السؤال رقم (1894) : فتاوى في التوائم الملتصقة.
ما حكم إجراء عملية فصل التوأم الملتصق (السيامي) إذا كان الأطباء المتخصصون يعلمون أنه بإجراء العملية سيموت أحد التوأمين؟ أو بعبارة أخرى: ما حكم التضحية بأحدهما في سبيل الآخر؟.
س2- ما حكم إجراء فصل التوأم الملتصق إذا أذن أحدهما بإجراء العملية دون الآخر؟
الرد على الفتوى
ج 1- 2 : لا شك أن عملية فصل التوائم الملتصقة عملية رائدة تتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية التي تبيح كل ما هو في مصلحة الإنسان من أجل عمارة الكون وبناء على ذلك نقول: إن كان الفصل لا يترتب عليه أي ضرر بقطع عضو أو إبطال منفعة عضو فهنا لا إشكال فيه بوجه من الوجوه. أما إذا كان يترتب عليه إبطال منفعة عضو او قطع عضو فهنا يجوز برضا التوأمين الملتصقين وذلك لأن الحق لهما لا يتعداهما لغيرهما.
فإن رضي أحدهما وأبى الآخر أجبر عليه، وإن كان الضرر الناتج عن الفصل هو الموت لأحدهما فلا يخلو الأمر:
إن أمكن أن يعيش التوأمان على هذه الصورة فهنا لا يجوز الفصل مطلقاً ولا يسوغ لأحد أن يتعرض لهما سواء كان المستشفى أو الطبيب، وكل من عاون على ذلك، لأن في الفصل إزهاقاً للروح وقتلاً للنفس، وصيانة النفس المعصومة واجب بكل الأحوال.
وإن كان يستحيل أن يعيش التوأمان، بل لو ظل الالتصاق لأدى إلى موتهما معاً، فهنا يجوز الفصل، ولو تم الموت لأضعفهما بدناً وأكثرهما مرضاً وأقلهما اشتراكاً في العضو، وذلك عملاً بارتكاب أخف الضررين لدفع أعلاهما، ولأنه يجوز قطع عضو من البدن في حال المرض لأجل أن يبقى البدن كله.
وعلى كل حال فلا بد أن يقطع بذلك على سبيل الجزم واليقين فريق طبي مسلم موثوق به ومتمكن في هذا الجانب تحقيقاً للمصلحة ودرءاً للمفسدة.
س3- إذا اشترك التوأمان بعضو لا تتوقف عليه حياتهما، فما حكم إيثار أحدهما بالعضو دون الآخر؟
ج 3- أعضاء بدن الإنسان فد تكون فردية، وقد تكون ثنائية. فإن كان العضو المشترك من الأعضاء الفردية فلا يجوز التبرع به لأنه يؤدي إلى إبطال منفعته في بدنه، هذا إذا أمكنت قسمته، أما إذا لم تمكن قسمته وأدى ذلك إلى الموت لأحدهما كالقلب والدماغ ونحوهما، فهنا لا تجوز الهبة ويعيش التوأمان معاً دون فصل تحقيقاً للمصلحة ودرءاً للمفسدة.
وإن كان العضو من الأعضاء الثنائية- الزوجية- كالكليتين ويستطيع البدن أن يعيش بواحدة منهما دون الأخرى، فهنا يجوز التبرع من أحد التوأمين للآخر لكن بالضوابط التالية :
(1) إذا كان هذا التبرع يحل مشكلة الالتصاق بينهما.
(2) إذا كان هذا الالتصاق القائم بينهما يؤدي إلى ضررهما جميعاً
(3) إذا قطع فريق طبي مسلم موثوق فيه ومتمكن في هذا الباب أن هذا التبرع لا يترتب عليه أي ضرر للمتبرع.
(4) إذا كانت قسمة العضو المشترك بينهما سوف تؤدي إلى تلفه عليهما.
وهذا مبني على التبرع في الهبة بجزء من الشيء المملوك على المشاع وهو جائز عند بعض أهل العلم، ومنعه الآخرون لعدم القدرة على القبض في الحال بسبب الاشتراك. فهنا يجوز التبرع لأنه يؤدي إلى القبض للآخر بمجرد الفصل، إذ يجوز لكل شخص واحد من المشتركين. ولا شك أن في ذلك توسعة على الناس، وقد قال صلى الله عليه وسلم لوفد هوازن { ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم} وهذا هبة مشاع.
