108 – حكم لبس المرأة للضيق والشفاف
108 – حكم لبس المرأة للضيق والشفاف pdf
حكم لبس المرأة
للضيق والشفاف
كتبها
أ.د عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار
عضو الإفتاء بالقصيم
والأستاذ بكلية التربية بالزلفي ـ جامعة المجمعة
الزلفي: 15/9/1437هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم، نلاحظ هذه الايام بين الاعضاء والاداريات انتشار لبس الضيق الذي يصف العورة والقصير الذي يصل نصف الساق وأحيانا الفتحات التي تبين الساق كاملا وكذلك الشفاف الذي يصف الاكتاف وما جاورها من الصدر والظهر او فتحات الجيب الواسعة، نأمل منكم إفتاءنا مشكورين بفتوى واضحة مفصلة مؤصلة لأجل التعميم والتنبيه للطالبات وغيرهن ممن يقع في مثل ذلك.
بارك الله فيكم.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين. أما بعد:
فأولاً: لقد سعى أعداء الدين بشتى أصنافهم إلى تمييع معنى اللباس الشرعي المبني على الحياء والستر، والدعوة إلى العري والتفسخ، وتشجيع الموضة والأزياء، وإتباع الغرب وتقليدهم، متبعين في ذلك إمامهم الأكبر الشيطان الرجيم، الذي كان من وسوسته لأبينا آدم وأمنا حواء أن نُزع لباسهما وبدت سوأتهما كما قال تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا} (الأعراف: الآية 20 )، فكل دعوة للعري ليست إلا إتباعاً لإبليس، وسيراً على مذهبه في نزع اللباس وظهور السوءات.
ثانياً: اللباس والستر في الأصل راجع في أحكامه إلى ضوابط الشرع، وحدوده، لا إلى اصطلاح الناس وعرفهم وعاداتهم. وبناء عليه متى خالفت عادات الناس أو أعرافهم ما يقتضيه شرع الله وحكمه وجب الرجوع إلى شرع الله وحكمه {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (المائدة الآية 50).
ثالثاً: بين الله في كتابه حد عورة المرأة أمام المرأة وأمام محارمها في قوله تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء..} (النور:31).
والزينة زينتان كما ذكر أهل العلم:
الزينة الأولى: هي التي يجوز لها أن تبديها أمام محارمها وأمام النساء، وهي ما تظهر غالباً،
ولا يمكن التحفظ منها أثناء الحركة كالرأس والشعر والرقبة والنحر، والذراعين، وأسافل الساقين، ونحو ذلك.
والزينة الثانية: وهي التي لا يمكن التحفظ منها أثناء الخروج من المنزل، وهي ما يظهر من ثياب المرأة الظاهرة كالعباءة ونحوها.
وعلى ذلك فلا يجوز للمرأة أن تخرج أمام النساء أو أمام محارمها بالملابس التي تبدي عورتها وهي ما زاد عن زينتها الخفية، حيث إن المرأة كلها عورة أمام المرأة وأمام محارمها إلا ما استثناه الشرع من الزينة التي يجوز لها أن تظهرها أمام محارمها وأمام النساء وهي الزينة الخفية التي أشرت إليها سابقاً.
ودليل ذلك سياق آية النور وفيه أذن الله للمرأة في إبداء زينتها لمحارمها وللنساء في سياق واحد فدل على أن الزينة التي يجوز للمرأة أن تظهر بها أمام النساء هي الزينة التي يجوز أن تظهر بها أمام محارمها.
قال القاضي عياض رحمه الله : “وسائر جسدها على المحارم عورة، ماعدا رأسها وشعرها وذراعيها ومأفوف نحرها” (إكمال المعلم شرح صحيح مسلم: 2/101).
رابعاً: الأصل في المرأة أنها عورة لحديث ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان) قال الترمذي حديث حسن صحيح، وصححه ابن حبان والدار قطني. فيكون الأصل فيها الستر والتغطية فلا تظهر من جسدها إلا ما دل الدليل على جوازه.
ولا يوجد دليل من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم على أن المرأة يجوز لها أن تتكشف أمام النساء فتظهر مفاتنها كالظهر أو الصدر أو الكتفين أو البطن أو الساقين أو نحو ذلك سواء كان ذلك مستوراً بما يشف عن لون البشرة أو كان بملابس ضيقة تحدد تفاصيله فكل ذلك لا يجوز في شرع الله.
وقد أصدرت اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية فتوى في ذلك جاء فيها: “وقد دل ظاهر القرآن على أن المرأة لا تبدي للمرأة إلا ما تبديه لمحارمها، مما جرت العادة بكشفه في البيت، وحال المهنة كما قال تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ..}[النور: 31]، وإذا كان هذا هو نص القرآن وهو ما دلت عليه السنة، فإنه هو الذي جرى عليه عمل نساء الرسول صلى الله عليه وسلم، ونساء الصحابة، ومن اتبعهن بإحسان من نساء الأمة إلى عصرنا هذا.
وما جرت العادة بكشفه للمذكورين في الآية الكريمة هو: ما يظهر من المرأة غالبا في البيت وحال المهنة، ويشق عليها التحرز منه؛ كانكشاف الرأس واليدين والعنق والقدمين، وأما التوسع في التكشف فعلاوة على أنه لم يدل على جوازه دليل من كتاب أو سنة-هو أيضا طريق لفتنة المرأة والافتتان بها من بنات جنسها”(فتاوى اللجنة الدائمة: 17/292).
خامساً: إذا تقرر ذلك فلا يجوز للمرأة أن تظهر عورتها أما المرأة وأمام محارمها من خلال لبسها للملابس العارية والقصيرة أو البنا طيل ونحوها إلا لمن يجوز لها إبداء عورتها عنده، وهو الزوج؛ فإنه ليس بين الزوج وزوجته عورة، لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ}[المؤمنون:5، 6].
وقالت عائشة رضي الله عنها: (كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم – مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ مِنَ اَلْجَنَابَةِ) متفق عليه.
كما لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى عورة المرأة قال صلى الله عليه وسلم: (لَا تَنْظُرُ المَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ المَرْأَةِ) رواه مسلم فمتى رأت المسلمة أختها المسلمة وقد لبست هذه الملابس فالواجب عليها نصحها والإنكار عليها وعدم البقاء في مجلس يجلس فيه نساء قد لبسن مثل هذه الملابس إلا مع غض البصر وحفظ النظر كما أمر تعالى:{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ …}[النور: 31]، وغض البصر في مجلس بهذه الصورة من الصعوبة بمكان فيبقى ترك المجلس واجب على المسلمة سلامة لدينها ومروءتها.
وعليكم بارك الله فيكم توجيه الطالبات ـ وغيرهن ممن يقعن تحت مسئوليتكم ـ والاهتمام بهذا الأمر وعدم التساهل لأن معظم النار من مستصغر الشرر. فاجتهدوا في الوقاية والتحصين، وعالجوا كل ما ظهر عندكم من المظاهر غير المناسبة، وأنتم مأجورون على هذا العمل. أثابكم الله، وجزاكم عنا وعن بنات المسلمين خيرا الجزاء.
والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم