السؤال رقم (5688) لماذا كان يرى الإمام مالك رحمه الله عدم دخول رسومات ذوات الأرواح في حكم التصوير؟
الجواب: استدل المالكية على ذلك بأدلة منها:
1- عن أبي طلحة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: “إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة”. قال بسر -أحد الرواة: ثم اشتكى زيد فعدناه، فإذا على بابه ستر فيه صورة، فقلت لعبيد الله ربيب ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول؟ فقال عبيد الله: ألم تسمعه حين قال: “إلا رقمًا في ثوب” (البخاري 5958، مسلم2106). قالوا: وهذا الاستثناء قيد النهي عن التصوير بالتماثيل وماله ظل وأباح الرقم والرسم في الثوب، فيحمل المطلق في أحاديث النهي عن التصوير بالمقيد هنا.
2- أن التصاوير المسطحة وجدت في بيت النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، وإنما أنكر صلى الله عليه وسلم هذه الصور إذا كانت بأوضاع خاصة: مثل • أن تكون الصور أمام المصلي فتشغله، كما في الحديث: “أميطي عنا قرامك هذا، فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي” (رواه البخاري 374) أو أن تعلق وتستر بها الجدران، كما روت عائشة رضي الله عنها وقالت: رأيته خرج في غزاته، فأخذت نمطا فسترته على الباب، فلما قدم فرأى النمط عرفت الكراهية في وجهه، فجذبه حتى هتكه أو قطعه، وقال: “إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين” قالت: فقطعنا منه وسادتين وحشوتهما ليفًا، فلم يعب ذلك علي (مسلم 2107)، وفي رواية: “لا تستري الجدار” (شرح معاني الآثار 6926). وفي الحديث الآخر: كان لنا ستر فيه تمثال طائر، وكان الداخل إذا دخل استقبله، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: “حولي هذا فإني كلما دخلت فرأيته ذكرت الدنيا” (مسلم 2107).
3- أن علة النهي مضاهاة خلق الله، كما في حديث أبي هريرة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “قال الله عز وجل: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو شعيرة” (البخاري 7559)، والله خلق هذه المخلوقات مجسمة لا مسطحة، ومضاهاتها تكون بصنع المجسم لا المسطح.
4- ما روي عن عدد من الصحابة في نقش خواتمهم.
فقد روي ذلك عن عدد من الصحابة في نقش خواتمهم، كما روى الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/263) فقد كان نقش خاتم النعمان بن مقرن أيلاً قابضًا إحدى يديه باسطًا الأخرى، وكان نقش خاتم حذيفة كركيان (والكركي نوع من الطيور).
5- ثبوت ذلك عن التابعين، فقد روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن عون قال: “دخلت على القاسم وهو بأعلى مكة في بيته، فرأيت في بيته حجلة فيها تصاوير القندس والعنقاء” (المصنف 25301). قال ابن حجر: “والقاسم بن محمد أحد فقهاء المدينة، وكان من أفضل أهل زمانه، وهو الذي روى حديث النمرقة، فلولا أنه فهم الرخصة في مثل الحجلة ما استجاز استعمالها” (فتح الباري 10/388).
هذه أدلة المالكية لكن الراجح هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من تحريم تصوير ذوات الأرواح لعموم الأحاديث الدالة على تحريم الصور، فإنها لم تفرق بين ما كان مجسماً وله ظل، أو كان مسطحاً لا ظل له، إلا إذا كانت لضرورة أو حاجة.