السؤال رقم (5748) هل يقاس على قوله “: (سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته) بقية الذكر، كأن يقال : الحمد لله عدد خلقه…؟
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فأولًا: قسم العلماء الذكر إلى نوعين:
ذكر مقيد، وهو الذي خصصته النصوص بزمان أو مكان أو عدد أو كيفية معينة.
وذكر مطلق، وهو الذي لم يرد فيه تخصيص، كالاستغفار والتسبيح وغيره.
فأما الذكر المقيد فيلزم التقيد به حسب ما جاءت به النصوص.
وأما المطلق فلا حرج في الزيادة فيه أو النقصان منه، أو الإكثار أو غير ذلك.
قال ابن حجر رحمه الله عن الذكر المقيد: (ألفاظ الأذكار توقيفية ، ولها خصائص وأسرار، لا يدخلها القياس ، فتجب المحافظة على اللفظ الذي وردت به ، وهذا اختيار المازري ، قال : فيقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه ، وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف)انتهى. فتح الباري (11/112).
ثانيًا: الذكر المسؤول عنه ورد في الحديث الذي صححه الألباني عند أبي داود (١٥٠٣) وفيه أن النبي ” قال: (…قد قُلتُ بعدَك أربعَ كلِماتٍ ثلاثَ مرّاتٍ لَو وُزِنَت بما قلتِ لوَزَنَتهُنَّ سُبحانَ اللَّهِ وبحمدِهِ عددَ خَلقِه ورِضا نَفسِه وزِنةَ عَرشِه ومِدادَ كلِماتِهِ).
وهل هذه الكلمات(عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته) عامّة مع كل ذكر، كقولك: (أستغفر الله العظيم، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته) هل هذا جائز؟
أقول: من العلماء من أجاز ذلك، وقال إنه عام، ولا مانع منه، وهو ما ذهب إليه العلامة ابن باز رحمه الله.
ومن العلماء من منع ذلك؛ لأنه لم يرد إلا بهذه الصيغة، ولأن القول بجواز ذلك يتنافى مع مسألة العدد في الأذكار التي ورد العدد بها، ولو كان ذلك ممكنًا فما فائدة تخصيص بعض الأذكار بالعدد؟ كقولك بعد الصلاة سبحان الله ثلاثًا وثلاثين، والحمد لله ثلاثًا وثلاثين، والله أكبر ثلاثًا وثلاثين، وما صح عن النبي” أنه كان يستغفر في اليوم مائة مرة، وفي رواية سبعين، وكان يكفي أن يقول بعد الصلاة: سبحان الله عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشة ومداد كلماته، وهكذا.
والحاصل: أن من أجاز قول: (عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته) في سائر الأذكار أجازه من باب أنه من الذكر المطلق، لكنه لا يُغني عن العدد في الذكر المقيد بعدد، فمن قال (أستغفر الله عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته) فهي مرة واحدة، ولا تُحسب مائة مثلًا، وهذا ما اختاره شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (ج33، صـ12) حيث قال: (وَقَوْلُ النَّبِيِّ ” لِأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ جُوَيْرِيَّةَ: لَقَدْ قُلْت بَعْدَك أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْته مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ. سُبْحَانَ اللَّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ. سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَا نَفْسِهِ. سُبْحَانَ اللَّهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ} أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَسْتَحِقُّ التَّسْبِيحَ بِعَدَدِ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ ” {رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ} لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ سَبَّحَ تَسْبِيحًا بِقَدْرِ ذَلِكَ. فَالْمِقْدَارُ تَارَةً يَكُونُ وَصْفًا لِفِعْلِ الْعَبْدِ وَفِعْلُهُ مَحْصُورٌ. وَتَارَةً يَكُونُ لِمَا يَسْتَحِقُّهُ الرَّبُّ فَذَاكَ الَّذِي يَعْظُمُ قَدْرُهُ؛ وَإِلَّا فَلَوْ قَالَ الْمُصَلِّي فِي صَلَاتِهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ. لَمْ يَكُنْ قَدْ سَبَّحَ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً. وَلَمَا شَرَعَ النَّبِيُّ ” أَنْ يُسَبَّحَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَيُحَمَّدَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَيُكَبَّرَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ. فَلَوْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ عَدَدَ خَلْقَهُ. لَمْ يَكُنْ قَدْ سَبَّحَ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً) انتهى.