه.
(3) أنه يؤدي إلى العداوة الأسرية فتجد الزوج قائمة العداوة بينه وبين زوجته على أتفه الأسباب، وبالتالي يؤدي إما إلى طلاقها أو هجرها أو ضربها ونحوه.
(4) أنه قد يؤدي إلى فشل الطالب في دراسته كما رأينا ذلك وسمعنا عنه، فبعد أن يكون الطالب نجيباً في دراسته إذا به يتحول إلى طالب فاشل لا هدف له فيترك الدراسة بسبب ذلك.
(5) أنه قد يكون سبباً في قتل بعض الأفراد.
(6) يؤدي بالإنسان إلى الوقوع في المحظورات الشرعية كالذهاب للكهنة والعرافين للنظر في شكواه وبالتالي يأمره هؤلاء السحرة إما بالشرك كما يأمرونه بالذبح للجن وسدنته، وهذا كله من الشرك الأكبر، وإما بفعل المعاصي – أعاذنا الله وإياكم منها -.
(7) أنه يؤدي إلى كثرة الوساوس في حياة الفرد، فتجده في حياته موسوساً إما في عبادته أو عاداته فلا يستقيم للإنسان حال ولا يهدأ له بال.
(8) أنه يلقي الشكوك بين الفرد وأفراد عائلته سواء كانوا أبنائه أو زوجاته.
وهناك الأمراض الكثيرة التي تحمل في طياتها خطورة هذه الفعلة الشنيعة في حياة الفرد.
ثانياً: أما عن ضرر السحر في حياة المجتمع:
إذا أردت أن تتعرف على خطورة السحر فانظر إلى حال من يصاب به من أفراد المجتمع ثم تخيل أن كل المجتمع مصاب به فماذا يكون حال المجتمع؟ لا شك أنه يكون مجتمعاً تسوده أعلى درجات الفوضوية والانحلال والتخلف، فمن ضرره على المجتمع:
(1) أنه يورث العداوة والبغضاء بين أفراد المجتمع وكذا الحقد والحسد.
(2) أنه يزرع الشكوك والشبه بين أفراده.
(3) أنه يدعو إلى الانتقام بكل وسيلة متاحة لاسيما إذا عرف المسحور من سحره، وبالتالي يكثر القتل بين أفراد المجتمع.
(4) أنه يحل مكان الأمن والطمأنينة والأخلاق الجميلة بالخوف والزعزعة وحب الجريمة.
(5) أنه ينشر الرذيلة بين أفراد المجتمع.
(6) أنه يضعف كيان الأمة في توكلها على رب العالمين وكمال اليقين به.
(7) أنه يحول المجتمع المسلم المحافظ على دينه وعرضه إلى مجتمع يسوده الإشراك بالله والتعلق بغيره، وكثرة الموبقات والمهلكات.
تسلط السحرة في هذا الزمان:
إذا نظرنا إلى أحوال الناس والمجتمعات في هذه الفترة التي تمر بها أمتنا وغيرها من الأمم يجد أنه لا يمر بمدينة أو قرية إلا وجد فيها عدداً من السحرة والمشعوذين، فلقد جلست مع بعض الإخوان في إحدى البلدان الإسلامية فحكى لي ما لم أكن أصدقه عن حال السحرة عندهم لدرجة أنهم قد يصفون من لم يعمل بهذا العمل يعني (السحر) متزمتاً، بل الأدهى من ذلك أنهم وللأسف تجدهم إما مؤذنين أو أئمة مساجد، والسحر عندهم كشرب الماء وأكل الطعام، هذا في بعض البلدان الإسلامية، فما بالك في دول الكفر والإلحاد كيف يكون السحرة فيهم؟
إن تسلط السحرة في هذا الزمان يرجع إلى أمور عدة نجملها فيما يأتي:
(1) كثرة الجهل وقلة العلم:
ونعنى بالجهل هنا جهل العبودية برب العالمين، وكذا الجهل بأحكامه المنزلة، فجهل العبودية برب العالمين المراد به جهل الناس بخالقهم وذلك يتم بجهلهم في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته.
