السؤال رقم (5672) هل تتكرمون علينا بلم شمل الدعاء الجماعي الجائز كما في الجمعة أو غيرها وغيره من غير الجائز؟
الجواب: يختلط على كثير من الناس، التفريق بين الذِّكر الجماعي، والدعاء الجماعي، فالأول: ليس له وجود في الشرع، فلم يثبت أن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ربَّه مع أصحابه بصوتٍ واحد ، ولا أنه كان يذكر ربَّه ويردد خلفه أصحابه رضي الله عنهم.
وأما الدعاء الجماعي: فله أصل في الشرع، وصوره كثيرة، ففي قنوت النوازل، وقنوت الوتر كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو، ويؤمن أصحابه على دعائه من خلفه ، وجمهور العلماء يرون تأمين المصلين على دعاء الخطيب يوم الجمعة، وكذا في الاستسقاء ، وهكذا في صور مختلفة متعددة .
وأما الدعاء الجماعي البدعي فمن صوره:
- أن يَجمع المسلمُ طائفة من الناس من أجل الدعاء فقط.
فعن أبي عثمان قال: كتب عاملٌ لعمر بن الخطاب إليه: أن ها هنا قوماً يجتمعون ، فيدعون للمسلمين ، وللأمير ، فكتب إليه عمر : “أقبل ، وأقبل بهم معك” ، فأقبل ، وقال عمر للبواب : أعِدَّ لي سوطاً ، فلمَّا دخلوا على عمر : أقبل على أميرهم ضرباً بالسوط . رواه ابن أبي شيبة في “مصنفه” (13/360) وسنده حسن.
- ومنه: اجتماع الناس للدعاء بصوت واحد. سواءً كان من الكل، أو يتلقونه من أحدهم، مع رفع الأيدي، أو بلا رفع لها : كل هذا وصف يحتاج إلى أصلٍ شرعيٍّ يدل عليه من الكتاب والسنَّة ؛ لأنه داخل في عبادة ، والعبادات مبناها على التوقيف ، والاتباع ، لا على الإحداث والاختراع.
وأما دعاء المحاضِر، أو المعلِّم، في آخر درسه، وتأمين الحاضرين على دعائه، فالظاهر لنا من سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم: جواز ذلك، بل استحبابه.
فعن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ لِأَصْحَابِهِ : (اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ ، وَمِنْ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا ، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا ، وَأَبْصَارِنَا، وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا ، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا ، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا ، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا ، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا ، وَلَا تَجْعَلْ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا ، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا ، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا) . رواه الترمذي (3502) ، وحسَّنه الألباني في صحيح الترمذي.