96 – وقفات حول الزواج بنية الطلاق

الأربعاء 19 رجب 1445هـ 31-1-2024م

 

96 –  وقفات حول الزواج بنية الطلاق pdf

 

 

رسالة بعنوان

وقفات حول

الزواج بنية الطلاق

 

تأليف

أ.د عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار

 

 

وقفات حول

الزواج بنية الطلاق

الحمد لله الذي أنزل الكتاب على عبده ليكون للعالمين نذيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المتفرد بالعدل والحكمة، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي بعثه الله رحمة للعالمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره واستن بسنته إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيماً} (الأحزاب: 70، 71)، أما بعد:

فإن موضوع (الزواج بنية الطلاق) من الموضوعات الهامة والحساسة، حيث أنه يتعرض لموضوع من أهم موضوعات الساعة التي يعيش فيها المسلمون بين تقلبات الفتن الظاهرة والباطنة، بحيث غلب على الكثير من المسلمين الجهل بالأمور الشرعية التي لا غنى لمسلم عنها، لأن هذا هو ما نتعبد به ربنا جل وعلا، فلابد من البصيرة في ذلك.

ولقد ذكر الله جل وعلا في كتابه على لسان عبده ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم قوله: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ} (هود: 108)، ولقد ظهر على ساحة الفتيا عن طريق القنوات الفضائية رجال أظهروا الخير وأوقعوا أنفسهم وغيرهم في الحرج، وجروا الويلات على أمة الإسلام بإباحتهم لأشياء محرمة، فاتخذها أصحاب القلوب المريضة سبيلاً لنيل مآربهم، والتمتع بشهواتهم، والحصول على كل ما يتمنوه بسهولة ويسر باسم رباط الدين، وهذا نذير شؤم على البلاد والعباد، ولقد ورد عن رسولنا صلى الله عليه وسلم قوله: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)(رواه البخاري ومسلم).

ولقد كان السلف رضي الله عنهم وأرضاهم يتهيبون من الفتيا لما فيها من الخطر العظيم على المفتي والمستفتي، وإذا كان هذا دأب سلف الأمة فما بال البعض يخرجون علينا بفتاوى توقع الكثير من المسلمين في كثير من المحظورات الشرعية، وخاصة في بعض القنوات الفضائية التي تفتح الباب لمن أراد الترخص بشيء من الدين فأفتوه بذلك، وأباحوا له الحصول على ما يريد بدون أدنى خشية من رب العالمين، وهذا كله ينم عن ضعف الخشية في قلوب من يقومون بذلك، فلابد لنا من وقفة تجاه هذا الأمر العظيم، ولابد لنا من مراجعة حساباتنا مع أنفسنا بحيث ننظر فيما جاء في كتاب ربنا وسنة نبينا  صلى الله عليه وسلم وإجماع سلف الأمة.

ولو أخذنا مثالاً واحداً من الأمثلة وهو (الزواج بنية الطلاق) وفصّلنا القول فيه لتبين لنا خطورة الأمر وآثاره على الناس.

إن من مقاصد الزواج:

أنه هو الطريق الصحيح لإعفاف كل من الزوجين، لأن فيه إرواء للفطرة التي جبلوا عليها من إشباع للغريزة الجنسية، وهو من أهم أسباب الزواج بحيث أنه يحسن وضع كل من الرجل والمرأة، حيث أنه أنسب مجال لهما في التمتع والتلذذ الشرعي وحصول السكينة، وعدم التطلع إلى الحرام، وكيف لا يكون كذلك وقد أمر الله به رسله وأنبيائه وهم أعظم البشر على الإطلاق خشية وتقوى لربهم وذلك في قوله تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً}(الرعد:38).

ومن مقاصده أيضاً:

المحافظة على النسل وحفظه من الانقطاع، لأن الزواج هو العامل الوحيد لتكثير سواد أمة الإسلام وتنمية مجتمعاتها البشرية مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(تزوجوا الودود الولود إني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة)(رواه أحمد، وابن حبان، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم (2940، 2941).