س4- ما حكم إجهاض الجنين إذا ثبت بالكشف الطبي أنه توأم ملتصق مع العلم أن الطب يمكنه اكتشاف ذلك من الأسبوع العاشر فما فوق؟
ج4 – إذا كان التوأمان ملتصقين وتم التعرف على ذلك بعد نفخ الروح فيهما لم يجز إسقاطهما لأن كلاً منهما صار نفساً وإسقاطه قتل للنفس لمعصومة، وقد حرم الله قتل النفس بغير حق.
وإن تم التعرف على الالتصاق قبل نفخ الروح فإن أمكن علاج الالتصاق عن طريق المناظير وعمل جراحة الفصل وهو ما زال في البطن لم يجز الإسقاط.
وكذلك إذا قطع الأطباء أن الفصل بعد الولادة يكون ممكناً أو أنهما يعيشان معاً دون فصل ففي هذه الأحوال كلها لا يجوز الإسقاط. وإن قطع الأطباء بأن الالتصاق لا يمكن معه أن يعيش التوأمان حياة سوية مستقرة وأن ذلك سوف يكون عائقاً كبيراً لهما عن الحركة وسيترتب عليه أضرار لهما، فهنا يجوز الإسقاط برضا الوالدين بعد أن يقطع بذلك فريق طبي مسلم موثوق به ومتمكن في هذا الباب. وهذا مقيس على إسقاط الجنين المشوه.
وقد أجاز مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية عشرة ذلك كما أفتت به اللجنة الدائمة في فتواها رقم 2484 وتاريخ 16/7/1399هـ.
س5- ما الحكم الشرعي في نكاح التوأمين الملتصقين سواء كانا ذكرين أو أنثيين؟
ج 5- إذا كان التوأمان الملتصقان أنثيين لم يجز نكاحهما مطلقاً لما يأتي:
(1) عدم القدرة على الوفاء بالتزامات عقد النكاح من حقوق الزوج كالطاعة والقرار في البيت ونحو ذلك.
(2) أنه لا يجوز الجمع بين الأختين في عقد النكاح قال تعالى: ﴿وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف﴾ وفي هذا عقد على أختين لأنه يعقد على امرأة واحدة كاملة الأعضاء ويوجد بينهما اشتراك في بعض الأعضاء فدل على أنه يعقد على جزء من المرأة الثانية.
(3) أن هذا يؤدي إلى عدم تمكن الزوج من استيفاء حقه الممنوح له بعقد النكاح كالوطء إذ لا يمكن أن يستوفيه إلا بتأثر الثانية وتضررها، ومثله الحمل والولادة والسفر معه وغير ذلك، والقاعدة أنه لا ضرر ولا ضرار والضرر يزال.
وإذا كان التوأمان الملتصقان ذكرين، فإن كان الالتصاق في الجهاز التناسلي كأن يكون لهما معاً جهاز واحد، فهنا لا يجوز لأحدهما النكاح لما يأتي:
(1) أنه لا يجوز بحال أن يجتمع على المرأة الواحدة رجلان في وقت واحد.
(2) أنه إذا كان العقد لأحدهما فإن الآخر يكون الفعل منه زنا.
(3) أنه يشكل على ذلك نسبة الولد فلمن ينسب؟
وإذا كان الالتصاق بموضع لا يقيد الحركة بصورة كبيرة كأن يكون الالتصاق في أصبع من قدم أو يد أو نحوهما، فهنا يجوز نكاح أحدهما إذا كان النكاح في حقه واجباً، كأن يخشى على نفسه الزنا، ولا يصون نفسه إلا بالنكاح،ولابد هنا من رضا المرأة والتوأم الآخر، ويتم الجماع عن طريق الساتر بين التوأمين إلا من اليد فقط أو القدم فقط التي فيها الالتصاق.
وإذا كان الالتصاق بجزء كبير من البدن، فإنه لا يجوز له النكاح مطلقاً.
وكذلك الحكم إذا كان التوأمان الملتصقان رجلاً وامرأة، فإن كان الالتصاق خفيفاً جاز النكاح بالضوابط السابقة، وإن كان كبيراً لم يجز مطلقاً.
وإذا كان التوأمان برأس واحدة حتى العنق جاز عقد النكاح له، وذلك على اعتبار أنه شخص واحد له ذكران. والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.