السؤال رقم: (4601) أنا موظفة وزوجي يطلب مني ثلث الراتب فما الحكم؟
نص الفتوى: سؤالي أنا تزوجت وكتبت من شروط الزواج البيت الشرعي وتكمله الدراسة السؤال يا شيخ بعد أن تزوجت كملت الدراسة وتوظفت وعندي راتب الآن زوجي يطالبني بثلث الراتب والسبب أنى لم أكتب من شروط الزواج أنى أتوظف والراتب لم أعطيه. السؤال هل أعطيه غصب أو له حق عليّ. علمًا بأنه هو بعيد عني ومتزوج علي بأخرى بعد أن توظفت ولا يعطيني مصروف خاص لي فقط للبيت مأ كل ومشرب. ومصروفي الخاص يقول أنت عندك راتب. والزوجه الثانية يعطيها مصروف خاص لها من غير مصروف البيت … وسفريات للإجازة تكون علي نصفها المبلغ إذا كنت معه أما مع زوجته الثانية كل المصروف على زوجي ويقول أن لها الحق هي لأنها غير موظفه فهل هذا صحيح؟ بتاريخ 2 / 5 / 1440هـ
الرد على الفتوى
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:
فأولاً: نفقة الزوج على زوجته، وذلك بحسب وُسْعِه ومقدرته، وأنه ليس له أن يحملها نفقة نفسها، ولو كانت غنية، إلا برضاها.
وهذه النفقة على الزوجة منها ما يتعلق بكسوتها، صيفاً وشتاءً ، وليس الأمر أن يفعل ذلك كل عام ، وكل موسم ، حتى مع وجود ملابس عندها ، قد لا تكون لبست بعضها ، وليس الأمر أنه لا يفعل إلا أن تتمزق ملابسها ، بل الكسوة تكون بحسب حاجة زوجته لها ، وبحسب قدرته على كسوتها ، دون أن يؤثر على التزاماته الأخرى ، وبتعبير القرآن : أن ذلك بالمعروف : ( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ) البقرة/233 .
ثانياً: إذا كانت الزوجة قد اشترطت على زوجها ، عند الزواج ، أنها ستعمل : فيجب عليه السماح لها بالاستمرار في عملها ، إلا أن تتغير طبيعة عملها ، فتصير محرمة ، كأن تعمل مع رجال أجانب ، أو تكون طبيعة العمل محرَّمة ، كالعمل في البنوك الربوية ، أو مجالات التأمين ، أو ما يشبه ذلك ، وكذا لو أن عملها صار محتاجاً منها لأن تسافر، وليس معها محرم ، فمثل هذه الأشياء لو حصلت : فإنها توجب على الزوج التدخل لمنعها من متابعة عملها ، وهو لا يخالف الشرط هنا ، بل يعمل بمقتضى الشرع الذي جعله مسئولاً عن زوجته : ( مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ : فَلَيْسَ لَهُ ، وَإِنْ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ ) متفق عليه .
وأما إن لم يكن شيء من ذلك موجوداً في عملها: فليس له منعها منه، بل عليه الوفاء بالشرط الذي وافق عليه عند زواجه، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة: الآية 1].
عَنْ عُقْبَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ) رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِم) رواه أبو داود وصححه الألباني.
ثالثاً: أما بخصوص راتب الزوجة العاملة: فإذا كان قد نص عقد النكاح على أن الزوجة تعمل فإن الراتب يكون من حقها، وليس للزوج أن يأخذ منه شيئاً، لا نصفه، ولا أكثر، ولا أقل، بل الراتب لها، مادام قد شُرط عليه عند العقد أنه لا يمنعها من العمل فرضي بذلك، فليس له الحق أن يمنعها من العمل، وليس له الحق أن يأخذ من راتبها شيئاً ، هو لها .إلا بطِيب نفسٍ منها ، وهذا كله : في حال أن يكون العمل مشترَطاً عليه عند عقد الزواج ، كما سبق أن نبهنا .
رابعاً: إن لم يكن عمل الزوجة مشترطاً عليه عند الزواج: فله أن يسمح لها بالعمل، مقابل أن تساهم معه في النفقات، بما يتفقان عليه؛ لأن الوقت الذي تبذله في عملها هو من حقه، فله أن يستوفي مقابله بالمعروف. فمثلاً له أن يقول: أمكِّنك من العمل بشرط أن يكون لي نصف الراتب أو ثلثاه، أو ثلاثة أرباعه، أو ربعه، وما أشبه ذلك، على ما يتفقان عليه.
خامساً: نوصي الزوجين ألا يكدرا بمثل تلك المحاسبات التي من شأنها أن تجعل منهما شريكين في تجارة! وإنما هما شريكان في تأسيس أسرة، وبناء بيت، ولا يصلح مثل هذه الخلافات أن تكون بين زوجين، فلتبذل المرأة من طيب نفسها ما تعين به زوجها على مصاعب الحياة، وليتعفف الزوج قدر استطاعته عن أخذه المال منها؛ لأن هذا مؤثِّرٌ سلباً في قوامته، والتي جعل الله تعالى من مقوماتها إنفاقه عليها، كما قال تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) {النساء: الآية 34].
والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.