ولأن إنجاب الأطفال من مقومات السعادة الأسرية، وهذه الرغبة ملتحمة بالفطرة مغروسة في أعماق النفوس، إضافة إلى أن حب البقاء عند الإنسان هدف أسمى يحققه الزواج، لذلك يسعى إلى تحقيق بقائه عن طريق الأولاد والحفدة الذين يعتبرون في الحقيقة امتداداً له، قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ..}(النحل:72).

ولقد عدّ الرسول صلى الله عليه وسلم الأولاد الصالحين من خير ما يخلفه الأب حيث قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: من صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له)(رواه النسائي).

ومن المقاصد أيضاً:

أن الشعور بتبعية الزواج ورعاية الأولاد يبعث على النشاط وبذل الوسع في تقوية ملكات الفرد ومواهبه، فينطلق إلى العمل من أجل النهوض بأعبائه والقيام بواجبه، ولقد قرن الله تعالى الزواج بالغنى في قوله:{وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}(النور:32)، وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: “أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى” (رواه ابن أبي حاتم).

ومن المقاصد أيضاً:

أنه توكيد للعلاقات الاجتماعية، وتقوية للروابط بين العائلات بالمصاهرة، وهي من أقوى روافد التحاب والتعاون والتآزر، ولذلك أشاد الله جل وعلا بهذه الروابط في قوله:{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً}(الفرقان:54). قال ابن كثير: “فهو في ابتداء أمره وُلِدَ نسيب، ثم يتزوج، فيصير صهراً يصير له أصهار وقرابات، وكل ذلك من ماء مهين”.

ومن المقاصد:

أن الرجل بطبعه يميل إلى الأنثى فأمره ربه جل وعلا بأن يتزوج، فيرتبط بمن يتزوجها ارتباطاً أساسه التواد والتراحم اللذان يبعثان على إحسان العشرة، والبعد عن الوحشة، وانتظام حال المعيشة، والاستعداد لاستقبال ثمرات الالتقاء بين الزوجين، قال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}(الروم:21).

فهذه بعض مقاصد الزواج في الإسلام وغيرها كثير.

وبناء عليها ننظر إلى (الزواج بنية الطلاق) فهو نكاح ظاهره أنه شرعي يتم بإيجاب وقبول وولي وشاهدين، وغير ذلك من الأمور المعتبرة في النكاح، إلا أن هناك شيئاً يفسد هذا النكاح وهو انعقاد نية الزوج على تطليق المرأة بعد مدة معلومة أو مجهولة، بحيث إذا انتهت المدة التي نواها فارقها.

فيكون الزوج حال إبرام العقد عازماً على تطليق هذه المرأة بحلول الزمن الذي حدده، وأما من جهة المرأة ووليها فهما يعتقدان أنه نكاح مؤبد كسائر عقود الأنكحة لا خداع فيه ولا ريبة، ولا غدر ولا غش، لكن الأمر ليس كذلك، إنما يقوم على وقوع كل ما سبق من الخداع والغدر والغش والمكر والغرر، فإذا انتهى الزوج من نهمته بهذه المرأة وقضى منها وطره وتمتع بها فارقها، وكم نرى ممن يستغل هذا الزواج من التمتع مرات عديدة في سفرة أو سفرات، وهذا يسبب الضرر الشديد لهؤلاء النسوة اللاتي كن يتمنين دوام النكاح والعشرة، وهذا نوع من الأنكحة الفاسدة التي حرمها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .

والناظر في مقاصد الشريعة الإسلامية من حيث أدلة الكتاب والسنة والعقل لهذا النكاح يتبين وضوح تحريم هذا النوع من النكاح لمخالفته للمقاصد الشرعية في الإسلام، إلا أنه ظهر من يقول بجوازه دون النظر إلى عواقبه التي يخلفها على المرأة وغيرها ممن يقعن في هذا الأمر، ولقد حصل خلاف بين أئمة المذاهب في هذا الموضوع من حيث الإباحة والكراهة والتحريم، ولكن المتتبع للقائلين بالتحريم من المتقدمين والمتأخرين والنظر في أقوالهم وأدلتهم يرى بعين البصيرة قوة أدلتهم ومدى سلبيات هذا الزواج.

روي عن الإمام أحمد رحمه الله قوله في هذا النكاح: “بأنه نكاح متعة، ومعلوم أن نكاح المتعة محرّم”، وقال الزركشي في شرحه على مختصر الخرقي: “ولو تزوجها على أن يطلقها في وقت بعينه لم ينعقد النكاح”، وعلل ذلك بقوله: “لأنه شبيه بالمتعة، والشبيه بالشيء يعطى حكمه، وبيان الشبه أنه ألزم نفسه فراقها في وقت بعينه”، ثم ذكر رواية الإمام أحمد، وقال: “روى عبد الله عن أبيه: إذا تزوجها وفي نيته أن يطلقها، قال الإمام أحمد: أكرهه هذه متعة”.

قال الزركشي تعليقاً على هذا النص المروي عن الإمام أحمد: “وفي هذا النص إشعار بتعليل آخر وهو أن وضع النكاح الدوام، وهذا الشرط ينافيه وأن النية كافية في المنع….. ثم قال: وعلى هذا قال جمهور الأصحاب..”.

وقال البهوتي في كشاف القناع ما نصه: “وإن نوى الزوج بقلبه أنه نكاح متعة من غير تلفظ بالشرط فكالشرط نصاً خلافاً للموفق، نقل أبو داود فيها: هو شبيه بالمتعة، لا حتى يتزوجها على أنها امرأته ما حييت”.

وقال في موضع آخر: “أو وقّته بمدة بأن قال: زوجتكها شهراً أو سنة أو يتزوج الغريب بنية طلاقها إذا خرج بطل الكل، وهذا النوع هو نكاح المتعة”.

ومن أدلة تحريم هذا الزواج بالنظر في بعض القواعد الفقهية التي وضعها أهل العلم ما يأتي:

القاعدة الأولى: (إذا اجتمع الحلال والحرام غلّب الحرام):

ومن فروع هذه القاعدة أنه إذا تعارض دليلان أحدهما يقتضي التحريم والآخر الإباحة قدّم التحريم في الأصح، ومن ثم قال عثمان بن عفان رضي الله عنه لما سئل عن الجمع بين الأختين بملك اليمين: “أحلتهما آية، وحرمتهما آية، والتحريم أحبُّ إليّ”.

القاعدة الثانية: (أن الأصل في الأبضاع الحرمة، ويحتاط فيها ما لا يحتاط في الأموال):

وكثير من أهل العلم  عدَّ النكاح من أبواب العبادات، والأصل في العبادات الحظر ـ والنكاح يجمع بين حقوق الله وحقوق عباده، وعامة ما نهى الله عنه فيما يتعلق بحقوق العباد يعود إلى تحقيق العدل والنهي عن الظلم ـ يلحظ هذا من مناهي متعددة عن بعض البيوع التي حرمها الإسلام، وهي أقل خطورة من الأبضاع ـ كالنكاح بنية الطلاق ـ حرمها لاشتمالها على ظلم إما من غش أو غرر أو خديعة.

القاعدة الثالثة: (أن الوسائل لها أحكام المقاصد):

وهذه القاعدة كما ذكر أهل العلم أن لها فروعاً عدة، ومن ذلك النهي عن كل ما يحدث العداوة والبغضاء بين المسلمين كالبيع على بيع المسلم، والعقد على عقده، والخطبة على خطبته… إلخ..

فالغرر والمغالبة المفضيان إلى الغبن موجودة في الزواج بنية الطلاق، كيف لا تكون الزوجة وأهلها مغلوبون مغبونون؟ يشاهدون من خدعهم ودلس عليهم، فلا تسأل عما يحدث لهم من الهم والغم والبغض وإرادة الشر والعداوة بمن كان السبب، لأن ظلمهم واضح كل الوضوح حيث افتض بكارة ابنتهم وقضى منها نهمته ثم طلقها وتركها لهموم الليالي وألم الفراق وحسرة الترمل، وهذا كله مناف لأغراض النكاح ومقاصده العالية،وما تعارف عليه الناس.