فأكثر الناس يجهلون ربوبية الخالق سبحانه وتعالى من كونه جل وعلا خالقهم ورازقهم ومدبر شؤون حياتهم، بل هو سبحانه بيده كل شيء.
قال تعالى في بيان ذلك:{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ}(يونس: 107).
وقال تعالى في بيان صفته وأن أمور الدنيا كلها بيده:{ وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ}(الأنعام: 13-14)، إلى أن قال سبحانه:{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (الأنعام: 17). فأين الناس من عبودية الرب بما ذكرناه وغيرها من الآيات؟
إن جهل السواد الأعظم من البشرية بهؤلاء الكهان والعرافين الذين يسعون إلى إفساد عقائدهم وصرفهم عن التوحيد الخالص لله رب العالمين وذلك بجهلهم بأن يتعلقوا بهم بدلاً من تعلقهم بالله تعالى أدى إلى تسلط هؤلاء السحرة في هذا الزمان الذي كثر فيه الجهل وقل فيه العلم.
إن الكهان والعرافين يدركون تماماً أن جهل الناس بأمور العبودية هو أعظم سلاح يستخدم في الضحك على عقولهم، والاستخفاف بهم، وإيهامهم أن الأمور بيدهم، فن أراد السعادة على زعمهم ذهب إليهم، ومن أحس بالشقاوة والتعاسة ذهب إليهم وهكذا.
إن هؤلاء الدجالين والكهان والمشعوذين وغيرهم من السحرة لا يفعلون ذلك من أجل ابتزاز أموال الناس فحسب، بل من أجل أن يعيثوا أيضاً في الأرض فساداً، ويتكبروا فيها بغير الحق، والتدليس بالحيل طريقة قديمة معروفة يضل بها شياطين الإنس عباد الله عن الحق الذي بين أيديهم.
وخلاصة القول في ذلك أن جهل الناس بالمعبود جل وعلا وجهلهم بما يستحقه من صفات الكمال والجمال والإجلال وصرفهم عبادتهم لغيره جعل هؤلاء السحرة يتسلطون عليهم.
أما النوع الثاني من الجهل هو جهل الحكم بهؤلاء السحرة وجهل الحكم بالإتيان إليهم، فأكثر الناس لا يعملون أن نصوص الشريعة جاءت بكفر السحرة، بل لا يدركون أيضاً أن من جاء إليهم مصدقاً لما يقولونه أنه أيضاً كافر مثلهم، وقد بينا فيما سبق حكم الساحر وحكم من أتى إليه، فالسحرة لم ينتشروا في هذا الزمان إلا عندما رأوا جهلاً عميقاً من الناس، وبعد الناس عن دين الله عز وجل، وتركهم للكتاب والسنة ـ إلا من رحم الله ـ ولجوئهم لغير الله بعدما ماتت قلوبهم وأصبحوا أشد حرصاً على الدنيا وكراهية الموت.
ومن تلك الأمور التي أدت أيضاً إلى تسلط السحرة:
(2) غياب شرع الله وتحكيمه في غير هذه البلاد حفظها الله ورعاها.
إذا نظرت إلى أحوال أمة الإسلام وما تمر به من فتن متلاحقة وتسلط أمم الشر عليها بما فيهم من الكهان والمشعوذين وأمعنت النظر في ذلك لوجدت أن أهم عامل أدى إلى انتشار السحر وتسلطه على أفراد هذه الأمة ومجتمعاتها هو غياب تطبيق الشريعة في بلاد الإسلام وتنحيها واستبدال قوانين الكفر والإلحاد مكانها.
فلما غابت الشريعة وأمن السحرة على نفوسهم وأرواحهم إذ ليس هناك تطبيق حد ولا قصاص بل ليس هناك ردة ولا كفر يحكم عليهم وبالتالي غاب حكمهم بين أفراد المجتمعات الإسلامية ومن هنا تسلط هؤلاء الأعداء عليهم.
