السؤال رقم (5865) هل إذا قامت الحجة، وزالت الشبهة عن أشعري ينكر علو الله بذاته، هل نحكم بتكفيره؟
الجواب: أولًا: مذهب أهل السنة أنهم يثبتون لله علو الذات والقدر والقهر، وأنه سبحانه في السماء، مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه.
دلّ على ذلك الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة وفهم الصحابة، وإجماع الأمة، قال تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) وقال سبحانه: (أَأَمِنْتُمْ مَن فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ) قال ابن عبد البر: (فمعناه: مَن على السماء، يعني: على العرش) انتهى
وقوله صلى الله عليه وسلم: (أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِى السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً) رواه البخاري (4351) ومسلم (1064) .
وقال أيضًا: (ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) رواه الترمذي (1924) ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
ثانيًا: الأشاعرة ونحوهم، يسميهم الأئمة: الصفاتية، لأنهم يثبتون أصل الصفات، وإن نازعوا في بعضها كالصفات الاختيارية، أو تأوّلوا بعضها كالعلو، فإنهم يقولون: المراد بالعلو علو القهر والشأن، ويؤولون الاستواء بالاستيلاء، واليد بالقدرة، والوجه بالذات، وهكذا .
وهم مخطئون في ذلك ولا ريب، لكنهم لا يكفرون، وما علمنا من أطلق القول بتكفيرهم، وذلك لمانع التأويل؛ فإنهم نفوا ما نفوا بحجة التنزيه لله تعالى، وطردا لأصول فاسدة ظنوها صحيحة.
-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه بعد ذكر جماعة من الأشاعرة كأبي بكر الباقلاني، وأبي المعالي الجويني، ومن تبعهما:” ثم إنه ما من هؤلاء إلا من له في الإسلام: مساع مشكورة، وحسنات مبرورة ، وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع والانتصار لكثير من أهل السنة والدين ما لا يخفى على من عرف أحوالهم ، وتكلم فيهم بعلم وصدق وعدل وإنصاف.
لكن لما التبس عليهم هذا الأصل المأخوذ ابتداء عن المعتزلة ، وهم فضلاء عقلاء : احتاجوا إلى طرده والتزام لوازمه ؛ فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره المسلمون من أهل العلم والدين. وصار الناس بسبب ذلك : منهم من يعظمهم لما لهم من المحاسن والفضائل، ومنهم من يذمهم لما وقع في كلامهم من البدع والباطل ؛ وخيار الأمور أوسطها.
وهذا ليس مخصوصاً بهؤلاء، بل مثل هذا وقع لطوائف من أهل العلم والدين .
والله تعالى يتقبل من جميع عباده المؤمنين الحسنات، ويتجاوز لهم عن السيئات، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم (الحشر: 10) .
ولا ريب أن من اجتهد في طلب الحق والدين من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخطأ في بعض ذلك: فالله يغفر له خطأه، تحقيقاً للدعاء الذي استجابه الله لنبيه وللمؤمنين حيث قالوا: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا (البقرة: 286)” انتهى . من درء تعارض العقل والنقل (2/ 102).