القاعدة الرابعة: (الخروج من الخلاف مستحب):

وعلى ذلك فلابد من الاحتياط وخاصة في الأبضاع، فإن القول ببطلان النكاح أو تحريمه من الأمور العظيمة التي يترتب عليها أحكام كثيرة ومخالفات عديدة تتعلق بالأنساب والمواريث والمحرمية وغير ذلك.

لذا كان الواجب على المسلم تحري ما صح دليله وثبت سنده، وفي ذلك الابتعاد عما يريب، والنأي عن المشتبهات، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)(متفق عليه).

فكيف والنهي عن هذا الضرب من النكاح وارد، لذا وجب المصير إليه، وإنما قصد الشبهة هنا شبهة الخلاف التي مردها إلى قول المخالف أن هذا لا يسمى نكاح متعة.

القاعدة الخامسة: (إذا تعارض المانع والمقتضي قُدّم المانع):

وهذه من تأملها وحققها ضبط بها كثيراً من النصوص المطلقة التي طالما كثر فيها الاضطراب والاشتباه، وهي تدخل ضمن فهم مسألتنا (الزواج بنية الطلاق)، ومن فروع هذه القاعدة: (لو استشهد الجنب فالأصح أنه لا يغسل)، فالجنابة تقتضي إيجاب الغسل، والشهادة تمنعه، فيقدم المانع.

والزواج بنية الطلاق كونه يعقد بإيجاب وقبول وولي وشاهدين يقتضي ظاهر هذا أن نحكم بصحة العقد، ونية التوقيت عند الزوج مانع من الحكم بصحة العقد، فيقدم المانع على المقتضي، والأعمال بالنيات.

القاعدة السادسة: (لا ضرر ولا ضرار):

فهذه القاعدة من الأدلة العامة على تحريم هذا الضرب من النكاح وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم قوله: (لا ضرر ولا ضرار)(رواه مالك في الموطأ، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في الكبرى، وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وابن ماجة، وأحمد، والدار قطني، وصححه الألباني في الصحيحة (رقم250).

ومن هذا الحديث استنبط الفقهاء قاعدتهم المشهورة (الضرر يزال)، ولذلك شرع فسخ النكاح بالعيوب أو الإعسار، مع أن هذه الأضرار يتوقع أن تزول، فكيف بالضرر المتقدم على العقد، الذي يتمثل في نية الزوج تطليق الزوجة إذا تمتع بها تلك الفترة الزمنية القصيرة، ثم ما يتبعها من الأضرار الخاصة والعامة، وما يترتب على تصحيح هذا العقد من المفاسد وانتفاء المقاصد الشرعية عن هذا النكاح المؤقت، وتجرده عن الأهداف السامية التي من أجلها ندب الله تعالى إلى النكاح وحرم السفاح، وقد جاء في الحديث من رواية الحاكم بلفظ: (من ضارَّ ضار الله به، ومن شاق شاق الله عليه)(رواه الحاكم بسند حسن، وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم 6372)، وفي هذا ترهيب أكيد لمن يتزوج بنية الطلاق، لما في ذلك من إيقاع الضرر على المرأة المسكينة، وما يتمخض عن ذلك من مفاسد وآثار أليمة.

القاعدة السابعة: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح):

معلوم عند فقهاء المسلمين أنه إذا تعارضت المصلحة والمفسدة قدم دفع المفسدة على جلب المصلحة غالباً، وبناء على هذه القاعدة المستنبطة من مقاصد الشرع وأهدافه فإنا لو سلمنا جدلاً أن في هذا الزواج مصلحة محققة، وهي إعفاف الناكح، وإحصانه من الوقوع في الزنا، فإنه أيضاً من الناحية الأخرى يشتمل على مفاسد عدة محققة وينطوي على آثار سيئة مشاهدة، فوجب تفقهاً وديانة دفع هذه المفاسد، وإزالة هذه الآثار السيئة، وذلك لا يتم إلا بإلغاء المصلحة الخاصة، تقديماً لدرء المفسدة، بل هي في الواقع ليست مصلحة خاصة بل هي شهوة ضد مصلحة عامة.