ولما كانت هناك عمالة تفد إلى بلادنا فلاشك أنه لابد من إتيان هؤلاء المشعوذين من السحرة والمنجمين بطرق خفية يلبسون بها لباس التقوى والورع، فإذا ما حصل لهم الوصول إلى هذه البلاد تعاملوا بهذا السحر فيذهب إليهم ضعاف النفوس من أبناء الوطن، وغيرهم من الوافدين يسألونهم النفع والضر وغيرها من الأمور مع اشتراط المداراة عليهم من قبل القادمين إليهم.
ولكن ولله الحمد ما إن يلبث هذا السحر في بلادنا إلا ويعرف لدى السلطات فيتقدم إلى عدالة تشريع رب العالمين ويقام عليهم الحكم في ذلك.
الواجب علينا تجاه السحرة والمشعوذين في هذا الزمان:
هذا سؤال مهم جداً لا يخرج إلا من إنسان يعظم شعائر دينه، محب لها، محب لأفراد أمته ومجتمعاتها، وللإجابة على هذا السؤال نقول: إن الواجب علينا مع تسلط السحر في هذا الزمان الآتي:
أولاً: الواجب على الأفراد:
يجب علينا أولاً أن نقيم التوحيد الخالص لله رب العالمين بأنواعه الثلاثة؛ الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات، وذلك لا يتم إلا بدراستها وتعلمها والتعبد لله تعالى بها إذ لا غاية من معرفتها إلا للتعبد.
الاعتصام بالكتاب والسنة، وتحكيمهما بين الأفراد والمجتمعات والأمم، فإن الاعتصام بهما هو طريق النجاة كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم ما إن اعتصمتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي..)([36]). فإنه من اعتصم بهما لا يعرف الضلال لعقله طريقا.
اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء، والاستعانة به ليفرج كربنا وهمنا وغمنا، ولا يتحقق ذلك إلا عند صدق اللجوء إليه ومراقبته وتقواه التي من خلالها تزكوا نفوسنا، وترق قلوبنا، وتصفوا أرواحنا.
أما واجبنا نحو هؤلاء السحرة أن نفضح أمرهم، ونكشف حيلهم، ونحقر من شأنهم، ونجتنبهم اجتناباً تاماً من قبل أفراد المجتمع كله، كبيره وصغيره، ونسد عليهم كل باب شر يفتحونه على الناس ليرتد كيدهم إلى نحورهم، وشرهم إلى نفوسهم، وألا نذهب إليهم، ولا نستشيرهم في أي شيء صغير أو كبير متذكرين حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) ([37]).
ثانياً: أما من جانب العلماء والفقهاء وأهل الحسبة:
فالواجب عليهم أن يحذروا الناس من الذهاب إليهم، ويبينوا لهم أن الذهاب إليهم قد يؤول بصاحبه إلى الكفر كما قال صلى الله عليه وسلم: (من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) ([38]).
فطريق السحرة والكهان هو طريق الشيطان المؤدي إلى جهنم، وهذا لا يكفي في التحذير، بل عليهم أن يوضحوا للناس أن أعظم الطرق لجلب النفع ودفع الضر تكون في الاعتصام بالله وبكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فمن ابتلي منهم بسحر فيبينوا له أن العلاج يكمن في القرآن الكريم، والأدعية المأثورة الواردة في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى في ذلك:{وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}.
وقال أيضاً:{وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}.
فقد ذكر سبحانه وتعالى في الآيات السابقة أن القرآن شفاء، ولم يذكر أنه دواء، لأن الدواء ربما يشفي أو لا يشفي، أما القرآن فالشفاء به حتمي إذا ما قرئ بإخلاص ويقين، وحسن ظن بالله تعالى، واعتقاد تام أن الله هو الشافي.
فالخلاصة هنا أنه يجب على العلماء والفقهاء وأهل العلم وطلبته وأهل الحسبة جميعاً أن يتكاتفوا لمحاربة هؤلاء السحرة والمشعوذين، والتنبيه على خطرهم والتحذير من شرهم.
ثالثاً: أما واجب ولاة الأمور في هذا الجانب:
فهو واجب مهم جداً يتمثل في الأخذ على أيدي هؤلاء السحر والمشعوذين، ويطبقوا فيهم حد الله عز وجل الذي وضحناه سابقاً، وهو القتل، ويحاربوهم في كل مكان ليستأصلوا شأفتهم، ويضيقوا عليهم الخناق في جميع أنشطتهم الضارة، ويراقبوهم في جميع أعمالهم لكي يسلم الجميع منهم.
