السؤال رقم: (5188) العدل بين الأبناء في العطية.
نص السؤال: الوالد له ستة أبناء، اشترى والدي منزل لابنه الأكبر منذ 13 سنة ولم يعدل بيننا وبينه، وبعد النقاشات الكثيرة على مدى السنوات الماضية، قرر والدي أخيرًا أن يمنحنا مثل ما منح أخانا الأكبر من قيمة العقار آنذاك وليس عقارًا، علمًا أنه بقيمة يومنا هذا هو نصف قيمة عقار أخينا الأكبر الآن (الذي ما شاء الله تضاعفت قيمة العقار ككل منذ ذلك اليوم)، وإذا ذكرنا ذلك لوالدنا يقول أنا عدلت بينكم! ولكن نحن الخمسة لا يمكننا شراء منزل في هذه القيمة الآن وكما تعلمون لو أنه أخذ المنازل لنا جميعا في نفس الوقت لكان هذا الموضوع مغلق، ولكن في هذه الحالة يقول والدي تشاركوا بينكم في شراء منزل وكل واحد في دور، علمًا أنه مقتدر أن يزيد كل واحدا فينا لشراء منزل مستقل، ولكن بوجهة نظره هذا مال كثير وأخونا الأكبر يقول له لا يمكنك إعطائهم مال أكثر من الذي أعطيتني إياه وهذا ظلم له.
هل على والدي أن يوفر عقارًا لنا أو إعطاء القيمة لعقار هو كافي؟
ماذا نفعل؟ أين مبدأ العدل هنا؟ كلنا قريبين بالعمر من بعض ولا حجة لوالدنا بتأخير العطية لنا ولكن الآن صعّب الأمور علينا
الرد على الفتوى
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:
فأولاً: لا يجوز تفضيل بعض الأولاد على بعض في العطايا أو تخصيص بعضهم بها فكلهم ولده وكلهم يرجى بره فلا يجوز أن يخص بعضهم بالعطية دون بعض، واختلف العلماء رحمة الله عليهم هل يسوى بينهم ويكون الذكر كالأنثى أم يفضل الذكر على الأنثى كالميراث على قولين لأهل العلم، والأرجح أن تكون العطية كالميراث وأن التسوية تكون بجعل الذكر كالأنثيين فإن هذا هو الذي جعله الله لهم في الميراث وهو سبحانه الحكم العدل، وهكذا إذا أعطاهم في حال حياته يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين.
ثانياً: إن كان هناك ما يدعو إلى التفضيل أو التخصيص في العطية فلا بأس كأن يكون أخوكم عليه ديون، أو ذا أسرة كبيرة أو طالب علم ونحو ذلك من الأسباب فلا بأس بتفضيله لشيء من هذه المقاصد.
وقد أشار إلى ذلك الإمام أحمد بقوله _ في تخصيص بعضهم بالوقف _: لا بأس إذا كان لحاجة ، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (والحديث والآثار تدل على وجوب العدل … ثم هنا نوعان:
1-نوع يحتاجون إليه من النفقة في الصحة، والمرض، ونحو ذلك، فالعدل فيه أن يُعطي كل واحد ما يحتاج إليه، ولا فرق بين محتاج قليل أو كثير.
2-ونوع تشترك حاجتهم إليه، من عطية أو نفقة أو تزويج فهذا لا ريب في تحريم التفاضل فيه.
وينشأ من بينهما نوع ثالث، وهو أن ينفرد أحدهم بحاجة غير معتادة، مثل أن يقضي عن أحدهم ديناً وجب عليه من أرش جناية (وهي عقوبة مالية تدفع مقابل كل جناية بدنية) أو يعطي عنه المهر، أو يعطيه نفقة الزوجة، ونحو ذلك، ففي وجوب إعطاء الآخر مثل ذلك نظر) ا.هـ من ” الفتاوى الكبرى 5/436
والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.