ولدرء المفاسد نقول إن النكاح بنية الطلاق باطل من أصله لما يترتب على القول بصحته من المفاسد المحققة والمضار الثابتة.

القاعدة الثامنة: (سد الذريعة في الشريعة الإسلامية):

ومعلوم أن إبطال هذا الضرب من النكاح سد للذريعة، ومنع لباب يلج منه الضرر، وإيصاد منافذ الشر من مقاصد الشرع المطهر.

إذاً فسد الذرائع إلى كل ما هو محرم واجب حتمي، والزواج بنية الطلاق يفضي إلى الوقوع في النكاح المؤقت بالشرط ـ وهو نكاح المتعة ـ الذي استقر تحريمه، وانعقد على ذلك الإجماع، هذا بالإضافة إلى ما يكتنفه من غش وتدليس وطلاق بدون سبب.

ومن الآيات التي دلت على سد الذرائع في الشريعة الإسلامية قوله تعالى:{وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ..}(الأنعام:108).

وأيضاً ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (قَاتَلَ اللَّهُ يَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا)(متفق عليه).

والذين يتزوجون بنية الطلاق احتالوا على الأحاديث الصحيحة الصريحة عمن  لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم في تحريم نكاح المتعة المشروطة بمدة محددة، فنكحوا نكاح المتعة والشرط في نفس الناكح وهو النية التي بناها، وكأن الله تعالى لم يطلع على نية الناكح، فشابه هذا الناكح اليهود في عدم احترامهم للنواهي وقواعد الحلال والحرام وعدم الشعور برقابة الله تعالى، والأحاديث في باب سد الذرائع كثيرة جدا.

القاعدة التاسعة: (تحريم الخداع والتدليس والغرر والغش):

فالزواج بنية الطلاق فيه خديعة وغش ومكر وتدليس، وكل هذه الصفات مذموم فاعلها، وموصوف بأشد القول، وإنما كان الأمر كذلك لأن الناكح بنية الطلاق لم يظهر ما نواه لأولياء المرأة ولكنه دلس عليهم حيث أظهر لهم أن نكاحه نكاح رغبة على التأبيد والدوام، وهو يعلم أنه لو واجههم بعزمه وكاشفهم بنيته لرفضوا رفضاً قاطعاً لهذا الزواج، وإن رضوا بهذا الزواج فالشرع يمنعهم من إتمامه لأنه يعتبر حينئذ نكاح متعة، وقد ورد عن النبي  صلى الله عليه وسلم بعض الأحاديث في ذم فاعل هذه الصفات والواقع فيها، ومن ذلك قوله  صلى الله عليه وسلم : (من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار)(رواه ابن حبان وغيره، وصححه الألباني في الصحيحة رقم (1058).

ومعلوم أنه لا أعظم غشاً من الغش في النكاح الذي مبناه على التكريم وتقوية رابطة المودة والرحمة بين الزوجين، وهو رباط غليظ ذكره الله في القرآن {مِيثَاقاً غَلِيظاً}، فإن الإثم يكون على قدر الأضرار التي يتسبب فيها هذا الغاش للمرأة وأسرتها.

القاعدة العاشرة: (العزم على الفعل بمنزلة الفعل في كثير من المواطن):

ومعنى ذلك أن المسلم إذا عزم عزماً جازماً على عمل ما وعقد النية على ذلك سواء أكان ذلك العمل حسناً أم سيئاً فإنه يكون بمنزلة الفاعل التام من حيث الثواب والعقاب.