رابعاً: ثم هناك واجب آخر في حق أصحاب المؤسسات والشركات والأعمال:
التي تقوم بإحضار العمالة من خارج البلاد، فهؤلاء أيضاً عليهم واجب التحري فيمن يقومون بإحضاره إلى بلادنا، فيجب عليهم أن لا يحضروا إلى ديارنا إلا من عرف ديانته بدين الإسلام، واستقامته عليها، واستعمال الدقة في ذلك، فإنه للأسف الشديد كان لهذه العمالة القادمة من الخارج دور كبير في نشر هذه السموم رغبة في تحبيب الكفلاء لهم، أو حرصاً على إيقاع الضرر بالآخرين لأي سبب من الأسباب، وكم كانت هذه العمالة سبباً في تشتيت أسر وتفريقها، وحلول أمراض صعب اكتشافها في كثير من الأحيان، فالعاقل الحصيف يتحرى إذا اضطر لهذه العمالة بألا يحضر إلا الموثوقين منهم في دينهم وأمانتهم واستقامتهم على هذا الدين رجالاً كانوا أو نساءً ليسلم في دينه وصحته وماله.
وأخيراً: نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أ. د. عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار
19/ 3/ 1428هـ
فهرس الكتاب
الموضوع |
أحكام السحر والشعوذة وخطرهما على العقيدة |
السحر: |
تعريف السحر لغةً: |
السحر في الاصطلاح: |
السحر ثابت وقوعه بالكتاب، والسنة، والإجماع: |
فمن الكتاب: |
ومن السنة: |
ومن الإجماع: |
والسحر له حقيقة: |
حكم تعلم السحر: |
صفات من يتعاملون بالسحر: |
(1) ادعاء معرفة الغيب |
(2) الاستعانة بالجن والشياطين |
(3) الكذب على المرضى |
(4) تركهم للصلوات مع المسلمين في بيوت الله |
(5) تلبسهم بأشياء مخالفة للفطرة الإنسانية |
(6) الإتيان بحركات غريبة، واستعمالهم البخور ذو الرائحة الكريهة |
(7) الانفراد بالنساء بدون محارم. |
(8) طلب ذبح بعض الحيوانات أو الطيور ذات الأشكال الغريبة، وعدم ذكر الله عليها. |
(9) أخذ الأموال الكثيرة من المرضى. |
كيفية معرفتهم، والحذر منهم: |
حد الساحر: |
توبة الساحر: |
حكم سحر النجوم: |
الكهانة والعرافة: |
تعريف الكاهن: |
والعرافة: |
العراف لغة: |
حكم الذهاب إلى العرافين والكهان والسحرة والمشعوذين لطلب العلاج: |
حكم أدعياء علم الغيب من الكهان والعرافين وغيرهم: |
كيفية علاج السحر؟ |
كيفية إبطال السحر بإذن الله؟ |
ذكر بعض الأمور التي تكون سبباً في علاج السحر: |
( أ ) استخراجه وإبطاله، وهذا أفضل أنواع العلاج وأبلغه. |
(ب) إخراج الجني الموكل بالسحر من جسم المريض. |
(ج) الاستفراغ ومنه: (الحجامة). |
( د) الرقى الشرعية. |
( أ ) استخراجه وإبطاله: |
(1) الرؤيا في المنام |
(2) أن يوفق لرؤيته أثناء البحث والتنقيب عن مكان السحر. |
(3) أن يعرف مكانه عن طريق الجن |
(ب) إخراج الجني الموكل بالسحر من جسم المريض: |
(ج) الاستفراغ: |
تعريف الحجامة: |
الحجامة في اللغة: |
أثر الحجامة في السحر: |
أفضل وقت للحجامة: |
(هـ) علاج السحر بالنشرة: |
تعريف النشرة: |
أنواع النشرة وحكمها: |
رقية السحر: (النشرة الجائزة): |
ضرر السحر على الفرد والمجتمع: |
أولاً: خطر السحر على الفرد: |
ثانياً: أما عن ضرر السحر في حياة المجتمع: |
تسلط السحرة في هذا الزمان: |
أسباب تسلط السحرة في هذا الزمان: |
(1) كثرة الجهل وقلة العلم: |
(2) غياب شرع الله وتحكيمه في غير هذه البلاد حفظها الله ورعاها. |
الواجب علينا تجاه السحرة والمشعوذين في هذا الزمان: |
أولاً: الواجب على الأفراد: |
ثانياً: أما من جانب العلماء والفقهاء وأهل الحسبة: |
ثالثاً: أما واجب ولاة الأمور في هذا الجانب: |
رابعاً: ثم هناك واجب آخر في حق أصحاب المؤسسات والشركات والأعمال: |
فهرس الموضوعات: |
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) رواه البخاري – كتاب الطب – باب السحر (5321)، ومسلم – كتاب السلام – باب السحر (4059).