فإذا ترتب على ذلك الثواب والعقاب فإنه بطريق اللزوم والاقتضاء تترتب عليه الآثار في الدنيا من حيث الصحة والبطلان اللذان تبنى عليهما مقادير الثواب والعقاب.

والدليل على ذلك قوله  صلى الله عليه وسلم : (إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)، قال فقلت: أو قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: (إنه قد أراد  قتل صاحبه)(متفق عليه).

قال النووي رحمه الله: “فيه دلالة للمذهب الصحيح الذي عليه الجمهور أن من نوى المعصية وأصرّ على النية يكون آثماً، وإن لم يفعلها ولا تكلم” شرح النووي على مسلم (18/12).

وعلى ذلك فللنية أثرها في صحة العقد وبطلانه، قال ابن قدامه رحمه الله: “وإن شرط عليه قبل العقد أن يحلها فنوى بالعقد غير ما شرطوا عليه وقصد نكاح رغبة صح العقد”.

وقال أيضاً رحمه الله : “وإن نوى التحليل من غير شرط فالنكاح باطل”.

فيرى أن نية التحليل أثرت في العقد بالبطلان، مع أن ظاهر الحال أنه نكاح صحيح لا غبار عليه لكون أركانه قائمة بوجود الولي والشاهدين ورضا المرأة، ولكن النية هي التي صيرته باطلاً، ولذلك صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى) (متفق عليه).

ولما كان ذلك من الزوج في باب النكاح كانت نيته هي المؤثرة لا نية الزوجة ولا الولي.

ومن مفاسد الزواج بنية الطلاق وجود التحايل على الله تعالى فيما شرع: حيث يقصد الزوج في زواجه التحايل على الله وعلى شرعه فيتوصل بحيلته إلى ما لايجوز له فعله.

وهذا مصداق قوله تعالى:{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}(البقرة:9).

قال ابن القيم رحمه الله: “ومن مكايده ـ أي الشيطان ـ التي كاد بها الإسلام وأهله الحيل والمكر والخداع الذي يتضمن تحليل ما حرم الله، وهذا النوع اتفق السلف على ذمه وصاحوا بأهله من أقطار الأرض”.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل) (حسنه الألباني في كتاب صفة الفتوى).

ومن تأمل الشريعة فإنه يجزم جزماً قاطعاً أنها شرعت لسد الذرائع إلى المحرمات وأقفلت أبوابها، وذلك عكس باب الحيل الموصلة إلى الحرام، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: (من الكبائر شتم الرجل والديه)، قالوا يا رسول الله: وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: (نعم؛ يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه) (رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي)، وغير ذلك كثير.

ولعل من أبرز المفاسد المترتبة على موضوع (الزواج بنية الطلاق) ما يأتي:

(1) أن في هذا النكاح تدليساً على الزوجة وأوليائها، وغشاً ظاهراً لهم، فلو أن الزوج أطلع المرأة وأوليائها على نيته وأنه سوف يطلق ابنتهم بعد انتهاء مهمته فإنهم ولاشك سيرفضون تزويجه، لأن الولي يزوج ابنته وهو معتقد أن هذا العاقد هو الأنسب لها، بحيث أنه سيحافظ عليها ويعفها، ويبني معها بيتاً سعيداً أساسه استمرارية النكاح، وتأبيد العقد، ولاشك أنهم عندما يفاجئون بطلاق ابنتهم سيحزنون ويندمون، وتلك المرأة المسكينة التي رضيت بهذا الزوج وبذلت جميع ما في وسعها من أجل إرضائه تصبح بين لحظة وأخرى كئيبة حزينة، تندب حظها وتشتكي بثها وحزنها إلى مولاها، فالزوج بعد ذلك قد ترك هذه المرأة إلى الضياع والأحزان لاسيما وأن الثيبات لا يرغب فيهن كثير من الناس، وهذا بسبب شؤم تلك النية، ولو أنه أظهر ما بطن لما تم له الزواج من الناحيتين الشرعية والعرفية، أما الشرعية فلأنه إذا أعلن توقيت النكاح قيل له هذا نكاح متعة وهو نكاح باطل شرعاً، وأما من الناحية العرفية فإن أعراف الناس ولاسيما أولوا المروءة والصيانة منهم تقضي برفض مثل هذا.

(2) أن هذا النكاح وإن أطلق عليه بعض العلماء المتقدمين بأنه نوع من نكاح المتعة لوجود التوقيت المقصود إلا أنه في الواقع شر من زواج المتعة من حيث أن المتعة يكون الطرفان فيها عالمين بالزمن المحدد لهذا العقد، فأمرهما واضح لهما ودخلا فيه وهما على بينة من أمرهما.

وأما النكاح بنية الطلاق فإن الزوجة لم تعلم بتوقيت هذا النكاح ولم يطلعها الزوج على نيته المبيتة، فكان هذا متعة من ناحية التأقيت، ونكاح غش وتدليس من حيث كتمان الناكح ما قصده وعزم عليه، ومن أجل هذا كان شراً من المتعة لمنافاته لمقاصد الشريعة، ومن أجل الضرر والغش والتدليس حرم الإسلام بعض البيوع حفاظاً على وحدة الأمة نظراً لما تسببه تلك البيوع من الشقاق والنزاع والبغضاء بين المسلمين، ولهذا الغرض نفسه حرم الخمر والميسر حتى لا يقع بين المسلمين العداوة والبغضاء، فهل هذا الجانب مأمون في النكاح بنية الطلاق؟!!!

(3) إن نكاح الرغبة الدائم مقصوده الأعظم التناسل والتكاثر كما قال صلى الله عليه وسلم : (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم) (رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح ج2 رقم3091)، ومن المعلوم أن العازم على الفراق، الموطن العزم على حل هذه الرابطة لا يروق له الإنجاب، ولا يرغب في هذا الهدف السامي، فيسعى إلى فرض وسائل منع الحمل على تلك المسكينة ليتخلص من تبعات الإنجاب ولتنقطع العلاقة بينهما بالكلية عندما يحل وقت الفراق.

(4) أن الله جل وعلا ذكر في قوله:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}(آل عمران:14)، فبدأ بفتنة النساء لأنها من أشد الشهوات على الرجال لتعلق الرجال بالنساء، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)(متفق عليه).

وعلى ذلك ففتنة النساء من أشد الفتن، وهذا يقتضي ـ إن تم تجويز هذا النوع من الزواج ـ أن يستمرئ الناس هذا النكاح لقلة تبعاته، فيتزوجون ويطلقون بلا حصر كما هو واقع الحال عند فئة من الناس فتمتلئ دور المسلمين بربات الحجال المطلقات، ويقل عدد الناكحين نكاح رغبة، وتزداد العنوسة بين النساء، وإذا بالغالبية العظمى من النساء بين مطلقة وعانس، ولا يخفى على العقلاء ما في ذلك من الخطر وما يجر من المفاسد.

(5) النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالوصية بالنساء لقوله صلى الله عليه وسلم : (استوصوا بالنساء خيرا)(متفق عليه)، فهل من الوصية بهن خيرا أن ينوي الناكح الطلاق ويعزم عليه قبل عقد رابطة الزوجية، بل ويكتمه عمن يتزوجها ليكون الفراق بغتة، والطلاق فجأة.

وهل من الدين والخلق الإسلامي أن تأخذ أغلى ما عندها من الصفات المادية التي هي البكارة، والتي هي سبب من أسباب إقبال الرجل على المرأة، ثم يتلذذ بها هذا الشهواني ما شاء ثم يطلقها، ثم ينتقل إلى بكر أخرى وهكذا..

(6) لقد حصلت وقائع ومصائب كثيرة بسبب هذا الزواج، فكثير من الشباب المغتربين والسائحين من المسلمين عندما يذهبون للعمل أو الدراسة في بعض البلدان الأوروبية يبحثون عن هذا الزواج المؤقت بحيث يتزوج الواحد منهم العدد الكثير من النساء، وبعضهن أنجبن أولاداً فكان حظهن التشريد والضياع، وقد دفع ذلك بعض الفتيات المسلمات المغتربات، وبعض من أسلمن إلى الردة عن الإسلام بسبب هذا الوضع المزري.