([2]) الفروق، للقرافي (4/150).
([5]) روضة الطالبين، للنووي (9/346).
([6]) رواه البخاري – كتاب الحدود – باب رمي المحصنات (6351)، ومسلم – كتاب الإيمان – باب بيان الكبائر وأكبرها (129).
([7]) رواه الترمذي (4/60) رقم (1460)، وقال: هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه.
([8]) رواه أبو داود (3/228) وهو صحيح.
([9]) رواه مالك في الموطأ، ص543، والبيهقي (8/136) بإسناد صحيح.
([10]) رواه البخاري – كتاب الاستسقاء – باب قول الله تعالى: (وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون)، ومسلم – كتاب – باب (71).
([11]) رواه البخاري – كتاب الرقاق – باب ما جاء في الرقاق (6412).
([12]) وراه أبو داود (4/7) رقم (3874) ورجاله ثقات ما خلا ثعلبة بن مسلم فقد وثقه ابن حبان، ورى عنه جمع فهو حسن منه شاهد.
([13]) رواه مسلم – كتاب – باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان.
([14]) رواه أحمد، والترمذي، والنسائي بنحوه، وغيره، وله شواهد صحيحة، قال في هامش زاد المعاد: أخرجه أحمد (2/429)، من حديث أبي هريرة وإسناده صحيح، وصححه الحاكم (58).
([15]) رواه مسلم – كتاب – باب (4/1751) رقم (2230).
([16]) رواه مسلم – كتاب – باب (4/1748).
([17]) رواه البزار بإسناد حسن كما في الترغيب للحافظ المنذري (4/33)، وقال المنذري: إسناد جيد.
([18]) رواه ابن ماجه – وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (1/105) رقم (523).
([19]) رواه مسلم – كتاب – باب (4/1751) رقم (2230).
([20]) رواه البخاري – كتاب الطب – باب السحر (5321)، ومسلم – كتاب السلام – باب السحر (4059).
([21]) الطب النبوي لابن القيم (ص113).
([22]) الطب النبوي لابن القيم (ص117).
([23]) الطب النبوي لابن القيم (ص115).
([24]) الطب النبوي لابن القيم (ص115).
([25]) رواه أبو داود (10/352)، وحسنه الألباني في سنن أبي داود (4/4) رقم (3681).
([26]) لسان العرب، ابن منظور الإفريقي (5/209).
([27]) تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد، الشيخ سليمان بن عبدالله، ص(416).
([28]) انظر: صحيح البخاري مع الفتح (10/232).
([29]) تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد، الشيخ سليمان بن عبدالله، ص(416).
([30]) رواه أحمد (28/170)، وأبو داود (10/363)، وصححه الألباني في سنن أبي داود (4/6) رقم (3868).
([31]) وقد ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره، وكذا صاحب تيسير العزيز الحميد، ص(420).
([32]) من تعليقات سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله.
([33]) رسالة في حكم السحر والكهانة، لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله، ص(7-9).ط الرئاسة.
([34]) تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد، الشيخ سليمان بن عبدالله، ص(420).