فالزواج بنية الطلاق:

له آثار سلبية كثيرة على المرأة وأوليائها وعلى الأطفال الذين يخرجون إلى المجتمع فيجدون أنفسهم معرضين للضياع لقلة الراعي والمربي لهم، والشرع المطهر إنما أتى ليرفع الضرر الواقع على أي مسلم ومسلمة فكيف يسوغ لنا أن نبيح هذا الزواج الذي أصبحت أضراره أكثر من مصالحه المتحققة منه.

ومعلوم أن النكاح الشرعي لم يشرع لمجرد إتيان الشهوة وقضاء الوطر الجنسي فقط، وإنما هو مرتبط بأهداف سامية، وأغراض شرعية نبيلة، وهو بناء متكامل تقوم على قاعدته السليمة الأسرة المسلمة لتكون جديرة باستخلافها في أرض الله تعالى بتحقيق العبودية لله بمعناها الواسع الشامل الذي نصت عليه الآية الكريمة:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}(الذاريات:56).

ولذلك نجد أن التشريع الإسلامي في نصوصه الوضاءة يربطه بالنية الطيبة الصادقة الصالحة، وبالتقوى وإحسان العشرة، ويرفعه إلى درجة العبادة حتى قال قائل من الصحابة: يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) (رواه مسلم).

فإتيان الحليلة وملاطفتها بجميل القول يكتبان في صحائف الأبرار لأن ذلك من حسن العشرة والمودة والرحمة، وإنما ارتفع إلى درجة العبادة لأنه اقترنت به النية الصالحة التي استشعرت تلك المقاصد السامية التي قام عليها النكاح الشرعي، فأصبحت هذه الأهداف العلية مطمحاً للمتزوجين وهدفاً للناكحين، ونحن حين نمعن النظر في (الزواج بنية الطلاق) لا نجده دائراً إلا في فلك المتعة، فهي الهدف والبغية أولاً وآخراً، وأما أهداف النكاح الشرعي المبني على الرغبة والتأبيد فليس لها مكان في هذا الزواج، وليست إلا إحدى عوائق هذا الزواج الذي يتم وينقضي كأنه حلم نائم.

فأولئك المتزوجون بنية الطلاق تصوت في داخلهم أشباح اللذة والمتع، وينخر في تقواهم سوس الحيل والخداع، فإنهم يحجبون تلك الأهداف، ويلغون الارتباط الديني بمؤسسة الزواج الشرعي ويرتعون في حمى الحرام، وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً، أثقلتهم المادة، فتباطأت أرواحهم عن الوصول إلى السمو الأخلاقي وكبلتهم الشهوات بسلاسل النفس الأمارة، وصمت ردع النفس اللوامة حين تعالى ضجيج التلبيس في أعماقهم، إذ نصوا في مهامه التدليس، وتجملوا بلباس الزور، وركبوا مطية الغش، ثم بدأوا يغزون ربات الحجال، ويتمكنون منهن باسم الدين، ويستحلون فروجهن إرضاء لنزواتهم، ويكتمون ما عزموا عليه من الفراق بعد نيل الوطر، وربما منّى أحدهم المسكينة بأماني عظام، فأدنى منها نجوم الثريا، وسلمها مقاليد السعادة، ومعلوم أن بنات حواء مرهفات الحس، يصدقن كل ما يقال لهن، ولو كان بعيد المنال، أو كان ضرباً من المحال.

فماذا بعد ذلك من المفاسد التي يعود بها هذا الضرب من الزواج على المجتمع الإسلامي ككل؟ نسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يبصر المسلمين بأمر دينهم، وأن يثبتنا على الحق حتى نلقاه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين  وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

                                                                                                              وكتب

                                                                                           أ.د. عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار

                                                                                                           12/ 4/ 1428هـ